شبكة ذي قار
عـاجـل










جمعتني الصدفة بعد طول غياب بصديقين قادمين توا من بغداد ،كانا يتحدثان عن امور العراق بعد الاحتلال ، وكيف اصبحت الحياة لا تطاق مع غياب الخدمات وفقدان الامن، وتحدثا عن امور العمل حيث يعمل احدهم في مجال الكهرباء ،و لفت نظري مصطلح لم اسمع به من قبل اثناء حديثهما عن  مستلزمات العمل، حيث نصح احدهم الاخر لاقتناء دريل(مثقب) صولاغ لأنه يتميز بمواصفات عديدة لا تمتلكها الدريلات (المثاقب) الاخرى، فهو يتميز بقدرته على تخزين الطاقة الكهربائية ،ويستعمل في حالة انقطاع الكهرباء، كما يتميز بقدرته على العمل بكفاءة ودون  توقف، ومتوفر في شارع الرشيد بكثرة بعد انتقال محلات العدد اليدوية من منطقة السنك الى الشارع المذكور.


ما اثار انتباهي هو ارتباط اسم صولاغ  وزير المالية الحالي في حكومة المنطقة الخضراء بهذه الالة، مما دفعني لسؤال الاصدقاء عن سبب تسمية هذا المثقب بهذا، الاسم فضحك صديقاي وقال احدهم ان اهالي العراق مشهورون بإطلاق تسميات على امور عديدة ترتبط بشخص معين ترك اثرا سلبيا او ايجابيا في حياة الناس ،وسبب تسمية هذا المثقب باسم صولاغ ترتبط بحكومة الاحتلال الثالثة حيث كان صولاغ وزيرا للداخلية ،وشهد العراقيون في تلك الفترة اقسى الظروف ،حيث بدأت الطائفية بالانتشار والتفشي ومارست وزارة الداخلية بإشراف صولاغ اقسى انواع التعذيب بحق العراقيين ،ومنها استعمال المثقب الكهربائي (الدريل) ،لإجبار المعتقلين على الاعتراف بأمور لم يرتكبوها  في سجون سرية كان اهمها في تلك الفترة سجن الجادرية التي اكتشفته قوات الاحتلال ،وظهرت على شاشات التلفزة اثار التعذيب الرهيبة على اجساد المعتقلين ومنها استخدام المثقب الكهربائي الذي كان يلعب في اجساد البعض وحتى الموت،  وكانت ترمى جثث هؤلاء في المزابل وعلى بعضها اثار التعذيب بالمثقب الكهربائي الذي حفر رؤوسها، وذكراني بصديق مشترك كان طيارا في الجيش العراقي السابق اختطفته الميليشيات الطائفية ووجدوا جثته بعد ثلاثة ايام قرب مكب للنفايات وجمجمته محفورة بالمثقب الكهربائي، لذلك لم ينس العراقيون تلك الحوادث وسموا اكفأ المثاقب التي استوردت حديثا للسوق العراقية بمثقب صولاغ نسبة لوزير الداخلية آنذاك الذي ابتكر تلك الطريقة في تعذيب المواطنين .


تلك هي احدى ذكريات العراق المأساوية عن فترة الاحتلال وحكوماته المتعاقبة، لقد كانت شعارات الاحتلال واعوانه الحرية، والرفاهية، ورفع المظلومية عن الشعب العراقي، فتبخرت هذه الوعود وتلاشت ليرى المواطن وطنا مدمرا يفتقد لأبسط مقومات الدولة ،وليعش الشعب اقسى ظروف الحياة ،ويتعرض  لأقسى انواع التعذيب التي ابتكرتها عقول اناس  حاقدين على الجنس البشري، لانهم  بعيدون عن كل ماله علاقة بالإنسانية، ومع ذلك مازال يتحدث هؤلاء عن الديمقراطية والشفافية وحقوق الانسان.


لقد نسي هؤلاء ان ذاكرة العراق حافلة بأمثالهم، ونسوا ان عقاب امثالهم كان يتناسب مع ما ارتكبوه من جرائم فهل يتعظون ؟.





السبت١٤ رجــــب ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٦ / حزيران / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زياد المنجد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة