شبكة ذي قار
عـاجـل










أتساءل فأقول :
أيُّ عنوانٍ أصفُ به الرجلَ الذي غاب ؟
البطلَ الذي غاب ؟
الحاضرَ الذي غاب ؟
الغائبَ الذي حضر ؟


هو إختصاراً كل ما تحمله هذه الأوصاف ومالا تحمله أيضاً .
فالغائب الحاضر رجل عربي صميم وهو من عظماء هذا العصر الَجدِبْ ، له مشروعه الوطني النابت من تربة الوطن الزكية.
عشق النضال في سبيله فحمل روحه على راحته ، مدمجاً بثقافته وطموحه ليواصل عمله الثوري في بناء وطن قومي خالٍ من أشنات الرجعية والطائفية والفقر والأمية .


لم تكن أفكاره لتتقوقع في محيط بلده لأن البلد في عقيدته جزء أمة تريد أن تنهض ، ولن تنهض إلا واليد باليد والفكرة مع الفكرة ، والساعد يعضد الساعد. ولقد كان له إلمامه الكامل بمشروع نهضوي يبسط ظله على الأمة من خليجها إلى محيطها .


لم يكن الرجل خيالياً بقدر ما كان ثورياً واقعياً ، يستقرىء الواقع ويبني على متطلباته ، وكانت خطواته صدى تلك القراءة الواعية الناقدة لمجتمع ممزق .. مزقته أفكار رجعية أرضعته إياها قوى سياسية رضعت حليب بقائها من مستعمر له شعارات وأهداف ، وقوى سياسية لها ارتباطات بأحزاب تستمد ولاءها من خارج حدود بلدها . إذ كان كل ما يحيط به يعاكس منابع أفكاره الصافية وطموحاته لأنه يسقي تربته من منابعه الثرة التي تمتد شرايينها عبر التاريخ إلى حضارات عبقرية حفظها الزمن لأنها من تراثه الصافي الثر العميق .


كان استيعابه لكل هذه المعاني تجديداً في الفكر السياسي الذي لم تفطن إليه سوى جمهرة من أصفيائه ورفاقه كما كانت مجالاً لبلورة مشروعه في قيادة سليمة ترسي له أسساً قوية وتحقق له انعتاقاً من ربقة الأفكار المتخلفة لينبني على قواعد قوية في التحرر والاقتصاد والسيادة والزراعة والصناعة كما تهيئ له قوة عسكرية متطورة تحمي هذه المرتكزات وتديم بقاءها صامدة ثابتة .


وهذه قيمة القائد المفكر التي تتجاوز بمنجزه من المجال المدرك إلى الجانب المعنوي الذي يحقق العطاء عبر الأجيال ، وحفز الآخرين على التواصل مع مشروعه المتجدد.


كان الرجل من صناع البلد الذي بناه وأراد تحويله من العالم الثالث إلى إحدى دول العالم الغنية . ففي عقد ونصف من الزمن فعل ما لم يفعل غيره في عقود ، عقد ونصف من النمو أنعشت البلد وجعلته مشروع نموذج متقدم في محيط لايواكبه ولا يتفوق عليه .


ومن الطبيعي أن تستفز أفكاره وخطواته دهاقنة المستعمرين وقد وقر في ظنهم أن نهوض هذا البطل العربي كفيل بأن يعرقل مخططاتهم المرتبطة بأهداف صهيونية لا يروق لها نهوض بلد عربي كا لعراق يقوده بطل له مشروعه القومي النهضوي الحر .


ولهذا كله كانت الضربة المغولية المعاصرة لعراق النهوض العربي ،ولقائده الشجاع صدام حسين. ويؤسر البطل بغدر الغادرين . ومن ثم يُغتال البطل بمكر الماكرين .
ولكن البطل يكتب فصل شجاعته الأخير باغتياله ، وكان صموده وهزؤه بجبل المشنقة درس من دروس الشجاعة الرجولية التي تخيف الرعاديد في مخادع نومهم الآسنة .


جاءت الشهادة وهو الذي كان يطلبها
ومن طلب الشهادة وُهبت له الحياة
فهو الحي الغائب
والغائب الحي
في النفوس .. في الصدور
وفي ذاكرة الأحرار
وسجل الفخار
تبقى رمزاً حياً
وسلام على صدام في الخالدين .

 

 





الثلاثاء٢٢ محرم ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٨ / كانون الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور طالب الغساني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة