شبكة ذي قار
عـاجـل










عقدت في العاشر من الشهر الحالي الدوّرة ٤٠ لقمة دول مجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعوديّة الرياض بعد أن كان مقرّراً عقدها في الإمارات العربيّة المتحدة استناداً إلى مقرّرات المؤتمر السابق في سلطنة عمان.

وقد سبق انعقاد القمة اجتماعات تحضيريّة لوزراء الخارجيّة، حيث بحثوا المواضيع المدرجة على جدول الأعمال بما في ذلك تقرير الأمانة العامّة حول ما تمّ تنفيذه من قرارات المجلس الأعلى والمجلس الوزاري، والخطوات التي تمّ تحقيقها في التكامل والتعاون في مسيرة العمل الخليجي المشترك، إضافةً إلى التقارير والتوصيات المرفوعة من قبل المجالس المختصّة واللجان الوزاريّة والأمانة العامّة.

ورغم غياب أمير قطر فقد اعتبر أن الإستقبال الحار لرئيس الوزراء القطري الذي يرأس وفد بلاده، وعدم التطرق مباشرةً في كلمة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى الأزمة مع قطر دلالةً متقدّمةً في مسار تسوية الخلافات بين دول المجلس بعدما كانت المملكة العربيّة السعوديّة والإمارات والبحرين ومصر قد قطعت علاقاتها مع قطر في حزيران ٢٠١٧، ووضعت ١٣ شرطاً لإعادة العلاقات معها.

والجدير بالذكر أنّ مشاركة السعوديّة والإمارات والبحرين في كأس الخليج لكرة القدم ( خليجي ٢٤ ) في تمّوز الماضي أعطى مؤشّراً على السير قدماً نحو تطبيع العلاقات الخليجيّة والعمل على تطويرها بما يتوافق مع الأهداف المشتركة التي عمل عليها المجلس منذ تأسيسه في ٢٥ أيّار ١٩٨١.

بحثت القمة عدداً من المواضيع السياسيّة والإقتصاديّة والإجتماعيّة والدفاعيّة والأمنيّة إلى جانب التطورات السياسيّة الإقليميّة والدوليّة، وانعكاس الأوضاع الأمنيّة في المنطقة على دول المجلس الست.

وقد تحدّث الملك السعودي عن التحدّيات التي تمرّ بها المنطقة، وأشار إلى أنّ النظام الإيراني "يمارس الأعمال العدوانيّة والإرهابيّة"، وأكّد على أهميّة تأمين مصادر الطاقة وسلامة الممرّات المائيّة والملاحة البحريّة، كما كرّر موقف المملكة من القضية الفلسطينيّة والحلّ السياسي في اليمن.

وقد تمّ التأكيد في البيان الختامي الذي تلاه أمين عام المجلس بعد أقلّ من ساعة واحدة من بدء القمة على أن "يظلّ المجلس كياناً متكاملاً ومتماسكاً ومترابطاً، وقادراً على تجاوز التحدّيات والمخاطر"، والعمل بموجب المبادئ التي تضمّنتها اتفاقيّة الدفاع المشترك التي تمّ إقرارها في ٢١ أيلول ٢٠٠٠ من "أنّ أيّ اعتداء على أيّ من الدول الأعضاء هو اعتداء عليها جميعاً".

وممّا يلفت النظر السقف العالي الذي وضعته القمة بما يتعلّق بالجوانب الإقتصاديّة خاصّةً العمل على تحقيق الإتحاد الجمركي والسوق الخليجيّة المشتركة والتكامل المالي والنقدي وصولاً إلى تحقيق المواطنة الخليجيّة الكاملة والوحدة الإقتصاديّة بحلول العام ٢٠٢٥.

كما اعتبر الأمن الغذائي هدفاً ثابتاً لمجلس التعاون، إضافةً إلى استغلال التكنولوجيا والعلوم في تأمين الماء والطاقة والزراعة، وإيجاد حلول للأمراض المعدية وغير المعدية، وتطوير آليّات الحوكمة الماليّة والإداريّة والشفافيّة والمساءلة.

إنّ عدم إثارة نقاط الخلاف في العلاقة مع قطر خاصّةً علاقاتها مع إيران وتركيا وبعض منظّمات الإسلام السياسي، والوصول إلى إيجاد مقاربات مشتركة حولها تبقي الأزمة كالنّار تحت الرّماد، ممّا يستدعي المتابعة اللازمة وصولاً إلى مخارج تلحظ المصالح الخليجيّة خاصّةً والعربيّة عامّةً، وتقارب المواقف وتطبيقاتها بما له صلة بالعلاقات مع الأطراف الخارجيّة المؤثّرة في ظلّ الإضطرابات والضعف البنيوي والأزمات الإقتصاديّة والإجتماعيّة والأمنيّة التي تشهدها معظم الأقطار العربيّة.

كما أنّ عدم ربط ملفّات التكامل الإقتصادي بين دول الخليج العربي وباقي الأقطار العربيّة تخفض احتمالات النجاح نظراً إلى التشابه الكبير بين اقتصاديّات دول الخليج وحقيقة تكاملها الطبيعي مع الأقطار العربيّة الأخرى.

كما أنّ الأمن الخليجي لا يمكن أن يحقّق مآلاته دون تفعيل اتفاقيّة الدفاع العربي المشترك ودعم انتفاضة العراق ضد الهيمنة والتخريب الذي تمارسه إيران لاستخدام الجغرافية العراقيّة كما اليمنيّة منصّةً لاستهداف دول الخليج باعتبار أنّ الأمن القومي العربي وحدة متكاملة لا تتجزأ.

لقد تصاعد التغول الإيراني ودوره التخريبي في الوطن العربي منذ احتلال العراق عام ٢٠٠٣ وبشكل اوسع بعد الإنسحاب الأميركي نهاية العام ٢٠١١، وسيطرة إيران بتدخلّها المباشر وعبر أذرعها من ميليشيات الحشد الشعبي على مقاليد الأمور، وبالتالي فإنّ أية جهود لمواجهة إيران ووضع حدّ لتدخلّ نظامها العدواني والتدميري لا يستند إلى مساندة إنتفاضة العراق وصولاً إلى تحرّره من الإحتلال وعملائه مصيرها الفشل، ولن تؤدّي إلى حفظ امن الأمن القومي العربي ولا بالطبع أمن الخليج العربي.

ولمّا كان مجلس التعاون الخليجي لم يقارب الخطر الإيراني من بوّابة الخاصّ العراقي، فهو بذلك يكون قد قفز فوق الحقائق الموضوعيّة واضفى على بيانه مقاربةً سياسيةً مجتزاةً فيما المطلوب مقاربة سياسية شاملة وفعالة وهذا ما لم يقرا في البيان الختامي.





الجمعة ١٦ ربيع الثاني ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / كانون الاول / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. علي بيان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة