شبكة ذي قار
عـاجـل










من مقالاتي القديمة ٢٠٠٥
كارثة تشبه نهب المتحف العراقي هل سرقت موجودات خزانة النجف فعلاً ؟

 


مدخل: هذه المقالة كتبتها في 4/4/2005 عن كارثة سرقة موجودات خزانة الحضرة الحيدرية المقدسة في النجف والتي لم تفصح الحكومات المتعاقبة التي نصبها المحتل عن مصيرها أو مصير التحقيق الذي أجري بشأن نهبها ـ إذا كان ثمة تحقيق أجري حقاً ـ وإلى اليوم وفي غمرة المآسي التي يعيشها العراقيون والتي أخضعتهم للقتل والتفجيرات المستمرة والتهجيرات المتواصلة لم يتسن لأحد ما مصير خزانة الروضة الحيدرية المقدسة.


المقالة :


من أهم كنوز العراق خزائن العتبات المقدسة، فمحتوياتها لا يمكن أن تثمن وبعض موجوداتها ليس له نظير في العالم.
وأهم كنوز العتبات المقدسة في العراق هي خزانة الروضة الحيدرية في النجف وهي أكبر هذه الكنوز قاطبة.
وخلال شهور قصيرة نشرت الصحف في العراق خبرين يتعلقان بخزائن النجف من دون أن يؤكدهما أحد ومن دون أن يتابعهما مراقب أو يطالب بإيضاحهما مطالب.


صمت وقلق


أول خبر هو ما جاء في بيان أصدره ديوان الوقف الشيعي بشأن سرقة موجودات خزائن العتبات المقدسة في النجف والكوفة خلال أحداث النجف والذي قال إن خزائن العتبات المقدسة والمراقد الطاهرة النادرة في النجف والكوفة قد تعرضت لعمليات سلب ونهب نتيجة استغلال الظروف غير المستقرة، التي اجتاحت المدينة.


ودعا البيان منظمات الحفاظ على التراث واليونسكو والمتاحف العالمية ودور الآثار والمخطوطات والشرطة الدولية إلى مراقبة الأسواق العالمية ومنع بيع التحف والنفائس التاريخية، التي سرقت من الأماكن المقدسة في النجف الاشرف والكوفة.


ولكن لوحظ أن البيان لم يلفت الجهات التي وجه إليها الدعوة ما إذا كانت التحف والنوادر الموجودة في العتبات المقدسة في النجف والكوفة قد سرقت كلها أم سرقت أجزاء منها أو أن قطعاً بعينها قد تمت سرقتها؟..


ثم أن البيان لم يقدم جرداً بالمسروقات فكيف ستتعرف تلك الجهات على موجودات ظلت دفينة في خزانات سرية لم يطلع عليها أحد منذ قرون؟..


وبعد ذلك ساد صمت مقلق فلم يصدر بيان ثان يخبر الناس ما إذا كانت المسروقات قد تم العثور عليها أو ما إذا كان في الأمر خطأ ما.. أو أن المسروقات قد صارت في خبر كان؟..


الخبر الثاني الذي نشرته الصحف ولم يؤكده الواقع أو يثبته أو ينفيه أحد هو عن فتح خزانة الصحن الحيدري أمام المواطنين.


يقول الخبر الذي نقله سعدون الجابري انه (أصبح بإمكان المواطنين الاطلاع على محتويات وموجودات الصحن الحيدري الشريف في محافظة النجف بعد أن كان الاطلاع عليها ممنوعاً في السابق. فقد تم في مدينة النجف وللمرة الأولى افتتاح خزينة مرقد الإمام علي (عليه السلام) بإشراف عدنان الزرفي محافظ النجف ومحمد رضا الغريفي ممثل آية الله العظمى السيد علي السيستاني ومدير الوقف الشيعي في المحافظة، حيث أصبح بإمكان المواطنين الاطلاع والتعرف على محتويات الخزينة من النفائس والأموال والأحجار الكريمة والسجاد الفاخر التي أهديت من قبل الرؤساء والوزراء وكبار المسؤولين في عدد من دول العالم).


الخبران يناقض أحدهما الآخر فإذا كانت الخزانة مسروقة فعلاً فكيف سيتم عرضها أمام المواطنين؟.. ومع ذلك تنشر هذه الأخبار عن موجودات ثمينة تتعلق بالتراث الثقافي والحضاري للعراق من دون أن يعقب عليها أحد فإذا كان صحيحاً أن هذا الكنز قد تمت سرقته فان الأمر لا يمكن وصفه إلا بأنه كارثة كبرى وخسارة جسيمة لن يعوضها شيء ولا تشبهها إلا كارثة نهب المتحف العراقي وخسارة موجوداته.


وها نحن نطالب ببيان كامل للموقف وتطمين الناس على موجودات واحد من أهم كنوزهم..


7777 طابوقة ذهبية

وقبل أن نتحدث عن هذه الخزانة العراقية المهمة سنصف الحضرة الحيدرية وقبتها الذهبية الصاعدة في السماء.


فالروضة الحيدرية المطهرة، تقع وسط مدينة النجف القديمة وفي وسطها قبر الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) وأرضيتها مفروشة بالرخام الايطالي المصقول وجدرانها، إلى ارتفاع مترين مغطاة بالرخام نفسه وما يعلو تلك الصخور فقد كسي بالمرايا الملونة والزخارف البديعة وبالفسيفساء، ذات الأشكال الجميلة، وقد وضع على القبر الشريف صندوق من الخشب الصاج، المطعم بالعاج، المنقوش عليه بعض الآيات القرآنية، وهو محاط بشباكين، وللروضة أربعة أبواب تفضي بالزائر إلى الرواق.


وتعلو القبر المطهر قبة جميلة واسعة ترتفع عن ارض الروضة المقدسة بـ35 متراً ومحيط قاعدتها 50 متراً وقطرها قرابة 16 متراً وهي مزينة من الداخل بالفسيفساء الرائعة ومطلية من الخارج بالذهب الخالص ويقدر عدد الطابوق الذهبي الذي يعلوها ويغلفها بـ(7777) طابوقة ذهبية. أما الرواق الذي يحيط بالقبر المطهر فهو مزدان بالمرايا وقد نقشت على جدرانه بعض السور القرآنية وفيه أربعة أبواب، وعند المدخل العام للحرم إيوان ذهبي كبير يعرف بـ(الطارمة) يبلغ طوله 33 متراً وفي هذه الطارمة مئذنتان اسطوانيتا الشكل ارتفاع كل منهما 35 متراً وهما ذهبيتان. ويحيط بالروضة والرواق فناء كبير يعرف بالصحن وهو مزدان بالقاشاني ومنقوش بأبدع النقوش وفيه ما يقارب الـ(100) غرفة وأربعة إيوانات متقابلة وخمسة أبواب هي أبواب الساعة والطوسي والسلام والفرج والقبلة.


والروضة الحيدرية هي أقدم الرياض المقدسة في العراق، فقد بناها الخليفة العباسي هارون الرشيد، الذي بنى على القبر الشريف قبة لها أربعة أبواب من الطين الأحمر وعلى رأسها جرة خضراء ولذلك يقول الشاعر:


يا صاحب القبة الخضراء في النجف
من زار قبرك واستشفى لديك شفي


وشيد الضريح من حجارة بيضاء ووضع عليه قنديل من الفيروز المرصع بالجواهر.


سجاد ومصاحف وتحف :
وتضم الروضة الحيدرية ثروة كبيرة من التحف النادرة والثمينة وتحفاً أخرى لا تقدر بثمن مخزونة في خزانتها، ومن هذه النفائس مصحف شريف ينسب خطه إلى الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) محفوظ وسط صندوق فضي موضوع داخل الضريح المطهر وتاج ذهبي وحبة رز كتبت عليها سورة الإخلاص محفوظة في صندوق مصحف الإمام ومعها عدسة خاصة بقراءة السورة المكتوبة عليها، ومجوهرات وحلي معلقة داخل الضريح وسط ما يشبه المحراب، إضافة إلى الكثير من المجوهرات والأحجار الكريمة والتحف والسجاد المصنوع من خيوط الذهب والحرير والمرصع باللؤلؤ والياقوت وسواها من النوادر الموجودة في الخزائن الخاصة.


غير أن الباحثة المصرية الدكتورة سعاد ماهر محمد، التي زارت الروضة الحيدرية واطلعت على موجودات خزانتها بوساطة من رئيس وزراء العراق الأسبق الدكتور عبد الرحمن البزاز وكتبت عنها دراسة مفصلة قيمة صدرت في كتاب بعنوان (مشهد الإمام علي في النجف وما به من الهدايا والتحف) تقول:


- يوجد العدد الأكبر من هذه المخلفات في خزانة مبنية في جدار الروضة الحيدرية، في الرواق الجنوبي من الحرم الشريف، ويبلغ عددها (2020) تحفة موزعة على الوجه الآتي:


(550) مصحفاً اثرياً

يرجع أقدمها إلى القرن الأول الهجري، وتتوالى في سلسلة تكاد تكون متصلة حتى القرن الرابع عشر الهجري، وبعض هذه المخطوطات مكتوب على الرق وبعضها على الورق وبأساليب وطرز مختلفة من الخط العربي، فبعضها كتب بالخط الصلب ذي الزوايا المعروف باسم (الكوفي) وبالخط اللين ذي الاستدارة المعروف بـ(النسخي) وبعضها الآخر بالخط النستعليق (الفارسي) والخط الثلث المملوكي والخط الكوفي المربع والخط الهمايوني العثماني والخط الرقعة.

التحفة المعدنية

وفيها (420) قطعة معدنية، مكونة من الحلي الذهبية المرصعة بالجواهر المتعددة الألوان، كالزمرد والياقوت والماس واللؤلؤ والفيروز وما إليها ومن قناديل الذهب المكفت والمرصع بالأحجار الكريمة والمزخرف بالميناء، ومباخر وطاسات وأباريق لماء الورد وشماعد، وألواح زيارة وتيجان وقلائد ومزهريات، ومن مجموعة كبيرة من الأسلحة ورؤوس أعلام ورؤوس أضرحة.


المنسوجات

وفيها (428) قطعة من النسيج، منها أغطية قبور وستور (بردة) وخيام وملابس وهذه القطع بعضها منسوج بطريقة القباطي وبعضها الآخر منسوج بطريقة الديباج والدمقس، وجزء كبير منها منسوجات وبرية (قطيفة) ومنسوجات مطبوعة أو مطرزة ويحتوي كثير من هذه المنسوجات على خيوط ذهبية وفضية، كما رصع بعضها بالأحجار الكريمة واللؤلؤ.


السجاد

وفيها (325) سجادة، وتعتبر مجموعة السجاد بالمشهد نادرة ولا مثيل لها في العالم من الناحيتين الفنية والمادية، إذ يوجد بين هذه المجموعة سجادة معقودة من الوجهين وفي كل وجه زخارف وألوان مختلفة كل الاختلاف عنها في الوجه الآخر.


تحف زجاجية

وفيها (121) قطعة من الزجاج المختلف الأشكال، بعضها مشكاوات مموهة بالمينا وبعضها ثريات من البلور النادر وبعضها قناديل تضاء بالشمع وكرات زجاجية مما يطلق عليه الأوربيون اسم (بيضة الشرق)


تحف خشبية
وفيها (156) قطعة من التحف الخشبية بينها (كشكول) من خشب الصاج الهندي البديع الصنع والزخرفة، كما يوجد بها عدد من كراسي المصحف (رحلة) وألواح حفرت عليها قصائد مدح في الإمام علي تعرف باسم (ألواح زيارة).


وترجع الدكتورة سعاد تاريخ أقدم هذه الهدايا والمخلفات إلى سنة 365هـ وهي غطاء قبر يعتبر آية من آيات فن النسج والتطريز والزخرفة.


كارثة كبرى

لكن العلامة الدكتور حسين علي محفوظ أخبرني، مرة، أن الدكتورة سعاد ماهر محمد لم يقيض لها الاطلاع إلا على بعض موجودات الخزانة الحيدرية لا كلّها وأصابها هذا الانبهار، كما اخبرني آخرون أن الدكتورة ماهر أمكنها رؤية جزء بسيط من الخزانة وكتبت عنه كتاباً ضخماً ولكنها لو كانت قد اطلعت على موجودات الخزانة كلها لتطلب الأمر منها مجلدات ومجلدات.


وأخيراً من يخبرنا عن حقيقة ما جرى لخزانة الروضة الحيدرية المقدسة في النجف؟

 

 





الاثنين١١ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٠ / أيلول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة