شبكة ذي قار
عـاجـل










عروس الثورات في عامها الستين

د. نضال عبد المجيد

 

تحل في الثامن من شباط الذكرى الستون لعروس الثورات، هذه الثورة الباسلة التي قادها وفجرها فتية ميامين من مناضلي حزب البعث العربي الاشتراكي.

فثورة شباط ملحمة نضالية باسلة، تجلت فيها الروح الفدائية الوثابة التي تميز بها مناضلو حزب البعث العربي الاشتراكي، وللحديث عن هذه الثورة المجيدة لابد من وقفة قصيرة على الأسباب المباشرة لقيامها.

   أدى الانحراف الذي لحق بثورة ١٤ تموز ١٩٥٨، وانفراد رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم بالسلطة، والتفاف الحزب الشيوعي حوله، إلى انفراط جبهة الاتحاد الوطني التي كانت تضم الأحزاب الوطنية والتي مهدت لقيام ثورة ١٤ تموز، مما أدى إلى تعرض حزب البعث العربي الاشتراكي والقوى القومية الأخرى إلى هجمة دموية شرسة من القتل والتنكيل والاعتقال توجت في مجازر الموصل وكركوك، وقيام النظام بإعدام كوكبة من الضباط الأحرار في ٢٠ أيلول ١٩٥٩، مما دعا قيادة البعث في العراق إلى القيام بعملية استهداف رأس النظام في ٧ تشرين اول ١٩٥٩ في شارع الرشيد، والتي شارك فيها الرفيق القائد الشهيد صدام حسين رحمه الله.

أدى فشل العملية إلى التفكير بالتغيير الجذري من خلال ثورة شعبية تطيح بالنظام القاسمي الشعوبي وتعيد العراق لممارسة دوره القومي، فتصاعد نضال الحزب على الصعد كافة استعداداً ليوم التغيير الحاسم، من تنشيط العمل الجماهيري الذي توج بالإضراب الطلابي الذي ابتدأ في أواخر تشرين ثاني ١٩٦٢.. واستمر ليوم التورة الأغر، إلى إعداد الخطط التفصيلية لعملية الثورة، وتوزيع الأدوار والمهام، وتنظيم مشاركة الجهاز المدني في الثورة..

  وهكذا خططت قيادة البعث للثورة مستعينة بمناضلي الحزب من مدنيين وعسكريين، الذين كانوا على رأس النفيضة صباح الجمعة الثامن من شباط. وإذا كان يشار لثورة رمضان، فإنها أول ثورة شعبية تشترك الطلائع المدنية والعسكرية في تنفيذ صفحاتها الاقتحامية.

وللثورة حكايتها، هي أسطورة التضحية والفداء التي سطرها مناضلو البعث العظيم الذين روت دماء شهدائهم الأبرار ساحات بغداد وشوارعها.

فكانت مهر الانتصار بإسقاط الدكتاتورية القاسمية، وإعادة العراق ليأخذ دوره في النضال القومي، الذي غيبته الدكتاتورية والشعوبية، كانت ثورة شباط أول رد حاسم على جريمة الانفصال التي لحقت بوحدة مصر وسورية في ٢٨ أيلول ١٩٦١، إذ سرعان ما تهاوى حكم الانفصال بعد شهر واحد من ثورة شباط.

لقد أضاف انتصار الثورة أملاً مضافاً للجماهير العربية في تحقيق الوحدة، توج ذلك بميثاق ١٧ نيسان ١٩٦٣ بين العراق ومصر وسورية، فتصاعد المد القومي، لولا العثرات التي وضعت في طريقه، والتآمر المتعدد الأطراف لإجهاض الثورة ومنعها من تحقيق أهدافها الوطنية والقومية. فلم تمض سوى تسعة أشهر حتى تمكنت قوى الردة من إجهاض الثورة بفعل الأخطاء الداخلية والتآمر الخارجي المحموم.

وهكذا قامت ردة ١٨ تشرين الثاني ١٩٦٣ لتسرق الثورة من صانعيها، ولتشن حملة شعواء ضد مناضلي الحزب قتلاً واعتقالاً ومطاردة، ولتشوه وجه ثورة رمضان المعمد بالتضحيات الجسام، ولتلصق بالحزب والثورة كل الخطايا التي ارتكبها من قام بالردة.

وقد قيم الحزب أسباب انتكاسة الثورة في تقرير تفصيلي قدم للمؤتمر القومي الثامن المنعقد في دمشق في نيسان ١٩٦٥، تحت عنوان أسباب نكسة حكم الحزب في العراق، وأقره المؤتمر كإحدى وثائقه.

ومرة أخرى ناقش المؤتمر القطري الثامن للحزب في العراق المنعقد في كانون ثاني ١٩٧٤، تجربة ثورة ٨ شباط ١٩٦٣ وقد تضمنها التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر.

لقد قيم حزب البعث العربي الاشتراكي بكل شجاعة وجرأة ثورة رمضان ووجه النقد الشديد للأخطاء التي رافقت مسيرة الثورة، فقد مارس الحزب نقداً ذاتياً قل نظيره في الحركات السياسية على المستويين القومي والقطري. أثبت فيه شجاعة نادرة في تحمل المسؤولية ومواجهة العثرات والأخطاء.

وقد استفاد الحزب مما وقع لتجربة شباط، وذلك في الإعداد الرصين لقيام ثورة ١٧ _ ٣٠ تموز المجيدة ولتستمر الثورة وتحقق الإنجازات الكبرى، التي أرعبت الامبريالية وعملاءها، فباءت بالفشل الذريع كل محاولاتهم الغادرة، حتى جاؤوا بجيوشهم ليسقطوا ثورة تموز ويحتلوا العراق.

تسجل لثورة شباط أنها أثبتت الشجاعة النادرة لمناضلي البعث وتضحياتهم، وأكدت قدرة الحزب على تحقيق التغيير الجذري الشامل الذي يصنع فجر الوحدة والحرية والاشتراكية.

تحية لأرواح رجال ثورة الثامن من شباط ١٩٦٣  .

تحية الاكبار والاجلال لشهدائها الأكرم منا جميعاً، فوجدي وسعدون وكامل العلوان أكرمنا عربا...

فمن تضحياتهم نستلهم العزم والتصميم على إنجاز التحرير الشامل من الاحتلال الأمريكي الفارسي الغاشم.

تحية للبعث العظيم صانع شباط وتموز، ورافع راية النضال القومي.. لتحقيق أهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية.






الخميس ١٨ رجــب ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / شبــاط / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. نضال عبد المجيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة