شبكة ذي قار
عـاجـل










 

افتتح في الساعة التاسعة من صباح اليوم السبت 26/11/2010، في العاصمة السودانية الخرطوم، المؤتمر العربي – الأفريقي الأول الذي دعا إليه المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن، واللجنة العليا للتضامن بين الشعوب العربية والأفريقية، وحضره حوالي 100 شخصية سياسية وبرلمانية ونقابية وثقافية واجتماعية عربية وأفريقية، بالإضافة إلى مئات المشاركين السودانيين والعرب والأفارقة لاسيّما من طلبة وأساتذة الجامعة الأفريقية، كما شارك في افتتاحه حشد كبير من الشخصيات السودانية التي تمثل مختلف ألوان الطيف السياسي والاجتماعي في السودان.

 

المهدي

افتتح المؤتمر رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الدكتور قطبي المهدي الذي قال:

 

ينعقد هذا المؤتمر في أجواء دولية شبيهة بمؤتمر الشعوب الأفريقية والآسيوية في باندونغ في منتصف خمسينات القرن الماضي، كانت الإمبريالية الغربية تهيمن على الإدارة السياسية للشعوب المستعمرة وتهيمن على اقتصادياتها حيث دمجتها في اقتصاديات الإمبراطوريات الغربية وقامت بإلغاء الهوية الوطنية والثقافية لهذه الشعوب.

 

لذلك لامست مقررات باوندونغ طموحات الشعوب المستعمرة في آسيا وأفريقيا وتطلعاتها للحرية والتقدم، فانطلقت ثورات التحرر الوطني، وبعد الاحتلال نهضت حركة عدم الانحياز لتحافظ على استقلالية هذه الشعوب وحمايتها من الذوبان في معسكر الحرب الباردة ومنحها دوراً إيجابياً فاعلاً في الساحة الدولية تحت شعار الحياد الإيجابي.

 

انهار الاتحاد السوفياتي فضعفت مع الأسف حركة عدم الانحياز لأن قادتها الجدد لم يطوروا دورها في مرحلة ما بعد الحرب الباردة وادعت الرأسمالية الغربية وديمقراطيتها أنها انتصرت على الاشتراكية السوفياتية وكسبت الحرب وانتهى التاريخ، لكن انهيار المعسكر السوفياتي لم يكن انتصاراً للرأسمالية فهي كذلك كانت تعاني من نفس الأمراض التي أطاحت به، وبدأ النظام الرأسمالي يتداعى تحت تأثير أزماته الداخلية، كما اكتشفت الشعوب أن الديمقراطية الغربية كذبة كبرى، فسلوك الدول الإمبريالية كما كشفت عنه حرب العراق والعدوان على بنما وقرطبة في الكاريبي ودعمها لجرائم إسرائيل وحرب الإبادة على الشعب الأفغاني الأبيّ وفضائح أبو غريب وغوانتنامو والسجون السرية... كل ذلك لا يمكن أن يكون سلوك مجتمعات ديمقراطية متحضرة.

 

الآن بعد رحلة بحث في الوجدان الأفريقي والعربي أصبح السؤال الذي يلح بشدة على المفكرين والقيادات الشعبية في أفريقيا والعالم العربي هو: لماذا بعد خمسين سنة من الاستقلال لم تحقق شعوبنا طموحاتها في الاستقلال السياسي والحرية والتنمية الاقتصادية والتقدم؟.

 

هنالك لا شك أسباب محلية ولكن هناك عوامل خارجية تصنعها الإمبريالية مستغلة الثغرات الداخلية في جدار الوحدة الوطنية في الدول النامية.

 

ما هو الدور الإمبريالي في منع دول العالم الثالث وخاصة أفريقيا والعالم العربي من تنمية قدراتها واستغلال إمكانياتها حتى تلحق بالنمور الآسيوية والبرازيل وتركيا وإيران مثلاً؟.

 

هل تريد الإمبريالية العالمية أن يظل العالم الثالث مورداً للمواد الأولية لصناعاتها، ويظل سوقاً لمنتجاتها المصنعة؟.

هل تستخدم هذه الدول تفوقها العسكري وآلية العولمة بجيوشها وبوليسها الدولي وتشريعاتها الدولية ومحاكمها الدولية لسلب الإرادة السياسية لهذه الشعوب وإرهابها للمثول لإرادتها وأجندتها السياسية؟.

 

مطلوب من هذا اللقاء التاريخي الذي يضم نخب متميزة من مفكري أفريقيا والعالم العربي وقياداتها الشعبية، أن يبحث في التحديات التي تواجه الشعوب العربية والأفريقية وتعيق تطلعاتها في الحرية السياسية والتقدم الاقتصادي، ومطلوب منه أن يبحث في آليات التضامن والتواصل والتعاون التي يمكن أن تعضد نضالات هذه الشعوب في سبيل تحقيق أهدافها.

 

هذا اللقاء سيشكل وعياً شعبياً كاملاً، ومن ثم سيعمل على تفعيل هذا الوعي الجماهيري ومن هنا تتبلور أجندة العمل المشترك لكفاح الشعوب العربية والأفريقية.

 

بشور

بعده ألقى رئيس المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن الأستاذ معن بشور كلمة استعرض فيها صورا من الكفاح المشترك بين العرب والأفارقة ليقول: لقد فهمت في ضوء ذلك كله معنى العبودية التي أراد الغرب الاستعماري من خلاله أن يحوّل هذا الكوكب البشري، وتحت عناوين مختلفة، ومسميات عديدة إلى فسطاطين، فسطاط للسادة في الشمال، وفسطاط للعبيد في الجنوب.

 

ولكن الآلام لم تكن وحدها هي التي جمعتنا بالأفارقة الأحرار، بل أنها الآمال أيضاً في أن نكون معاً أشد المكافحين من أجل عالم أكثر عدلاً، وأكثر توازناً، وأكثر حرية.. لأننا نحن أكثر المتضررين من عالم الأمس البعيد والقريب والممتد حتى اليوم.

 

ولم تكن عذابات الماضي والحاضر وحدها التي تجمعنا، بل كانت تحديات المستقبل أيضاً، فحين يجتمع العرب والأفارقة، ومعهم شعوب آسيا وأمريكا اللاتينية وأحرار أوروبا وأمريكا من أجل الاستقلال والوحدة والتنمية والعدالة والتقدم، فأن قوى الهيمنة والاستغلال والاحتكار والعنصرية تؤول إلى زوال حتماً.

 

من هنا نفهم هذا الإصرار الاستعماري المتواصل على إقامة الحواجز بين العرب والأفارقة، كما بين الأفارقة أنفسهم، وبين العرب أنفسهم، ولعل اجتماعنا في السودان اليوم يهدف، فيما يهدف، إلى أن يبقى جسر التواصل بيننا مستمر من خلال هذا البلد الذي يعتز بعروبته كما بأفريقيته، بعقيدته السمحة كما بتنوعه الغني، والذي تسعى المؤامرة الاستعمارية إلى تقسيمه وتمزيقه لتضرب أهم معبر للتفاعل والتكامل الحضاري والثقافي والاستراتيجي والاقتصادي بين العرب والأفارقة.

 

وقد فتحت أخطاؤنا كحكومات أو أفراد على مدى العقود الماضية ثغرات سمحت لأعدائنا المشتركين أن ينفذوا منها ليعمقوا روح التنابذ والتنافر بيننا، ولكن أين هذه الأخطاء من خطايا هؤلاء الأعداء وجرائمهم بحقنا كعرب وأفارقة، وبالتالي فنحن مدعوون كي لا نسمح بأن تكون تلك الأخطاء المتناثرة فرصة لتحقيق أغراضهم ومخططاتهم.

 

أننا نغتنم هذه الفرصة لنعلن تضامننا مع السودان الشقيق، رئيساً وقيادة وأحزاباً ومجتمعاً بوجه كل محاولات ضرب وحدته، وزعزعة استقراره وتعطيل دوره، كما لنوجه نداء أخوياً صادقاً لأهلنا في جنوب السودان، وهم أهل لنا وشركاء مصير، لكي يتنبهوا إلى مخاطر الدعوات التي تحرضهم على الانفصال، وأن يتعمقوا بدراسة سلبياته الكبرى على مستقبلهم ومستقبل أولادهم، وأن يدركوا أن الانفصال ليس حلاً في السودان، ولا في غير السودان، خصوصاً أننا نعيش في عصر تتجه فيه دول كبرى وقارات إلى التكامل والوحدة، وهنا نسأل واشنطن إذا كانت قبلت بانفصال الولايات الجنوبية عنها قبل 150 عاماً، وهل تقبل اليوم بانفصال ولايات الساحل الغربي أو الشرقي، ونسأل فرنسا إذا كانت تقبل بانفصال مقاطعات وجزر تنكر عليها اليوم حتى حق تعليم لغاتها الأم لأبنائها، ونسأل إسبانيا إذا كانت تقبل بانفصال ألباسك، ونسأل بريطانيا إذا كانت تقبل بانفصال ايرلندا الشمالية، ونسأل ونسأل ونسأل: لماذا يريدون دائماً لشعوبنا أن تحترق بآتون الانفصال والتجزئة، فيما ينعمون هم بنعيم التكامل والوحدة.

 

وأضاف بشور: من هنا فنحن نطمح أيضاً لأن يكون هذا المؤتمر هو خطوة أولى على طريق وضع مشاريع وبرامج مدروسة ولصياغة أطر وآليات عمل دائمة، مع الحرص  الشديد أن لا يكون هذا الجهد الهام قفزة في الهواء أو مبادرة تنتهي مع نهاية هذا اللقاء.

 

كما نطمح أن يكون هذا المؤتمر فاتحة خير لمؤتمرات مماثلة للتواصل والتضامن بين العرب والأمم الأخرى في العالم، مؤتمرات مستمدة من روح اجتماع باندونغ في أواسط خمسينات القرن الماضي التي أسست لمرحلة من التحرر والاستقلال الوطني عمت العديد من بلداننا العربية والأفريقية والآسيوية، والتي وضعت الأسس لعالم لا يقتصر القرار فيه لقطب أو قطبين أو حتى عدة أقطاب فقط بل للعالم، بل يصبح فيه للقطب الشعبي، قطب الرأي العام الدولي، قطب المجتمع المدني العالمي تأثير وفعالية في صياغة نظام جديد للعالم، يقوم على قوة الحق لا حق القوة.

 

كلمة المشاركين

كلمة المشاركين ألقاها البروفسور في التاريخ لابيسو غيتهار شليمو (أثيوبيا) الذي اعتبر هذا اللقاء خطوة هامة جداً على طريق التضامن والتفاعل العربي – الأفريقي، ثم استعرض المراحل التاريخية التي مرّت بها هذه العلاقة منذ العصور القديمة وحضاراتها، متوقفاً بشكل خاص عند استقبال الحبشة لمبعوثي النبي محمد (ص) في أول اعتراف سياسي بالدعوة الجديدة، مشيراً إلى العلاقة التي قامت بين دولة عظيمة هي أثيوبيا ورسالة عظيمة هي الإسلام.

لابيسو استعرض تطور العلاقات على الصعد التجارية والاقتصادية كما على صعيد مواجهة الاستعمار، مؤكداً أن المستقبل يتطلب علاقات وثيقة على كل الصعد لمواجهة التحديات المعاصرة.

 

بعد ذلك بدأت جلسات الحوار التي توزعت على محاور وكانت على الشكل التالي:

 

الجلسة الأولى تناولت العلاقات العربية – الأفريقية: قراءة تاريخية وترأستها رئيسة الاتحاد النسائي العربي د. رمزية الأرياني (اليمن)، وتحدث فيها كل من: أ. حسن مكي ( السودان)، أ. د. مالك انجاي (السنغال)، د. نشأت الخطيب (لبنان)، أ. كمارا عباس (غينيا)، د. محمد بن عاشور (مصر).

 

الجلسة الثانية تناولت عناصر القوة في التكامل الاستراتيجي والاقتصادي الأفريقي العربي وترأسها أ. مامادو ناما (بور كينا فاسو)، وتحدث فيها كل من د. عبد الرحيم حمدي (السودان)، د. ساسين عساف (لبنان)، أ. بونا ملوال (السودان)، أ. سليمان شنين (الجزائر).

 

الجلسة الثالثة تناولت الدور الصهيوني والإمبريالي في أفريقيا والوطن العربي ترأسها الأمين العام للمؤتمر القومي العربي أ. عبد القادر غوقه (ليبيا)، وتحدث فيها كل من: د. فيروز عثمان (جنوب أفريقيا)، د. صمبو بكري (السنغال)، د. عبد المنعم أبو الفتوح (مصر)، د. ماهر الطاهر (فلسطين)، أ. عبد الإله المنصوري (المغرب)، د. خضير المرشدي (العراق)، محمد أحمد بحر (فلسطين).

 

الجلسة الرابعة تناولت النظام الدولي والعدالة الدولية ترأسها رئيس اللجنة التحضيرية للحملة القانونية الدولية لملاحقة مجرمي الحرب في فلسطين والعراق أ. خالد السفياني (المغرب)، وتحدث فيها كل من: أ. لؤي ديب (النرويج)، أ. بدرية سليمان (السودان)، أ. بشرى الخليل (لبنان)، أ. دفع الله الحاج يوسف (السودان).

 

 

الخرطوم ٢٧ / تشرين الثاني / ٢٠١٠

 

 





السبت٢١ ذي الحجة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٧ / تشرين الثاني / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة