شبكة ذي قار
عـاجـل










(سابعاً) إذا كان الارهاب يعني نشر الذعر والخوف بين ابناء البشر,وأن الارهاب هو تهديد لحياة الناس المدنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية من قبل عصابات أجرامية أو ميليشيات مسلحة تقوم بترويع الناس ويسلبون ممتلكاتهم بقوة السلاح . وإذا كان إرهاب الدولة الذي يعني قيام مجموعة من الذي يتسلطون على نظام الحكم سواء هذه المجموعة كانت أحزابا أو طبقة من طبقات المجتمع بإرهاب لمواطنيها على أساس ديني أو طائفي أوقومي و حتى سياسي لمن يخالفون هذه السلطة في الرأي وتسخر هذ السلطة كل الوسائل المادية من الجيش وقوى الامن وأيظا تستغل كل القوة الاخرى المتاحة في قمع وإضطهاد معارضيها وتصفيتهم وإقصائهم وإجتثاثهم,وإذا كان الارهاب الدولي يعني الاخلال بالامن والسلم الدوليين ومن مظاهره العدوان والاحتلال والغزو,فاين هذه الجرائم من تعاليم وشرائع أدياننا السماوية التي كلها تدعوا وبدون إستثناء للمحبة والتعاون الرحمة وللخير.ولكي نكون صادقين في عزل أدياننا كمبادئ وقيم وتعاليم عن مفاهيم وصور الارهاب لابد أن تكون الخطوة الاولى في دراسة وفهم أدياننا السماوية وبشكل جدي وأن لا تؤخذ التعاليم والوصايا إلا من الكتب المقدسة وأن تعرض الخلاصة مجتمعة و متوحدة في الفهم والاستنتاج للايات المقدسة ولايبنى أي موقف كامل أو رأي شامل من منطلقات مجزئة للتعاليم والايات,وبنسبية بعض الايات في معالجتها لامور دنيوية ,وهذا يكون التوصل اليه(أولاً) بالايمان الحقيقي بحقيقةالله الخالق المحب للبشر و(ثانيا) بالقدرة الذاتية والاستيعاب الشخصي الشامل للباحث فيما يخص الدين والسياسة والديمقراطيات التي نشأت عبر التأريخ الإنساني وايظاً والموجودة حالياً و(ثالثاً) من ثم إستقراريته الحيادية التي تمليه عليه كباحث أو قأرئ للوقائع والاحداث وحقيقة مرجعيتها الفكرية والفلسفية بإرتكازه على الآراء المنصفة والمعتدلة العاكسة لحقيقة الدين وحقيقة الموقف من تفاعل الأديان مع بعضها ومواقفها من كل الابداعات والبدع الفلسفية والتجارب الانسانية وأيظا(رابعاً) في قدرة التعاليم الدينية في خلق الشخصية الإنسانية التي يريدها الله الخالق سبحانه وتعالى.وكل الباقي والمتمثل في كل حالات التطرف و الغلو في الدين و تسيسه فهي لاتمت لأي دين سماوي بصلة أوأية علاقة بخالقنا الرحمن الرحيم الله المحبة سبحانه وتعالى..


واما عن الارهاب فبالرغم من أن الكثير قيل عنه وهو موضوع واسع ولكن خطوتي الاولى ستكون باتجاه رفض المفاهيم والادعاءات التي تربط بين الإرهاب والدين أو أية ثقافة أو عرف,ووسيلتي في هذا ستكون ومن خلال تحديد وكشف سريع لموقف الأديان السماوية من أي معنى أو مظهر من مظاهرالمتعلقة بالارهاب ومن ثم تبيان حقيقة الارهاب وتجريمه,وبالتأكيد سنصل بالنهاية على إن العنف والقتل ومراتهما الارهاب من نتاج العقلية الشريرة ولا علاقة رب السموات والأرض الذي يوصي مخلوقاته بالحب والخير والسلام بهذا الأنتاج الإنساني الشرير.


(ثامناً) ولكي تكون البداية صحيحة لابد أن نبتدأ من بدايات الارهاب الدولي أولاًوتحديداً منطلق الاجتهاد الإنساني في تكوين نظام الدولة النموذجية أو الفاضلة كما سماها الفيلسوف أفلاطون ومن بعده إجتهادات أرسطو والعديد من الفلاسفة اليونانيين والذين أمدوا بغزارة افكارهم الفلسفية العالم القديم في تكوين نظام السلطة والتي كانت لها تاثيراً كبيراً على طابع التفكير الديني وخاصة في العصور الوسطى في بناء الدولة المسيحية والاسلامية معاً.وقد ظهرالدين وبتمازج مع الفلسفات الاخرى بمثابة فكراً دينياً متكاملاً وتشكلت عليه المجتمعات والانظمة السياسية وتحددت أيضا الثقافات وكذلك صيغت القيم التي حددت العلاقات بين افراد المجتمعات.ففي أوروباطغت بشكل كبير أفكار ارسطو في تحديد هوية النظام السياسي وقد تم تبني افكاره ومنهجه الفكري والتي شكلت أدوات للجدل الفكري الديني والسياسي والاخلاقي وقد تبنت الكنيسة أنذاك هذا المنهج الفلسفي في تكوين الدولة وأستمرت لفترة طويلة,وبنفس التفاعل والتاثير كان العالم الاسلامي يتاثر بالفارابي الذي كان متاثراً بأفلاطون و مدينته الفاضلة, وابن رشد الذي كان متأثراً بأرسطو ومنهجيته في تصميم الانظمة السياسية.وهذا يوصلنا للاستنتاج التالي بأن النظام الدولي القديم كان قد تشكل على ركيزتين ألاولى الفلسفة والثانية الفكر الديني وكانا على حساب الاعتبارات والمظاهر السياسية والاقتصادية,فكانت الدولة تُمثل الفكر الديني ظاهرياً ولكنها في الحقيقة بعيدة عن مبادئ الدين وأخلاقيته وكانت الحروب التي شهدتها تلك المراحل من التارريخ الإنساني والتي كانت مبنية على أُسس مغلوطة في الفهم والفعل في كثير من المواقف والنشاطات لهذه النماذج من الدول مثل إدعائها الباطل بنشرمبادئ والقيم الفلسفية والدينية باستخدام القوة و بأشكال الاستعماروالتي كانت في حقيقتها قائمة على المطامع والمصالح للاوليغارشيات التي تتحكم بالأنظمة سواء كانوا رجال دين اوملوك أو إقطاعين وكانوا يبنون ويستعينون ببناء المواقف على رؤئ الآخرين من فلاسفة ورجال دين. فنشر المسيحية بالطريقة الغربية لا يقترب بل يتقاطع كلياً مع القيم الرائعة التي جاء بها السيد المسيح والتي جسدها تلاميذه عند تبشيرهم بالانجيل في كل أنحاء العالم والتي كانت قائمة على المحبة والتسامح وكانت وسائلهم لا تتعدى إقامة الحوار والاقناع بالبشارة والإيمان وتَحَمَلَ رسله الكثير من الاذى والإضطهاد في إداء هذه الرسالة ولكنهم لم يلجئوا يوماً للقوة أو العنف في فرض تبشيرهم بالايمان المسيحي الحقيقي ومقولة السيد المسيح للرسول بطرس عندما شهر سيفاً وضرب عبد رئيس كهنة اليهود وقطع أُذنه عندما كان الاخير مع العصابة التي جاءت في ليلة القبض عليه في بستان جثسماني:(فقال له يسوع رُدسيفك الى مكانه,لان كل اللذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون)(1).وكان رسل المسيح يستمدون كل ذلك من ربهم الذي علمهم كيف يحبون الآخرين ويعطفون عليهم ويصلون لاجلهم لا أن يقتلوهم وهو الذي كان يوصيهم دائماً قائلاً:(وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعدائكم باركوا لاعنيكم,أحسنوا الى مبغضيكم صلوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم..)(2)و كان يقول لهم بإن تلاميذه الحقيقين هم اللذين يحبون بعضهم وكما قال: (وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم أنا, تحبون أنتم أيظأً بعضكم بعضاً)(3) ,والاسلام كان قائما على الايمان بأن الله سبحانه وتعالى خلقنا على التنوع في عملية الخلق وهذا التنوع سواء بالشكل أو بل المعتقد أو بالانتماء الانساني بايلوجياً أوثقافياً,ولكننا متوحدين بالخالق الواحد الاحد,فالاية القرانية الكريمة تبين هذا الايمان الاسلامي:( يا أَيهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )4 ), وقول الامام علي بن ابي طالب (ع): (الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق).أيظاً الاسلام قام على احترام الرأي الاخروعدم استخدام القوة في فرض الدين الجديد وخاصة على أصحاب الكتاب,فالاية القرانية من سورة البقرة تشير الى كل الوضوح في معنى التسامح:( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم)(5) وأيظاً يوصي الاسلام بالسلام وقد جاء في القران الكريم الكثير من اياته التي تتحدث عن السلام والمحبة فالاية الكريمة من سورة الواقعة:(لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً)(6),و قول الرسول(ص): (يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد، والقليل على الكثير")(7) فألاسلام في جوهره يدعوا أيظاً للسلام والمحبة وللتفاعل مع الآخرين..


ولكن التداخل الذي حصل بين فلسفة المفكرين و المفسرين وتأثيراتهم على اصحاب القرارفي الدولة جعل الدول الدينية تظهر بشكل يغاير تعاليم الأديان,فظهر النظام في العالم القديم دينياً وهو بعيد كل البعد عن قيم ومبأدئ الدين ولكنه كان يستغل الدين ويجعله وسيلته التي تمكن هذه الانظمة من تحقيق أطماعها وقد نجحت الدولة في العالم السابق أي القديم في ذلك من أستغلال الدين وقد أسات له,وبنفس المقاسات والاعتبارات تؤخد في نظام العالمين الغربي والاسلامي.فالحروب العدوانية التي يطلق عليها بالصليبية كانت هي جزء من البحث عن التوسع وبسط النفوذ للنظام الاوروبي القديم في العالم ولم يكن الدين المسيحي كتعاليم ووصايا الالهية أية علاقة بهذا التوجه الاستعماري,بدليل الالاف من المسيحين في الشرق الذين قتلتهم الغزاة الاوروبين والخراب الذي حل بالمئات من الكنائس والاديرة في الشرق على يد ولاء المستعمرين وحرقهم لالاف المخطوطات المسيحية التي كانت محفوظة في اديرة قديمة خاصة في تركيا ووقوف المسيحية والمسيحين في الشرق مع إخوانهم المسلمين للتصدي لهذا الغزو,فاية ديانة كانوا يتبعونها أولئك المستعمرون الغزاة.. وينطبق هذا على الدول التي تشأءت في العالم الاسلامي فلم تكن الأهداف الحقيقة للعثمانين على سبيل المثال هو نشر الاسلام بقدر هو ما استغلال هذا الدين الحنيف ليكون وسيلة لفرض الاستعمار العثماني والهيمنة على المنطقة والعالم وإدامة العنصر التركي ذو الاصول المنحدرة من السلاجقة والقاجاروالمغول, والابماذا يفسر القمع الذي مارسه العثمانين ضد القومية العربيةوالعرب هم حملة الرسالة الاسلامية ؟.





- - - - - - -
(1) إنجيل البشير متى: الاصحاح 26:الاية52
(2) إنجيل البشير متى: الاصحاح 5:الاية 43 و44
(3 ) إنجيل البشير يوحنا: الاصحاح13:الاية24 و25
(4) القران الكريم/سورة الحجرات الاية 13
(5) القران الكريم / سورة البقرة الاية: 256
(6) القران الكريم / سورة الواقعة الاية:26
(7) حديث عن أبي هريرة (رض)- رواه البخاري ومسلم
 

 

 





الثلاثاء٢١ صفر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٥ / كانون الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة