شبكة ذي قار
عـاجـل










تتصاعد حدة التوتر في منطقة الخليج العربي من شماله في العراق الى جنوبه في بحرعمان. فقد حشدت اميركا في الخليج العربي قوة بحرية ضاربة مكونة من حاملة طائرات ضخمة، وعدة سفن حربية ومدمرات، وطائرات استراتيجية وأسراب من المقاتلات القاذفة، واطقم من بطاريات باتريوت للتصدي للصواريخ. واتخذت اجراءات احترازية في العراق تحسبا لعمليات ارهابية تقوم بها عصابات ايران المهيمنة على الحكم في العراق فزادت حالة التأهب الى الدرجة القصوى بين قواتها وأخلت مئات الموظفين غير الاساسيين من سفارتها واقفلت ابواب قنصليتيها في بغداد واربيل. أعلنت الادارة الاميركية انها فعلت ذلك بعد كشفها تهديدات امنية من ايران للقوات والمصالح الاميركية في منطقة الخليج العربي وتهديدت من مليشيات ايران في العراق للقوات والسفارة الاميركية، واكدت انها سترد على ايران ومليشياتها بكل حزم وقوة في حالة ارتكابها أي اعتدء على مصالح اميركا وحلفائها. وقد أتت هذه الحشود بعد سلسلة اجراءات عقابية ضد النظام الايراني اتخذتها ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب منذ شهر مايس عام 2018 حينما اعلنت الادارة شروطها الاثني عشر لتطبيع العلاقة مع النظام الايراني. وتفرض الشروط على ايران التوقف عن التدخل في شؤون الدول الأخرى، والتخلي عن كل سياساتها التوسعية المزعزعة لأمن وسيادة واستقرار الدول الأخرى في الاقليم خصوصا الدول العربية، والتخلي عن رعاية التنظيمات الارهابية وتصدير الارهاب للدول الأخرى، واحترام حقوق الانسان للشعوب الايرانية، ووقف تطوير الصواريخ البالستية والصناعة النووية، وباختصار ان تعود الى دولة عادية. وهنا المأزق التأريخي للنظام الفاشي الرجعي في ايران: فإما ان ينفذ هذه الشروط ما يعني انتحاره لانها تفرض عليه ان يتخلى عما يشكل جوهرعقيدته ومبادئه وعموده الفقري وأساس كيانه ، أو أن يواجه عزلة دبلوماسية شديدة وسلسلة من الاجراءات العقابية الخانقة في الجوانب الاقتصادية والمالية. ايران اختارت الخيار الثاني وهكذا انهالت عليها العقوبات الاميركية التي لا تعاقب ايران فحسب بل كل من يتعامل معها اقتصاديا أو ماليا. ففي الخمسين يوما الماضية منذ بداية شهر نيسان، تكللت العقوبات الاميركية بسلة اجراءات تمثلت بالغاء الاستثناءات التي منحت العام الماضي لثماني دول من الحظر على استيراد النفط الايراني، وتوصيف الحرس الثوري الايراني منظمة ارهابية، وحظر استيراد الماء الثقيل وكميات اليورانيوم الناضب من ايران، وحظر استيراد منتجات صناعة التعدين من ايران، وفرض عقوبات على مؤسسات وأفراد من حزب الله الارهابي الايراني/اللبناني الذراع الارهابي الأول للنظام الايراني. وقد أدت هذه العقوبات الى تدهور كبير في الوضع الاقتصادي في ايران. فقد الغت عشرات الشركات الأوربية وغيرها عقودها وتعاملاتها مع ايران، وانهارت العملة الايرانية، وزاد عدد المؤسسات الايرانية العاجزة عن دفع مستحقات العاملين والمتقاعدين، وزاد عدد الاضرابات والاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام ولهيمنة الولي الفقيه ولفساده وفساد مساعديه واتباعه في كل مؤسسات النظام العليا.

لذلك فان الضغوط العسكرية الاميركية الحالية تأتي في وقت يمر النظام بأشد حالة من الوهن والتردي والعسرة في الجانب الاقتصادي، والضيق والعزلة في علاقته بشعوب ايران المظلومة والمكلومة باستبداده وفساده وارهابه وقمعه. وطبيعي ان يعرض النظام موقفه بأشكال من التحدي والمكابرة والاستخفاف بالضغوط الاميركية. فهذا النظام المتفنن والمفتون باساليب الدجل والشعوذة والمكر والتضليل والتزوير والتجهيل المتوارثة في المؤسسة الدينية الفارسية المتمترسة داخل الانظمة الفارسية الحاكمة منذ البويهيين في القرن العاشر الميلادي الى الصفويين في بداية القرن السادس عشر الى الخمينيين في عصرنا لابد ان يعرض نفسه وموقفه بهذا الشكل لكي يطمن أتباعه الطائفيين والمنبوذين في مجتمعاتهم والسذج والمتخلفين في داخل ايران وخارجها ويحافظ على مكانته. وليس لدى هذا النظام سوى سلاحين هما أولا تحريك ذيوله للقيام بعمليات ارهابية كما حصل في ضرب السفن التجارية في مياه الامارات الاقتصادية وقصف محطات ضخ نفط سعودية بطائرات مسيرة او توجيه صاروخ لمنطقة السفارة الاميركية في بغداد ، وثانيا التهديد بالرجوع عن التزاماته بموجب الاتفاق النووي الو معاهدة عمد النتشار النووي. لكن استخدامهما لم ولن يجر على ايران غير المزيد من العزلة الدولية والمزيد من الحصار الخانق عليها. لقد ضاقت دول وشعوب كثيرة في العالم ذرعاً بما سلكه هذه النظام المارق منذ استيلائه على السلطة عام 1979 من سياسات مهددة لأمن وسيادة دول كثيرة ومزعزة لأمن وسلم واستقرارهذه منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي وللأمن والسلم والاستقرار في العالم أجمع. أما شعوب المنطقة من اليمن الى سورية الى البحرين الى الكويت الى سورية الى لبنان الى سورية الى العراق فقد عانت كوارث وويلات لا حصر لها واشكالا شتى من التدمير والخراب والفتن والارهاب على يد هذا النظام وعصابات ذيوله. ولعل ما ذاقه شعب العراق من النظام الايراني من عذاب وخراب ودمار وظلم وارهاب يفوق ما ذاقه اي شعب آخر من مآس وكوارث. وإذ تتوجه أنظار هذه الدول والشعوب وغيرها الى منطقتنا مترقبة ما ستؤول اليه هذه الازمة بالنسبة لهذا النظام الفاشي سواء بضربات عسكرية مهلكة لقوات النظام ومقراته القيادية ومراكزه الصناعية والاستراتيجية والحيوية، ما يطلق انتفاضة عارمة وموجة كبيرة من الاحتجاجات الشعبية كفيلة باسقاطه، أو انهياره خنقا بفعل الحصار الاقتصادي المتصاعد على ايران، فإن شعوب المنطقة وفي مقدمتها شعبنا العراقي الصامد يحدوها أمل عظيم في ان تنجلي هذه الأزمة سواء حربا او سلما، الآن أو بعد حين، عن تحرر شعوب ايران من قيود وظلم ووحشية هذا النظام الفاشي وخلاص شعبنا العراقي وشعوب المنطقة من شروره وخبثه ومؤامراته وحروبه وانعتاقها من هيمنة مافيات اتباعه القتلة الفاسدين الارهابيين.





الاثنين ١٦ رمضــان ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / أيــار / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. حسين احمد الطائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة