شبكة ذي قار
عـاجـل










تعرضت الحضارة العربية إلى وعكات كبيرة - قبل احتلال بغداد عام 1258 من قبل المغول وقبل السقوط النهائي للدولة العربية الإسلامية في الأندلس عام 1492 - التي جعلتها عرضة للانتكاسة الكارثية التي امتدت لأكثر من 700 سنة والتي تلمس أثارها لحد يومنا هذا في مجتمعاتنا العربية المشتتة. أسباب تلك الوكعات التي أدت إلى انتكاسة الكارثة والسقوط بالنسبة للدولة العباسية كانت السماح لعناصر غير عربية وخصوصا العناصر الفارسية بالتقرب من القصر والحاشية والحكام على مر العقود والسنين ومن ثم المشاركة في الحكم والتأمر على سلامة الدولة من خلال التجسس عليها وتفرقة شعبها ونشر الفساد فيها وإعطاء المعلومات إلى المغول عن قوة وضعف حماية بغداد قبل فتح أبوابها للجيش المغولي الذي دمرها وسباها وأحرقها وقتل مواطنيها. أما بالنسبة للدولة العربية الإسلامية في الأندلس فترجع أسباب سقوطها إلى الانحراف السياسي والفساد الإداري لرجال الدولة والتفرقة بين المواطنين وتقسيم الدولة إلى إمارات وطوائف وحلل وملل متناحرة وانتشار الجهل والفتن الداخلية والسماح بالتدخل الخارجي في شؤون الدولة والإمارات والتجسس عليها وانبعاث روح الانبطاحية والانهزامية لدى الحكام والأمراء لحين أن سلم أخر معقل من معاقل هذه الدولة العظيمة إلى الأسبان دون قتال وخروج العرب والمسلمين منها يجرون عار الهزيمة خلفهم والى يومنا هذا بعد أن حكموها لمدة تقارب 800 عاما أغنوا خلالها الغرب المظلم بنور العلم والمعرفة. ما أشبه تاريخ الأمس باليوم! لكن الفرق شاسع حيث أننا مازلنا نعيش في الفترة المظلمة متفرقين ومتأخرين علميا وثقافيا ومتفاوتين اجتماعيا وتعليميا ونعتمد على الغرب وغيره في مجمل احتياجاتنا.  

 

يبدو أن الإرث التاريخي يعيد حلقات فوارزه المظلمة على أمتنا العربية المجيدة المستضعفة والمشتتة بأقطارها التي تزداد شتاتا وضعفا يوما بعد آخر دون أن تأخذ بعين الاعتبار العبر من دروس تاريخ ماضينا السحيق والقريب لِلَمْلَمْة أجزائها وصهرها في بودقة واحدة وتقويم أعوجاها من أجل انبعاثها من جديد وإعادة مجدها كأمة تقف شامخة طويلة القامة بين الأمم المتحضرة. فمثلا أن أسباب خسرانا لفلسطين واحتلال وتدمير العراق ومحاولة تقسيمه وتقسيم السودان وأقطار عربية أخرى على الطريق هي تقريبا نفس الأسباب التي أدت إلى تلاشي الدولة العباسية والدولة العربية الإسلامية في الأندلس، وهي فرقة وتشتت العرب إلى حلل وملل في أقطار متناحرة سياسيا تتآمر الواحدة على الأخرى ومعظمها أن لم نقل كلها قابعة تحت التأثيرات والمؤثرات والمؤامرات الخارجية والداخلية لا تستطيع ولا ترغب في التوحد ومنذ أن نالت استقلالها الجزئي أو المتكامل من المستعمرين الأوربيين بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية وانتهاء الحرب العالمية الثانية على الرغم من وجود قواسم مشتركة كثيرة بينها لجمع شملها من جديد في دولة عربية واحدة كبيرة غنية بمواردها الطبيعية وطاقاتها البشرية العظيمة، لأن قوانينها وأساليب وتركيب حكمها مبنية على عدم الميل إلى هذا الاتجاه ولأن "الجامعة العربية" التي أسست من أجل هدف لَمَ شمل العرب والدفاع عن حقوقهم والعمل على توحيدهم لم تقم بواجبها على ما يرام وكما يجب، بل بالأحرى أصبحت منبراً لتشتيت العرب والتأمر عليهم والخنوع والرضوخ لما يملئ عليها من العواصم الغربية وخير دليل على ذلك هو تمييع القضية الفلسطينية والقبول باحتلال العراق وشرعنته من خلال التعامل مع الحكومات العميلة التي نصبها الاحتلال وإعطاء كرسي العراق الدائم فيها لممثلي حكومة الاحتلال والقبول لعقد مؤتمر القمة العربية القادم في بغداد المحتلة والأنكى من كل ذلك هو أنها لم تعترف بالمقاومة العراقية المسلحة الباسلة الممثل الشرعي الوحيد لشعب العراق المحتل بل أنها تتقبل التعايش أيضا مع النفوذ والهيمنة الإيرانية الفارسية المسيطرة على مقدرات الشعب العراقي.

 

الرواسب التاريخية القاسية التي أحدثتها الظروف السلبية التي عايشتها مجتمعاتنا العربية على مر العصور المرة والمظلمة نتيجة الاحتلالات الأجنبية المختلفة لأرضنا العربية وإخضاع شعبنا لشتى أنواع التعذيب والإرهاب والقمع الفكري والثقافي والتفرقة الطائفية بعد نهاية الدولة العباسية ودولة الأندلس والتي مازالت عالقة في مجتمعاتنا وفي أذهان مواطنينا لحد هذا اليوم كإرث اجتماعي مستمر بالإضافة إلى العلاقات السلبية المعاصرة بين الحاكم والمحكوم وانعدام الثقة بينهما لها تأثيرات نفسية غير صحية فعالة على مستوى السلوكية العامة لهذه المجتمعات وعلى السلوكية الفردية الخاصة للمواطن العادي الذي أصبح واقع تحت كابوس الشك والوهم في الأمور السياسية والعلاقات الاجتماعية التي تحيط به والتي لها تأثير عكسي على صياغة مسيرته المستقبلية خصوصا في التحليل الفكري للواقع المحلي والدولي الذي نعيش فيه والذي بدورة قد يؤدي إلى ضمر الهوية الوطنية والقومية الجمعية بعد تمزيق كل ما ناضل من أجله الواعون من مفكري الأمة المخلصين على مدى العقود السبعة الماضية.

 

كثيرا من المفكرين العرب بشتى اتجاهاتهم السياسية والفكرية وبسبب وضع الأمة الانهزامي المزري والعلاقة السلبية بين المواطن العادي والسلطة الحاكمة يعيشون حاليا في دوامة صراع مستمر مع الذات ومع المجتمع الذي يعيشون فيه أو مع العالم الخارجي الذي قد يفهمونه أو قد لا يفهمونه نتيجة التقوقع الفكري وانحسار المعلومات أو عدم القدرة على استيعاب المتغيرات السريعة التي تحدث فيه ولهذا نراهم يتخبطون في تحليلاتهم السياسية لهذه المتغيرات وتنظيرهم لها. هذه الظاهرة السلبية والشعور بالهزيمة والنقص جعلت الكثير منهم يبتعد عن منطق عرف الانتماء والولاء الوطني والقومي واللجوء إلى مراكز القوى الإقليمية والدولية من أجل الحماية أو من أجل العمالة والسمرة السياسية لهذه القوى والدفاع عنها من خلال تبريرات واهية لعقدة النقص الذاتي. آخرون وبسبب عدم الثقة بالمعلومات التي تنقلها الصحافة المحلية التابعة لسلطة الحكم في أي قطر عربي عن الوضع الداخلي أو الوضع العالمي أخذوا ينظرون بعين الربا والشك لكل معلومة تنشر بغض النظر عن صحتها من قبل مصادر خارجية عن الأوضاع والفضائح الداخلية في أقطارنا العربية وعن العلاقات بين حكام هذه الأقطار وإداراتها مع القوى الخارجية أو فيما يخص العلاقات العربية - العربية والصراع العربي الصهيوني. قسم من هؤلاء أخذ يتهم ناقل الرسالة بشتى أنواع الاتهامات الوهمية دون دليل وبعض الأحيان يقتلون الرسول والرسالة معا دون الاستفادة من محتوى هذه الرسالة التي قد تفضح الفساد الاجتماعي والسياسي داخل مجتمعاتنا العربية وتفضح الجواسيس والعملاء من أبناء جلدتنا. بدلا من الاستفادة من محتوى هذه الرسائل والوثائق المنشورة التي قد تساعد على تطهير مجتمعاتنا العربية من العوالق والطحالب المنتشرة فيها وتقويم سياساتنا الداخلية والخارجية أخذ بعض الكتاب ومن منطلق عقدة الشك والنقص أو الجهل ليس فقط بالهجوم على الرسالة وناقلها بل أيضا التغطية على نواقص سلوكيات حكامنا ومجتمعاتنا من خلال طرح بعض الأسئلة التعجيزية أو التنظيرات الخائبة التي ليس لها علاقة بمحتوى تلك الرسائل أو الوثائق. بالطبع أقصد هنا ما كتب حول تسريبات ويكيليكس وردود الأفعال ضدها في صحفنا العربية وفي الموقع الاليكترونية.

 

ما قد لا يفهمه الكثير من المواطنين والكتاب العرب أو يتجاهلون عن قصد ذكره والخوض في مناقشته هو حرية التعبير ومبدأ احترام الرأي والرأي الآخر وحرية الصحافة والنشر التي تحميها القوانين المرعية المكتوبة في دساتير المجتمعات الغربية بعكس ما هو سائد في مجتمعاتنا العربية القمعية التي ليس فقط تقمع حرية التعبير الفردية وتكمم الأفواه المعارضة بل أيضا تسخر الصحافة لحماية والدفاع عن ممارسات الحكومات القمعية الفاسدة. الصحافة وخصوصا الصحافة الاستقصائية بغض النظر عن سلبياتها أو إيجابياتها بالنسبة لنا أو لغيرنا فإنها تعتبر القوة الثالثة أو الرابعة في المجتمعات الغربية الديموقرطية وبإمكانها النبش في كل ما هو صغير وكبير في ممارسة الحكومات وموظفيها من سياسيين وغير سياسيون وفضح المستور عن أي شخص ولا يسلم من ذلك حتى الملك أو رئيس الجمهورية دون أن يتعرض الصحفيون إلى المطاردات والسجن كما هو معمول فيه في بلداننا العربية. حرية التعبير ونقد سياسات الحكومات وفسادها الإداري وفضحها أمام الجمهور والعالم بحدود المسؤولية يعتبر شيء مهم جدا في المجتمعات الغربية وكعنصر أساس من عناصر النظام الديموقراطي على الرغم من محاولات الحكومات التستر على عيوبها أو محاولة مقاضاة الصحافة والصحفيون عن طريق القوانين وبشتى الوسائل المسموحة أو المحرمة وكما هي الحالة فيما يخص موقع ويكيليكس أو مؤسسه جوليان أسانج الذي تحاول السلطات الأمريكية الإيقاع به وإلقاء القبض عليه أو التخلص منه عن طريق عملائها أو عن طريق المتعاونين معها في الدول الأخرى بعد أن نشر في موقعه الوثائق المسربة والتي تتحدث عن جرائم الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان وكذلك فضح سياساتها الخارجية الابتزازية في تعاملها مع باقي دول العالم. حرية الصحافة وفضح المستور أو تعرض  المواطنين العاديين أو القادة السياسيين إلى الانتقاد الشخصي من قبل الصحف دون دليل مطلق لا يعني عدم تعرض الصحف إلى الإجراءات القانونية في المحاكم المدنية والتي قد تنتهي بدفع التعويضات المالية الكبيرة إلى المتضررين. وفي هذا السياق نود القول أيضا أن الصحافة الاستقصائية في الغرب تعتمد في معظم الأحيان على التسريبات التي يقدمها الموظفون في الدوائر الحكومية المختلفة الغير مقتنعين بسياسة الحكومة أو الموظفون العاملين في الشركات الكبرى الذين يكتشفون الأداء الغير قانوني فيها إلى الصحفيين بشكل سري وبدون فضح اسم وهوية المصدر ومن حق الصحفي أو الصحيفة عدم ذكر أسم المصدر حتى لو تعرض ذلك الصحفي أو تلك الصحيفة إلى القضاء والإجراءات القانونية وذلك لحماية المصدر والحفاظ على مصداقية وعمل الصحيفة. هناك أيضا أنواع أخرى من التسريبات تقوم بها الحكومات أو أجهزة المخابرات أو حتى الشركات الإنتاجية الكبرى من أجل الوصول إلى غاية معينة وقد تكون هذه الغاية هي غاية دعائية أو أمنية أو من أجل تمرير بعض القوانين في قضية معينة. هذا هو المعمول في الغرب الديموقراطي بغض النظر عن وجهة نظرنا فيه.   

 

إذن من هو جوليان أسانج الذي اتهم بشتى أنواع الاتهامات ووصف بشتى أنواع الأوصاف المبتذلة هو وموقعه من قبل بعض الكتاب العرب وغير العرب من الذين يدورون في رحى نظرية المؤامرة. لقد وصف جوليان أسانج من قبل بعض الكتاب العرب بأنه عميل للموساد ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية وأن التسريبات التي نشرها في موقعه كانت موجهة من قبل هذه الجهات التي أسست موقع ويكيليكس لجس النبض ولخلق جو عالمي جديد من خلاله ترسم الإمبريالية الأمريكية خطوطها العريضة المقبلة لإدامة سيطرتها على العالم وأطلقوا على موقع ويكيليكس "دويلة ويكيليكس". كذلك وصفت تلك التسريبات من قبل كتاب آخرون على أنها منحازة إلى الكيان الصهيوني لأنها لم تنشر لحد الآن وثائق تدين هذا الكيان أو لأنها تحاول فقط فضح الحكام العرب لأن الآراء الصهيونية والعربية تتطابق فيما يخص القضية الفلسطينية ....الخ.  

 

نود هنا تقديم موجزاًَ بسيطاً من خلال مطالعتنا ومتابعتنا عن السيرة الذاتية لجوليان أسانج الذي يعتبر لغز بالنسبة للكثير من العرب، وماذا قدم هذا الرجل خلال نشأته وعمله كصحفي استقصائي باحثا عن الحقيقة والداعي إلى سياسة الشفافية بين الحاكم والمحكوم وفي العلاقات الدولية.

 

ولد جوليان أسانج في 3 يوليو/تموز عام 1971 في مدينة تاونسفيل التابعة لمقاطعة كوينزلاند الأسترالية. وصف بأنه كان ذكيا منذ نعومة أظفاره. بعد أن بلغ السادسة عشر من عمره بدأ جوليان أسانج بممارسة القرصنة الإنترنيتية تحت كنية "مينداكس". وكان هو واثنين من قراصنة الإنترنيت قد شكلوا مجموعة أطلقوا عليها اسم المخربين الدوليين "إنتيرناشنال سبفيرسيفز". كتب أسانج القواعد المبكرة التالية لهذه الثقافة الفرعية: "لا تتلف أنظمة الكومبيوترات المقتحمة (بضمن ذلك عدم توقيفها)، لا تغيير في المعلومات الواردة في تلك النظم (باستثناء تعديل السجلات لتغطية مسارك)، وشارك بنشر المعلومات". في عام 1991 وبسبب نشاطه في القرصنة، داهمت الشرطة الاتحادية الأسترالية منزله في ملبورن بتهمة أنه أخترق أجهزة الكومبيوترات التابعة لإحدى الجامعات الأسترالية، كومبيوترات شركة الاتصالات الكندية نورتيل، أجهزة السلاح الجوي الأمريكي التابعة لقيادة المجموعة السابعة في البنتاجون وغيرها من الأجهزة عن طريق استعمال الموديم. في عام 1992 أقر بأنه كان مذنب لـ 24 تهمة قرصنة وأفرج عنه بكفالة لحسن سلوكه بعد أن غرم بمبلغ مقداره 2100 دولار استرالي، وعلى إثر ذلك ترك القرصنة. 

 

نشاطاته:

 

في عام 1993، شارك أسانج في تأسيس إحدى أولى الشركات العامة لـ "مزوّدو خدمات الإنترنيت" في أستراليا، شبكة تزويد الضواحي بخدمات الإنترنيت.  

في عام 1994، بدأ أسانج عمله كمبرمج ومطور للبرامج المجانية، وقد كتب في عام 1995 أول برنامج ماسح ضوئي مجاني سماه "ستروب".  

في عام 1996، ساهم في كتابة عدة رقعات "باتشجيز" لمشروع برنامج "بوستجري إس. كيو. إل.".

 

في عام 1997، ساعد جوليان أسانج في كتابة كتاب عنوانه تحت الأرض "أندرجراوند": حكايات القرصنة والجنون والهوس على الحدود الإلكترونية، الذي قيمه كباحث وأبلغ عن تاريخه مع مجموعة المخربين الدوليين. وفي تلك السنة شارك في اختراع نظام التشفير "ربرهوز" المنكور، وهو مفهوم مشفر صمم لمجموعة برامج لنظام لينكس لتوفير إنكار مقبول ضد تحليل شفرات "ربرهوز". كان ينوي في البداية استعمال هذا النظام كأداة للعاملين في مجال حقوق الإنسان الذين كانوا يحتاجون إلى حماية البيانات الحساسة في حقل عملهم. من البرامج المجانية الأخرى التي كتبها جوليان أسانج أو شارك في كتابتها كانت: برنامج التخزين المؤقت "يوزنيت كاتش" "ن. ن. تي. بي. كاتش"، و"سيرفرو" وصلة خط قيادة لمكائن البحث على الإنترنيت.

      

من عام 2003 إلى عام 2006 درس جوليان أسانج الفيزياء والرياضيات في جامعة ملبورن، وكذلك درس الفلسفة وعلم الأعصاب. لم ينهي جوليان أسانج دراسته الجامعية، ولكن في صفحة شبكته الشخصية وصف بأنه مثّلَ جامعته في منافسة الفيزياء الوطنية الأسترالية في عام 2005.

  

في عام 2006 أسس جوليان أسانج موقع ويكيليكس المتخصص بنشر المعلومات الإخبارية وكتب مقالتين تحدد الفلسفة الكامنة وراء تأسيس ويكيليكس  حيث قال "لتحويل سلوك النظام بشكل جذري يجب علينا التفكير بوضوح وجرأة لأن لو تعلمنا أي شيء، هو أن الأنظمة لا تريد التغيير. يجب علينا التفكير فيما وراء أولئك الذين ذهبوا قبلنا ونكتشف تغييرات تقنية التي تشجعنا بطرق للتصرف التي لم تكن متاحة لأسلافنا". وكتب في بلوقه "الأكثر سرية أو الغير عادلة أي منظمة تكون ، فإن المزيد من التسريبات منها تسبب خوفاً وذعراً في قيادتها وشلة مخططيها .... ولما كانت الأنظمة الظالمة، بحكم طبيعتها تسبب معارضين لها، وفي العديد من الأماكن بالكاد تمتلك اليد الطولى، فالتسريب الواسع يجعلها عرضة بشكل رائع لأولئك الذين يسعون ليحلوا محلها بنماذج حكم أكثر انفتاحا". عمل أسانج كمتحدث رسمي ورئيس تحرير هذا موقع منذ تأسيسه له، ويدعو لنظرة "شفافة"  و "علمية" للصحافة قائلا "بأنك لا تستطيع نشر ورقة عن الفيزياء بدون البيانات والنتائج التجريبية الكاملة، وهذا ينبغي أن يكون المعيار في الصحافة". عاش في عدة بلدان وظهر في العديد من أجزاء العالم متحدثا عن حرية الصحافة، الرقابة، والصحافة الاستقصائية.

  

نشر جوليان أسانج في موقعه سابقا مواد حول القتل خارج نطاق القضاء في كينيا التي أحدثت اضطرابات واسعة في هذا البلد الأفريقي والتي أدت في النهاية إلى إزاحة الرئيس الكيني السابق دانيال ارب موي، وكذلك نشر وثائق عن إلقاء النفايات السامة في أفريقيا، ونشر دليل كنيسة الساينتولوجيا، وعن الإجراءات والممارسات في سجن غوانتانامو، وعن البنوك مثل بنك كاوبثينج وجوليوس باير، وقد نشر في عام 2010 تفاصيل حول التدخل الأمريكي في حروب أفغانستان والعراق وخصوصا الفيديو الذي كشف عن جريمة طياري الهليكوبترات في مجزرة بغداد الجديد في يوليو/تموز عام 2007، وبدأ في 28 نوفمبر/تشرين ثاني مع الخمسة من شركائه في وسائل الإعلام (قناة التلفزيون الرابعة البريطانية، مجلة ديرشبيغل الألمانية، صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، صحيفة اللوموند الفرنسية، وقناة الجزيرة القطرية) بنشر الكابلات الدبلوماسية الأمريكية السرية.

 

تلقى جوليان أسانج جراء نشاطه هذا الثناء المتوهج والأوسمة، إضافة إلى الإدانة العامة والدعوة إلى إعدامه. لقد حصل جوليان أسانج على العديد من الجوائز والترشيحات بضمن ذلك جائزة دليل الاقتصادي على الرقابة عام 2008، جائزة منظمة العفو الدولية "أمنيستي إنتيرناشنال" عام 2009 لنشره المواد حول القتل خارج نطاق القانون في كينيا، جائزة سام آدمز علم 2010، وقد سمته صحيفة اللوموند الفرنسية "شخصية السنة"، كما أختاره قراء مجلة التايمز الأمريكية عام 2010 شخص السنة وظهرت صورته على صفحة غلاف المجلة. بينما دعا البيت الأبيض أسانج بـ "الرجل المتهور والخطر" بسبب نشره للوثائق الدبلوماسية الأمريكية السرية، أقترح الرئيس الروسي دمتري ميدفيديف بأنه يمكن أن يرشح لنيل جائزة نوبل للسلام.

 

أخيرا نود القول أن التسريبات التي حصل عليها موقع ويكيليكس والتي وزعها على الصحف الأوربية والأمريكية وكذلك قناة الجزيرة المتعاونة معه لنشرها هي التي تنتقي ما تنشره من تلك التسريبات في بلدانها وليس لموقع ويكيليكس أو مؤسسه جوليان أسانج أي سيطرة على ذلك. كذلك أن محتوى تلك الوثائق هي ليست مسؤولية موقع ويكيليكس التي يستلمها مشفرة دون معرفة شخصية المسرب وذلك لعدم فضحه وتعرضه للمخاطر.

 

لذلك علينا التأني في الحكم قبل قتل الرسول والرسالة معا لأن الإسراع في الحكم قد يؤذي مصالح الأمة العربية.

 

 





الاحد٠٥ صفر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٩ / كانون الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب دجلة وحيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة