شبكة ذي قار
عـاجـل










قد نختلف مع فكر جمال خاشقجي وأسباب خلافه مع نظام بلده الذي خدمه لسنوات ودافع عن خياراته وسياساته وخصوصا في الولاء لسياسات الإمبريالية الأمريكية في الحرب على العراق إبان حرب الخليج سنة 1991 وفي غزوه سنة 2003 والاطاحة بنظامه الوطني وتحول العراق إلى دولة فاشلة في ظل نظام طائفي فاسد تخلى على سيادته الوطنية لصالح النظام الايراني وكذلك في إسناده وتبريره لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تبنته الإدارة الأمريكية في ليبيا واليمن وسوريا التي لازالت تعاني من حرب طاحنة أتت على الأخضر واليابس وجلبت الدمار والويلات للشعب العربي السوري . ولكن لا يجب أن يفقدنا ذلك بوصلة إيماننا غير المشروط بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وما أقدم عليه النظام السعودي يضرب في العمق هذه القيم الإنسانية السامية بإقدامه على ارتكاب جريمة دولة بحق أحد مواطنيه لا لشيء إلا أنه خالف في الرأي وعبر عن رؤية لا يرضى عنها النظام وهو يندرج في إطار جريمة إرهاب الدولة حيث ارتكبت جريمة تصفية معارض في الرأي على أرض دولة أجنبية وداخل بعثتها الدبلوماسية وهي أفعال لا تقدم عليها غير أنظمة لازالت تعيش في العصور الوسطى ولا تعير إهتماما للإنسان ولا لحقوقه التي تضمنتها العهود والمواثيق الدولية . وإذا كنا لانستغرب ما أقدم عليه النظام السعودي بحكم طبيعته التيوقراطية الاستبدادية حيث تفتقر المملكة إلى دستور وبرلمان منتخب يكرس سيادة الشعب فإن هذه الجريمة كشفت زيف الشعارات التي ترفعها الدول الغربية حول احترامها وضمان حقوق الإنسان ودعمها للحرية والديمقراطية في الدول التي تحكمها " انظمة استبدادية " وهي ذات الشعارات التي بررت غزو العراق وليبيا وسوريا . وقد برهنت هذه الدول على نفاقها وكذبها فيما يتعلق بحقوق الإنسان فالدول التي ارتكبت جريمة أبو غريب ومعتقل غوانتنامو وسجن باغرام في أفغانستان وجرائم غزو دول ذات سيادة والاطاحة بأنظمتها ونهب ثرواتها واختطاف مواطنيها غير مستغرب منها أن تخرس على جريمة قتل جمال خاشقجي وبتلك الصورة البشعة خنقا على غرار تصفية سلاطين آل عثمان لمنافسيهم على العرش من أشقائهم ،كما صمتت سابقا ولا تزال على انتهاكات حقوق الإنسان في الدول التي تحكمها أنظمة تواليها وخاصة أذا تعلق الأمر بمصالحها التي ترتبط بالبترودولار كما هي جريمة الحال حيث مافتئ المأفون دونالد ترمب يطلق التصريح تلو الآخر في الثناء على النظام السعودي وإيجاد المبررات حفاظا على مصالح بلاده وملايين الدولارات التي ستخلق آلاف مواطن الشغل في بلاده . ولكن نفس هذه الدول نجدها لا تتجاوز ولا تغفر للأنظمة التي تعارض سياستها كلما تعلق الأمر بحقوق الإنسان وبديمقراطيتها المزيفة حيث ظلت تطارد العقيد القذافي حول حادثة لوكربي حتى أذعن وعوض كافة ضحايا الطائرة الذين بلغ عددهم قرابة المائتين بينما قتلت هي أكثر من 500 ضحية من النساء والأطفال في ملجأ العامرية إبان حرب الخليج . ولكن مايجب أن نعيه نحن ونفهمه أبناء الشعوب المقهورة أن حقوق الإنسان والحرية تصبح ذات قيمة ومعنى عندما تتعلق بالمواطن في الغرب لأنه محترم ويحسب له ألف اعتبار من قبل حكامة وتفقد معناها عندما يتعلق الأمر بمواطني دول العالم الثالث وخاصة بالمواطن العربي الذي لا يحترمه حكامه وهو من الدرجة الثانية وخصوصا عندما يتعلق الأمر بمصالح الغرب .




الجمعة ٢٣ صفر ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / تشرين الثاني / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد العزيز بوعزي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة