شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد اطلاعنا على أحداث التاريخ العربي الحديث , خبرنا حجم المخاطر التي عصفت بالأمة العربية ودفعت بها نحو مزيد من الأزمات إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من سفك للدماء بين أبناء الوطن الواحد وتدمير للأوطان ,تجذير للفرقة والتشرذم إلى أن بلغت من الصعوبة لملمة أجزاءه ومكوناته . ورحنا نجتهد , وكعادتنا أخذنا نعلق كل كل مشاكلنا على مشجب الإستعمار ومؤامراته وعلى العدو الصهيوني الجاسم على صدورنا في فلسطين والأراضي العربية المحتلة , دون تفحص علمي وواقعي , ودون توجيه ملامة لليسار العربي الذي لم يتدارك أخطاءه التي وقع فيها من شرذمة وفرقة وتناحر بين فصائله , لاهيا عن مقارعة العدو المشترك , في الوقت الذي كان يسوق فيه نفسه أنه المنقذ للأمة من بؤسها وشقائها رغم وجود الكثير من القواسم المشتركة فيما بين فصائله , التي تتلخص بنهضة المجتمع وتقدمه وتأمين الخدمات الصحية والعلمية وتوفير حياة كريمة للجميع والتوزيع العادل للثروات بين كافة الطبقات لينعموا بها ويخرجوا من حالة الضيق التي يعانون منها , وعوضا عن ذلك لجأت تلك الفصائل إلى الخصومة والتناحر والتسابق للكسب الجهوي وانصرفت عن مواجهة المشاريع الإستعمارية المتربصة التي تستهدف تلك التنظيمات نفسها بتشجيع الفرقة وتأزيم الخلافات والإختلافات وتباعد مسافات اللقاء , فوقعت المواجهة فيما بينها عوضا عن مواجهة الإستعمار والإمبريالية العالمية , رغم كل الظروف التي كانت تضطرها إلى ضرورة اللقاء , والإنخراط في تجمع مناهض ومقاوم للمشاريع الغربية , تترسخ معها الوحدة الوطنية والقومية بأجمل تجلياتها . هذه الفرقة بين أطراف اليسار العربي أفقدته صدقية شعاراته وممارساته , فانصرف الجمهور عن كثير من تلك التنظيمات , غلى أن أصبحت الرجعية العربية هي التي تتصدر المشهد السياسي وتقوده في الإتجاه الذي رسمته له وهو الحؤول دون تحقيق القوى المتضررة من تحقيق طموحاتها المشروعة

 إن اليسار العربي يتحمل قسطا كبيرا من مسؤولية ما حصل من نكسات حتى الآن , بعد أن إإتمنته الأمة العربية على مستقبلها فلم يلبها بالشكل المطلوب وهكذا يكون قد منح القوى المعادية فرصة الإنقضاض عليه وعلى فلسفته وأدوات عمله , وأجهزت عليه وعلى صدقيته ونالت من آمال الشعب

 وكانت فلسطين وما زالت القضية الأكثر اختبارا لليسار العربي ومدى قدرته على تجاوز الأخطاء والعودة عنها , بعد أن بدأت مرحلة تهويدها تفرض تحديا أكثر ضراوة مما سبقها من أحداث , خاصة وأنه يتم بدعم ومباركة أنظمة عربية وعدم جرأة بعضها حتى على إبداء الرأي وتجاهل بعضهم الآخر وكأن الموضوع لا يهمهم لا من قريب أو من بعيد وهكذا يمضي الكيان الصهيوني بتنفيذ مخططاته وإنهاء ملف القضية الفلسطينية لصالحه وهو مطمئن لعدم وجود ردود أفعال مؤثرة وذات قيمة في ظل تجاهل الجميع من أنظمة عميلة وإلى جانبها على الطرف الآخر قوى يسارية تقدمية متكئين على مقولة ( إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ) . إذن ما هي ضرورة وجود يسار عربي واستمراريته في العمل في حال إجهاض كل الآمال المعلقة عليه ؟ نرى أن لا ضرورة لوجود مثل هكذا يسار يعنى باجترار المقولات التي عفى عليها الزمن , واستبدل خنادق النزال مع العدو بالمكاتب ونضال الفيس بوك

 أنا هنا لا أحمل فصيلا بعينه عيوب ومشاكل كل ما حصل من قبل , كما لا أعفي بعضا منهم من ارتكاب الأخطاء , فقد مرت تلك المرحلة وبدأت مرحلة جديدة تقتضي استعادة الوعي والمواقف السليمة بعد انهيار الإتحاد السوفياتي والمعسكر الإشتراكي واحتلال العراق ومحاولة هيمنة الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب الإمساك بسياسات الدول واقتصادياتها ودعم الكيان الصهيوني بكل قوة رغم غطرسته وعنصريته . وبسبب الواقع المستجد على الساحة العالمية نرى من الضروي والواجب على كل الشرفاء في العالم الدفاع بشراسة عن حقوق الشعوب وأمانيها , وهذا يتطلب وحدة أو إلتقاء قوى اليسار العربي والقوى التقدمية حول برنامج مجابهة مع القوى المعادية واضح المعالم ومحدد خاصة على الساحة الأسترالية , بعيدا عن الإستفزاز والإستقطاب الفئوي والتعامل كفصيل واحد لتشكل هذه الخطوة نموذجا لقوى الداخل , تحذو حذوه وتتفاعل معه إيجابيا إلى أن يتم تحقيق الإنجاز الذي يسعى الجميع إليه , وإلا ما جدوى وأهمية وصدقية الشعارات إن لم تتخقق نتائجها على أرض الواقع ؟

 إننا جميعا أمام امتحان صعب وعسير , والجماهير تنتظر من قوى اليسار الإلتزام بما كانت تسمعه منها من نظريات وشعارات تنص على التصدي للمشاريع الإستعمارية بكل حزم وقوة وإصرار تبرهن بواسطتها على صدق التزامها
 إننا نتوجه بهذه الدعوة إلى كافة القوى اليسارية التقدمية العربية في أستراليا , راجين أن تجد طريقها إلى التحقق والتجاوب معها بكل صدق وشفافية بالموافقة على لقاء يجمع الجميع يتم فيه الإتفاق على الثوابت القومية ووضع برنامج عمل موحد يلتزم الجميع على متابعته وتطبيقه توافقا مع مبادئهم وأهدافهم , وإلا انتهى بهم الأمر إلى كراسي المكاتب وجني المكاسب .





الثلاثاء ٢ ذو الحجــة ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / أب / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب جورج ديوب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة