شبكة ذي قار
عـاجـل










بهدوء تام وبلا أي ضجيج إعلامي حققت المقاومة العراقية نصرها المبين على قوات الاحتلال الأمريكية في العراق وجعلتها تولّي الدبر لاعقةً جراحها مثل كلب أجرب.

 

ولا عليكم بتصريحات الجنرال ريموند أوديرنو قائد القوات الأمريكية المحتلة ولا مسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) ولا أزلام الاحتلال، وانظروا إلى ما يحدث على الأرض..

 

إن أوديرنو يريد أن يداري خيبة قواته وهزيمتها على أرض صارت تحتهم ناراً تتلظى.

 

أوديرنو يقول: إن القوات الأمريكية قد تعود إلى القيام بدور قتالي إذا حدث "انهيار تام لقوات الأمن" أو إذا أدت الخلافات السياسية إلى انقسام قوات الأمن العراقية.

أنا أعتبر تصريح أوديرنو هذا تصريح مهزوم كان قوياً ويريد حفظ ماء وجهه وأن يبدي لمن حوله أنه ما زال قوياً، بينما ضربات أبناء العراق تتوالى عليه وتدوخه وتستعجله بالجلاء والرحيل والهزيمة..

 

وخذوها مني أن قوات الأمن العراقية لن "تكون مهيَّأة لسد الفراغ الذي سيتركه انسحاب قوات الاحتلال الأمريكية العام القادم"، كما ادعى المسؤول الاحتلالي هذا، ولكنه عذر مهزوم يريد أن يخلص لحيته وينفذ بجلده، يؤكد ذلك تعليق أوديرنو على تصريح رئيس هيئة أركان الجيش العراقي الفريق أول بابكر زيباري بأنه ينبغي أن يبقى الجيش الأمريكي في العراق حتى عام 2020 قائلاً: إن هذا يتوقف على نوع الوجود الأمريكي المطلوب.

 

 إن هذا الجواب نوع من التغطية على الهزيمة وإلا لو كان ليس متعذراً على المحتلين البقاء في العراق لبقوا فيه: طعام ومنام وراحة.. ولكن المقاومة العراقية أقضت منامهم فنغصت عليهم طعامهم فلم يجدوا الراحة والسلامة إلا في الهزيمة والفرار.

 

وهذا الأمر لابدّ أن المقاومة العراقية الباسلة أدركته جيداً منذ زمن، لذلك فأن رجالها يضحكون على تصرفات المحتلين وتصريحاتهم غير المتوازنة والتي تشي بمدى رعبهم من العراق والعراقيين.

 

كانوا يمنون ألنفس بأن العراق ـ في أسوأ الحالات ـ سيكون مثل فيتنام، ولكن ظهر أن الخسائر التي تكبدوها في العراق فاقت ما تكبدوه في فيتنام، وسيظل من تعوق في حرب العراق من جند الاحتلال شاهداً يذكرهم بخيبتهم في حرب خاضوها جرياً وراء أوهام دينية لرئيس أحمق لم تشهد الولايات المتحدة رئيساً أكثر حمقاً منه.

 

في كتابه "لو كررت ذلك على مسامعي فلن أصدقه" يكشف جان كلود موريس الذي كان يعمل مراسلا حربيا لصحيفة (لو جورنال دو ديماش) من 1999 إلى 2003، أخطر أسرار المحادثات الهاتفية بين الرئيس الأمريكي (جورج بوش الابن) والرئيس الفرنسي السابق (جاك شيراك)، والتي كان يجريها الأول لإقناع الثاني بالمشاركة في الحرب التي شنها على العراق عام 2003، بذريعة القضاء على (يأجوج ومأجوج) اللذين ظهرا في منطقة الشرق الأوسط، وتحقيقا لنبوءة وردت في كتبهم (المقدسة).

 

كشف الرئيس الفرنسي السابق (جاك شيراك) في حديث مسجل له مع مؤلف الكتاب عن صفحات جديدة من أسرار الغزو الأمريكي، قائلا: (تلقيت من الرئيس بوش مكالمة هاتفية في مطلع عام 2003، فوجئت فيها بالرئيس بوش وهو يطلب مني الموافقة على ضمّ الجيش الفرنسي إلى القوات المتحالفة ضد العراق، مبررا ذلك بتدمير آخر أوكار "يأجوج ومأجوج"، مدعيا أنهما مختبئان الآن في الشرق الأوسط، قرب مدينة بابل القديمة، وأصر على الاشتراك معه في حملته الحربية، التي وصفها بالحملة الإيمانية المباركة، ومؤازرته في تنفيذ هذا الواجب الإلهي المقدس، الذي أكدته نبوءات التوراة والإنجيل).

 

ويقول (شيراك): هذه ليست مزحة، فقد كنت متحيرا جدا، بعد أن صعقتني هذه الخزعبلات والخرافات السخيفة، التي يؤمن بها رئيس أعظم دولة في العالم، ولم اصدق في حينها أن هذا الرجل بهذا المستوى من السطحية والتفاهة، ويحمل هذه العقلية المتخلفة، ويؤمن بهذه الأفكار الكهنوتية المتعصبة، التي سيحرق بها الشرق الأوسط، ويدمر مهد الحضارات الإنسانية، ويجري هذا كله في الوقت الذي صارت فيه العقلانية سيدة المواقف السياسية، وليس هناك مكان للتعامل بالتنبؤات والخرافات والخزعبلات والتنجيم وقراءة الطالع حتى في غابات الشعوب البدائية، ولم يصدق (جاك شيراك)، أن أمريكا وحلفاءها سيشنون حربا عارمة مدفوعة بتفكير سحري ديني ينبع من مزابل الخرافات المتطرفة، وينبعث من تراتيل الكنيسة الانجليكانية، التي مازالت تقول: (كانت الصهيونية أنشودة مسيحية ثم أصبحت حركة سياسية).

 

ويقول المؤلف (جان كلود موريس): (إذا كنت تعتقد أن أمريكا غزت العراق للبحث عن أسلحة التدمير الشامل فأنت واهم جداً، وأن اعتقادك ليس في محله)، فالأسباب والدوافع الحقيقية لهذا الغزو لا يتصورها العقل، بل هي خارج حدود الخيال، وخارج حدود التوقعات السياسية والمنطقية كلها، ولا يمكن أن تطرأ على بال الناس العقلاء أبدا، فقد كان الرئيس الأمريكي السابق (جورج بوش الابن) من أشد المؤمنين بالخرافات الدينية الوثنية البالية، وهو مهووس بالتنجيم والغيبيات، وتحضير الأرواح، والانغماس في المعتقدات الروحية المريبة، وقراءة الكتب اللاهوتية القديمة، وفي مقدمتها (التوراة)، ويجنح بخياله الكهنوتي المضطرب في فضاءات التنبؤات المستقبلية المستمدة من الرؤى اليهودية المتطرفة. ويميل إلى استخدام بعض العبارات الغريبة، وتكرارها في خطاباته، من مثل: (القضاء على محور الأشرار)، (بؤر الكراهية)، (قوى الظلام)، و(ظهور المسيح الدجال)، و(شعب الله المختار)، و(الهرمجدون)، و(فرسان المعبد)، ويدعي انه يتلقى رسائل مشفرة يبعثها إليه (الرب) عن طريق الإيحاءات الروحية، والأحلام الليلية.

 

  كان بوش يتصور أنه نبي يوحى إليه، ولكن الأنبياء ينتصرون دائماً فكيف قاد "النبي بوش" أمته وجيشها واقتصادها إلى كارثة في العراق لن تصحو منها قريباً، وقد لا تصحو.

 

للحديث بقية ...

 

 





الجمعة٢٤ رمضان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٣ / أيلول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة