شبكة ذي قار
عـاجـل










أيها الأخ الحبيب / الرئيس صدام حسين ..

- يا من لم نحب أحداً كما أحببناك.

- ويا من لم نر لحياتنا مثلاً وقدوة إلاك.

- ويا من لم يخلد في عيوننا وقلوبنا سواك.

نعم... أنت لها... ومن غيرك لها؟

لكنك لست للموت، فأنت أكبر من الموت... أنت للحياة. لأنك لا تمثل نفسك وشخصك.

فأنت العراق..... وهل يمكن أن يموت العراق؟

وأنت العروبة..... وهل يمكن أن تموت العروبة؟

أنت المبادئ والقيم التي لا تموت.

وأنت الرجولة والبطولة، وأنت مدرسة التحدي والصمود.

 

أنت رمز المقاومة التي يرفع راياتها شعبك وجيشك وحزبك في العراق. ويتسلح بها أبناء أمتك العربية وهم يتصدون للمحتلين في فلسطين.

وأنت عنوان الوحدة لشعب العراق وأرضه حيث لم تفرق بين قومية وأخرى، ولم تميز طائفة عن غيرها، ولم ترب أطفال العراق وشبابه على المذهبية البغيضة التي يعمل الاحتلال وعملاؤه الصفيون على تشويه عقولهم بها، وتدمير العروبة والإسلام من خلالها.

وأنت رسول وحدة أمتنا العربية وتحريرها ونهوضها فكيف يمكن أن تغيب عنا!!!

صحيح أننا لا نراك، ولكنك حاضر فينا، وتعيش بيننا من خلال مبادئك وقيمك ورسالتك.

 

وحتى لو طال غيابك عنا - لا قدر الله - أو حتى لو حل بك قضاء الله شهيداً - بعد عمر مديد - فمن قال أنك ستغادرنا ؟ إذ سيبقى كل ما زرعته في هذه الأرض، وفي وجدان أبنائها، وأحلام أطفالها، حياً إلى الأبد، وستبقى حاضراً بروحك - كما أنت اليوم - تراقب وتتابع وتدعو إلى مزيد من الكفاح والنضال لتحقيق كل الأهداف السامية التي سعيت لإنجازها.

 

فالقادة العظماء أمثالك، من حملة الرسالات والأهداف الكبيرة لا يعيشون مرحلتهم فقط، وإنما يخلدهم التاريخ، ويحملهم معه إلى كل المراحل لتقتدي بمبادئهم ورسالتهم كل الأجيال.

 

فأنت أيها القائد العظيم - ككل صناع التاريخ - لم تأت صدفة ولا عرضاً، بل اختارك القدر من بين أبناء هذه الأمة عن علم ومعرفة بإمكانياتك وقدراتك على تحمل المسؤوليات الجسام، بل إن القدر هو من هيأك لذلك، وغرس فيك سمات الرجال العظماء.

 

بهذه السمات جئت، وعليها خلقت، ولهذه المسؤوليات القومية والرسالة التاريخية ندبت، وبأقسى المحن اختبرت، وبأشد الأعداء ابتليت أمتك وابتليت . ولكنك على كل هذا الضيم صبرت، ولكل صنوف العدوان والعذاب تصديت وصمدت، وبكل المبادئ والمثل والقيم تمسكت، ولكل ما عاهدت الله وأبناء أمتك عليه وفيت، وعن صغائر الأمور ترفعت، وبكل مباهج الحياة وملذاتها استهنت، ولم تترك مركباً صعبا ً - في سبيل رفعة هذه الأمة ورسالتها الخالدة - إلا ركبت، فكان لك الحب والفخر والعز في كل بيت . وكأني بأبي الطيب المتنبي، ابن الكوفة، وشاعر العربية الأول، كان يقرأك في الغيب حين قال:

على قدر أهل العزم تأتي العزائم / وتأتي على قدر الكرام المكارم.

وتعظم في عين الصغير صغارها / وتصغر في عين العظيم العظائم.

 

إن حضورك في أذهان الناس، بكل هذا التاريخ والتراث العظيم، وترجمة هذا الحضور بفعل مقاوم باسل على الأرض أعددت له قبل الاحتلال والاعتقال، وتتدافع له وعليه كل القوى والجماهير من باب الوفاء للعراق والعروبة، ولك وللمبادئ التي آمنوا بها معك... كل ذلك جعل منك، حاضراً أو غائباً كنت، مشاركاً فيه بالممارسة القيادية أو بالروح المعنوية..... سيفاً مصلتاً على رقاب المحتلين وعملائهم، وطيفاً يؤرق حضوره ليلهم، ويقض مضاجعهم، ويضاعف من خسائر المحتلين المادية، ويضعف من روحهم المعنوية . حتى باتوا لا يدرون ماذا يفعلون، ولا كيف يخرجون من المأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه، والمصيدة التي نصبتها لهم أنت وشعبك العظيم، وجيشك المقدام، وحزبك المناضل، حين أعلنت في الأيام الأولى للعدوان، أن العراق سيكون مقبرة للغزاة.

 

وها أنت قد صدقت وعدك، فلم يعد العراق مقبرة عسكرية لجنود الاحتلال فقط، بل أصبح مقبرة للسياسة الأمريكية وأهدافها وقادتها، فقد خسر (الحزب الجمهوري) الانتخابات البرلمانية بسبب فشل عدوانه على العراق، وأقيل المجرم رامسفيلد من موقعه كوزير للدفاع، وهو في طريقه للمحاكمة على جرائم الحرب التي ارتكبها، وامتدت خسائر السياسة الأمريكية لتطال حديقتها الخلفية في أمريكا اللاتينية، حيث ازداد التمرد عليها في هذه القارة . إذ لم تجر انتخابات في أي دولة من دولها إلا وكان الفائزون هم خصوم الإدارة الأمريكية والرافضون لسياستها في العراق . هذا فضلاً عن التحولات العميقة التي جرت وتجري في كل أنحاء العالم، على مستوى الشعوب والدول، رافضة السياسة الأمريكية وهيمنتها الدولية، بسبب ما فعلته في العراق.

 

وهكذا تلعب معركة العراق - بنصرها الحتمي القريب - دورها في تغيير المسار باتجاه ردع العدوانية الأمريكية، وتحجيم دور الولايات المتحدة على المستوى الدولي.

لقد ظن المحتلون المجرمون، وعملاؤهم الساقطون، أن الحكم عليك بالإعدام قد يخلصهم من مأزقهم، ويخفف من النتائج الإقليمية والدولية الناجمة عن هزيمتهم في العراق . وربما توهموا أن حكم الإعدام قد يدفعك للقبول بالمساومات التي عرضوها عليك مراراً ورفضتها، لكنهم مرة أخرى غرقوا في بحور الجهل التي ورطتهم في العدوان على العراق، فقد توهموا أنك قد تشتري حياتك بثمن تبيع فيه العراق والعروبة والمبادئ والقيم، ونسوا أو تناسوا رفضك للصفقات التي عرضوها عليك قبل الغزو بأن يجعلوك حاكماً على المنطقة كلها وليس العراق وحده، مقابل أن تعترف بـ"إسرائيل" وتتخلى عن فلسطين وعن مشروعك النهضوي القومي العربي.

 

كما راهن المحتلون وعملاؤهم على استعجالهم بإصدار حكم الإعدام عليك قد يشكل انتصاراً مزعوماً لجورج بوش وحزبه الجمهوري ربما يكسبهم المعركة الانتخابية البرلمانية . وقد سقط هذا الرهان . أما الرهان الآخر الذي قد يكون دفعهم لاستعجال الحكم فهو ما أدركوه أخيراً - بعد أن كابروا طويلا - بأنك ملهم المقاومة وروحها، وعنوان وحدة شعب العراق وأرضه، ومحقق أمنه واستقراره، وذلك بعد ما رأوه في الأشهر الأخيرة من إجماع عشائر العراق من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، بكل أطيافها القومية والمذهبية، على المطالبة بتحريرك من الأسر وعودتك للحكم كرئيس شرعي للعراق . وما لمسوه من تصاعد المقاومة ووحدتها، وإعلانها برنامج التحرير والاستقلال . وهو ما يسقط مخططاتهم لتقسيم العراق ونهب ثرواته، ويكرس النفوذ الأمريكي والفارسي على المنطقة بأسرها، ويجرها إلى تقسيمات مماثلة . لهذا تصوروا أن الخلاص منك قد يحبط المقاومة ويفتتها ويدفعها إلى اليأس . وقد يفقد عشائر العراق وقواه السياسية والثقافية الرافضة للاحتلال الأمل، وبالتالي يدفعها للخضوع والقبول بما يمليه الاحتلال وعملاؤه .

 

لكن قرار الحكم الأرعن الذي اتخذوه قد فتح عليهم مزيداً من أبواب جهنم التي ستسرع في إحراقهم، ورحيل من يتبقى منهم . قد جاءَتهم ردود الفعل العاصفة من كل مكان من داخل العراق وخارجه، من المقاومة التي وعدت بالقصاص السريع، ومن الجماهير التي طافت مدن العراق ترفع صورك وتهتف باسمك وتحييك . من المثقفين والسياسيين، من النقابات والمنظمات الشعبية، ومن شخصيات وقيادات دولية، من الشعب العربي الذي يعتبرك الرمز الوحيد الباقي للأمة وللعروبة، ومن شعوب إسلامية رأت فيك المدافع الأول عن الحق الإلهي وعن كل القيم التي تحملها الرسالات السماوية . ومن شعب فلسطين الذي ما هتف لزعيم عربي غيرك - وللزعيم جمال عبد الناصر من قبل - وما أحب أحداً مثلك، وقد تجسد الوفاء والحب لك وتجدد هذه الأيام في تظاهرات الشعب الفلسطيني إحياء للذكرى الثانية لوفاة الشهيد الخالد ياسر عرفات.

 

لقد استنهض الحكم عليك كل ذي شرف وضمير في أمتنا العربية وشعوبنا الإسلامية، وفي كل محبي الحرية والعدالة في العالم . وزاد من فضيحة الإدارة الأمريكية وسياساتها العدوانية، وأجج الحقد عليها وعلى عملائها الفرس الصفويين، ونبه الأمة للمخاطر المحدقة بها وبأرضها إذا استمر سكوتها على ما يفعله الاحتلال والخونة من تدمير للعراق، وتقسيمه، ونشر المذهبية والطائفية لقتل العروبة وتشويه الإسلام.

 

كما عرّى الحكم عليك هؤلاء الذين يسمون حكاماً عرباً ممن يحملون مسميات الملوك والسلاطين والرؤساء والأمراء والمشايخ، الذين خرسوا ولم يتصدوا لهذا الحكم أو يدينوه، بسبب خنوعهم وذلهم للإدارة الأمريكية، وخوفهم من أن تؤدبهم على أي موقف يتخذونه . وبذلك زادوا من عزلتهم، ومن غضبة جماهيرهم عليهم، كما رفعوا من رصيدك ومكانتك بين الجماهير العربية حين تقارن بين جبنهم وذلهم، وبين رجولتك وشجاعتك وشموخك . وحين تقارن بين تمسكهم بكراسي العار التي تهتز تحتهم، وبين تضحياتك بالسلطة وبالحياة ذاتها دفاعاً عن الوطن وشرفه وكرامته.

 

فلك المجد والحياة أيها البطل المقدام.

والموت والعار للمحتلين والخونة المجرمين.

 

 





السبت١٢ محرم ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٨ / كانون الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله الحوراني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة