شبكة ذي قار
عـاجـل










أنا واحد ممن درسوا في العراق في بداية الثمانينات زمن حكم البعث وقد انتميت الى حزب البعث العربي الإشتراكي ولازلت وقد قاسمت الطلبة رغيف الخبز " الصمونة " كما يسميها العراقيون ، ومرت علينا أيام كنا لا نحتكم خلالها على ربع دينار نقتسمه خبزا وزيتونا وقد ساءني ما كتبه عمار عمروسية في رثاء الفقيد أبوعلي الطبوبي حيث لم يتورع النائب في البرلمان التونسي عمار عمروسية في الإساءة إلى من أغدق بخيره على كل الكادحين والمضطهدين من أبناء الوطن من أقصى عمان إلى أقصى موريتانيا ، ولكن عمى الألوان الإيديولوجي وجهل النائب عمروسيه أفقده كل الأحاسيس والمدارك لكي يتهجم على نظام البعث الوطني في العراق وينخرط في حملة التشويه والشيطنة التي قادتها آلة الإعلام الإمبريالية الأمريكية في غزو بلد ذو سيادة ومن مؤسسي منظمة الأمم المتحدة والإطاحة بحكومته الوطنية وأرتكب كل الجرائم و الفظائع بحق شعبه دون مسوغ وانخرط فيها الصغار ممن يتمسحون على أبواب السفارات . يقول عمروسية في استعراض حياة رفيقه الراحل " لم يقبل "بوعلي" ذلك الانقطاع الاضطراري فوجد ضالته في "بغداد" الفقراء والمعوزين ،إذ انتقل في عام 1994 هناك وباشر دراسته بالمرحلة الثانوية التي توجها بالحصول على شهادة الباكالوريا وفيما بعد على الإجازة في الحقوق والعلوم السياسية." ونقول لعمروسية أن الفقراء والمعوزين في بغداد ما كانوا كذلك قبل الحصار الجائر الذي فرضه أصدقاءه على الشعب العراقي منذ 1990 وحتى تاريخ الغزو الهمجي الأمريكي وأن رفيقه الذي رحل إلى بغداد سنة 1994 قد اقتسم مع العراقيين رغيفهم ومقاعد الدراسة مع أبنائهم في أقسى فترة عرفها العراق في تاريخه الحديث ، وكان الراحل رفيقك مثله مثل بقية الطلبة من العراقيين والعرب قد عاشوا شظف العيش جراء حملة التجويع التي قادتها عدوة الشعوب أمريكا وحلفائها . فأي نظام مكّن المئات بل الآلاف من الوافدين العرب من الدراسة من المرحلة الثانوية إلى الجامعة مثلما حصل مع رفيقك ومع الشهيد شكري بلعيد بل ومن العشرات لكي يتخرجوا ومن أفضل الشعب وهو يمر بأصعب الظروف من حصار سياسي واقتصادي وعلمي ، سوى النظام الوطني في العراق . ويضيف عمروسية في ذكر فضائل رفيقه "كانت سنوات بناء الذات على أسس صلبة، كيف لا ؟ والثوري الأممي يحاصره الفقر في بلاد يحكمها "حزب البعث" الذي يغدق المنح والأموال فقط على القابلين بالانخراط في صفوفه." ونجيب عمروسية أن "الثوري الأممي " بنى ذاته على أسس صلبة في ظل حكم حزب البعث العربي الإشتراكي وككل من درس في العراق ولم يكن مطاردا أو محاصرا أو ممنوعا من إعتناق الفكر الذي يريد مادام ليس معاديا لطموحات الشعب وإرادة الأمة في التحرر والإنعتاق والوحدة وأن البعثيين في العراق لم يكونوا مميزين عن غيرهم ولم يكونوا يتلقون أموالا لكي ينخرطوا في حزب البعث بل كان انخراطهم فيه عن قناعة وإيمان برسالته التي جعلت أمريكا عدوة الشعوب تجيش الجيوش لغزو العراق .

نقول للنائب عمروسية ما هكذا تورد الإبل يا عمروسية لقد أعماك جهلك وثقافتك المحدودة التي لم تخرج عن نطاق الثقافة الستالينية التي تشبعت بها بأن البعث فكر ثوري وتقدمي وقد اقتنع به من اقتنع من العرب والتونسيين ليس من أجل المال كما يتراءى لك بل لما يتضمنه من مبادئ لم تنهل منها . ولتعلم أن فكر البعث قد تواجد في الساحة التونسية وفي الجامعة منذ الخمسينات وآمن به تونسيون لم يدرسوا في العراق أصلا وقبل أن يحكمها البعث ولو كنت يا عمروسية قد دخلت الجامعة لتعرفت إليهم . وتعرض البعثيون في تونس وككل مناضلي الرأي للسجون والتعذيب والتضييق وقدموا شهداء من أمثال الشهيد حسن المباركي والشهيد شوقي النصري أكثر مما قدمه من اعتنقوا فكرك الإستئصالي الذي تلتقي فيه مع الدساترة والخوانجية .

ولتعلم يا عمروسية أن مناضلي البعث على امتداد الساحة التونسية قد انخرطوا في جميع قضايا الوطن والشعب التي انتهكتها الأنظمة المتعاقبة، من حريات وديمقراطية وعدالة اجتماعية منذ الخمسينات إلى ثورة 14 جانفي 2011 وأن البعثيين وعلى رأسهم المناضلين الفقيدين الصادق الهيشري وفوزي السنوسي قد نابوا مناضلي الرأي والمعتقلين في سجون النظام ولك أن تسأل الأمين العام لحزب العمال . ونذكر عمروسية أن بإساءتك لحزب البعث وتجربته الثورية في العراق قد اسأت لكل التونسيين عامة والبعثيين وتاريخهم النضالي في تونس وفي الوطن العربي لأن من درسوا في العراق وسوريا ومنهم الرفاق محمد مسعود الشابي والشافعي العلياني حفظه الله وأنت تعرفه جيدا .... وغيرهم كثير ممن تخرجوا بشهادة علمية من العراق وقد بلغ عددهم الإجمالي أكثر من 22 ألفا قد ساهموا في بناء تونس والمحافظة على عروبتها التي لا تعنيك كثيرا ، لم يكونوا مرتزقة كما تبين لك بل كانوا من أبناء فقراء و "بروليتاريا " الشعب في تونس الذين شردتهم السياسة التعليمية النخبوية للنظامين البورقيبي والنوفمبري وفتح لهم نظام البعث في العراق جامعاته لكي يدرسوا بها جنبا إلى جنب مع أشقائهم العراقيين ، كما أن ليس كل من درس بالعراق كان بعثيا ومنهم رفاقك وآخرون إلا من اقتنع منهم بفكر البعث وآمن به . وأخيرا نقول لعمروسية ما قاله أبو الطيب المتنبي :

على قدر أهل العزم تأتي العزائم .... وتأتـي على قدر الكرام المكارم
وتكبر في عين الصغير صغارها .... وتصغر في عين العظيم العظائم





الاثنين ٢ جمادي الاولى ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / كانون الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد العزيز بوعزي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة