شبكة ذي قار
عـاجـل










بين غزو العراق والحرب على أوكرانيا

 

لقائل أن يقول أن الحرب في أوكرانيا لن تهمنا نحن العرب مادامت تبعد عن منطقتنا آلاف الأميال وهناك من حمد الله أنه ولأول مرة تشتعل حرب خارج منطقتنا بعد كل الحروب التي شهدتها منذ حرب 1948 بين العرب و الكيان الصهيوني مرورا بعدوان 1956 على مصر والحروب العربية " الإسرائيلية" في 1967 و 1973 ثم الحرب العراقية الايرانية طيلة الثمانينات و العدوان الثلاثيني على العراق سنة 1991 ثم الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وحلفائها ومنهم أوكرانيا على العراق سنة 2003 ثم سلسلة الحروب التي شهدتها المنطقة في كل من سوريا واليمن وليبيا التي جيشت عليها الولايات المتحدة حلف الناتو فلم يتبقى منها غير أسماء دول ، وحتى كدنا نؤمن أن الحروب هي قدر المنطقة العربية والمواطن العربي المحتوم . وقد تنفسنا الصعداء وحمدنا الله أن الحرب هذه المرة لن تلحق نيرانها أي جزء من البلدان العربية التي اكتوت كافة أجيالها منذ الحرب العالمية الثانية بها. وقد برهنت هذه الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا على مقولة الكيل بمكيالين لدى الدول الكبرى التي ترفع شعار احترام القانون الدولي والشرعية الدولية وسيادة الدول على أرضها وحرية الشعوب في تقرير مصيرها وفي مقدمة هذه الدول الغرب بصورة عامة والولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص. فنحن نسمع عن تنديد الولايات المتحدة الأمريكية وتوعدها لروسيا على غزو أوكرانيا والحمد لله أننا عشنا حتى هذا اليوم وقد كنا شهودا على غزوها للعراق والإطاحة بنظامه الوطني وبكافة أركان الدولة فيه وما ترتب عن ذلك الغزو من آلاف الشهداء والثكالى واليتامى وملايين المشردين والمهجرين فضلا على تخريب وتدمير مقدرات البلاد من بنية تحتية وبيئة ملوثة إلخ.... حتى تحول العراق اليوم إلى دولة فاشلة يعمها الفساد و التشرد بعد أكثر من 18 سنة من حكم العملاء والإمعات واللصوص بينما نجحت حكومة البعث خلال عشرية واحدة من حكمها بين 1968 و 1978 في تأميم النفط حتى تضاعف دخل الفرد العراقي عشرات المرات وتحسن مستوى عيشه وتأسست عشرات الجامعات بعدما أصبح التعليم مجانيا وإلزاميا وتأسست عشرات المستشفيات حتى أصبح العلاج مجانيا بالكامل وتطورت البنية التحتية من طرقات سريعة وسيارة ومطارات وجسور وسدود وغيرها، كل ذلك نسفته الولايات المتحدة بجرة قلم باجتياح العراق الذي يبعد آلاف الأميال عن حدودها بحجة نزع أسلحة الدمار الشامل التي يخفيها وكذلك فعلت في ليبيا التي تعيش طيلة عشر سنوات في ظل حكم المليشيات والعصابات الاجرامية ولم ينجح الشعب الليبي في إقامة سلطة موحدة يجمع عليها الكل دون خلافات وبذلك قضت على أحلام أجيال متعاقبة تحلم بغد أفضل  وكذلك فعلت في سوريا بتحريض الاقليات والإسلام السياسي و عصابات الإجرام على التمرد ضد حكومتهم تحت شعار الحرية والديمقراطية وفي الاخير تخلت عنهم وأدارت لهم ظهرها وتركت البلاد تعملها الفوضى و الخراب و الدمار. وإذا كان بعضنا وإن كانوا أقلية وقتها مقتنعا أن غزو العراق وتدمير سوريا وليبيا لم يكن لغايات سامية وشريفة كما ادعت قوى الشر وأرادت أن تقنع الأغلبية بذلك بل كان كل ذلك خدمة لمصالحها وفي مقدمتها مصلحة الكيان الصهيوني الغاصب بالتخلص من الدول التي لم تقبل بوجوده وحتى تفتح السبيل لتلك الأنظمة المترددة للهرولة إلى كسب ود الكيان الصهيوني واستجداء التطبيع منه. واليوم تريد الولايات المتحدة برفض الغزو الروسي لأوكرانيا أن تقنع بعض المغفلين أنها تقف مع الشعب الأوكراني بوجه الدب الروسي. وإذا كنت شخصيا ومن حيث المبدأ ضد غزو أي دولة لأخرى مهما كانت الذرائع والأسباب خاصة إذا لم يكن هناك تكافؤ بينهما لأن أي غزو أو حرب لن يتضرر منها غير الضعفاء والمساكين من الفقراء ومن لا حول لهم فإنني ونكاية في الولايات المتحدة وحلفائها وخاصة حكومة أوكرانيا ورئيسها الصهيوني الانتماء والمؤيد لدولة العدو المغتصب لأرض فلسطين لكي يتذوق مرارة الغزو حيث كانت من السباقين لغزو العراق والمساهمة في تدميره وتقتيل شعبه ولن يكون دم شقر أوكرانيا وأصحاب العيون الزرقاء فيها أغلى من دم سمر العراق. كما أن الغزو الروسي لأوكرانيا سيبرهن على زيف أمريكا وكل الشعارات التي ترفعها من حرية وديمقراطية وحقوق إنسان وهي التي ضربت بمعارضة الأمم المتحدة غزو العراق عرض الحائط وتتباكى اليوم على غزو روسيا لأوكرانيا، لأن روسيا التي استعادت مكانتها وقدراتها تريد إعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي ولن تستطيع الولايات المتحدة أن تفعل أكثر من الأقوال وشطحات الوعيد لأن ذلك سيضع حدا لعالم القطب الواحد الذي تفردت به الولايات المتحدة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في 1990. ولعل في ذلك رحمة للفقراء والمعذبين والمقهورين في عالم قهرته الولايات المتحدة بالحديد والنار حتى اعتقدت بعض الأنظمة والعملاء من أتباعها أنها قدرنا المحتوم ولعل ذلك سيحيي فينا الأمل بتحرير فلسطين والانعتاق من جبروت أمريكا وطغيانها لكن على حد قول الشاعر الكبير محمود درويش تبقى أمريكا هي الطاعون والطاعون أمريكا.

عبد العزيز بوعزي / القصرين- تونس فيفري 2022






الجمعة ٨ شعبــان ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / أذار / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد العزيز بوعزي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة