شبكة ذي قار
عـاجـل










اليوم الحادي عشر من تشرين الأول/ اكتوبر الذكرى الخامسة لوفاة المرحوم المناضل الدكتور محسن خليل العبيدي ممثل العراق الدائم لدى جامعة الدول العربية وسفير العراق الى جمهورية مصر العربية، يمر هذا اليوم والأمة محبوبة محسن خليل تمر في احلك ظروفها، ويمر العراق عمود الامة وايقونة نصرها اليوم في ايام عصيبة حيث الشعب ثائر على من ظلمه، ومن ظلمه اليوم يترنح يحاول مرة الأتكاء على الامبريالية العالمية ورمزها امريكا المتوحشة صاحبة التاريخ الدموي في العراق ومرة اخرى يتكئ على العدو التقليدي للعروبة ملالي طهران ومن ولاهم من ملالي لبنان. لكن تبقى كلمات المرحوم محسن خليل ترن في اذني منذ الأيام الأولى للأحتلال حين قال ستنبثق المقاومة العراقية لتسطر سفرا خالدا في طرد المحتل واعادة البلاد الى اهلها العراقيين.

اردت في هذه المناسبة التي تذكرنا برجل من رجال عهد البطولة ان استذكر بعض مما تعلمته في سنة واحدة عملت خلالها مع السفير المتميز محسن خليل في ممثلية العراق لدى الجامعة العربية ومعي نخبة من المتميزين من موظفي وزارة الخارجية العراقية آنذاك. فقد التحقت في ممثلية العراق لدى الجامعة في السابع عشر من نيسان 2002 واستمريت بالعمل مع المرحوم محسن خليل الى يوم احتلال العراق في التاسع من نيسان 2003. خلال هذا العام تعلمت الكثير على يدي هذا الرجل المعطاء. يعرف الكثيرون ممن عرفوا محسن خليل وعملوا معه انه حاسم وحازم ويحترم الوقت ويدعم الدبلوماسي الناجح ويفتح الآفاق للدبلوماسي الذي يستشرف فيه الكفاءة، لكن مما لا يعرفه عنه الكثير من موظفي الخارجية ان المرحوم محسن خليل كان يشاور مساعديه لا سيما من يثق بهم قبل ان يتخذ اي قرار. محسن خليل لم يكن ليستحي عندما كان يسأل عن امر لا يعرفه. كان قارئا نهما وكان يفرح بالهدية عندما تكون كتابا. كل وقته كان للعمل الدبلوماسي والسياسي والأعلامي. لا يحتكر العمل اذا رآى ان هناك من يستحق الأعتماد عليه. يبدو انني وزميل لي كنا اهل لثقته، فقد كان يستشيرنا رحمه الله بامور كنت اعلم انه يعلم حيثياتها ومن ثم قراره فيها لا يحتاج مشورة. لكنه كان يسأل ويستفسر ويتشاور. بعد اشهر قصيرة من العمل مع المرحوم محسن خليل ابلغني انني يمكن ان اخاطب المركز مباشرة في كل القضايا الأقتصادية وابعث كل التقارير الخاصة بالجانب الاقتصادي الى الدائرة المختصة بوزارة التجارة وبوزارة الخارجية وبتوقيعي وليس بتوقيعه وكما هو معمول، قلت له هل سيكون هذا الفعل مقبولا، قال سنجعله مقبولا طالما انه يقلل البيروقراطية ويسرع العمل. واذكر انه قال لي عندما تشعر ان هناك بعض القضايا التي تريد ان اطلع عليها قبل ان ترسلها فمكتبي مفتوح. كان يزعل اذا اخطأت بشيء ويقول لي ليس لدينا وقت لنتوقف فالمسيرة طويلة ولا تتحمل خسارة الوقت.

عرفني المرحوم محسن خليل على نخبة كبيرة من اهل السياسية والفكر والصحافة في جمهورية مصر العربية ولم يكن يحتكر العلاقات لنفسه بل يعد تلك العلاقات ذخيرة لكل الدبلوماسيين العراقيين الذين سييعقبونه. كان يؤمن ان كل الوقت هو للعراق واذكر انه يوما كنا نجلس في مكتبه وكانت الساعة قبل منتصف الليل بقليل وشعرت باعياء شديد، فقلت له انا تعبت وساذهب الى الدار فقال "بعد وكت". كانت يتابع عمل الجامعة العربية ويمارس عمله كسفير للعراق في مصر ويلتقي الصحفيين ويمارس دورا سياسيا محوريا في مصر من اجل تفويت الفرصة على اعداء العراق، ويكتب في الصحافة المصرية ويرسل التقارير السياسية الى المركز ويجري المقابلات التفزيونية ويحضر المؤتمرات والندوات والتظاهرات التي تقيمها المنظمات والنقابات ضد العدوان على العراق، وكان حبيب العروبيين واصحاب المبادئ، ويكتب مقالا اسبوعيا في صحيفة بابل. كل ذلك وكان دائما يقول اشعر بالتقصير تجاه العراق. كان يعمل كحلقة نحل لوحده ولم يكل او يصيبه الملل.

وحين اصابه المرض لم يؤثر ذلك على نفسيته بل اصبح اكثر وثوقا بالنصر. وآخر لقاء رسمي جمعنا قبل اشهر قليلة من وفاته وكان في عاصمة عربية وكان يوم جمعة فقال اثناء اللقاء لا تنسوا اخواني اليوم جمعة ولدينا صلاة، فاوقفنا اللقاء من اجل اداء صلاة الجمعة وذهبنا معا وعبرنا الشارع الى المسجد الى يقع امام مقر اجتماعنا فذهب ليتوضأ ثم صلينا وصلى بعدها السنن ففرحت كثير وانا اراه يصلي السنن فتلك من علامات المؤمن، اكملنا اللقاء وكان ذاهبا الى القاهرة ولديه مشكلة اذ ان تاشيرة الأقامة قد انتهت خلال فترة خضوعه للعلاج في احدى مستشفيات البحرين، وكنا قلقون جميعنا من امكانية عدم السماح له بالدخول الى مصر بسبب انتهاء مفعول تاشيرة الأقامة على الرغم من ان احد الأخوان وهو سفير سابق قد وعد بالتدخل لدى السلطات المصرية لمنحة تأشيرة دخول، ولكنه قال لا تقلقوا سادخل ان شاء الله، فقلت له كيف، قال عربي مثلي لا تستطيع سلطات اية دولة عربية ان تمنعه من الدخول اليها. ثم التقينا اللقاء الاخير في داره العامرة بالقاهرة لأرى بنفسي فرحة الناس عراقيين ومصريين وعرب بلقائه من جديد بعد غياب طويل في رحلة العلاج ولم اكن مستغربا.

ان هذا العربي الأشم ترك فينا نحن تلامذته وزملائه واصدقائه ورفاقه ما يجعلنا نفخر به حيا وميتا، وما يجعلنا نتذكره دائما عنوانا من عناوين قهر المعتدين .. ندعو الله العزيز ان يعطيه خير ما تمنى مؤمن وان يحفظ ولديه بسام وعلي وان يخرج من اصلابهما الف محسن خليل، وانا لله ونا اليه راجعون





الاثنين ٢٨ ذو الحجــة ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / تشرين الاول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمود خالد المسافر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة