شبكة ذي قار
عـاجـل










في الحديث عن " الثــورة النبيلــــة " وأهــــدافها , والتي مما هـــو مؤكـــد أنها لابـــــد أن تكون " نبيلــة " في طبيعــتها , في هــذه العلاقــة الجدليـــة , بين " الثورة والأهـــــداف " , والا فانها لن تكون " ثــــورة " ولن تكون نبيلــــــــــة . أبـــــــدا .


وفي الحديث عن " الثــورة " و " الوحــدة الوطنيـــة " فـــأنه من الأهميــة ما لا يجوز تجاهل أبعــــاده . ذلك بما أصاب " أهــل العــــراق الأبــــــاة " في صميم ما يشكل طبيعة كونهم " أهــــل ـ مواطنين " في وطن هو العــــراق العريق الجميـــــــــــــــــــل , بما هو عليـه الوضع اليوم , فيما أصاب " الوحـــدة الوطنيـــة " من أضرار في الوطن الغالي , فيأتي العرض لجملة من الحقائق , وما يمكن أن تقدمه في عرض الحـــال , من أفكار وآراء ووجهــات نظــر , يمكن بمجموعها , مع ما يمكن أن يأتي به الحــوار الجاد والموضوعي بالخصوص , بأن يقدم ما يمكن أن يقدمه , من أجل الوصول الى موقف , هو ما يتطلبه الوضع في الوطن , والأمر مفتوح ليذهب بأتجاه أن " تتبلــور قناعـــات " ترى أن الحل يمكن أن يكون بالأخــذ بما يتم التوصل اليه في الرأي العام , بأن هـــذا " المتبلــور " هو المخــرج الى حل , ومعــه لايحتاج الأمر الا الى آليـــات عمــل , بغرض التنفيـــذ , لتحقيق الهــــــدف .


ليس خاف على أحــد , أن ما هو معروف عن " أهــــل العـــراق " أنهم يتميزون بما يعرف بـ " روح .. الأريحية العراقية " والتي هي جملة الصفات التي طبعوا عليها , وهي خلاصة ما استخلص من سيرة حافلة , وما ترسخ من وقائع أمجاد تاريخ عريق . في القيم والمثل الأنسانية الحضـــارية . في امتداد الجـــذر الى أبعد بعــد له منذ ظهورهم على مسرح الأحداث على سطح هـــذا الكوكب البــــديع العجـــــيب . فكان لهم في ابداعــــــــــــــاته الكثير والعـــــديد مما أوجـــدوه وأبدعــــــــــــوه , وفي العجــيب , كان لهم ما هـــــــو عجـــــــــيب أيضــــا. وعودة الى قراءة التـــــــــــــاريخ , لتأتي الشـــــــــــواهد , حكـــما , صادقــــا ومنصفــــا .


" ... احتفظ أهل العــــراق , بسماتهم الخاصة المميزة , وقد تعاقبت عليهم فصول واسعة النطــــاق , متتابعة الأحــداث , مترابطة المجرى , تفاعل فيها الأنسان مع المكان عبر الزمـان , فأنتج مغنـــاة حضارية منوعة الحوادث , طويلة الأمـد , ولكنها تنبض بقلـب واحــد , هو الأبـداع والتجــدد وارادة الحياة ". " العراق في التاريخ "


ان ما جاءت به " الحرب الجريمة , والأحتلال الغاشم , وسلطة العملاء " من .. " الفوضى الخلاقــة ...!!! ." والتي من أبرز معطياتها الكارثية ... " المحاصصــــة المشــؤومة .. و .. والطائفيــــة اللعينـــــة " بما تسببا به من تفتيت وتخريب وتدمير لـ " الوحـــــدة الوطنيـــــة " . ســتحتاج أي حكومة وطنية يقدر لها أن تأتي الى الحكم بذل جهود جبارة من أجل اعادة بناء هذه " الوحـــــدة " الى ما كانت عليه قبل التخريب ... , والتي بدون اعادة بنائها بالشكل الصحيح السليم والمتين سوف لن يكون لهــذا الوطن الذي ابتلي بالشرور , ما يمكن أن يتطلع اليه من استقرار , هو الأساس لكل محاولة نهــــــــــــــوض .


يذهب .. " د. عبدالحسين شــعبان " في مقال مهم له , تحت عنوان " الطائفيـــة .. وتشكيلات ما قبل الدولـــة " الى القــــول : " ... وعندما فشل المحتلون البريطانيون في حكم العراق مباشرة , .. ســـعوا الى زرع بـــذرة الطائفيـــة قانونيـــا , في مواجهة الوحــدة الوطنيــة , لاسيما بعد اندلاع ثورة العشرين في يوليو / حزيران ـ 1920 , حيث شــهد العراق التحامـــا وطنيا ودينيـــا وعشائريا , متجاوزا المشروع الطائفي , بالأجماع على حق العراق في الأستقلال وفي حكم نفسه بنفسه , وتقرير مصيره . " . ويضيف : " ... ان الأساس في التعايش الأنســاني هو ( المواطنــة ) التي تتطلب , مواطنين أحــــرار , بحيث تكون مواطنتهم عابرة للطوائف والأثنيات والأديان والعشائر والجهويات , في اطار وحدة كيانية متعــددة وموحدة في الآن . " ويخلص الى : "... لانتصــور وجود حل ســحري سريع للمشكلة الطائفية , سواء بأسقاط الرغبات أو التبشير بالتمنيــات , فالأمر يحتاج الى عنـــاء وبنــاء دستوري وقانوني ومجتمعي , ولاسيما رفع درجة الوعي والثقافة الحقوقية , فضــلا عن علاقات متساوية ومتكافئة , تؤسس لمواطنــة حــرة ." ويذهب الى الرأي : " ... ولعل الخطــوة الأولى والأساسية تبــدأ باصــــدار قانون ـ سن تشريع ـ بتحريم الطائفيــة , وتعزيز المواطنــة . ... ان وجود قانون .. سيكون ضدا نوعيا لا غنى عنه لمواجهة نزعات التمذهب والتمييز , والتسيد وادعــــاء الأفضليــــات , والتشبث بتقســـيمات ما قبــل الدولـــة .".


لابد من الوقوف ابتـــداءا عند الأسباب التي أدت بما أدت به الحال الى تعرض " الوحــدة الوطنية " الى ما تعرضت له . لينتهي الأمر بعد ذلك الى الأحساس بفداحــة ما أصاب هذه " الوحــدة " والتي هي من أهم ما كان يميز المجتمــع العراقي , بما عرف من " تعــدد وتنوع .. وتعايش وانســجام " بما يستوجب التنادي من أجل انقــاذها مما هي فيـــه , مما لايســر ولايشرف وطنا ولا مواطن , وتدارك الحال خوفا عليها من أن تنتهي الى ما لاتحمــد عقبـــاه . وذلك بالتوجه بالدعـــوة الى ما يمكن أن يحافظ عليها ويعيدها الى ما كانت عليه . في أقل تقـــــــدير .


ان ما يجب أن يكون في حسابات " الثـــورة " وفي أولويات جدول أعمالها , أن تتوجــه بكل حرص واهتمام الى العمل من أجل تحقيق " مصالحة وطنيــة " وطيـــدة .. شاملة كاملــــة . بهــذا لابد لها من الوقوف عند حقائق ثابتــة , في الجغرافية والتاريخ والأجتمـــاع , في التأكيد على " وحــدة الوطن .. أرضــا وشــعبا " مع ضرورة انهاء كل ما جاءت به الحرب الجريمــة وما تركته من آثـــار . والمتمثلــة بمايلي على سبيل المثال وليس الحصــــر :


ـ الأحتلال بكل آثاره , بأهدافه ومخططاته , وكل ما عمــل ويعمل على تفتيت الوطن .. أرضا وشــعبا .


ـ السلطة التنفيذية .. القائمة على المحاصصة , بكل ما تستند اليه , والتي لاتقوم في التطبيق الا على هدف تفتيت " الوحــدة الوطنيــة ".


السلطة التشريعية ..في اعتمادها على " العملية السياسية " بكل ما جرت على الوطن من ويلات , مهما جاء تشبثها في الحديث عن " ديمقراطيــة .. !!! ." في حقيقة أمرهـــا هي التعبير المزيف والمخادع .. لكل ما جاء مســــتوردا من فســاد ... على ظهـــــــــــور الدبـــــــابات .


ـ السلطة القضــائية .. المؤلم فيها هو أنها السلطة التي كان يجب أن تنأى بنفسها عما أصاب السلطتين ـ التنفيذيـــة والتشريعية ـ الا أنها ولللأسف الشديد وفي حقيقة أمرها تعاني من الفساد حتى أكثر من معاناتهما .


ان ما يجب أن يكون التطلع اليه في العمـــل من أجل تحقيق " مصالحة وطنيـــة " حقيقيــة , هو أن يكون مســتندا الى اعادة تمهيــد أرضية بدونها لايمكن لأي جهد أن يحقق شيئ بدونـها , وبهـــذا تأتي الأشـــارة الى أن أول عمل يجب أن تقوم به الثـــورة هو الغــــــــــــــــــــــاء :


ـ قـــرار .. " حـــل الجيش العراقي الأصـــيل " ـ وقد جرى الحديث فيه كثيرا ـ بما ترتب عنه من آثار لاحدود لأضرارهـــــا , فهو المؤسسة التي كانت تتمـــــــثل فيها " الوحـــدة الوطنيــة " بأجلى معانيـــها . الى جوانب اخرى عديدة ومهمة .. تتعلق بالوطن في العديد من الوجــــــوه .


ـ قــرار .. " اجتثــاث البــعث " .. هذا القرار الذي لم تكن أثاره في الضرر الذي أصاب الوطن والمواطن , بأقل مما أصابهما في قرار حل الجيش . البعث الذي عبر ومازال وسيبقى معبرا في الفكر والتنظيم عن أدق وأوسع وأعمق تعــبير عن " الوحـــدة الوطنيـــة ". مع ملاحظة .. في الأيجاز الممكن , لأن الحديث في الأمر طويل وذو شــجون . وهو, في وجه من وجـــوهه .. " ضرورة الفصل بين ما ينسب الى الفكر , وما يحال للتطــــــــبيق . ".


ـ الأعتقالات العشــــوائية .. وكل الأجراءات الجائرة بآثارها السلبية , على الوطن والمواطن , كانت وما تزال تعمل على تخريب وتفتيت " الوحـــدة الوطنيـــة " .


وعــودة في الختــــام الى " الطائفيــــة ... اللعينـــــة " فهي بيت الـــــــــداء , والســـيف الصـــدئ , الذي قصـــم ظهــــر البعـــــير . فليس من سبيل الى .. " وحـــدة وطنيـــة " حقيقيــة , الا بالقضـــــــــاء عليها , أو تحجــيمها ومحاصرتها , على أقل تقديـــــــــــر .


هــذه النقــاط الأساسية , التي لايمكن لأي جهد جـــاد وصادق وأمين , نحو التطلع لتحقيق " مصالحة وطنيــة " أن يتجاوزها والعبور من فوقــها , هذا من جانب , ومن جانب آخر , لابد من تأسيس لثوابت في العمل من أجل " المصالحــة " .. تنطلق من :


ـ اعتراف واقرار من كل القوى السياسية والوطنيـة ... بأن الوطن قد تعرض لحرب هي الجريمة بعينها , وان الأحتلال .. ووكــــلاءه , عملوا بكل جهد واعتمدوا كل الأساليب من أجل تدمير الوطن ونهبه واشاعة الفرقة والخلاف والأحتراب ... وأساسا في اثارة النعرة الطائفيــة . ألعن النعــــــــــــراة .


ـ الأقرار بأن النظــام القائم , قائم بالأساس على " مبــــدأ المحاصصـــة " الذي هو المعـــول الذي به بدأت عملية هدم أركان " الوحــــدة الوطنيــة " , وبهذا فأن أي تفكير , وبالتالي أي عمــل , لايتوجه الى الغـــــــــاء " المحاصصة " وذلك بالعمل على .." هدم أركان العملية السياسية " والتي لايمكن بدون ذلك , أبـــدا اعـــــــــــــــادة بنــاء " الوحـــدة الوطنيــة " .


يضل .. أي رأي وأي مقترح , يعالج بموضوعية هذا الباب , هو مفيد وضروري , كي يصار الى الوصول الى حال يمكن معه فعلا أن يقدم شيئ دقيق ومعبر وقابل لتوافق عام .. أولا , وقابل للتطبيق .. ثانيــا , ومستند الى مبـــدأ .. " مصلحــة الوطن العليـــــــــا " .


ويبقى في الأساس أن ..
" الثـــورة دائمـــة ... حتى يتحقق النصــــــر المــــــبين , وما النصـــر الا من عند اللـــــــــه " .

 





الاربعاء ٢٥ رمضــان ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / تمــوز / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. خالــد الســــامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة