شبكة ذي قار
عـاجـل










المنصة الشبابية

 

انطلاقا من حقيقة ان الشباب هم صناع الحاضر العربي وجوهر قوته وحيويته وهم قادة مستقبله، فقد تم تأسيس هذه المنصة الشبابية لتكون باباً جديداً من ابواب النشر لمكتب الثقافة والاعلام القومي لتطل على الشباب العربي من خلال مناقشة شؤونه وطرح قضاياه الراهنة والتعبير عن تطلعاته المستقبلية. وهي مخصصة حصرياً لنشر كتابات الشباب وابداعاتهم في المجالات الفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والاعلامية وذلك لتعميق مساهمتهم في الدفاع عن قضايا أمتنا العربية وصناعة مستقبلها. كذلك فان المنصة تعنى بمتابعه ما يصدر من موضوعات ثقافية واعلاميه وفنية في وسائل الاعلام العربية ودول المهجر والتي لها علاقة بقضايا الشباب في الوطن العربي، وترجمة ونشر ما يخدم منها في مواجهة تحديات الامة وتحقيق نهضتها الحضارية الشاملة.

 

حرب المصطلحات التفتيتية

للهوية العربية والقضية الفلسطينية

(الجزء الثاني)

قضية الشرق الأوسط

يحيى محمد سيف - اليمن

 

عملت الصهيونية على ابتكار العديد من المصطلحات بهدف التعتيم والتعمية على هوية الأمة وقضيها المركزية، كمصطلح (قضية الشرق الأوسط) وعليه يحق لنا أن نسأل: ماذا يعني هذا المصطلح؟ وما المراد من خلال الترويج لهذا المصطلح الدارج في المخاطبات الرسمية بين الدول، وفي وسائل الأعلام المحلي والعالمي، عند ذكر قضية الأمة المركزية – فلسطين – بأنها قضية الشرق الأوسط؟

 

وقد جاء تحت هذا المصطلح في موسوعة السياسة أنه ترجمة تعبير غربي يرتبط بتعبير آخر هو (أزمة الشرق الأوسط) (٦)، والمقصود من ذلك هو:

 1- التعتيم بعيد المدى على قضية الصراع العربي الصهيوني وجوهره القضية الفلسطينية، في سياق المحاولات المبذولة من قبل القوى المعادية بهدف تصفيتها، لكي يتحول الصراع بدون قضية فلسطين من صراع وجود إلى صراع حدود، وتتوارى الطبيعة الاحتلالية الاستيطانية (الصهيونية) لفلسطين العربية وغيرها من الأراضي العربية المحتلة.

2- محاولة تشويه وطمس الهوية العربية، وجعلها تنصهر في إطار الهوية الجديدة المفتعلة المسماة بالهوية (الشرق أوسطية) المنافية للواقع ولهوية وحقيقة الأمة العربية.

3- محاولة تغيير الخارطة القومية للأمة العربية، وطمس معالم عروبية الوطن العربي والحقائق الدالة على مقومات الأمة العربية، وأسس وحدة أرضها، وأن الاستعمار هو الذي عمل و يعمل على تجزئتها ومحاولة  تغييب  الوعي التاريخي بضرورة إعادة تحقيقها، و خلق نوع من الاغتراب القومي بين أبناء أقطارها، وذلك من خلال حروبها الإجرامية الخفية التي تعد أشد فتكاً من حروبها العسكرية المباشرة، الهادفة إلى تشويه ومحو الهوية العربية كما أشرنا سابقاً ، وتثبيت – التجزئة – والتآمر على الأحزاب والقوى القومية الحية والفاعلة في عموم الساحة العربية، وضرب مراكز النموذج العربي لحالة النهوض القومي الوحدوي في الأمة، وما حدث  لقطر العراق من عدوان غاشم وحصار ظالم وصولا إلى احتلاله  إلى جانب مراكز الاقتدار العربية  الأخرى، هو أصدق الأمثلة على ذلك .

4- محاولة تبرير غرس الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي وإظهاره كما لو كان هو صاحب الحق التاريخي في فلسطين العربية، وليست مجرد كيان دخيل محتل، وخنجر مسموم بيد القوى الإمبريالية والصهيونية العالمية التي عملت على زرعها وتوفير كل وسائل الدعم والحماية له، ولتوهم العالم بأنه لا شيء هنا اسمه الوطن العربي، وإنما (الشرق الأوسط) وحسب، والذي يصَوَّر على أنه تعيش فيه طوائف متنازعة متناحرة فيما بينها، ومنها (الشعب اليهودي)؟؟! (٧)

 

 🔸خلفية تاريخية

 

إن مخطط (إسرائيل) للشرق الأوسط قد جرى التحضير له منذُ القرن الثامن عشر فقد تخيل تيودور هيرتزل (قيام كومنولث شرق أوسطي يكون لدولة اليهود فيه شأن قيادي فاعل ودور اقتصادي قائد) (٨).

ويعود استخدام مصطلح الشرق الأوسط – حسب المعلومات المتوفرة – إلى صاحب نظرية – تأثير القوة البحرية في التاريخ " وهو الضابط البحري البريطاني الفرد ماهان " ويضم – الدول العربية وبعض دول الجوار وخاصة في آسيا، وانتشر استعماله وتوسع على يد الصحفي البريطاني/ فالنتين شرول في مقالاته التي كتبها في صحيفة التايمز اللندنية في عامي 1903/ 1903م تحت اسم (المسألة الشرق أوسيطة) وركز فيها على الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة في الدفاع عن الهند، وحث هاملتون في كتابة (مشاكل الشرق الأوسط عام 1909م) بريطانيا للسيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية، كما أن اللورد اشار الى دور و وزن  حاكم الهند مبيناً الأهمية الاستراتيجية لما أصبح يطلق عليه منطقة الشرق الأوسط (٩) .

وكرس يهود أمريكا وبريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية فكرة الشرق أوسطية في صلب السياستين الأمريكية والبريطانية، ووضعوا في مطلع الأربعينيات مذكرات ودراسات حولها، وأنجزوا في عامي 1941م – 1942م مشروعاً صهيونياً بدمج فلسطين العربية في نظام إقليمي شرق أوسطي يحقق لليهود السيطرة على فلسطين وبقية اقطار المشرق العربي.

وظهرت الشرق أوسطية لأول مرة كفكرة "إسرائيلية" في وثيقة أصدرها اتحاد اليهود في 28/3/1946م وتضمنت (التصاق فلسطين في اتحاد شرق أوسطي واسع) (١٠).

 

🔸مشروع ترومان 

 

أثناء الحرب العالمية الثانية أرتبط هذا الاسم بأطماع الولايات المتحدة الأمريكية للسيطرة على موارد النفط وإنشاء الكيان الصهيوني في فلسطين.

وكثر استعمال هذا المصطلح رغم غموض الدول والمناطق التي يشملها، وتعددت المشاريع المطروحة، وخاصة بعد فترة الخمسينات من القرن الماضي، من اجل ترسيخه كواقع عملي، ومن أهم تلك المشاريع مشروع ترومان 1949م، وعرف في منطقتنا باسم النقطة الرابعة نسبة إلى النقطة الرابعة منه، وتضمن إمكانية تقديم مساعدات سياسية واقتصادية وعسكرية إلى دول المنطقة (الشرق الأوسط) الواقعة تحت النفوذ الغربي.

 

🔸القيادة الرابعة للشرق الأوسط

 انشأت في 1951م لإقامة سلسلة من التحالفات السياسية والعسكرية مع دول المنطقة والتنسيق والتعاون بينها.

وقيادة الشرق الأوسط العسكرية 1953م أو الحزام الشمالي كانت تهدف الى ضم بعض الدول العربية وبعض دول الجوار في آسيا إضافة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وتمخض عن ذلك ما عرف بـ (حلف بغداد).

 

🔸مشروع آيزنهاور ملء الفراغ

 

 بعد فشل العدوان الثلاثي على مصر عام 1957م قدم هذا المشروع بهدف تقديم المساعدات المالية والعسكرية والاقتصادية إلى دول المنطقة.

 

🔸المشروع الإقليمي للتنمية الاقتصادية

 هو مشروع اقامة علاقات اقتصادية مباشرة بين دول المنطقة اي الشرق الأوسط، ومن بينها الكيان الصهيوني.

 

🔸نظرية المثلث المضطرب

 يشار فيها الى منطقة (الشرق الأوسط) وقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية هذه النظرية بهدف احتواء ما تم تحقيقه في الوطن العربي في الستينات من القرن الماضي من استقلال الجزائر مروراً بوصول أنظمة حكم عربي تتصدى لمطامع الدول الاستعمارية، إلى ظهور المقاومة المسلحة الفلسطينية (١١).

وظهرت هذه النظرية بعد اقتراح تقدم به بن جوريون (مؤسس دولة الكيان الصهيوني) إلى الرئيس الأمريكي إيزنهاور في رسالة وجهها إليه بتاريخ 24 يوليو سنة 1958م لإقامة (سد منيع ضد التيار القومي العربي) من (إسرائيل) وتركيا، وإيران، وأثيوبيا وعبرت هذه النظرية عن نواياها بتخطيط (إسرائيل) والولايات المتحدة للحرب العدوانية عام 1967م لتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية. ودافعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة عن دولة الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية وحالت دون انسحابها ومعاقبتها على حروبها العدوانية وإجبارها على دفع التعويضات طبقاً لمبادئ القانون الدولي. هذه النظرية تم التعبير عن نواياها أيضاً فيما تلا ذلك من مشاريع باسم الشرق الأوسط. 

 وتتابعت المشاريع المعبرة عن هذه النظرية حيث: تأسست جمعية "إسرائيلية" تحت اسم (جمعية من أجل السلام في الشرق الأوسط) حيث وضعت الخطط والبرامج لغرض هيمنة الاخيرة على الاقتصاديات العربية، وخططت الجمعية لإقامة أسواق شرق أوسطية. كما وحددت السمات التي يجب أن تبرز في اقتصاد دول المنطقة، وطرح حزب العمل (الإسرائيلي) على نهاية الستينات من القرن الماضي إقامة اتحاد إسرائيلي – فلسطيني – أردني (١٢) لتحقيق هذا الغرض.

كما عبرت نظرية المثلث " عن نواياها في عدوان 1967م وما تلاه من مشاريع باسم الشرق الأوسط وأبرزها ما ورد بعد حرب 1973م في تقرير مؤسسة (بروكينز للأبحاث الاستراتيجية) بعنوان (السلام في الشرق الأوسط) وفي دراسة وكالة التنمية الدولية في الولايات المتحدة التي تضمنت التصورات المستقبلية (للسوق الشرق أوسطية) وهي:

أ- قيام بنية إقليمية في المنطقة تضم الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية وتركيا وإيران.

ب -العمل على تطوير تعاون بين هذه الدول يشمل المجالات العلمية والاقتصادية والتكنولوجية، وإنشاء مشاريع مشتركة واستثمار جماعي للمياه، وفتح الحدود والأسواق فيما بينها (١٣).

 

🔸مخطط سري للتعاون الإقليمي

 

في عام 1975م وضع جاد يعقوبي وزير الموصلات في حكومة رابين مخططاً سرياً للتعاون الإقليمي في مجال المواصلات بين دولة الكيان الصهيوني والأردن ومصر، يتضمن التعاون بين مطار إيلات ومطار العقبة، وإقامة مطار جديد مشترك بين الكيان والدول العربية المجاورة.

ويتضمن المشروع تطويراً صهيونياً – أردنياً مشتركاً لإيلات والعقبة في مجال السياحة.

 

🔸مشروع مارشال لتوطين اللاجئين 

 

وضع يعقوب ميريدور وزير الاقتصاد في حكومة بيجن بعد شهر واحد من زيارة السادات للقدس عام 1977م مشروعاً للتعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط، وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الاقطار العربية (١٤)، وأطلق عليه مشروع مارشال للشرق الأوسط.

 

🔸مشروع عوريد لتجزئة الوطن العربي

 

مشروع عوريد بنيون – مستشار الأمن القومي لمناحيم ببيغن – في الثمانينيات من القرن المنصرم، ينطلق من مفاهيم تتوافق مع المتغيرات التي تميز تلك المرحلة وتوجب تحديد استراتيجية حسب المعطيات التي يتطلبها استقرار الكيان الصهيوني، وأهم هذه المعطيات أن المساعدات الخارجية قد تقل أو تنقطع في الوقت الذي تتزايد فيه الطموحات الاستهلاكية، بينما بعض مصادر الثروة من طاقة ومواد خام وعائدات مالية ما زالت في يد العرب، الذين تتزايد قدراتهم في التنامي بشرياً واقتصادياً وتكنولوجياً، وربما عسكرياً.  ويرى عوريد بنيون أنه لا بديل أمام الكيان الصهيوني لمواجهة هذه التحديات الا بما يلي:

1.     تبني استراتيجية تضع في اعتبارها المصالح الدولية والإقليمية، والمتغيرات المتوقعة، وتضع خططها المحسوبة لموقفها من الصراعات مستندة الى ما وصفه (بأن العالم العربي والإسلامي) يضج بالكثير من المشاكل.

2.     ان الأيدي الفرنسية والانكليزية التي رسمت حدود الوطن العربي قادرة على هدمه بالتعاون مع واشنطن.

3.     اقحام النزاعات والازمات بين الاقليات العرقية في هذا العالم العربي حتى تمزقه فلا يعود يستطيع أن يستمر في تركيباته الحالية لأنه سيصبح عندها هذا العالم العربي والإسلامي حبراً على ورق.

4.     يجب أن يكون الهدف السياسي للكيان الصهيوني على الجبهة الغربية، هو تفكيك مصر وتحويلها إلى وحدات جغرافية منفصلة وتكون فيها السلطة متعددة وليست واحدة.

5.     بتفكيك مصر يصاحبها ليبيا والسودان في السقوط والتفكك.

6.     على الجبهة الشرقية يتم تمزيق سوريا ولبنان والعراق، وحتى شبه الجزيرة العربية، وترحيل سكان الضفة الغربية إلى الأردن (الدولة الفلسطينية).

7.     أفكار بنيون توجب التحرر من المعونات الأمريكية وبناء آلة اقتصادية منتجة لا تدين لأحد سوى للكيان الصهيوني، وإذا لم يكن الكيان الصهيوني قادراً على القيام بهذا التحول بإرادة أبنائه وحدهم وبعلمهم وحدهم، فإن القوى الاقتصادية والسياسية والعسكرية في العالم ستجبرهم عليه (١٥).

 

يتبع لطفاً..






الاربعاء ١٧ رمضــان ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / أذار / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مكتب الثقافة والإعلام القومي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة