شبكة ذي قار
عـاجـل










الأخوة أعضاء المؤتمر القومي العربي المجتمعين في بيروت لحضور الدور السادسة والعشرين للمؤتمر. نرجو لكم التوفيق والنجاح بدورتكم وأملي الاطلاع على مداخلتي هذه التي أقدمها بين أيدكم

المؤتمر القومي

بين الحفاظ على ثوابت المشروع القومي والإفراط في الموازنات الظرفية

 ننوه أولاً أن القصد والنية من ذكر ملاحظاتنا هذه ما هو إلا بسبب حرصنا على مسيرة المؤتمر خشية الاحتواء بسبب الإفراط بسياسة الموازنات التي تنتهجها الأمانة العامة للمؤتمر، حتى وإن كانت تلك الموازنات تأتي على حساب مبادئ نهجنا القومي {وهي موازنات ظرفية بطبيعة الحال}. لذا لن يكون حديثنا عن مبادئ الفكر القومي فهمّنا واحد ومشربنا واحد هو الولاء للعروبة تاريخاً وثقافة. بل أن تشخيصنا مُبنى على مجموع مواقف المؤتمر والتي تؤشر وبشكل واضح وملموس على التراجع عن أسس التضامن القومي، وتسجيل العديد من المواقف الخاطئة أو الغير واضحة فيما يخص ساحات الصراع في دول الثورات العربية وتحديداً فيما يخص الشأن العراقي، حيث بدأ النخر واضحاً، وسنذكر بالخصوص الساحة العراقية لأنها بمنظورنا هي البوصلة الحقيقية للمواقف:

1 - الساحة العراقية:

حفلت دورات المؤتمر القومي العربي بعد عام 2003، بخطاب متوازن وداعم للمقاومة العراقية، إلا أن التغير بدأ بعد عام 2006 بالتدريج، حيث أوضحت الأحداث الدامية في بداية تلك السنة شكل وحجم الاستهداف الذي تعرض ولا زال يتعرض له عرب العراق من إبادة عرقية على أيدي المليشيات الطائفية المدعومة من إيران، وما عملية تفريغ حزام بغداد من مكونها العربي إلا صورة مصغرة لما يدور ، وفي النهاية أن المستفيد من هذا التغير السكاني هي إيران. في حين أننا لم نرَ أي حالة من النقد ولو بشكل خجول في بيانات المؤتمر خلال عام 2006 كله لما كان يجري على الساحة العراقية، ولم يكلف المؤتمر نفسه جهداً بالطلب من الجانب الإيراني تفسير ما يجري، أو تفسير تهم التعاون الخفي والدعم الغير محدود من قبل إيران لقوى الاحتلال، مع تحفظ المؤتمر باستمرار بأن لا يوجه أي إدانة لأي فعل جرمي قامت أو تقوم به إيران بشكل مباشر ( الحرس الثوري ) أو من خلال أذرعها ليس على الساحة العراقية وحسب بل وعلى بقية المنطقة.

الاتفاقية الأمنية لعام 2008:

 الاتفاقية الأمنية بين العراق وأمريكا تضمنت وجوب انسحاب جميع القوات المقاتلة من المدن والقرى العراقية في موعد لا يتعدى تاريخ تولي قوات الأمن العراقية كامل المسؤولية عن الأمن في أي محافظة عراقية، على أن يكتمل انسحاب قوات الولايات المتحدة من الأماكن المذكورة أعلاه في موعد لا يتعدى 30 يونيو/حزيران عام 2009 م. هذه الفترة تركت حيزاً واسعاً لخلق فراغ أتاح فرصة ذهبية للمتربصين بالعراق لملئه. فأطلقت الولايات المتحدة يد إيران لملئ الفراغ واستبدال الاحتلال الأمريكي باحتلال فارسي. وهذا لم يعد خافياً على أي متابع للأحداث إلا أننا لم نقرأ أو نسمع عن أي موقف للمؤتمر بشأن الأمر ذاك. ولا حتى الإتيان على ذكر الدور الإيراني في العراق وكأنما أصبح مسلمة أن يكون العراق تابع للمحتل الجديد دون وجود موقف قومي حازم تجاه ما يحدث في العراق. كانت النقاشات تدور حامية وكنا خلال اللقاءات التي تجري عبر دورات المؤتمر نشير إلى أن هناك تواجد أمني إيراني وهناك قوة عسكرية إيرانية تقوم بعمليات تطهير سكاني في محافظة ديالى بدءاً من عام 2009، وقامت بتحويل مجاري الأنهار التي تنبع من الجبال الإيرانية على الحدود وتروي محافظة ديالى , وكان الجواب المعهود عن كل حدث أو تجاوز إيراني على أهل العراق، ( لا تغيروا البوصلة معركتنا الحقيقية مع العدو الأمريكي ) . وما حقيقة هذه الجملة إلا لتكميم الأفواه، وهذا الموقف يذكرنا بموقف اليسار العربي بعد قرار التقسيم وبدء الحرب العربية ضد المستوطنات الصهيونية، خرج اليسار العربي آنذاك وهو يرفع شعار ( معركتنا الحقيقية مع العدو البريطاني وليس مع اليهود ) التي كممت الأفواه وتركت للمشروع الصهيوني أن ينمو ويتمدد. واليوم تكمم الأفواه بحجة العداء لأمريكا وتترك الساحة العربية مكشوفة للمشروع القومي الفارسي، كما تركت فلسطين للمشروع القومي اليهودي، نذكر ذلك مع وجود اختلاف بالتفاصيل والحيثيات بين حالة وحالة إلا أن التشابه واقع، والغطاء للمشروع القومي الفارسي على حساب وجودنا العربي قائم. ولازال المؤتمر ليس له موقف محدد تجاه التواجد الأمني والعسكري لإيران داخل العراق لحد كتابة هذه السطور على الرغم من انكشاف التعاون الأمني بين الطرفين الأمريكي والإيراني على الساحة العراقية بشكل واضح وجلي.

في موضوع متصل:

عقد المؤتمر القومي العربي دورته الثامن عشر في عام 2007 في البحرين، حينها طرحت خلال المؤتمر ورقة القضية الأحوازية كبلد عربي تم احتلاله من قبل الفرس، وقد تكلمت ضمن سياق المؤتمر: ( أنه لا يمكن لنا إقرار عروبة الخليج العربي دون عودة الدفة الشرقية للخليج، أي الأحواز، إلى الحاضنة العربية ) ، ولم يشير المؤتمر لا من قريب ولا من بعيد ما تم اثارته حول القضية الأحوازية بقدر ما تناول بيانه الختامي حق إيران بامتلاك الطاقة النووية السلمية مع نقد خجول لموقف إيران على الساحة العراقية أنقله نصاً من موقع المؤتمر القومي العربي: {أما المسألة الثانية التي كان المؤتمر فيها واضحاً وصريحاً فهي اعتراضه على السياسة الايرانية في العراق ودعوته القيادة الايرانية الى اجراء مراجعة شاملة لها والى دعم واضح لطليعة الشعب العراقي المقاوم للاحتلال الانكلو – أميركي[1]}، بل كان هناك بعض الأخوة في المؤتمر من يتندر على مطالبتي وإثارتي للقضية الأحوازية.

كما تمت إثارة موضع الأحواز العربية خلال الدورة الثالثة والعشرين والتي عقدت في الجمهورية التونسية على مدى ثلاثة ايام في حزيران/ يونيو 2012، وقد نوهنا حينها إلى أن الموقف القومي لا يجوز أن يُجزأ، وأن الشعب العربي في الأحواز لا يزال حريصاً على انتمائه لعروبته. ولم يشر البيان الختامي هذه المرة أيضاً لهذه القضية المنسية رغم حيويتها وخطورتها لإتمام المشروع القومي، والساحة الأحوازية حالياً تتفجر بها ثورة جديدة بعد ثورة 2005 والتي تجاهلها المؤتمر بالكلية دون الإشارة إلى نضالات الشعب العربي الأحوازي وثورته في عام 2005 . وبعد مجيء روحاني إلى سدة الحكم سجلت منظمات حقوق الإنسان زيادة ملحوظة بأعداد القتلى والذين تم تنفيذ أحكام الإعدام بحقهم، ثم ماذا كان موقف المؤتمر؟ وهنا أيضاً لا جديد النتيجة واحدة لا يوجد ذكر لثورة عشرة ملاين عربي.

نحن كمثقفين وحاملين للهم العربي نرفض أي ظلم مهما كان نوعه، ونحن مع الحراك السلمي لتحقيق حياة برلمانية أفضل وشفافية في البحرين، ولم تخلوا دورة من دورات المؤتمر إلا وكان هناك ذكر لحراك المعارضة البحرانية ونحن نتفهم ذلك، ولكن بالمقابل لماذا لا يوجد ذكر للإعدامات التي تتم في الأحواز العربية ولماذا لا تثار قضية إلغاء اللغة العربية من التداول في الوسط العربي الأحوازي، هناك عشرات المفردات والمواقف والتي تسعى بها السلطة الفارسية لإلغاء المكون الثقافي لعروبة الأحواز، ولا يوجد لهذا الموضع ذكر، ولم يبذل المؤتمر القومي العربي أي جهد للقيام بدراسة ولو بسيطة عن الأحواز، ولم يقدم المؤتمر أي ورقة عمل تتضمن القضية الأحوازية، من باب الحرص للحفاظ على الوجود العربي.

1 - اختلاف المواقف بين حرص المؤتمر على الدفاع عن المعارضة البحرانية، وتجاهله الكامل لثورة الشعب العربي في الأحواز المحتل، يوضح مقدار الإفراط بالموازنات السياسية على حساب الموقف القومي.

2 - اختلاف المواقف بين حرص المؤتمر على المعارضة البحرانية، وتجاهله لمجزرة الحويجة من قبل حكومة الاحتلال وتجاهله لعديد المجازر بحق العراقيين قبل وبعد الحويجة ، على يد العميل الصغير نوري المالكي رجل إيران على الساحة العراقية، تبين مدى الإفراط بالموازنات السياسية على حساب الموقف القومي.

3 - اختلاف المواقف بين حرص المؤتمر على دعم المقاومة في جنوب لبنان، وتجاهله التنسيق الأمني والعسكري بين إيران وقادة حكومات الاحتلال القابعين في المنطقة الخضراء لضرب المقاومة العراقية، تبين مقدار الإفراط بالموازنات السياسية على حساب الموقف القومي.

في ذات السياق قام مركز دراسات الوحدة العربية في ببيروت ندوة بعنوان: ( مستقبل الإسلام السياسي في الوطن العربي ) ، يوم 30/ 11/ 2013، وكانت الندوة تتناول فشل تجربة الإسلام السياسي في مصر، الملاحظة أن أكثر الحضور هم أعضاء المؤتمر القومي العربي، تم خلال الندوة تشخيص سلبيات أحد عشر شهراً مؤكدين على فشل التجربة، ولم يشخص المشاركين بئس تجربة الإسلام السياسي الإيراني ونتائجه الكارثية على الساحة العراقية.

4- اختلاف المواقف لرجالات الفكر القومي، بين ندوة تشخص فشل أحد عشر شهراً لحكم إسلام سياسي، وتجاهل أحد عشر عاماً من القتل والفساد المالي للإسلام السياسي الحاكم بالعراق والمحسوب على إيران، تبين مقدار الإفراط بالموازنات السياسية على حساب الموقف القومي.

الساحة البحرانية والأطماع الفارسية فيها، ليست أفضل حالاً من الساحة العراقية، إن كم التصريحات الرسمية ومن جهات إيرانية عديدة بأحقية إيران في البحرين من الكثرة بحيث لا تحتاج إلى استشهاد.       

5 - اختلاف المواقف بين حرص المؤتمر على دول الممانعة ومنها إيران، وتجاهله لأطماع إيران في عموم منطقتنا العربية، يوضح مقدار الإفراط بالموازنات السياسية على حساب الموقف القومي.  إن صعود وتوسع المشروع الفارسي دون اتخاذ أي موقف لردع هذا المشروع، لا نقداً ولا كشفاً لمخاطر هذا المشروع ليس على العراق وحسب بل وعلى الأمة ووجودها، بحجة أن العدو الحقيقي هي أمريكا، هو تفريط متعمد واختراق سياسي لثوابت منهجنا القومي.

الأخوة أعضاء الأمانة العامة ليست ورقتي هذه للتنظير في الفكر القومي، فأنا أعلم أن هناك بينكم من هو له باع واسع في عالم الفكر ، إلا أن الذي يشفع لي أني قد بينت أننا جمعياً عروبيّ الانتماء والهدف، وأن ملاحظاتي هذه على مواقف المؤتمر تنطلق من كون أن السياسة موقف، كان المؤتمر القومي يمتاز بالتنوع والقدرة على نقد أي نظام واي تجربة إلى أن بدأت المحرمات تتوالى تباعاً إلى أن أصبح المؤتمر وكأنه واجه حزبية يمثل لون واحد ومضلة لحزب الله اللبناني وللنفوذ الإيراني وليس إناء يسع كل الطيف من حاملي الهم العربي.

عضو المؤتمر القومي العربي

سعدون المشهداني / السويد

 ٢١ / ٥ / ٢٠١٥


[1] / الموقع الرسمي للمؤتمر القومي العربي تقرير من أعداد المدير التنفيذي للمؤتمر السيدة رحاب مكحل : http://www.arabnc.org/details.






الاثنين ٢١ شعبــان ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / حـزيران / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سعدون المشهداني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة