الماجدة المؤمنة الداهية (زبيدة)

جاسم العادل

ابنة المنصور، وزوجها هارون الرشيد، وابنها محمد الأمين، وثلاثتهم تحملوا مسؤولية الخلافة للحضارة العراقية فكانت (زبيدة) وراء هؤلاء الذين خلدهم التاريخ، ولا بد أن أسرد بعض ما يثبت وصفي للماجدة (زبيدة) المؤمنة..

كان هارون الرشيد، زوجها، يغزو فاتحاً عاماً، ويقوم  بأداء فريضة الحج  عاماً، وفي إحدى رحلاته للحج اصطحب زوجته (زبيدة) ومعروف في ذلك الزمن، أي قبل أكثر من ألف عام،  بالواسطة التي تحملهم من بغداد  إلى أرض نجد والحجاز  حيث بيت الله الحرام  مكة المكرمة،  وهذه الرحلة تستغرق أكثر من شهر  كامل،  ويتطلب على الحاج والمعتمر أن يتزود بالغذاء والماء الذي هو سر الحياة، انتبهت المؤمنة (زبيدة) إلى الحاجة الماسة إلى  ضرورة توفر الماء على طريق الحج والعمرة،  وعند عودتها تفرغت لذلك وحشدت كل الجهود العراقية الوطنية المخلصة، باشرت بعد التوكل على الله لعمل اسقاء الحجاج والمعتمرين، صرفت لذلك ستة أطنان من الذهب الخالص، ويمكنكم الآن حسابها كم مليار من الدينار العراقي  يكون في هذا الوقت، وعند المجيء  إليها بالسجلات التي تم بموجبها الصرف  وبغية  تبرئة الذمة للمؤمنين والمؤمنات العاملين بعد إنجاز العمل  العظيم الذي لا تقل أهميته بل تزيد عن سور الصين  المعروف، قالت للمكلفين عن العمل وهم يحملون السجلات أنتم مؤمنون جزاكم الله خيراً  ولا حساب معكم، قامت برمي السجلات في نهر دجلة الخير وقالت حسابنا جميعاً عند الله يوم لا ينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم، قمة الإيمان العميق.

أما صفتها الداهية أسرد بعضاً منها، عندما شعرت ( زبيدة) بزوجها هارون الرشيد   ينوي الزواج بثانية استعدت لخدمته وهي تقرأه بشكل جيد، حضرت  نفسها بأجمل وأحلى ما يكون لليلة الخميس،  فكانت ليله مفرحة مملؤة بالمحبة لزوجها ولها وعند الصباح  أحضرت الفطور  الصباحي،  ومن ضمن المائدة بيض مسلوق ملون  باللون الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق، وهي تخدمه بتقديم  الفطور سألته يا أمير المؤمنين والمؤمنات أي لون من البيض يعجبك أن أقشره لك للأكل، انتبه الخليفة الذكي لسؤالها، وأجاب لها (يا زبيدة يا ابنة الأكارم  كله  بيض بنفس الطعم) عندها عزف عن الزواج بثانية.

رحمهم الله تعالى وأسكنهم الفردوس الأعلى من الجنة وكل من سار وعمل لخدمة العراق العظيم.