شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ وانـــذر عـشـيــرتك الاقـــربيـــن  ﴾
صدق الله العظيم

 

المقدمة :


1. كان النظام القبلي هو السائد في المدينة فكان افراد كل عشيرة يسكنون معاً في منطقة واحدة تقع فيها مزارعهم ، كما انهم يشتركون في الدية عن القتل الخطأ ويتعاونون في الشدائد وكان في المدينة عند الهجرة ثمان وسبعون برجاً للمراقبة وحصناً للحماية وكان انشاء ابراج المراقبة باستمرار حتى حدثت الهجرة حيث توقف بعدها مما يدل على علاقته بالامن الذي استتب بعد الهجرة ولا ريب في ان امتلاك الافراد للابراج هو مظهر لضعف التماسك القبلي والعشائري ودليل على مكانة الافراد(1) .


والواقع ان التماسك العشائري لم يكن قوياً فقد حدثت زيجان بين افراد من عشائر نختلفة مما كان له اثر في تخفيف اثار العزلة العشائرية التي كثيراً ما تقوى الشكوك وتزيد في العداء غير انه لم تذكر لاهل المدينة مع من في خارجها كالذي كان عند اهل مكة اي ان الزواج كان داخلياً وان لم يكن محصوراً دائماً في العشيرة (2).
ولم يكن الامن مستتناً في المدينة فقد كانت بين العشائر مشاحنات وخصومات يزيدها لفقدان السلطة المركزية الملزمة وعدم وجود قوة منظمة تمنع الخصومات او اي جهة يلجأ اليها الناس للتحكيم فضلاً عن اصطدام المصالح وطغيان العواطف وتباين الاتجاهات الدينية وكان لليهود دور كبير في توسيع شقة الخلافات واشعال الفتن بين العشائر وقد نشبت عدت حروب لغياب السلطة والقانون وفتن اليهود قد سالت دماء واشهر حرب بعاث التي حدثت قبيل الهجرة وانهكت العرب والعشائر من اهل المدينة (3) وعندما قدم الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) المدينة عمل على ازالة الخلافات وتوطيد العلاقات الطيبة بين اهلها وذلك من خلال مكانته الدينية وخلقه العظيم ومرونته وسعة صدره غير ان مجيء الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) لم يمسح اثار الماضي كلياً اذ ان الروح القبلية كانت عميقة واسباب الاحتكاك قائمة في مثل هذا المجتمع الذي يزداد تعقداً وقد اشار القران الكريم عن هذا الموقف الذي يجب ان يقفه المسلمون قال تعالى (( وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهاما ، فأن بقت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى امر الله )) (4).


لقد كانت غالبية اهل المدينة عند ظهور الاسلام من العشائر العربية وكانوا قبائل متعددة وبطون ، والواقع ان التجمع العشائري كان اسا الروابط والتنظيمات في المدينة فأفراد العشيرة يرتبطون بعدت روابط وثيقة كالارث والحصون والتقارب في خطط السكن وللتكتل العشائري اهمية خاصة في المدينة التي كانت تفتقد منظمات عامة او سلطة مركزية عليها تفرض الامن والنظام(5).


القائد السياسي للعشيرة


2. كان سكان الجزيرة العربية ينقسمون الى بدو وحضر وكان النظام السائد بينهم هو النظام العشائري القبلي حتى في الممالك المتحضرة التي نشأت بالجزيرة العربية والعشيرة هي مجموعة من الناس تربط بينها وحدة الدم ووحدة الجماعة على اساس التضامن بينهما في الحقوق والواجبات وهذا القانون العرقي كانت تتمسك به العشيرة في نظامها السياسي الاجتماعي (1).


وقائد العشيرة ترشحه للقيادة منزلته العشائرية والقبلية وصفاته وخصائصه من شجاعة ومروءة وكرم ونحوها ولقائد العشيرة حقوق ادبية ومادية ومنها احترامه وبتبجيله والاستجابة لامره والنزول على حكمه وقضائه وبالاضافة الى مسؤولياته فهو في السلم جواد كريم وفي الحرب يتقدم الصفوف ويعقد الصلح والمعاهدات(2).


والنظام العشائري تسود فيه الحرية فقد نشأ العربي في جو طليق وفي بيئة طليقة ومن ثم كانت الحرية من أهم خصائص العرب ويعشقونها ويأبون الضيم والذل والاهانة وكل فرد في العشيرة يتنصر لها ويشيد بمفاخرها وايامها وينتصر لكل افرادها محقاً او مبطلاً حتى صار من مبادئهم قول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم (انصر اخاك ظالماً او مظلوماً) (3).



العشيرة في دولة الاسلام


3. لقد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم وهو ابن اربعين سنة كان بمكة عشر سنين وبالمدينة عشرين سنة واخذ جبريل عليه بالنزول والتوافد حتى اكتمل فيه القران الكريم واياته العظيمة. وقد امن بالرسول الكريم ودعوته (صلى الله عليه وسلم) اهل بيته والمقربين اليه من الصحابة وقد دخلت العشيرة في سياق التنظيم السياسي في دولة الاسلام وما اتخذه الرسول الكريم من خطوات تجاه العشيرة وضرورة صهرها في المجمتع الاسلامي وذلك لما لها دور كبير في ارساء اسس ومبادئ الاسلام الحنيف ولاريب في ذلك في ان تكوين دولة الاسلام في المدينة رافقت تطورات في تنظيم السكان حيث ان الاسلام عني بالفرد واولاده مكانة متميزة ورفع من امن به واسهم في تثبيته وسيع دولته ومكانته خاصة فازدادات مكانته خاصة فازدادت مكانة العشائر التي برز فيها اكثر من غيرها رجال اسهموا في تثبيت الاسلام (1). ولهذا نرى بانه (صلى الله عليه وسلم) اخذ جانباً مهماً في اسناد العشيرة ودورها في الحياة العربية الاسلامية وذلك منذ بدء الدعوة الاسلامية فارتكز الرسول (صلى الله عليه وسلم) على افراد العشيرة في منطلقاته الاسلامية والجهادية متمثلاً بذلك بقوله سبحانه وتعالى ((وانذر عشيرتك الاقربين)) حيث صور رسول (صلى الله عليه وسلم) على الصفا فقال يا معشر قريش : فقالت قريش محمد على الصفا يهتف فأقبلوا واجتمعوا فقالوا مالك يا محمد؟ قال ارايتكم لو اخبرتكم ان فيلاً بسفح الجبل اكنتم تصدقوني؟ قالوا : نعم انت عندنا غيرمتهم وما جربنا عليك كذباً قط قال : فأني نذير لكم بين يدي عذاب شديد يا بني عبد المطلب .....) (2).
الاقربون في العشيرة


4. لقد اتخذ الرسول (صلى الله عليه وسلم) منذ بدء الدعوة الاسلامية وخاصة في مراحلها السرية الاولى حيث اعتمد في ذلك على اهل بيته والمقريبين منه ومن بيته الطاهر وذلك لغرض الحفاظ على سرية الدعوة الاسلامية لانه كان يعيش ضمن المجتمع القريشي الكبير ذات الطابع العربي القبلي المرتبط بمسببات الحياة الدينية والسياسية والاجتماعية ولهذا دعت الضرورة ان يكون الرسول (صلى الله عليه وسلم) يختار الاقربون من افراد عشيرته طيلة فترة الدعوة الاسلامية السرية والانطلاق بعد ذلك لنشر مبادئ الدين الاسلامي الحنيف الى العشائر الاخرى وخاصة في القرى القربية من المدينة ومكة المكرمة وقد اتخذ (صلى الله عليه وسلم) حتى الاشخاص ذات الثقة المطلقة والمقربين اليه والذي يؤمن بايمانه حتى لايتزعزع في قيادة السرايا والبعوث وقيادة الجيوش فيما بعد حتى تم ارساء مبادئ الدين الاسلامي الحنيف وتوسعت فتوحاته الاسلامية عبر مراحل التاريخ الاسلامي (1).



العشيرة بين الامس واليوم


5. لقد لعبت العشيرة دوراً كبيراً في الحياة السياسية والاجتماعية والدينية في مرحلة ما قبل الاسلام من خلال النظام العشائري والقبلي الذي كان سمة ذلك النظام الساسي وما توارثته من عادات وتقاليد قد اثرت فيما بعد في الحياة السياسية والاجتماعية في مرحلة بدء الدعوة الاسلامية وتلك السمات كانت متوارثة عبر التاريخ الذي مثل الشجاعة والكرم والصبروالتحمل والكرامة والشهامة وحماية الضيف وكلها عادات قد ابقى عليها الاسلام لما لها من دور كبير في حياة المجتمع الاسلامي وكذلك السمة القتالية لدى العربي وعدم القبول بالضيم والاهانة والجور(1) وقد اخذ(صلى الله عليه وسلم) العشيرة ودورها في اقامت الحدود والمعاهدات في بداية الامر ومن ثم انطلاقه لكسب تلك العشائر الى الاسلام التي اصبحت فيما بعد احدى السمات الاساسية للمجتمع الاسلامي من خلال انخراطهم واستيجابتهم للدعوة الاسلامية حيث ارتكز (صلى الله عليه وسلم) على الناس الاقربون من عشيرته لغرض ارسال ومتانة دعوته الاسلامية ومن ثم الانطلاق بالدين على مرمى البشرية جمعاء . وهذا وقد يظهر ويبرز دور العشيرة امام متطلبات الحياة عندما تفقد الدولة صيغة القيادة والسيطرة على النظام وادارة متطلبات الحياة السياسية والاجتماعية ولهذا تلجأ السلطة الى العشيرة لكسب ودها لتحقيق ماربها السياسية حتى ترجع السلطة والقانون بيد الدولة ولهذا يبقى الدور العشائري كنظام اجتماعي مؤثر على طول التاريخ العربي الاسلامي وخاصة في العراق الذي يسلك في اسسه تلك المبادئ على مراحل التاريخ العربي الاسلامي. وهذا وقد لعبت العشائر في العراق دوراً مؤثراً على مدى تارخ العراق وخاصة بعد تشكيل الحكم الوطني في العراق عام (1921) حيث كانت العشيرة احدى كفة الميزان المؤثر من خلال عملها في مجال مجلس الامة (الاعيان والنواب) حيث الثقل واضحاً في ترسيم خطى السياسة العراقية حتى مجي ثورة البعث العظيم ثورة 17 – 30 تموز المجيدة واليوم وبعد الاحتلال الامريكي والايراني للعراق اصبحت الامور تشير نحو الضياع بسبب فقدان الحكومة الاحتلال للقانون والنظام وحتى الاعراف السماوية والانسانية فاصبحت الساحة بحاجة الى الدور القيادي والسياسي السري لمواصلة ما قام به السلف الصالح من دور كبير في التنظيمات السياسية وخاصة في مسيرة حزبنا المجاهد الذي استمد نهجه ومبادئه من روح الرسالة الاسلامية وبعد كل هذه التخطيطات من قبل حكومة الاحتلال اصبحت للعشيرة الان دور مؤثر وبقيادة التنظيم السري السياسي للبعث المجاهد بقيادة القائد الاعلى للجهاد والتحرير (حفظه الله) وما انتهجه رفاقنا المجاهدين الابطال في التحرك ومنذ اليوم اليوم الاول للاحتلال بالدعوة الى اعادة التنظيم الحزبي والجهادي في الساحة العراقية معتمدين بذلك على الاقربين من ابناء العائلة الواحدة والفخذ وثم العشيرة والانطلاق نحو الافق الاخر لغرض رص الصفوف والتهيؤ لمعركة التحرير العربية الاسلامية تحرير العراق الحبيب من دنس المحتل (الامريكي - الايراني) (2).



الخاتمة


6. لقد لعبت العشيرة دوراً كبيراً في الحياة السياسية والاجتماعية في المجتمع العربي والاسلامي حيث كانت العشيرة من ابرز المنطلقات الاساسية والركائز القوية للاسلام لما كانت تتميز من صفات قتالية واجتماعية وسياسية وبعد مجيء الرسول (صلى الله عليه وسلم) الى المدينة حيث انتقل المجتمع الى حالة النهوض والتقدم والازدهار ونقل المجتمع من حالة الجور والثارات والظلم الى العدالة والنور والاسلام (1).


ولعبت العشيرة الدور الكبير ايضاً في ابراز الاسس الدينية والسياسية حيث بدء (صلى الله عليه وسلم) بدعوته السرية اولاً بين اهل بيته ومن ثم الى اصحابه والمقربين له لغرض الحفاظ على كتمان وسرية الدعوة الاسلامية الذي انتقل فيما بعد الى حالة الجهاد في سبيل الله وكان (صلى الله عليه وسلم) يبعث السرايا والبعوث للرجال المقربين اليه لغرض الاطمئنان ومسايرة الجهاد والدعوة الاسلامية في طريق واحد (2). وما اشبه اليوم بالبارحة فالعراق اليوم يخوض اشرس المعارك الطاحنة الجهادية في ساحة الوغى وبعد ان قام المحتل والعملاء والخونة بضرب كافة البنى التحتية للعراق فاصبح العراق في حالة الفوضى والسلب والنهب والقتل والتشريد ولكن الرجال الابطال لم يقفوا مكتوفي الايدي فتهافت الرجال الميامين في ساحة الوغى كما تهافت اجدادهم في قيادة وادارة المعارك الطاحنة امثال حمزة بن عبد المطلب وسعد وعبد الله وزيد بن حارثه والمثنى والقعقاع (رضي الله عنهم) فسارع رجال المقاومة الباسلة من رجال البعث المجاهد العظيم ومعهم الشرفاء الوطنيين الى اعادة التنظيم بيد وحمل السلاح باليد الاخرى فبدء الرجال بأهل بيتهم وابناء عمومتهم وعشيرتهم لتكون اللبنة الاساسية للانطلاق وكانت توجيهات قائد المقاومة المجاهد عزت الدوري (حفظه الله ورعاه) نبراساً في طريق الجهاد ضد المحتل الامريكي الذي الان يترنح تحت ضربات الزنود السمر زنود الرجال الميامين وما صيحاتهم اليوم بالانسحاب ما هي الا احدى منجزات المقاومة الباسلة وانها حقاً صموداً رائعاً شهد لها التاريخ بدماء الشهداء الابطال التي امتزجت بدماء الرجال المسلمين الاوائل الذين سطروا اروع الملاحم البطولية في معارك التحرير والفتح ورفع راية لا اله الا الله عالياً في سماء المعمورة واليوم يرفع رجال المقاومة راياتهم عالياً في سماء العراق رايات الجهاد والتحرير وطرد المحتل والخونة والعملاء والجواسيس وما النصر الا من عند الله.

 

 

قيادة الفصيل الجهادي
٩٩٩٥
أواخر تموز ٢٠١٠
 

 





الجمعة١٨ شعبـان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٣٠ / تموز / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب قيادة الفصيل الجهادي ٩٩٩٥ نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة