شبكة ذي قار
عـاجـل










الحلول والاقتراحات للتعايش السلمي وبناء المجتمع العراقي :

التعايش السلمي يعني تقارب فعلي عملي للافكار والقلوب والاهداف التي يشترك بها الجميع كبشر، كمواطنين تجمعهم رسالة وهدف، وهذا بوسع جميع اطياف المجتمع العراقي أن يحققوه اذا عادوا الى مبادئهم وقيمهم الانسانية المشتركة التي جمعتهم عبر العصور، بلا شك سيكتشفون معا مشروع بناء عراق جديد متطور على جميع الاصعدة.

 

لابد أن تتوجه الدولة الوطنية الى معالجة جادة آنية ومستمرة لتنقية المجتمع من الادران والعلل التي خلفها الحرب والاحتلال وباتت تهدد وجود المجتمع ووحدة كيانه ووجوده، ولتحقيق ذلك يجب أن تكون مسؤولية ذلك واجبا لكل مواطن وتبدأ المعالجة من الفرد والعائلة وصولا للدولة والمنظمات المجتمعية شعبية ومهنية وفكرية واجتماعية وثقافية وتكون مسؤولية الاعلام كبيرة وخطيرة فيها، وهناك اقتراحات للتعايش السلمي بين ابناء البلد الواحد لاعادة الهوية الوطنية العراقية لتشمل جميع جوانب الحياة؛ سياسية، اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، اعلامية، اخلاقية ودينية ويمكن تلخيصها بالاتي:

 

سياسياً:     

 

ان مفهوم الدولة الصحيح ان تكون معبّرة عن كل المجتمع، وما الحكومة إلا مؤسسة خدمية لا سلطوية تسهر على الخدمة العامة والعمل بجد وحرص وإخلاص لتقديم الخير العام للشعب خلال فترة تكليفها من قبل الشعب خلال فترة يحددها الدستور، وأن تبنى خططها على استراتيجية واضحة عبر برنامجها الانتخابي مبني على العدالة والمساواة في حقوق شعبها دون تمييز طائفي او عرقي. لذا يتطلب ان يكون دستور الدولة مدني حقيقة، وإلغاء كل القوانين والقرارات التي قامت على اسس غير ذلك، ومحاربة كل البرامج والحملات التي تسعى الى تعميق الخلافات وتقويض التعايش السلمي.

 

1-  وضع قانون البلاد الاساسي (الدستور) بحيث يستمد معظم مواده وبنوده من قيمهم الدينية وإرثهم الحضاري العظيم، مستفيدين من التطور القانوني والصيغ الدستورية العالمية، بما لا يناقض أعرافهم وشراعهم الدينية والإجتماعية، بحيث يتضمن الدستور تحديدا ووصفا شاملا ودقيقا لجميع الامور المتعلقة بالشعب والفرد العراقي، بما يضمن كرامته وحريته وحقوقه، وتعايش مكونات المجتمع وأفراده بعيدا عن التفسيرات الاجتهادية فردية المنفعة ويضمن تساوي المواطنين أمام القانون على اسس واضحة اهمها المواطنة ومباديء حقوق الانسان.

 

2-  تشكيل حكومة وطنية تعبر عن جميع مكونات من الناس تتولى تمشية أمور الشعب ويصار الى دعوة عامة لإنتخاب حكومة وطنية من بين ابناء الشعب لتتولى مسؤولية القيادة وفق مبادئ الدستور وإختيار الشعب.

 

3-  ضمان حرية الفرد والمنظمات الجماهيرية وفق ضوابط واضحة وقوانين مكتوبة سواءا كانت منظمات جماهيرية وحزبية ومهنية وشعبية وفكرية، بما يجعلها فاعلة في تكوين وحماية المجتمع والبلد ومنتسبيها.

 

حيث يفترض للمنظمات الشعبيه والمهنية منظمات العمال والفلاحين والنساء والمعلمين وكل المهنيين وحقوق الانسان والكتاب والشعراء والادباء والمؤرخين وكل نشاط جماهيري وفكري أن تتوجه لمواجهة التخريب وتدمير بنية المجتمع فهو واجب ديني ووطني واجتماعي أخلاقي مسؤول عنه الجميع أفرادا وجماعات.

 

اقتصادياً:

 

ان النشاط الاقتصادي للانسان والمجتمع يرتبط ويؤثر على نظامه الاخلاقي والديني، ففي حالة تامين الانسان جانبه الاقتصادي يعيش حياة كريمة، فعلى الحكومة أن تسعى لتوفير فرصة عمل للفرد والسعي الحقيقي لقيام تنمية إقتصادية تؤمن جانبين بناء البلد وتوفير فرص العمل من خلال الإستثمار الحكومي أو الخاص كي يتحقق للمواطنين مجال عمل يؤدي لخلق فرص العمل تؤمن لكل فرد مدخل يسد احتياجاته الحياتية، اضافةً الى ان العمل ينمي ويحقق الانسان انسايته ويطوّرها فهو ليس فقط حق للفرد بل واجب عليه، ويسهم بفعالية في الخير العام، بالتاكيد سيؤثر في استقامته وتضامنه مع بلده وعدم الانحراف في القيم الاخلاقية والدينية او الانخراط مع جهات خارجية معادية.

 

إجتماعياً:

 

العائلة هي اساس المجتمع، منها يبدا الانسان وفيها يتلقى أول مراحل المعرفة للحياة فمنها تتكون شخصيته وفهمه الأول وتربيته وتثقيفه وعلاقاته بالاقرباء والاصدقاء والجيران، ومنها تتشكل أول فهم له للحياة، فالعائلة هي التي تشرف على تنشئة معنى الحياة وقيمتها للفرد وللمجتمع. فلابد لكل عائلة منهاج تربوي لترسيخ حقوق وواجبات الفرد التي تعكس إيمانه ودينه، والفرد لم يوجد ليكون رهنا لعلاقته بعائلته وليتقلص دوره في حدود ومستوى عائلته الصغيرة، بل ليكون جزءا من مجتمع أكبر وليشمل دوره العائلة البشرية جمعاء، وهذا يعود للإرتباط بجوانب آخرى هي ثقافة المجتمع وتكوينه القانوني.

 

ثقافيـاً:

أن الثقافة والمعرفة هي باب التكوين الحياتي والوجداني للفرد، ولما للتعليم من دور في الوعي والتكوين الفكري للإنسان، فلابد من التاكيد على التعليم بكل مراحله بتعديل جوهري في النظام التعليمي في رفض كل تمييز أو تسييس التعليم لتوجه ما، ولصالح فئة ما أو حزب واحد، بل أن يكون التعليم إضافة لكونه أحد حقوق المواطن فهو الأساس في بناء الإنسان والمواطن بناءاّ صحيحا، وهو الطريق لفتح أفق الإنسان للثقافة والفكر والقدرة على أن يكون فاعلا في في مجتمعه وبناءه، وأن تضطلع المدارس ببناء الإنسان بناءا فكريا وطنيا وإنسانيا رافضاّ كل ثقافة تعصبية، متطرفة، وأن يكون التعليم هو البيئة لتنمية ثقافة التسامح والاخاء والمحبة والتاكيد على قيم الانسان التي لا تكمن في تعصبه لدينه أو طائفته او عرقه او قوميته، انما في في تحقيق انسانيته بما يحققه من خدمة لمجتمعه من خلال علمه وكفاءة إدائه لعمله ووعيه وتضامنه مع أبناء شعبه الذين يشاركونه الهوية الواحدة والمصير الواحد.

 

إعلاميـاً:

ان وسائل الاعلام في المجتمع ضرورية، وان حرية التعبير ينبغي استثمارها لبناء ثقافة جديدة للعراقي لتعميق مفهوم المواطنة ووحدة الولاء للوطن لا للتعصب الديني الخاطيء لأن التعصب أحد الأمور التي تتنافى مع جوهر وحقيقة الدين،ومع الحقيقة الإنسانية للفهم القومي للإنتماء القومي. وأن يكون دور الإعلام كبيرا في اشاعة ثقافة التسامح والوحدة الوطنية، وتثقيف الانسان على الديمقراطية الحقيقية  ونشر حس المسؤولية والمشاركة بين جميع مكونات الشعب، ومن هذا يتضح الدور الكبير والمسؤولية العظمى لدور الإعلام في الحياة العامة، واهمية البرامج الإعلامية في بناء المجتمع، ولكي يكون العمل الاعلامي سليما ويؤدي مهمته بشكل صحيح وايجابي لابد أن يقوم على اربع مبادئ :

 

أ- المصداقية في الاعلام والغاية في تنمية الانسان وتحقيق الخير العام.

ب- شمولية الاعلام للجميع دون حصرها بفئة على حساب فئة اخرى.

ج- النزاهة وعدم اثارة الصراعات وتأجيج العنف، بل العمل على تخفيفها وايجاد الحلول لوقفها ومعالجتها، والعمل بما يقوض السلوك الخاطيء والمنحرف في المجتمع.

د- انشاء جيل إعلامي متخصص بمراكز تربوية مستقلة لا لبرامج مستهدفة.

 

أخلاقيـاً:

انطلاقا من الانسانية المشتركة بين كل البشر والمساواة في الخلق بالصورة والهوية والميزة، تقع على عاتق كل انسان الحفاظ على انسايته وكرامته ومسؤوليته تجاه حياة وكرامة الآخر، فالمقياس الاخلاقي يكمن في نجاح الحياة الانسانية في بعديها الفردي او الجماعي، وليعمل المجتمع كله على أساس القول الأخلاقي العظيم لأحد عظماء هذه الأمة علي بن أبي طالب: أن كل إنسان إن لم يكن أخوك في الدين فهو نظيرك في الخلق.

 

دينيـاً:

 

أن الدين جاء من الله سبحانه ليكون منهجا للإنسان في حياته وشرع له فيه كل ما يجعل الحياة سامية عظيمة، وهناك مسؤولية كبيرة شرعية ووطنية على رجال الدين إن صدقوا في تعريفهم لأنفسهم لصنع السلام برغم الاختلافات العقائدية الفرعية والأحكام الدنيوية، لأن الدين بالأساس مبني على توحيد الله والإيمان باليوم الآخر والعمل الصالح، وهنا تبان مصداقية الديانات وممتهني التعليم والتوجيه الديني ودورهم في تقريب الطوائف مع بعضها، والعمل على ما يوحدها، لا على ما يفرقها، اذ لا يرضى البشر ان ترى الديانات تشعل فتيل الحرب بدل ان تبني السلام، وتستغرق في التعصب بدل ان تعمل من اجل المصالحة، وتمارس الحوار والجدال بالحسنى، فالدين إيمان وتصديق ومحبة وعمل صالح، فبوسع رجال جميع الاديان ان يسهموا في بناء السلام بنبذ العنف ووعظ الناس وإرشادهم لحقائق مهمة وهذا ما سأقدمه بتفاصيل أوسع في الجزء الثالث من المقال.

 

السلطة التشريعية والمحكمة العليا:  لأجل أن نحمي ما جاء في البند الأخير من الجزء الأول وما جاء في هذا الجزء لابد أن يكون هناك سلطة تشريعية كفوءة ومستقلة و قادرة على حماية كل ذلك، ولديها من الكادر الكفء في جميع المجالات القادر على تشخيص أي خلل وإنحراف وإلزام السلطات الأخرى على تنفيذ الخلل والإنحراف، ولخصوصية الجانب الديني لابد من أن تكون هناك سلطة تمثل مرجعية عليا لدور العبادية والتعليم الديني تكون هي المسؤولة عن أي خلل في هذا الجاني مع إحترامها للخصوصيات والأجتهادات الدينية ويكون أعضائها من رجال دين يمثلون كل الأديان وألمذاهب على أن يكونوا أولا من ابرز الفقهاء يرشحهم المستوى الأعلى في تلك الجماعة، وثانيا أن يكونوا ممن عرفوا بالتدين الصحيح والإدراك الواعي الرافض للعزلة والتناحر ومن مشهود له بالمواطنة والسعي الإنساني في بناء المجتمع والتكوين الإنساني للبشر وفق العمل الديني كما جاء به الأنبياء عليهم السلام.

 

 





الثلاثاء٢٦ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٥ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عاشقة النهرين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة