شبكة ذي قار
عـاجـل










قد لا يخلو السؤال من استغراب أو علامة استفهام ،ولرب قائل يقول أن العراق قد حُسِمَ أمره أمريكيا وبات من حصتها ، ولرب من لا زال يحلم بالديمقراطية الأمريكية تحلق بأجنحتها وكل أدواتها في سماء وارض العراق توسلا ببناء مجتمع حر ديمقراطي كما رسمه ووصفه الإعلام الأمريكي في ذاكرة من أراد أن يصدق ذلك ، وممن يشك في انتمائهم للوطن والأمة وقبلها للإنسان ، حين كان للإدارة الأمريكية الرغبة والعزم الشديد على احتلال العراق وإزاحة نظامه الوطني ، وضرب الشرعية الدولية والإنسانية وضرب الأعراف الدولية ،امتثالا لمصالحهم التي تغذيها في الغالب عصابات الصهيونية العالمية تحت عنوان استحالة تعايش الكيان الصهيوني مع عراق معافى . ولا بأس وشعبنا يخوض معركة الحرية من أوسع أبوابها ، أن نعود بالذاكرة إلى ما قبل 9/4/2003 لنرصد مستوى الوردية في رسم الأحلام للعراقيين ، وكيف أن النظام (الظالم) قد حرمهم من كل شيء وانه السبب في شقائهم وتعاستهم وتخلفهم ، وان إزاحته وعلى يد الفاتح الأمريكي، تفتح طرق الهناء للشعب العراقي المحروم المضطهد من نظامه (وزعيمه الدكتاتوري) ،وأن لهذا الشعب أن يعيش عيشة تليق بحضاريته وعطاءه للعالم ، وطبعا ذلك لا يتم إلا بالتدخل الأمريكي في شؤونه وتحت عنوان إزاحة النظام (الدكتاتوري) ،

 

وهنا ثانية أن نعيد تسليط الضوء على ما تصرف به المحتل على مستوى تعامله مع العراق كحالة إنسانية كونه منبت الحضارة ومهد رسالات سماوية وحضارات أغنت البشرية ووضعتها على طرق الرقي والتحضر يوم كان العالم والإنسان فيه يعيش عيشة الغاب ويسلك سلوك من يقيم فيها على صعيد اغلب الفعاليات الإنسانية. دمر المحتل كل البنى التحتية التي هي ملك شعب العراق ، وألغى المحتل كل القوانين والقرارات التي تحفظ العراق وتحافظ على وحدته الوطنية والاجتماعية والجغرافية ، كما قام بحل وبتسريح كل عوامل وحدة الوطن ومطاردتهم للنيل منهم ومن نتائجها سقوط آلاف الشهداء منهم ، وزج أضعاف منهم في المعتقلات ليمارس عليهم شتى أنواع التعذيب وهتك كرامة الإنسان من دون مسوغ ،الا لكونهم يحملون في قلبهم وضميرهم حب العراق والإنسان ،وليتواصل في شنيع فعله ليؤسس لتجذير الحضور الصهيوني على ارض الوطن وليكون عونا لهم في كل شيء يمكنهم من إحكام سيطرتهم على العراق ومن بينها على سبيل المثال انتزاع الإرث اليهودي الذي هو ملك للعراق وشعبه وبعملية قرصنة مفضوحة يغتصب ويسلم للعصابات الصهيونية ، ولا منادي لمن جاء به المحتل لإدارة البلد نيابة عنه ، وردفا لذلك سلم الوطن على طبق من ذهب لتتصرف به إيران كيف تشاء طالما ان المصالح الأمريكية مصانة ، وأهداف احتلالها العراق محفوظة ومحافظ بالكامل على الالتزام بها ،دون ان نجد صوتا رسميا واحدا غير صوت شرفاء العراق والأمة والإنسانية المندد بما يجري من انتهاكات صارخة بحق الإنسان والمجتمع العراق وحاضر ومستقبل العراق ، فلا نظام رسمي عربي سمع له صوتا ، ولا حكومات تدعي إسلاميتها صدر منهم موقفا ، ولا عالما يدعي التحضر وحماية حقوق الإنسان وجدنا له اعتراضا على كل ما يجري في العراق من انتهاكات ،وقبل أن اذهب إلى السؤال الرئيس لما نكتب ،فهل وجدتم أحدا ممن نظّر لأهمية التدخل الأمريكي وفقا لمغريات قيل أنها كانت المؤثر لقبولهم ذلك ، هل وجدتم من عاد واعتذر لشعب العراق عن خطأ إقدامه على تأييد وتزويق التدخل الأمريكي في العراق ، واليوم والعراق ووفقا لكل التقويم على مستوى وطني أو إقليمي أو دولي يعيش أسوأ حالته ، ونظام الحكم في لا يتقدم عليه احد في فساده وسوء إدارته للبلاد ، ومستوى القتل والإرهاب والفساد فيه لا يمكن أن يقترب منه أي نظام حكم آخر في العالم ،والحاكم المستند في جوره وظلمه لقبول الإدارة الأمريكية والفرس به يعد من أسوأ الحكام الذي ابتلى بهم العزيز العظيم العراق ، واليوم والتقتيل بحق الشعب على أوجه،والفلتان الأمني غير المسبوق معبرا عنه بكثافة عمليات التقتيل والتفجير والتهجير وغيره ، والحرب المعلنة والتي يخوضها المالكي وميليشياته ضد شعب العراق ، لم تجد من العالم المتحضر الذي ناصب النظام الوطني العداء بحجة حماية الإنسان وحقوقه ،

 

لم نجد له أي رد فعل يتسم بإنسانية ما يدعون وانتصارا لما يحملون من شعارات أخذت من الإعلام العالمي والمحلي مساحات لم يأخذها موضوع آخر من قبله ، فهل يا ترى ان ضمان الإدارة الأمريكية لمصالحها في العراق قد أغلق أمامها كل احتمالات التدخل الإنساني لصالح الشعب العراق ، أم أن الهدف الرئيس كان وسيبقى هو إنهاء قوة العراق انتصارا للكيان الصهيوني ،والسيطرة على مكامن قوته واحتواءها إرضاء لتطلعها على مستوى التكتيك والاستراتيج ، والعمل بأي شكل كان على الحيلولة دون تمكنه من استرداد حريته واستقلاله ، اليوم حين نرى السكوت المطبق للنظام الرسمي العربي على كل ما يجري ضد شعب العراق ، واليوم حين نرى الاصطفافات العاجلة لكل الطيف السياسي الذي جاء به المحتل على تعدد مشاربه ورغم التناقضات التي يدعون ، للحيلولة دون أي تغيير يمس أهداف الاحتلال لا من قريب ولا من بعيد ، وحين نرى صحفا مولت أمريكيا واختطت لنفسها ما فهمه البعض انه خطا وطنيا تلقي بثقلها في الحيلولة دون انتصار إرادة الشعب ، ندرك وبما لا يقبل الشك أن المطلوب أمريكيا هو استمرار الدوامة التي يعيشها العراق ليس من يوم احتلاله ، وإنما منذ بدأ الإدارة الأمريكية إجراءاتها لاحتواء العراق . وما مارسته من اعتداءات عسكرية فاضحة وحصار اقتصادي جائر لا شبيه له في التاريخ ،فهل يعي شعبنا الحر الكريم أبعاد ذلك ، وهل يعي أولئك الذين شاركوا المحتل احتلاله وكانوا العون له في تنفيذ كل أهدافه ان المحتل لا يرضى بغير العراق محطما الى مدى غير منظور ، وهل لكل عاقل ينتمي صدقا للقيم والمثل التي نؤمن إلا أن يكون رافضا لاملاءات المحتل وعملائه ، وان يكون عونا وسندا للوطن في جهاده لاسترداد حريته واستقلاله ، وان يكون عونا للمجاهدين من اجل تحقيق ذلك ، الله اكبر حي على الجهاد ، الله اكبر حي على الجهاد.







السبت ٣ ربيع الاول ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / كانون الثاني / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عنه / غفران نجيب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة