شبكة ذي قار
عـاجـل










بدأ التعاون الامريكي التركي بشعار التقارب مع الغرب الذي رفعه كمال أتاتورك بعد قيام الجمهورية التركية عام 1923 وشهدت العلاقات الأمريكية التركية تطورا ملحوظا في مجالات متعدده سياسية وأقتصادية وعسكرية أدت الى دخول تركيا في حلف شمال الأطلسي عام 1952 وأقامة قواعد عسكرية ومناورات تدريبية وأستخدام أراضيها في عمليات عسكرية وأمنية متنوعه خاصة في فترة الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلف وارسو لدول اوربا الوسطى والشرقية وفي أطار بحث الدولتين عن قواسم مشتركة وآليات للتحالفات العسكرية لمواجهة الظروف والتحديات المشتركة وخاصة النفوذ السوفيتي السابق والأمتداد الشيوعي في العالم ولقد لعبت تركيا دورا اقليميا مهما نظرا لما تمتلكه من موقع استراتيجي دولي وتحكمها في معابر بحرية مهمة وأمكانية الأحتواء الغربي ضد الأتحاد السوفيتي وعلى الرغم من حدوث عدة أزمات بين الدولتين الآ ان هذه الأزمات لم تؤثر على جوهر هذا التعاون الأستراتيجي بين البلدين وما ان أشرقت شمس حزب العدالة والتنمية حتى ظهرت للسطح ظلامية هذه العلاقة فلم تعد تركيا أتاتورك هي نفسها تركيا أردوغان بعد تولي حزب العدالة والتنمية السلطة في نوفمبر عام 2002 حيث اختلفت النوايا وسادت الشعارات وتضاربت المصالح فاتسمت العلاقات بين الدولتين بعدم الثقة وزيادة فجوة الخلاف والأختلاف في المواقف وأنفراج في القرارات كان من نتائجها رفض مجلس النواب التركي في مارس 2003 السماح للقوات الأمريكية بأستخدام اراضيها لأحتلال العراق مثلما فعلت دول عربية واقليمية أخرى فثار ذلك استياء المسؤولين الأمريكان من هذا الموقف وعلى رأسهم نائب وزير الدفاع الأمريكي ( بول وولفتنز ) فأجّلت الولايات المتحدة الأمريكية قرضا لتركيا قيمته ( 8,5 ) مليار دولار وبالمقابل رفضت واشنطن نشر قوات تركية على الأرض العراقية للمساعدة في جهود الأعمار كما رفضت التعاون الأقتصادي بين تركيا وأقليم كردستان العراق وفي الأزمة السورية كان موقف أنقرة يدعو الى اسقاط نظام حكم الأسد كأولوية بينما امريكا ترى ان محاربة داعش هي الأولوية وفي موضوع آخر ترى تركيا ان قيام الجيش الأمريكي بأسقاط أسلحة لمقاتلي حزب الأتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا يمثل انحياز امريكي لتوجهات الأحزاب الكردية في مقاتلتها للقوات الأمنية التركية داخل أراضيها .

وفي أطار العلاقة بين أنقرة وطهران والتي تميّزت بتحسن كبير وعلاقات اقتصادية متينة وسياسية متقاربة أثارت غيض الولايات المتحدة الأمريكية التي أعتبرت ايران ضمن محور الشر وأمتعضت واشنطن أكثر بعد امتناع تركيا عن التصويت في الأمم المتحدة لقرار يفرض عقوبات أقتصادية على ايران .

فبدأ من هنا العد العكسي لعلاقات الولايات المتحده الأمريكية بتركيا فقد أعترضت واشنطن على عمليات القمع التي مارستها القوى الأمنية التركية ضد تجمع الليبراليين الشهير في ( حديقة غيزي ) في اسطنبول وأنتقاد امريكي واضح لحقوق الأنسان في تركيا .

وترى الحكومة التركية ورئيسها رجب طيب اوردغان ان الحكومات التركية المتعاقبة منذ قيام الجمهورية الأولى ترفع شعارت التقارب مع الغرب وتسير على خططه وهداه غير ان حزب العدالة والتنمية وهو حزب ديني يرفض هذه التوجهات ويرى ان لتركيا مصالح وطنية وهي التي تختار وفق ما تراه مناسبا اي علاقة دولية تحقق هذه المصالح دون ان تكون تابعة لأجندات خارجية .

وعلى ضوء ما تقدم يكمن سؤال هل ستسلم واشنطن المتهم الأول في احداث انقلاب الجمعة الماضية للسلطات التركية والمقيم على أراضيها في ولاية بنسلفانيا الأمريكية وهو رجل الدين المعروف والمنفتح على الغرب فتح الله غولن هذا الأنقلاب الذي ذهب ضحيته الآلاف من المدنيين والعسكريين وأستهدف رئيسا منتخبا أختاره شعبه لقيادته في هذه المرحلة ام انها ترفض تسليمه وبالتالي تكون قد أنهت علاقة استراتيجية مهمه مع حليف استراتيجي ومهم كتركيا ووضعت حدا لعلاقات سياسية وأقتصادية وعسكرية هي اليوم أحوج اليها من الأمس وان منطق التأريخ والسياسة يرجح تسليمها اي الولايات المتحدة الأمريكية المتهم للقضاء التركي على ان يحاكم محاكمه عادلة للمحافظه على أرث طويل من العلاقات مع تركيا او يحرق هذا الأرث وبكل مافيه من اجل شخص قد يكون مقرب من الغرب وتآمر على سلطات بلده ومن حقها ان تحاكمه وفق قوانينها المرعية خصوصا بعد تقديم أنقرة لملفات تدينه بالتآمر .والأيام القادمة ستكشف لنا هذه الحقيقة .





الثلاثاء ١٤ شــوال ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / تمــوز / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب شاكر عبد القهار الكبيسي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة