شبكة ذي قار
عـاجـل










يا أبناء شعبنا العراقي الصابر
يكثر الجدل حول مطالب المتظاهرين من كافة محافظات الوطن، ويقدم البعض وصفات مؤقتة، وأخرى سريعة حول قضايا مطلبية وأساسية، مثل توفير الكهرباء والماء وفرص العمل وتفاقم مشاكل البطالة وانعدام الخدمات ومضاعفاتها.

وعندما يحاول البعض طمس الحقائق المغيبة عن غالبية أبناء شعبنا، وخاصة من أمام الأجيال والفئات الشبابية الصاعدة، فانه يمارس دورا تضليليا خطيرا يصل إلى مستوى الخيانة؛ كونه يهدف إلى تمديد سنوات المأساة الوطنية التي كان سببها وسيبقى الغزو والاحتلال الأمريكي والنفوذ والتدخل الإيراني في بلادنا.

إن تشخيص حركة اليسار التقدمي في العراق، وبعد تحليل دقيق للمعطيات والقرائن واستعراض كل ما جرى لشعبنا ووطننا من تعرض فادح لجرائم بمستوى إبادات ومظالم وتدمير لكل أسس ومقومات الحياة، ترى حركة اليسار التقدمي: إن وضع العراق لا يرتبط مصيره بهذه القضايا والأحوال المعاشية السيئة والمتدهورة التي أفرزها الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق فقط؛ بل ترتبط بجوهر تنفيذ المخططات التي وضعت، وهي بعيدة المدى، وما ينتظره المخططون لها من النتائج المرجوة ، و هي لازالت قيد التحقيق والتنفيذ على ارض العراق المنكسر الجريح.

والقضية الأهم هي أن من يحكمون العراق ومن خلفهم الأمريكان وإيران، كلهم يعرفون الحلول والتقنيات والأساليب والسياسات المطلوبة لحل كل هذه المشاكل ومواجهتها وبأقل جهد وكلفة ، ولا تحتاج الحكومات الاحتلالية الست المتعاقبة منذ 2003 إلى تبديل كل هذا الكم من وزراء الكهرباء أو الطاقة و غيرهم من المتهمين بالتقصير والفساد، وحى التخريب المتعمد؛ حتى صارت حكومات العراق مثلا صارخا للتندر والسخرية في كل أرجاء العالم.

وكان يمكن لأي وزير إن يتصل بالشركات العالمية ذات الاختصاص والخبرة لحل مشكلة الكهرباء مثلا؛ وكان يمكن حلها بأقل من سنتين. وربما سيحصلون على فرص لبناء أسرع واكبر وأحدث وحتى ارخص المحطات لإنتاج الطاقة وبتسهيلات لا يحلم بها أي بلد في العالم، ويمكن ترضية غرائز الفساد عندهم في فرص قبض رشاوى وكومشنات لجيوبهم ولخدمات بقية السماسرة المرتبطين بالفساد وبملايين الدولارات .ولكن الحقيقة لها وجه آخر؛ وكما تكشفها الوقائع، وهي تكمن في ذلك المخطط الأساسي الإجرامي الذي وضعته الإدارة الأمريكية وحلفائها منذ عقود لتدمير العراق.

وهذا المخطط الرهيب لازال قيد التنفيذ، و يتحقق على الصعيد العملي، كما رسمه ، ووعد به المجرم جيمس بيكر وزير خارجية جورج بوش الأب، وأفصح عنه يوما ، في جلسات ما سمي حينها بمفاوضات الفرصة الأخيرة مع العراق؛ وتم تبليغه بكل وقاحة إلى المرحوم طارق عزيز وزير خارجية العراق في مدينة جنيف بداية عام 1991 : ويتذكر العالم ما قاله جيمس بيكر لطارق عزيز : ( سنعيد العراق 300 سنة إلى الوراء والى العصور الوسطى والظلام .).

وصلت الرسالة الأمريكية حينها، وأفصحت عن بعض مراميها ومضامينها؛ وربما كان هناك القليل من أدركها أو سعى جاهدا إلى استيعابها دون أن تكون له القدرة على مواجهتها، لسرعة تعاقب الأحداث وإحكام الحصار على العراق عربيا ودوليا، فكانت الحرب العدوانية الثلاثينية على العراق 17/1/1991 وتبعها الحصار الظالم استمر 12 عاما مريرا، واستمرت حرب الإبادة المنظمة التي حصدت أرواح ملايين العراقيين، حتى حانت لحظة الغزو والاحتلال 2003 مستكملا حلقاته بإشغال الشعب بحرب طائفية وانقسام اجتماعي حاد، وليتفرغ اللصوص بنهب ما تبقى من ثروات العراق والإجهاز على كامل بنيته التحتية.

وهاهم الأمريكيون وحلفائهم يحققون حلمهم الأسود ، وما وعد به المجرم جيمس بيكر وعصابات المحافظين الجدد ودهاقنتهم من الأمريكيين وحلفائهم؛ فعم ذلك الخراب والظلام ليس في مجال الكهرباء فقط؛ بل في كل مجالات الحياة الأخرى، فتحقق لهم الدمار الشامل للعراق، أسقطت الدولة الوطنية ، وتفككت مؤسساتها وحل جيشها وصفيت كوادرها العلمية وكبار ضباط جيشها وتم تهجير ونزوح نصف سكان العراق ودمرت مدن بكاملها، ودمرت الوحدة الوطنية، وساد العنف والاستبداد والجريمة والجوع والمرض والأمية وتسلط حكم حفنة من الظلاميين والرجعيين أعداء الحياة.

القضية اليوم، ليست قضية فساد وسرقات وسلطة لصوص ووجود حكومات متخلفة؛ بل هو مخطط قائم وموضوع بإحكام. ولازال التآمر على شعب العراق مستمر بأدوار إجرامية متعاقبة تكمل بعضها بعضا ، وتنفذه قوى محلية و دولية عديدة .وسواء تم ذلك عن جهل أو عن نقص وعي من قبل البعض من العراقيين؛ فالأمر عند الأمريكيين يتم بكامل الوعي وعن سابق ترصد وإصرار لتدمير العراق . ذلك لازال قائما وهو قيد التنفيذ. من قبل بعض الإرادات الدولية المتآمرة على العراق كل ألاف المليارات من الدولارات والأموال والثروات المسروقة والمختلسة تذهب إلى بنوك الغرب، ومنها إلى دول الشرق وبلدان عربية وجارة أيضا، ويجري النهب المنظم بالمحاصصات الدولية وتقاسم النفوذ فيها قبل محاصصات الأدوات المحلية والإذناب، وهم يتحكمون بحركة الأموال المسروقة وتبييضها، ويعرفون أماكن استيداعها، وطرق ووسائل ومطارات نقله، وكيفية اللعب والتصرف بها وتبذيرها، ولا يزعجهم كل ما يجري في خراب العراق وتأخره وذبحه بمأساته المفتوحة على كل الاحتمالات.

هناك دول إقليمية لها مصلحة بضعف وتدمير العراق وضياعه ؛ وأولها إيران والكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة ، ويشاركها جيران آخرون.

و ما لم يصحو الشعب العراقي من غفلته، وينهض من كبوته، ويتوحد من جديد؛ ويشحذ من مستويات وعيه، ويتعلم من دروسه التاريخية ويتعلم من تجاربه السابقة؛ فلن يجد حلا لأي مشكلة تنموية في العراق، لا في الأفق المنظور؛ ولا من بعده ، ومنها حل قضية الكهرباء المفتعلة وكبح جماح البطالة المتفاقمة واستشراء اللصوصية الواضحة والفساد الإداري والمالي والتخلص من أوهام الديمقراطية الزائفة والمزورة والتخلص من دستورها الكسيح ، والاستقرار المفقود ، وغيرها من الأمور التي بدأ الشعب العراقي يعيها ويتحسسها ويعاني منها تدريجيا، وهي أمور باتت واضحة لكل من له بصيرة نافذة ولكل من يمتلك من الوعي والإدراك لمواجهة هذه المشاكل والتصدي لها.لا بد من تجنيد الوعي الوطني بارادة ومسؤولية والمساهمة على أوسع نطاق في الحراك والانتفاض الشعبي ورصد وتطوير مظاهرالسخط الشعبي المتصاعد، وصولا إلى قيام الثورة لإسقاط كل ما هو غير شرعي وفاسد وقائم بدعم ورعاية دول الاحتلال وعملائهم .

حافظوا على ديمومة جذوة وتصاعد مشعل الانتفاضة والوصول إلى قيام الثورة وتحقيق الوحدة الوطنية من خلالها والعمل على توفر القيادة الوطنية الواعية لها؛ ذلكم هو السبيل الوحيد لاسترجاع العراق وحفظ حقوقه وإنقاذ شعبه.

الأمانة العامة لحركة اليسار التقدمي في العراق
بغداد في  ٣١ / تمــوز / ٢٠١٨
 





الثلاثاء ١٨ ذو القعــدة ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / تمــوز / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب حركة اليسار التقدمي في العراق نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة