أقتربت الاحتجاجات في العراق من دخولها الشهر الثالث على انطلاقها وسط تصاعد
الغضب الشعبي من تردي الأوضاع المعيشية وأستمرار الأزمة السياسية نتيجة إرتهان
القوى المحلية لإرادات خارجية، لكن الإنذار الأهم أتى من البصرة، بعدما تسارعت
التطورات في المحافظة خلال الأيام الماضية وبلغت ذروتها الجمعة الماضية ، عقب تركز
الغضب الشعبي على المصالح الإيرانية ومراكز القوى المؤيدة لها، لتكون الإشارة
الأبرز إلى مدى وجود موجة شعبية ترفض التغلغل الإيراني في المحافظة ، حيث ترجم
الغضب ذلك من خلال اقتحام وإحراق القنصلية الإيرانية، ومقرّات لميليشيات مدعومة من
إيران، فضلاً عن إطلاق شعارات معادية للوجود الإيراني مثل “إيران برة برة، البصرة
تبقى حرة”.
وأوضحت مصادر صحفية مطلعة في تصريح لها أنه ” لم يجد رئيس الوزراء “حيدر
العبادي”، الذي يسابق الوقت للحصول على ولاية ثانية من خلال ضمان الكتلة النيابية
الكبرى، أمامه أمس سوى إقالة قائد عمليات البصرة الفريق الركن “جميل الشمري”
بالتزامن مع إعادة فرض حظر التجول في المحافظة أمس السبت وسط حالة من الاستنفار
الأمني، كما لم يتردد العبادي، خلال الجلسة النيابية الطارئة التي عقدت أمس ، في
التحذير من تحول الاحتجاجات في محافظة البصرة إلى نزاع مسلح، مقراً في الوقت نفسه
بأن جميع مطالب المحتجين هناك محقة ” ، مؤكدة أن ” البصرة تواجه تحديات عديدة وأن
مطالب أهل المحافظة محقة “، كاشفة عن أن ” الحكومة قررت تعويض الضحايا المدنيين
والعسكريين الذين سقطوا في التظاهرات ” بحسب المصادر .
وأضافت أنه ” وفي موازاة ذلك، سعى وزيرا الداخلية “قاسم الأعرجي” والدفاع “عرفان
الحيالي” إلى النأي بنفسَيهما عن مسؤولية قمع الاحتجاجات وسقوط الضحايا خلال
احتجاجات أول من أمس الذين ارتفع عددهم إلى سبعة بحسب ما أعلن مسؤول في دائرة صحة
محافظة البصرة جنوب العراق، رفض الكشف عن اسمه ” بحسب المصادر .
من جانب اخر قال وزير الداخلية “قاسم الأعرجي” في تصريح صحفي ، إن “وزارة
الداخلية أصدرت أوامر واضحة بحماية المتظاهرين منذ بداية شهر يوليو/تموز الماضي ” ،
مؤكدا أن” الوزارة فرضت عقوبات على كل من اعتدى على المتظاهرين أو ترك موقعه في
حماية المؤسسات الحكومية، متعهداً بإجراء تغييرات لعدد من القادة الأمنيين لاستيعاب
الموقف “.
أما وزير الدفاع فأكد من جانبه أن ” القوات المسلحة في العراق ليست مخولة بإطلاق
النار على أي مواطن “كون الجيش ابن الشعب والمدافع عنه” “على حد تعبيره .
وفيما أعلنت قيادة عمليات البصرة، فرض حظر على التجوال في المحافظة، اعتباراً من
الساعة الرابعة من عصر أمس السبت وحتى إشعار آخر، قال ضابط في قيادة عمليات
المحافظة، في حديث صحفي ، إنّ “القوات الأمنية بمختلف صنوفها، دخلت حالة استنفار
قصوى، حيث تم توزيع القطعات الأمنية في الشوارع والجسور والمناطق التي تشهد
تظاهرات، كما تم فرض أطواق أمنية في محيط الدوائر الحساسة في عموم مناطق المحافظة”،
مؤكدا أنّ “الوضع في المحافظة هادئ يشوبه حذر شديد، بينما توجد تحركات سياسية من
قبل مسؤولين، يسعون إلى لقاء قادة من التظاهرات ووجهاء عشائر لامتصاص حدّة الغضب
الشعبي” بحسب قوله .
|