شبكة ذي قار
عـاجـل










مدخل : في العام 2007 كتبت هذه المقالة وأعيدها الان ففيها صرخة عسى أن تعيها أذن واعية ..


المقال :


لن تطول كبوة العراق وهو سينهض نهوضا عظيما.


ليس هذا من باب التمنيات وليس من باب التفاؤل، وليس من باب التحليلات، التي لا تصدق غالبا، ولكن حقيقة شعب العراق، منذ أن خلقه الله الى الآن، أن ينهض سريعا بعد كل كبوة.


لن نذهب بعيدا، سنأخذ مثلا من تاريخنا الحديث ثورة العشرين التي عمّت العراق من أقصاه الى أقصاه ولم يبق عراقي لم ينل شرف المشاركة فيها. فهذه الثورة تفجرت في الثلاثين من حزيران عام 1920 وانتصر فيها الشعب على الغزاة البريطانيين بالفالة والمكوار والعصي وبضع بنادق صدئة، بعد ان غزا البريطانيون العراق عام 1914.


ان ابن الفرات الاوسط تحدى الغزاة فانتخى له ابن الجنوب ولبى نداءه ابن الشمال حتى وجد المحتلون أنفسهم في بحر متلاطم من المقاومة، فما أن يفيقوا من ضربة فراتية حتى تأتيهم لطمة جنوبية تدمي وجوههم، وما أن يمسحوا الدم من وجوههم من اللطمة الجنوبية حتى تأتيهم من الشمال أخرى كردية تصعقهم.


ان العراقيين وهم يحتفلون نهاية هذا الشهر بثورتهم العظيمة حري بهم أن يعيدوا دراستها ويستنبطوا منها الدروس لمواجهة ظروفهم الحالية، وليتأكدوا ان وحدة المشاعر هي من فَعَلَ النصر في معركة غير متكافئة اطلاقا، فما فعل العصا أمام مدفع وما فعل المكوار امام دبابة وما فعل الفالة امام طائرة حربية؟؟!!


ان من جاء بهم الاحتلال ليسلمهم مصير شعب العراق مجتمعون على باطلهم فلماذا يتفرق الوطنيون عن حقهم؟


نعم، انت ترى اولئك يتخاصمون ويتنازعون ويتصارخون على بعضهم ولكنهم لا يخرجون من اطار اللعبة التي يسمونها (السياسية) ولا يحيدون عن مرجعهم وهو المحتل، الذي يحجون عاصمته بين مدة ومدة، فلماذا لا تتوحد كلمة الرافضين للاحتلال وتتوحد جهودهم وقضيتهم ليست لعبة، وانما هي قضية شعب ووطن ومرجعهم نبيل هو الوطن؟.


ان واقعة واحدة من وقائع ثورة العشرين، اية واقعة منها، تنبيك ان العراقيين ذوي ارادة قوية واحساس عظيم بالكرامة وبأس في مقاتلة من يريد ببلدهم شرا.


سنأخذ حادثة جسر السوير مثلا على ما نقول، مع اننا اذا اخذنا اية حادثة ستوصلنا الى النتيجة نفسها.


انتم تعرفون الشيخ شعلان ابو الجون وقصته عندما اعتقل وارسل الى عشيرته يطلب منهم ارسال عشر ليرات ذهبية فأرسلوا له عشرة رجال بسلاء حرروه من معتقله في الرميثة فأصبح ذلك الحادث الشرارة الاولى في ثورة العشرين.


شعلان ابو الجون هذا علم بتقدم رتل بريطاني قادم من البصرة في جنوب العراق الى مناطق الفرات الاوسط لمحاربة الثوار، فجمع عددا من رجاله، لعل الرجال الذين حرروه من معتقله كانوا بينهم، وأقسموا ان لا يدعوا الرتل يمر وتعاهدوا على ذلك فكمنوا للرتل عند نهر السوير قرب جسر يحمل اسم النهر نفسه بعد ان عقروا ارجلهم بكوفياتهم، اي أوثقوا ارجلهم لكي لا يفر احد منهم من ميدان المعركة.


العائلات التي كانت تسكن على ضفتي النهر ابتعدت عن مكان المعركة المحتملة لئلا يصيب افرادها واطفالها اذى، فوقف الثائر ابو الجون، واطلق اهزوجة(هوسة) ليبعث الحماسة في نفوس رجاله.. فقال مخاطبا الأرض التي يقف عليها:


اكللج يجامعة الحســــــــــــــن عيناج
فـن كـوكـز وديـلي بعســــــكره يدناج
كون اهلج جفوج احنه بطرب جيناج
خل يمّــن كـلبـــج يرعـيـعـــــــــــــــــه


ومعنى الاهزوجة: (اقول لك يا من تجمع عيناك جمال الدنيا كلها يا ويل ديلي وكوكز، وهما قائدان بريطانيان اذا اقتربا منك ونحن فوقك واذا كان الساكنون فيك قد جفوك وابتعدوا عنك طلبا للسلامة فاننا جئناك نطلب الشهادة بطرب فليطمئن قلبك ايتها المرتاعة الخائفة).


فكيف لا ينهض العراق وهؤلاء رجاله اسودا خلّفوا اسودا؟


سينهض العراق ما دام شاعره ينادي:
لن يجرحوا منكِ يا بغداد أنمُلةً
ما دام ثديُك رضاعوه ما نَذلوا!


سينهض العراق ما دمنا نريده حرا مستقل الارادة شامخا يحتضن ابناءه ويجمعهم من المنافي القاسية ليضمهم في حضنه الدافئ.
سينهض العراق ما دام أنه يرفض العيش طويلا بلا كرامة.
سينهض العراق سينهض العراق.


فأعيدوا قراءة ثورة العشرين وحيوها في ذكراها السابعة والثمانين بوحدة الكلمة وحب العراق.
 

 





الاربعاء٢٧ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٦ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة