شبكة ذي قار
عـاجـل










على إثر تصويت مجلس النواب في تونس على تعويض الولايات المتحدة على احتراق سفارتها ومدرستها في العاصمة التونسية على يد الجماعات السلفية في سبتمبر 2012 تساءلت بيني وبين نفسي لماذا ولماذا ..... ولماذا تهون علينا بلادنا وأنفسنا إلى هذا الحد فما أسهل أن نتخلى عن حقوقنا ، فلماذا علينا نحن العرب وحدنا أن نلتزم بالعهود ونحترم المواثيق حتى وإن كان ذلك على حساب كرامتنا ، فلماذا نجد أنفسنا كمن استجار بالرمضاء من النار ، فنجد أنفسنا مخيرين بين دفع التعويضات أو التخلي عن جزء من تراب الوطن مهما كان حجمه صغر أو كبر ، وهذا يجعلنا نستذكر التاريخ : هل عوضت الولايات المتحدة على تدمير العراق و مقتل الآلاف من أبنائه منذ 1990 وإلى اليوم وتيتم أبنائه وترمل نسائه وخراب كل البلاد والعودة بها لأكثر من قرن إلى الوراء كما توعد جيمس بيكر سنة 1990 ، بعد الحرب التي شنتها لأسباب واهية ، وهل عوضت الأمم المتحدة الشعب العراقي عن فترة الحصار الجائر الذي فرضته عليه لأكثر من 13 سنة ، وهل عوضت قبل ذلك ليبيا بعد ضربها عام 1986 وحصارها بعد ذلك ، وهل عوضت قبل ذلك الهنود الحمر التي سلبتهم أرضهم وأفنتهم وفرضت عليهم الإقامة في محتشدات حتى سلبتهم ثقافتهم وحضارتهم وكذلك فيتنام وكوريا وغرينادا وبنما وووو .....

وهل عوضت بريطانيا كل الشعوب الأصلية في أستراليا وكندا وجزر الكراييب والمحيط الهادي عندما سلبتها ثقافاتها وفرضت عليها الحضارة الأنقلو سكسونية وهل عوضت اسبانيا والبرتغال العرب الذي هجرتهم من الأندلس بعد ثمانية قرون من الحضارة وهل عوض الكيان الصهيوني تونس بعد ضربة حمام الشط التي اختلط فيها الدم التونسي بالفلسطيني وقبل ذلك كل الشعب الفلسطيني الذي أنتزعت منه أرضه وفرض عليه الشتات في كل أصقاع الأرض ،

فلماذا هؤلاء الذين يدعون أنهم ابتدعوا ثقافة حقوق الإنسان وسيادة القانون لم يحترموا عهودهم بينما الشعوب الضعيفة والمغلوبة هي التي عليها أن تطبق القانون وتحترم حقوق الإنسان والعهود بين الدول ، ونحن العرب فقط من علينا التعويض حيث عوضت ليبيا ضحايا لوكربي ولم تثبت عليها تهمة تفجير الطائرة ، والعراق عوض الكويت وكل من رفع قضية يدعي فيها أنه تضرر من الحرب من شركات وأفراد وتونس صوت مجلس النواب فيها على تعويض الولايات المتحدة بالتخلي عن سيادة البلاد ومنحها الأرض التي تقيم عليها سفارتها . ثم نسأل نواب الشعب لماذا يرتهن الشعب التونسي بقرار التعويض عن جرم لم يقترفه بل اقترفته عصابات خارجة على القانون لا زال الشعب والبلاد تكتوي بنارها منذ 2011 وإلى اليوم ، أليست أمريكا نفسها من أنشأت هذه المجموعات وهيأت للإسلام السياسي لكي يجتاح الوطن العربي ويصل إلى سدة الحكم في المغرب وتونس ومصر وقبل ذلك ليحكم العراق بأحزاب طائفية كانت وراء الإقتتال في العراق وسوريا ، فإذا كان لا بد من التعويض على الأضرار التي لحقت بالولايات المتحدة فإن ذلك من مسؤولية حركة النهضة اعترافا بجميل الولايات المتحدة التي جاءت بها إلى السلطة ولأنها من سهّل وبرر وغطى عن المجموعات التكفيرية التي ارتكبت الفعل ، أما أن تستلب إرادة الشعب التونسي كله لتعويض الولايات المتحدة فهذا ما لا يجب أن يكون حيث لن يرحم التاريخ وستلعن الأجيال كل من صوت على هذا القرار وفرط في ذرة من تراب الوطن لقاهرة الشعوب وعدوتها الولايات المتحدة .
 





الاحد ١١ ربيع الاول ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / كانون الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد العزيز بوعزي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة