شبكة ذي قار
عـاجـل










أيها الأخوة والأخوات
أيها الرفاق والأصدقاء
الحضور الكريم

من طرابلس، من هذه المدينة الصامدة الصابرة التي ما بخلت يوماً بعطاءتها وتضحياتها، نوجه التحية إلى كل عمال لبنان وكادحيه في عيدٍ تحول إلى مناسبة انسانية تحتفل فيها شعوب العالم قاطبة.

من طرابلس، هذه المدينة المناضلة، مدينة الهامة الوطنية والقومية العالية د. عبد المجيد الرافعي، ، مدينة قائد جيش الإنقاذ فوزي القاوقجي، ومن هذه القاعة قاعة الشهيد المناضل تحسين الأطرش مدينة الشهداء العلي وحمود وهو شر والترك والعتري نوجه التحية إلى كل شهداء الحرية والوطنية والعروبة الذين سقطوا دفاعاً عن قضايا الأمة وحق جماهيرها في الاستقلال وإنهاء كل أشكال الاستلاب القومي.

أثرنا أن نحي عيد العمال والشهداء في الفيحاء، فلأن طرابلس تستحق كل تكريم، وإذا كنا لا نستطيع أن نقدم كثيراً لرفع المعاناة عنها، عن عمالها وكادحيها ومعوزيها ومشرديها، فلأن هذه هي مسؤولية الدولة التي يجب أن توفر لأبناء هذه المدينة كما لكل أبناء لبنان أمناً حياتياً واجتماعياً ومعيشياً وسياسياً، لكن ما نستطيع تقديمه إننا كنا وسنبقى الحضن الدافئ لكل قضاياها، نحمل همومها التي هي هموم وطنية .ولأن معاناة اللبنانيين واحدة، وأن رغيف الخبز لا هوية طائفية له، وحق السكن والطبابة والتعليم والعمل هي حقوق وطنية شاملة، وبالتالي فإن ما يجمع اللبنانيين حول قضيتهم المطلبية والاجتماعية يتجاوز حدود الانشطار العامودي في بنى المجتمع اللبناني والذي يغذى بخطاب مذهبي وطائفي مقيت. وكأن ارتفاع منسوب الخطاب المذهبي يملأ بطن جائع، ويأوى مشرد ويداوي عليل يموت على أبواب المستشفيات، ويوفر مكاناً على مقاعد الدراسة لطالب ترتفع بوجهه حواجز الأقساط وتجارة العلم.

أثرنا أن نحي مناسبتين عيد العمال والشهداء في وقت واحد، لأننا نعي وندرك جيداً، أن معركة مواجهة الاستلاب الاجتماعي لا تنفصل عن معركة مواجهة الاستلاب الوطني والقومي.

فالعمال والكادحون وذوي الدخل المحدود الذين يعانون من تسلط قوى الرأسمال الجشع على جهدهم وعملهم، هم الشريحة الأوسع من شعبنا وهم الكتلة الشعبية التي يتشكل منها التكوين المجتمعي، وهذه الكتلة الشعبية الأوسع التي تنوء تحت عبء الضغط المعيشي، هي نفسها التي تنوء تحت عبء تداعيات وتأثيرات الاستلاب الوطني والقومي. فالفقراء هم الذين يدفعون الثمن الأعلى في الصراعات ذات الأبعاد الاجتماعية والوطنية والقومية. هم الذين يتشبثون بالأرض، وهم الذين يندفعون للشهادة دفاعاً عن الوجود وأملاً بحياة سعيدة. أما الأغنياء فدائماً يلوذون بالهرب عندما يحتدمم الصراع لأن الجبانة هي سمة مالكي رأس المال، وهم الذين يعودون في مواسم القطاف السياسي. وعليه، فإن من يقدم له الحق أن يأخذ، ومن يدفع الغرم حق له بالغنم، ولكن هذا لا يحصل إلا عبر تمكن القوى التي تندفع للبذل والعطاء من الإمساك بناصية قرارها وتوجيهه بما يخدم مصالحها.

إن العمال والكادحين عندما يناضلون لأجل حياة حرة كريمة، حياة تتوفر فيها المقومات الأساسية للأمن الحياتي، فهذا لا يستقيم إلا إذا توفرت الشروط الأساسية للأمن الوطني، الأمن الذي يوفر شبكة آمان لكل أبناء الشعب حيث لا وصاية على قراره ولا رهناً لمقدراته، ولا تجويفاً لاستقلاله السياسي. ولهذا فإن النضال لأجل ديموقراطية الرغيف، هو الوجه الآخر للنضال من أجل ديموقراطية الحياة السياسية، وإقامة النظم الوطنية الديموقراطية، نظم العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والمساواة والمساءلة والمحاسبة لكل من ينتهك حقوق الشعب وثرواته دولة تداول السلطة لا دول التأبيد والتوريث التي تديرها المنظومات الأمنية .

وإذا كانت المصادفة قد جعلت المناقشات التي تدور حول الموازنة العامة تنطلق في الوقت الذي تحي الطبقة العاملة عيدها، فإننا نقول بأن المقدمات التي سبقت أعداد مشروع الموازنة والسجال حولها والنتائج التي ستترتب لا تبشر بخير.

نقول أنها لا تبشر بخير، لأن النهج السياسي والمعالجات الاقتصادية والسياسات المالية التي أوصلت البلاد إلى هذا المستوى المأزوم والذي وضع البلد على حافة أزمة حادة غير مسبوقة، هو نفسه الذي يمسك بمفاصل السلطة ويديرها بالشكل الذي يخدم مصالح قوى المحاصصة الطائفية، وقوى النهج الاقتصادي الذي يعمل لهيكلة الوضع الاقتصادي والمالي، وفق توجيهات صندوق النقد الدولي وبنوك الاستثمار الدولية والتي تديرها قوى العولمة المتوحشة.

إن العجز في الموازنة الذي يبحثون عن تضييق فجوته ليس سببه التقديمات للكتلة الشعبية الفقيرة، و هي الأكثر تضرراً، ولا في المطالبات المستمرة لذوي الدخل المحدود لتحسين رواتبهم ومداخيلهم وسلسلة الرتب والرواتب، بل الذي سبب العجز، هو النهب المنظم للمال العام، وصفقات التلزيم بالتراضي، والاستيلاء على الأملاك العامة من الشواطئ البحرية التي الجبال التي أكلتها كسارات حيتان المال ومن التهرب الضريبي وضرب القطاع العام والزبائنية في التوظيف والفساد الإداري والمالي الذي طال المرفق القضائي إلى الرضوخ لشروط القطاع المصرفي في إعادة الهيكلة المالية في عهد وصف نفسه بالقوي فإذ به عهد الاستقواء على الضعفاء.

إن تضييق هامش العجز في الموازنة العامة، لا يكون بانتزاع لقمة الخبز من أفواه الجائعين، ولا بإغلاق أبواب المستشفيات أمام من لا حول له ولا قوة، ولا بقانون إيجارات تهجيري، إلى آخر السلسلة ممن يتم وضعهم تحت مقصلة تخفيض الرواتب للعاملين في القطاع العام.

وإذا كنا مع توحيد المعايير في التقديمات للعاملين في القطاع العام وفي مختلف الأسلاك، إلا أننا نرفض أن تحمل الفئات المسحوقة تداعيات هذه الأزمة الاقتصادية المالية التي تراكمت عناصرها على مدى عقود ومصادر الهدر واضحة واقفال مزاريبها سهل ،إنه عبر المساءلة والمحاسبة والحوكمة وتطبيق أحكام الاثراء غير المشروع وعلى قاعدة من أين لك هذا.

وإذا كنا لا نستبشر خيراً من كل أشكال المعالجات التي تطرح لمعالجة العجز في الموازنة العامة، فلأن الذين يتصدون للمعالجة هم أساس المشكلة، وهم من أوصل البلاد إلى هذا الوضع المأزوم.

أيها الأخوة والأخوات
أيها الرفاق والأصدقاء
إن الفاسد والمفسد لا يمكن أن يكون نظيف الكف لإن فاقد الشيء لا يعطيه، وعندما يعاد تشكيل السلطة على أساس المحاصصة الطائفية والمذهبية، وعلى أساس قانون انتخابي تحكمت بسياقاته مافيات المال ومن يملك قدرة التأثير على الرأي العام، لا يمكن أن تٌنتج إلا سلطة فاسدة، ومن كان الفساد سمة أساسية من سماته هل يكون إصلاحياً وحتى لا نقول تغييرياً؟

من هنا فإن الإصلاح الاقتصادي الوطني، إنما يرتبط بالإصلاح السياسي وأساس ذلك إعادة تشكيل السلطة بعيداً عن قواعد المحاصصة التي تتغدى من نظام الطائفية المقيت.

في هذه المناسبة، مناسبة عيد العمال وعيد الشهداء، وهما مناسبتان تستحضر من خلالهما نضالات الطبقة العاملة في لبنان والوطن العربي والعالم، ونضالات الذين قدموا أرواحهم دفاعاً عن القضايا الوطنية والقومية في لبنان وفلسطين والعراق، شهداء الاستقلال السياسي وشهداء المقاومة وشهداء الحرية والديموقراطية، نقول بأن حقوق العمال لاتنتزع إلا بالنضال في مواجهة قوى الرأسمال المتوحش، والوفاء للشهداء الذين هم أكاليل غار على رؤوس أمتهم، لا يكون إلا بالتمسك بالقيم النضالية ، والاقتداء بهم كمنارات أضاءت طريق هذا الشعب في ظلامات الليل الدامس.

نقولها في هذه المناسبة،
نعم لوحدة الحركة النقابية اللبنانية، ونعم لاستردادها إلى بيئتها الشعبية والوطنية وإسقاط هيمنة القوى السلطوية عليها.

نعم لحركة وطنية موحدة القوى والبرنامج وآليات العمل، لتشكيل رافعة شعبية حاضنة للحركة العمالية ولتكوين كتلة شعبية قادرة على أحداث اختراق جدي في بنية هذا النظام باتجاه نظام عادل وقائم على المساواة في المواطنة.

تحية للعمال في عيدهم وتحية للشهداء في أي ساحة سقطوا دفاعاً عن قضايا الأمة والجماهير.

تحية إلى هذه المدينة المناضلة التي عملوا لتثقيلها بعبء أمني شطر أبناءها وباعد بينهم،ونحن على ثقة بأنها قادرة على استعادة نبض الحياة إليها وأخذ دورها الريادي في النضال المطلبي والوطني والقومي.

عاش عمال لبنان، ، ولنكن في أعلى درجات التهيؤ لمواجهة كل الأخطار المحدقة بالأمة وبأمنها القومي وعلى قاعدة تكامل الجهد النضالي بين قوى النضال التحرري ببعديها الاجتماعي والقومي.

عشتم وعاش لبنان بلداً عربياً حراً ديموقراطياً

المحامي حسن بيان
رئيس حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي
في  ٥ / أيــار / ٢٠١٩
 





الاثنين ٢ رمضــان ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أيــار / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة