شبكة ذي قار
عـاجـل










علاقة جدلية عجيبة أن تكون دعوجياً وتحب صدام حسين أعدم فرداً من أسرتك كان بمثابة القلب في الجسد والنبض في القلب .

أعدم صدام والدي لأنه شارك في عملية أغتيال نفذت من قبل عناصر حزب الدعوة سنة 1982 ، منذ ذلك التأريخ ولعنة صدام تلاحقنا وتلاحق أسرنا ، لم نرى خيراً عقب هذا التأريخ وكأنّ هذا الرجل كان ولياً من أولياء الله وأهلنا يقولون بالشعبي ( يشورّ ) ..

كنت صبية عام 1982 ، أعي ما يدور حولي لأن والدي كان يجري نقاشاته مع الدعوجية أمامي وأمام أخوتي فنحن في نظره أطفال وربما كان يهيئنا لنسير على نهجه ونسلك مساره .

عندما وقعت عملية الأغتيال المشئومة في تلك السنة المشئومة وأقول انها مشئومة لان الاحداث اللاحقة انها يجب ان توصف بهذا الوصف ، شعرت في ذلك اليوم أن لعنة صدام ستبقى تلاحقنا حتى لو مات صدام أو مات من دبر عملية الأغتيال أو من نفذها ، احساس ظل يرادوني طويلاً جاهرت به مرات أمام أمي التي كانت تستذكر أعدام أبي في يوم شؤوم .

رجل كاد أن يفقد حياته لولا ستر الله !! حفظه الباري لسبب لا يعلمه الا هو فأكيد هذا الرجل محظوظ ( مبخوت عندنا ) وعمره طويل اطول من عمر أبي ومن أعدم في جريمة الأغتيال ..

أغتال حزب الدعوة صدام بعد أن أوصلته أمريكا إلى السلطة وسلمته مقاليد الحكم على طبق من الذهب ، وهو الحزب الذي قدم أبي وعشرات الأباء مثله إلى مقصلة الأعدام ليأتي نوري المالكي بعد سنوات مع حيدر العبادي وهادي العامري ويتبوئوا المناصب وينعموا بالخيرات ويأكلوا مالذ وطاب من الأنعم والخيرات ويركب أولادهم وبناتهم سيارات فارهة وتتجمل نسائهم بأغلى أنواع الذهب والمجواهرات بينما تلتحف أمي للان السواد ومعها النسوة اللواتي ترملنّ وقد كسا الشيب شعورهنّ وغزت التجاعيد وجوهن بسبب الألم والضيم ّ ..

عندما كبرت ، سألت أمي لماذا لم يقدم كبار حزب الدعوة أمثال عمو نوري وعمو هادي والعبادي والجعفري على تنفيذ عملية الأغتيال بأنفسهم ودفعوا أحمقاً مثل أبي لينفذ عملية الأغتيال ليدفع حياته ثمناً فيما بعد وأعيش أنا يتيمة طوال عمري وتعيشين أنت أرملة بينما تعيش ( مرة المالكي ) ملكة طول حياتها وتلعب رحاب وأسراء بالفلوس لعبة ونحن من كان يجديّ لقمة الخبز لولا أنسانية صدام وأنسانية البعثيين في تلك السنوات التي لم يعاملونا كوننا عائلة معدوم بل كعراقيين !!.

قبل عام ، دفنا عمي الأصغر من أبي الذي أستشهد عندما فجرأنتحاري نفسه في مركز للشرطة كان عمي أستلم إدارته تكريما لأبي المعدوم ، لقد أستفاد من أمتيازات الشهداء الممنوحة لعوائل وأقارب حزب الدعوة فتعين في وظيفية أمنية كبيرة لكن لم ينعم بالراتب ألا زمن محدود .. لا خير يأتي من هذا الحزب حتى لو اكرمنا بمليارات الدولارات ، فلوس ما بها بركة !!

وقبل أشهر فقط جاء عناصر حزب الدعوة ومعهم جثمان أخي ملتحفاً براية حزب الدعوة شهيداً ، كان قد أصر أن يذهب ويقاتل داعش في الموصل ثأراً للأمام الحسين عليه السلام وأنتقاماً من صدام الذي أعدم والدنا المشارك في عملية أغتياله ..

عادت أمي وتوشحت بالسواد مرة أخرى وعاد طير حزين يحوم حول منزلنا فهناك أسطورة تقول أن روح الشهيد تتحول إلى طير يحوم حول منزل العائلة لكننا لم نلمح هذا الطير يحوم في منزلنا يوم أعدم أبي فهل كان هذا إشارة أن أبي ليس شهيداً ومن يقتل من عناصر حزب الدعوة ، الله أعلم !!

في اليوم الذي سمعت فيه أسم هذا الحزب يدور في منزلنا أحسست باللعنة وخمنت أن الخراب سيصيب بيتنا وأسرتنا وصدق حدسي فبعد زمن قليل جداً فقدنا أبي وفقد بيتنا الراحة والأستقرار حتى بعد موت صدام حياتنا لم تتغير رغم الأموال التي دخلها بأعتبارنا أسرة شهيد ناضل لاغتياله .... كانت حياتنا قبل محاولة أغتياله تسير بشكل أجمل واهدء فوجه أمي كان بشوش تضحك طوال الوقت .

دفنا أخي علي الذي ذهب ليقاتل داعش في الموصل وينتقم من قتلة الأمام الحسين عليه السلام وينتقم من صدام قاتل والدانا لكنه عاد مقطعّ الأوصال لن تلحم عطايا حزب الدعوة ولا قطعة واحدة من أوصاله المقّطعة أرباً ارباً بفعل أنفجار بيت ملغم ّ من قبل داعش .

مات أبي ومات علي وحيدر يهيئ نفسه لينتقم من قاتل أبيه وقاتل اخيه وعمه لأن الشيخ قيس الخزعلي أفتى أن جهادهم في الموصل ثأراً لمقتل الأمام الحسين الذي استشهد قبل 1400 سنة وهذه معادلة يصعب عليّ فهمها .... يجلس حيدر قبالة أمي ويقسم بجسد الحسين الطاهر أنه سيأتي برؤوس الدواعش إلى البيت ويضعهم أمام عينيها لتهدأ روحها وتسكتين وأنه سيلعب بهم ( طوبة ) في فناء الدار .

أجلس أمامهم صامتة ، لا اجروء أن أخبرهم أن لعنة صدام هي التي تلاحقنا وستبقى تلاحقنا حتى وأن رحل ، لا اجروء أن أخبر أمي أن اليوم الذي أنتمى فيه أبي لهذا الحزب كان يومً شؤم لم نجن منه سوى الخراب لقد اخذ منها زوجها وأبنها وسيأخذ منها حيدر .

كل هذه الأحداث تثبت ان حزب الدعوة على باطل . وصدام حسين كان على حق . كنت أدرك ذلك ولكني لم استطع البوح بذلك . لكني اليوم اعلنها بصوت عالي تسمعها كل امراة ترملت وبنت تيتمت بسبب متاجرة قيادة حزب الدعوة بدماء أزواجهن وابائهن.





الاحد ٣ ربيع الثاني ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / كانون الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مها الدجيلي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة