شبكة ذي قار
عـاجـل











مضت عشر سنوات تقريبا على الحرب الاهلية في سوريا والتي إشتركت فيها اطراف متناقضة مثل روسيا والولايات المتحدة وايران وتركيا.دمرت الحرب معظم المدن والبنى التحتية والاهم من هذا كله تناحر شعبها الواحد واصبح مجموعات يقتل احدها الآخر تحت ظل حكومة لا أثر لها الا في دمشق والتلفزيون والقنوات الفضائية.ويبدو انه آن الآوان لحسم موضوع سوريا والمباشرة بإعادة بنائها وعودة اهاليها الى مدنهم ومنازلهم بعد إعمارها.الا ان السؤال اذي يطرح نفسه هو من هي الجهة او الدولة المؤهلة لتتولى إعادة إعمار سوريا بعد هذا الدمار الشامل الذي حل بها؟ في نظرة على ما يجري منذ سنوات وما يحدث الآن، يرى الخبراء والمتخصصون في الشرق الاوسط ان التنين الصيني هو ( المقاول ) الذي سيتولى مشروع إعادة إعمار سوريا.وفي نظرة على علاقات الصين بسوريا قبل الحرب وأثنائها يؤكد ان الصين ستفوز بمقاولة إعادة إعمار سوريا.

تعود العلاقات الرسمية بين البلدين الى عام ١٩٥٦ حينما تبادل البلدان البعثات الدبلوماسية، وأستمرت العلاقات ثابتة ومتوازنة على نطاق واسع ولم تشوبها اية شائبة.اضف الى ذلك العلاقات التجارية بينهما، اذ تفيد البيانات ان مشتريات سوريا من الصين في عام ٢٠١٠ فقط وصلت الى ٢ , ٢ مليار دولار.ووفقا لمعهد ستوكهولم الدولي للبحوث، فقد بلغت مشتريات سوريا من الاسلحة ٧٦ مليون دولار منذ عام ٢٠٠٠ ولحد الآن.وهنا تجدر الاشارة لاغراض المقارنة فقط ان مشتريات روسيا من الاسلحة الصينية الخفيفة للفترة نفسها بلغت ٢ , ١ مليار دولار.

في أغسطس ٢٠١٨، نشرت صحيفة الوطن الناطقة بلسان الحكومة السورية موضوعا بقلم السفير الصيني في دمشق اشار فيه الى العلاقات بين الصين والدول العربية ورغبتهم في زيادة اواصر الشراكة الاستراتيجية مع الشرق الاوسط.وركز على رغبة الصين في ان تلعب دورا اوسع في عملية السلام والاستقرار في المنطقة.وذكر السفير الصيني في مقالته المذكورة ان الصين ومنذ بداية الحرب الاهلية قد دعمت الشعب السوري سياسيا واجتماعيا.وامتدح قوات الاسد في فرض الاستقرار، وقال ان الصين تريد تعزيز التعاون بين البلدين وانها مستعدة للمشاركة في إعادة تأهيل سوريا في شتى المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية.

خلال زيارته الى روسيا بتاريخ ٥ حزيران / يونيو٢٠١٩ قال الرئيس الصيني شي جين بينغ ان سوريا حضارة قديمة وتاريخ عريق كما ان لها أهميتها في الشرق الاوسط.إن عملية إحلال السلام بين الاطراف المتنازعة جارية على قدم وساق.وان الحكومة السورية تعمل مع الشعب من اجل إعادة أعمار ما دمرته الحرب الاهلية، وان الصين تقف على اهبة الاستعداد للمشاركة في إعادة الاعمار وفسح المجال امام الشعب لاستعادة حياتهم الطبيعية كما كانت.

لقد اصبحت الصين المرشح الاقوى لاعادة بناء البنى التحتية التي دمرتها الحرب.ويأتي هذا التصور بناء على حقيقة بسيطة وهي ان الصين تدعم نظام الاسد وانها الدولة القادرة على تولي مثل هذه المسؤولية الكبيرة.ربما كانت ايران مرشحا اقوى، لكنها لا تمتلك المقومات المالية بالمقارنة مع ما تمتلكه الصين من قدرات مالية وتكنلوجية وغيرها مما يحتاجونه لاعادة اعمار سوريا.وتشير التقديرات الاولية ان تكاليف إعمار سوريا تتراوح بين ٢٠٠ مليار الى تريليون دولار.

من المعلوم ان روسيا والصين وايران يقفون الى جانب الحكومة فيما تقف الولايات المتحدة وتركيا ودول الغرب الاخرى الى جانب الحركات المناهضة للحكومة.وفي الوقت الذي دعمت فيه روسيا وايران الحكومة بقطعات عسكرية واسلحة ومعدات الا أن الصين اكتفت بدعم الاسد دبلوماسيا فقط.ولكن هناك من يرى ان الصين أمدت وكلاء النظام السوري بافراد يعملون في مجال الاتصالات كما ورد على لسان صحيفة زنهاو الصينة بتاريخ ١٦ آب / أغسطس ٢٠١٦.وهناك انباء مؤكدة تفيد ان سوريا استفادت من دعم مالي تجاوز المئة مليون دولار في عام ٢٠١٨.

من الجدير بالذكر ان الصين وقفت الى جانب روسيا اثناء جلسات مجلس الامن الدولي دعما لنظام الحكم في سوريا، وانها استخدمت الفيتو ٦ من اصل ٧ قرارات كانت تدين حكومة الاسد باستخدام القوة ضد المواطنين.وهذا ما جعل النظام يزيد من انتهاكاته ضد الشعب السوري.

هنا يأتي التساؤل : لماذا تدعم الصين نظام الاسد في الوقت الذي تنتقد فيه دول الغرب اذا ما ارادت التدخل في اي اضطرابات محلية في دول مثل اليمن وفنزويلا وغيرها؟

من الاحتمالات في هذا الموضوع هو ان الصين تريد ان تضع نفسها على اساس انها قوة عظمى تدافع عن مصالح حلفائها.وبهذا الخصوص قال سفير الصين في سوريا انهم فخورون اذا ما فرضت الولايات المتحدة اية عقوبات على الشركات الصينية المشاركة في معرض دمشق الدولي.وهذا مؤشر يعبر عن رغبة الصين استخدام سوريا كطرف في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.اضف الى ذلك قلق الصين المتزايد جراء التحاق افراد من مسلمي اليوغور الى داعش وتخوف الصين من عودتهم للقيام باعمال ارهابية داخلية، ولن يوقف ذلك الا حكومة سوريا التي تحارب تلك المجموعات الارهابية والتخلص منها.من الجدير بالذكر ان داعش قتلت رهينة صينية وهددت للقيام بهجمات ضد الصين ومصالحها.

يظهر جليا ان سياسة الصين في الشرق الاوسط عموما وسوريا على وجه الخصوص تطبخ على نار هادئة وانهم سيجنون ثمار صبرهم على المدى الطويل.مع ذلك من الصعوبة التكهن ماذا ستكون نتائج العلاقة المستمرة بين البلدين.ولكن مما لا شك فيه ان الصين ستستمر بدعم نظام الحكم في سوريا، وانها تضع سوريا كواحدة من المحطات الرئيسية على طريق الحرير السريع الممتد الى اوروبا وافريقيا.لذلك من المنطقي ان يكون لها دور كبير في إعادة اعمار سوريا بمجرد انتهاء الحرب الاهلية وانتهاء أزمة فيروس كورونا.

بعد كل ما تقدم، ورد في الاخبار أن رئيس حكومة ملالي طهران في بغداد .. نعم حكومة .. ملالي .. طهران .. في .. بغـــــــداد ! عادل عبد المهدي زار الصين في ١٩ أيلول / سبتمبر ٢٠١٩ واصطحب معه ٥٥ مسؤولا ووزيرا ومحافظا لعقد اتفاقيات استثمار مع الصين لاعادة إعمار محافظتين جديدتين تابعتين لايران هما العراق وسوريا.ويبدو ان الملا عادل عبد المهدي قد تعهد بأن يدفع العراق تكاليف ( المقاول الصيني ) الذي سينفذ إعادة إنشاء الامبراطورية الفارسية.





السبت ١٨ شعبــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / نيســان / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عماد عبد الكريم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة