شبكة ذي قار
عـاجـل










عام 1789 م بدأ الحراك الجماهيري في فرنسا معلنا بداية ثورة شعبية وكان ملك فرنسا لويس السادس عشر غرا ضعيفا خائفا منشغلا عن هموم الشعب بهوايته في الصيد ومنغمسا بالملذات فوصلت المظاهرات الى باب قصره فسـأل سكرتيره لاروشفكو ليانكور ،، ماهذا ؟ مظاهرة ؟ هل هي مظاهرة ؟؟؟ فاجابـه ليـانـكور ،، بـل هي ثـورة يــا مــولاي ! .

لم يكن في خُلد ليانكور استفزاز ملكه بل اراد ان يقول له كفى انك لم تصغي ولا تسمع انينهم ولا قرقرة بطونهم وانك يا مولاي منزويا وهذه هي النهاية . وكان وقتذاك مثال اخر هو المستشار النمساوي ميترنيخ لم يسمع الناس لعجزه عن السمع لكبر سنه وترهل بنيانه فكان من الراحلين بثورة .

واليوم يعيد ابناء العراق امجاد ثورة العشرين في اطلاق شرارة انتفاضة شعبية من البصرة الفيحاء لتمتد جذوة هذه الانتفاضة لمحافظات الجنوب والوسط ، وتضامن شعبنا كله معها لانها تعبر عن مطالب الشعب العراقي برمته . ان اوجه الشبه بين كل الثوراة في العالم انها تطالب بتغيير هيكيلية النظام ليكون قادر على تامين حاجيات الشعوب في تامين العيش ومتطلبات الحياة الكريمة . وتشابه مصير الطغاة لايختلف ايضا عندما تنتصر ارادة الشعوب ، مع احتفاظ كل ثورة او انتفاضة بطابعها الخاص وفق معطيات الوضع السياسي و دوافع الحراك الثوري .

ان النظام السياسي في العراق بعد الاحتلال لم يحضى بشرعية وطنية ولا سياسية فصنع له غطاء وهمي من الشرعية اسماه الدستور الذي فرضه المحتل واذنابه على الشعب العراقي ، ولان هذا الدستور يهدف لزعزعة المجتمع وتمزيق نسيجه الاجتماعي ، وتقسيم البلد على اساس طائفي وعرقي فارتطم برفض شعبي رغم كل محاولات احزاب السلطة الشريرة . وكذلك لم تستطع حكومات الاحتلال المتعاقبة بنيل شرعية شعبية تسمى شرعية الانجاز فاخفقت في تقديم اي منجز يذكر سوى سفك الدماء والخراب الذي ساد في ربوع العراق ، وعندما انقشعت كل مسببات التاخير في تحقيق متطلبات الحياة الكريمة للعراقيين والتهرب من الاستحقاقات الواجب تنفيذها تجاه المواطن ، فما كان من أهلنا إلا الشروع بالانتفاضة والمطالبة بالعيش الكريم .

والمتابع لبعض التحليلات يراها تجافي الواقع وسطحية لانها تًصف هذه المظاهرات ومطالبها بالعفوية ولا تلامس جوهر الصراع السياسي بين الشعب والسلطة مثل ( ماء وكهرباء وخدمات صحية وعامة ) . الا انها في الواقع كباقي ثورات العالم تقدم طلباتها للحاكم ، فالثورة الفرنسية والنمساوية وغيرها من الثورات بدأت بالمطالبة بتوفير الخبز فقط ولم تطالب الملوك بالرحيل الا اذا عجزوا عن تنفيذ مطالبها وكذا الحال في العراق والفارق هنا ان اهلنا يعرفون تمام مدى عجز هذا النظام عن تحقيق ادنى مطاليبهم لكثرة الفساد بسبب المحاصصة والتبعية لايران وامريكا ولقد شاهدنا تصاعد وتيرة المطالب للمتظاهرين برفض كافة الاحزاب الحاكمة وعدم الانصياع للاصوات الداعمة لها الدينية والسياسية واعتبارها ضالعة ومستفيدة من الفساد وعدم السماح لاي طرف بركوب موجة الانتفاضة بحجة المطالبة بالاصلاح الا اذا تنازل واصبح بين صفوف المتظاهرين خارج اطارالسلطة . وفي يقين المتظاهرين ان الحكومة التي عجزت عن تحقيق ابسط المتطلبات طيلة خمسة عشر عاما حتما غير قادرة الان على تنفيذ مطاليبهم بفترة زمنية وجيزة لانها فاقدة لمستلزمات الانجاز بسبب الفساد المستشري في كل مؤسسات الدولة وعجزها الاقتصادي نتيجة السرقات الضخمة التي قامت بها احزاب السلطة وتبعيتها للمحتل الامريكي الايراني . لذا يطالب المتظاهرون ابعاد رموز الفساد من السلطات المحلية والمركزية يعني افراغ المواقع القيادية في الدولة من الاحزاب الفاسدة التي تهيمن على مقدرات البلد وخيراته وبهذا ستكون الاحزاب غير قادرة على التحكم بمصير الناس وسرقة قوتهم ، والاحزاب المستبدة المهيمنة على الحكم بالتاكيد ترفض مثل هذه المطالب فواجهت الشعب بالحديد والنار . وهذا ما حدث في الانتفاضة فقُتل عدد غير قليل من المتظاهرين وجرح الكثير واعتقال المئات .

ان من اهم المطالب التي رفعها المتظاهرين انهم يريدون وطن بعدما شعروا انهم فقدوا كل شي فطالبوا بحق الوجود على ارضأ بكرامة لهم ولابنائهم . فكانت غايتهم العراق وطنا لهم وليس للغرباء التابعين لايران .

ان الاحداث المتسارعة وتصاعد وتيرة الانتفاضة ورفع سقف المطالب دفع بالمحتل الامريكي والايراني لمحاولة الالتفاف على حقوق الجماهير بالدعوة لتشكيل حكومة قوية لكن سرعان ما رفضها الشعب لان الانسان العراقي فطن وكيس في ادراك ما يخطط له اعدائه وليقينه إن الحكومة المنوه عنها تاتي بذات السياق الذي يعتمد على المحاصصة باحزابها الفاسدة . فنحن امام مطالب ثورية تدعوا الى قيام نظام سياسي جديد يتخلى تماما عن المسيرة السوداء التي عانى منها العراقيون لمدة خمسة عشر عام ، والغاء الدستور كمرحلة اولى للتغيير . فانها كما قال ليانكور .

(( بــل هـــــــي ثـــورة يــا مـولاي ))
 





الاربعاء ٣ ذو الحجــة ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / أب / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب شاهين محمد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة