شبكة ذي قار
عـاجـل










كشفت نتائج الإنتخابات البرلمانية في البحرين عما كان المرء يخشى منه دائما. فالولايات المتحدة التي تقاسمت العراق مع إيران، سوف تشرع لوضع الخطط من أجل أن تتقاسم معها البحرين أيضا.


لقد سمحت السلطات البحرينية بتخبطها، السياسي قبل الأمني، بنجاح الجماعات الموالية لإيران في احتلال نصف مقاعد البرلمان. وإذ لا تخفي هذه الجماعات عزمها على المطالبة بإصلاحات تؤدي الى الإعتراف بحقها في تولي السلطة، فإنها لا تفتقر الى العزيمة من أجل المضي قدما في تغذية مشروعها الطائفي لتجعل منه جسرا لعبور إيران.


وكان من نتائج التخبط إن السلطات التي تبنت نهجا متخاذلا تجاه التدخلات الإيرانية، عمدت في الوقت نفسه الى رفع العصا الغليظة تجاه عملاء إيران. حتى لكأنها قالت لهم ما كانوا يرغبون بسماعه. فالقمع يرفع، في العادة، وتيرة التعاطف الطائفي. وبالنسبة للصفويين الذين يمارسون السياسة بالتقيّة، فلا شيء أفضل لهم من القمع. فهو بالنسبة لهم نعمة من رب العالمين، أولا، لأنه يساعدهم على البكاء والعويل (والتماسك)، وثانيا، لأنه يسهل عليهم ركوب بغلة "المظلومية"، وثالثا، لأنه يُلحق مشروعهم الطائفي بـ"ثورة الحسين" حتى ليبدو كل أفّاق دجّال بينهم وكأنه "العباس أبو فاضل".


ثم قالت السلطات، بموقفها الذليل تجاه إيران: أن إطمئنوا، فالكلب الذي يحمي تطلعاتكم الطائفية يُخيفنا بما فيه الكفاية الى حد أننا نخرس تماما عندما يخرج بعض كبار المسؤولين في طهران بدعوات تعتبر البحرين جزءا من إيران.


وزادت تلك السلطات الأمر سوءا بإضعاف الفريق العلماني والوطني والمعتدل، ظنا منها انها تستطيع محاربة المشروع الطائفي، بجعل الطائفية هي اللاعب السياسي الوحيد!


وهذا تعبير عن فشل ذهني، أخشى ما يخشاه المرء أن يكون ثمرة نصيحة قدمتها القاعدة الأميركية في البلاد لبعض المسؤولين الذين يتبعون نصائح "الخبراء" الخارجية باعتبار إن "السي. آي. أيه" هي أم الفهم وأبوه.


ولم يسأل أحدهم، وهو يتلقى "النصائح"، ما إذا كان من الأولى بقوة عظمى تعاني ويلات الهزيمة في "الحربين" معا، أن تعلق المشانق لأولئك "الخبراء" الذين كلفوا بلادهم كل ذلك الفشل.


والمرء لا يعتب على الأميركيين لو انهم حاولوا أن يقدموا النصيحة الخطأ. ولكنه يعتب على "أهل الدار" كيف انهم لم يفهموا شعبهم نفسه. أو كيف يجيزون لبلادهم أن تغرق في حمى مشروع طائفي، وهم يرون بأم العين ماذا يعني في الجوار.


لقد فشلت السلطات البحرينية في أن تحمي أركان المشروع الوطني، على الوجهين معا: الداخلي والخارجي. ففي الداخل ينحسر الوطنيون لصالح طائفيين تتماسك عصبتهم ويشتد عودهم. وفي الخارج، يبدو التخاذل تجاه إيران أداة تشجيع لها لإدارج البحرين ضمن دائرة تقاسم المصالح مع الشيطان الأكبر.


طبعا، تبيع الولايات المتحدة المخاوف من إيران لدول المنطقة التي تستطيع أن تدفع ثمن الأسلحة. ولكنها تبيع لإيران حكومة في العراق، ثم تتواطأ معها على كل ما ترتكبه مليشياتها من جرائم.


والكل يعرف، بدليل ما يتاح اليوم من وثائق البنتاغون نفسها، إن حكومة العملاء الإيرانيين في بغداد ترتكب من الجرائم مئات وآلاف الأضعاف مما يُتهم الرئيس السوداني عمر حسن البشير بارتكابه في دارفور. ولكن واشنطن تضع ذيل أخلاقياتها المزيفة بين قائمتيها، ليس لأنها تحمي حكومة إيرانية الهوى تقدم لها الإمتيازات، بل لأنها تحمي مشروعا طائفيا تتقاسمه مع آيات الدجل في طهران.


والمساومات بشأن "حزمة الحوافز" مقابل "الملف النووي" لم تنته بعد. فآية الله يريد من شيطانه أن يعطيه أكثر، وأن يضمن له دورا أكبر في المنطقة. بينما تريد واشنطن أن تبيع المزيد من الأسلحة وأن تواصل بيع الخوف على الذين لا يعرفون العيش من دون خوف.


في هذه الأثناء يسجل الطائفيون انتصارا جديدا تحت ظلال "ديمقراطية" لا تكف عن أن تغذي مشاعر "المظلومية" للذين يبكون على شهواتهم الدموية، تحت راية البكاء على "الإمام الحسين".


عرب البحرين ووطنيوها هم من يجب أن يكونوا في مقدمة المعركة من أجل الدفاع عن وطنهم وعرش بلادهم. إلا إنهم يكسبون الخسران، وكأن أحدا ما ينخر في صفوفهم لكي يُهزموا ولكي لا تقوم للمشروع الوطني قائمة.


والديمقراطية التي حوّلها الصفويون الى ديمقراطية مجازر، "موثّقة" في العراق، هي نفسها الديمقراطية التي يتطلع اليها طائفيو البحرين. فهم لا يريدون أكثر من ديمقراطية غلبة عددية وبكاء على الحسين. فهذه تكفي لكل شيء لاحق مما سينشره موقع ويكيليكس من انتهاكات يتم تدبيرها بالتواطؤ مع الأميركيين.


والطائفيون ليسوا في عجلة من أمرهم. فمفاوضات تقاسم المصالح مع إيران قد تمتد لسنوات. ولكن النتيجة واحدة. وهي إن ما تم تقاسمه في العراق، سيتم تقاسمه في البحرين أيضا. فإذا كنت لا تعرف من سيكون ملك البحرين (الروحي) المقبل، (تمهيدا لظهور "المهدي المنتظر") فهذه صورته. انه "الشيخ" عيسى قاسم "الأب الروحي" للمشروع الصفوي هناك، والمرشح لنيل جائزة نوبل للتواطؤ مع الغزاة (على غرار ترشيح بول بريمر لآية الله السيستاني)، والمؤهل لنيل مرتبة "الإمام" عندما يسخن الحمام الطائفي، ويعلو بخاره الدم.

 

 





الاثنين١٧ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٥ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي الصراف نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة