شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ أن وطئ الأمريكان ارض العراق ، والدور الإيراني والنفوذ الإيراني يأخذ أشكالا متعددة داخل العراق سياسية وعسكرية واقتصادية ودينية فقد هيمن القرار الإيراني السياسي على جميع الحكومات المتعاقبة التي شكلها الاحتلال بطريقة المحاصصة الطائفية والقومية والاثنية، وكانت للأحزاب الموالية لإيران حصة الأسد في هذه الحكومات وفيه تغلل الحرس الثوري الإيراني في كل مفاصل الدولة ومعه فيلق القدس الإيراني والمجاميع الخاصة وفرق الموت والمليشيات المسلحة المدربة في إيران، إضافة إلى ميليشيات الأحزاب الحاكمة التي تدربت وتسلحت في إيران وفي الجانب الاقتصادي امتلأت الأسواق العراقية بالمنتجات الإيرانية الفاسدة والمسمومة كالأدوية والمخدرات، وفرض على الحكومات استيراد هذه المنتجات من إيران ( حصرا) وبلغت الاستيرادات أكثر من ثمانية مليارات سنويا، إضافة إلى فتح فروع للمنظمات الدينية والخيرية والإنسانية ، الثقافية والاجتماعية وكلها مقرات لأطلا عات  الإيرانية تحت هذه اليافطات، ناهيك عن فتح قنصليات إيرانية في جميع محافظات جنوب العراق ، بحيث وصل الأمر أن يقوم القنصل الإيراني بحضور التجمعات والندوات والمهرجانات والمناسبات الدينية وافتتاح المدارس والمشاريع كأنه الحاكم الفعلي لهذه المحافظات ، وقد ضاق العراقيون ذرعا بتصرفات هؤلاء وأعمالهم الإجرامية من خلال الاغتيالات وتأجيج الحرب الطائفية الأهلية والتفجيرات الكبرى والخطف المنظم وسرقة البنوك والمصارف، وهذا لم يكن خافيا أبدا عن عيون العراقيين ويدركون حجمه وحجم خطورته وكشفوا بوقت مبكر هذه التدخلات وفضحوها أمام الرأي العام والمظاهرات الأخيرة وما قبلها تؤكد هذا، ومطالبات عشائر الجنوب وانتفاضتهم عام (2008) مطالبين بطرد السفير الإيراني وغلق السفارة إثبات على ماذهبنا إليه حتى جاء الخبر اليقين من اقرب المقربين للسياسة الإيرانية وولاية الفقيه موفق الربيعي مستشار الأمن القومي السابق لجريدة الشرق الأوسط عندما أعلن ( إن قاسم سليماني مسؤول فيلق القدس الإيراني في العراق هو من يدير السياسة العراقية وله الكلمة الفصل) ماذا يعني أكثر من هذا الاعتراف المتأخر،، ببساطة يدحض كل تصريحات المسؤولين العراقيين (الكبار) والمسؤولين الإيرانيين التي تنفي التدخل والنفوذ الإيراني في العراق


( راجعوا تصريحات جلال طلباني واحمد ألجلبي، عادل عبد المهدي ورهط حكومة المالكي وهادي العامري وغيرهم).. هذا الاعتراف الخطير يؤشر الآن صعوبة تشكيل حكومة عراقية ومضى على الانتخابات أكثر من ثلاثة أشهر دون موافقة ومباركة ( ولي الفقيه ) لإخراج حكومة موالية لإيران، كما كانت الحكومات المتعاقبة منذ بدء الاحتلال الأمريكي للعراق ولكن ماهو دور إدارة الاحتلال ولماذا هذا السكوت على مثل هكذا مأزق تعيشه هي أولا، لاسيما وهي تريد انسحابا أمنا ووضعا مستقرا داخل العراق ، ثم أليس هذا النفوذ هو من يهدد (ديمقراطيتها ) المزعومة في العراق وتجربتها الاحتلالية في ( تحرير العراق ) وتخليصه من ( الدكتاتورية ) .. يقينا إن الصراع الإيراني – الأمريكي على ارض العراق وصل مداه بين الطرفين فكلما زادت الضغوطات الأمريكية على برنامج إيران النووي والعقوبات الدولية وتأجيج الوضع الداخلي الإيراني ودعم الإصلاحيين هناك، كلما تفاقمت الأوضاع السياسية والأمنية داخل العراق ، وهكذا هي السياسة الأمريكية- الإيرانية يمارسان لعبة القط والفار ، والضحية دائما الشعب العراقي الجريح الذي يدفع ثمنا باهضا لهذا الصراع في هذه الحرب التي تدور رحاها على ارض العراق، وثمة من يقول إنهما متفقان على إضعاف وتدمير العراق وهذا صحيح إلى حد كبير خاصة في بداية الاحتلال إلا إن  حسابات الحقل لم تتطابق مع حسابات البيدر ، فأكلت إدارة المجرم بوش الطعم وأشركت إيران في احتلال العراق ودخلت في نفس النفق المظلم الذي أدخلت العراقيين فيه ،

 

وها هي تدفع ثمن هذا الغباء بعد أن وصل النفوذ الإيراني أقصى مداه في العراق في وقت هي بأمس الحاجة إلى التخلص منه للتفرغ لمهمة مواجهة البرنامج النووي الإيراني الذي أصبح الغرب يدق طبول الحرب عليه بعد العقوبات الشديدة الأخيرة على إيران ، هكذا وجدت إدارة بوش و اوباما بعده نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما وكلاهما مر، إما التخلي عن النفوذ الإيراني  في العراق ومواجهة إيران عسكريا بسبب برنامجها النووي وإما مواجهة النفوذ الإيراني بتشكيل حكومة ليست موالية لإيران والذهاب إلى تدمير البرنامج النووي الإيراني مع الغرب وهذا ماستفعله إدارة اوباما مرغمة في اللحظة الأخيرة ،إذ لاسبيل لها إلا المواجهة على الجبهتين معا ، وبغيره ستواجه الكارثة في العراق  وفي إيران.. نعتقد السيناريو الأول هو الأقرب إلى السياسة الأمريكية في العراق والدليل تغيير السفير الأمريكي في العراق الذي اثبت فشله وافتقاره إلى الشدة والحنكة السياسية  والدراية الكاملة بشؤون العراق ، وكذلك تغيير قائد القوات الأمريكية وكلها مؤشرات واضحة على فشل السياسة الأمريكية في إخراج حكومة علمانية تعيد للعراق توازنه ومكانته الدولية والعربية بعد فشل الحكومات الاسلاموية والأحزاب الدينية في قيادة العراق .التي صنعتها إبان غزو العراق عام  2003 ...

 

 





السبت٢١ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٣ / تموز / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الجبار الجبوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة