شبكة ذي قار
عـاجـل










توطـــــئة


في احدى جولاتي التائهة بسوق المدينة ـ مدينة طنجة ـ لبيع المتلاشيات و الأشياء القديمة والمتهالكة من كل صنف ونوع , أثار انتباهي كتيب معروض بشكل عشوائي للبيع الى جانب أشياء أخرى لا علاقة بينه وبينها ـ أجزاء لمذياع قديم ’ ولوالب وأشكال حديدية صدئة , وأدوات وآلات منزلية غير صالحة للاستعمال ـ , سايرت فضولي فأمسكت بالكتيب . كانت دهشتي كبيرة الى حدود الدهشة الفلسفية التي قالوا في تعريفها انها تتولد من الوصول المضني والطويل الى معرفة او حقيقة لم يسبق اليهما, لأن الكتيب كان يحمل اسم صدام حسين وبعنوان عريض وبارز استقلاليتنا تستوحي معانيها من تاريخ الأمة العربية ’ وتجمل هذا العنوان بخريطة فلسطين في وسطها قبة الصخرة. والكتيب في الأصل كما جاء في هامش الصفحة الاولى عبارة عن حديث الرفيق صدام حسين الى الوفود الفلاحية الشقيقة والصديقة بتاريخ 14/12/1979. لم أساوم البائع في ثمنه حين طلب مني 5دراهم أي ما يعادل نصف أورو ’ وهو ثمن باهظ جدا بالمقارنة مع أثمنة الكتب الأخرى التى تعرض في هذا السوق الشعبي الكبير, وقد استغفلني البائع بهذا الثمن عندما عرف رغبتي الأكيدة في اقتنائه مهما كان الثمن عندما حدثه باقتضاب عن أهمية الرجل المؤلف فقال معقبا بالدارجة المغربية الشمالية بعدما استلم الثمن وشكون هذا ما كيعرف صدام يا خاي أي من هذا الذي لا يعرف صدام يا أخي؟.


ايحاءات العنــــــوان


العنوان من عتبات النص ـ كما في القراءة المنهجية للنصوص ـ يستعين بها القارىْ أو المحلل في الوصول الموضوعي الى أفكاره ودلالاته القريبة والبعيدة ومن ثم استنباط قيمه العامة واكتشاف في النهاية فلسفة صاحبه ورؤاه للعالم وللانسان. تمعنت ـ كقارىْ ـ في العنوان بعدما ابتعدت قليلا من البائع . انهمرت بدون توقف في خاطري مشاعر شتى كلما انتقلت من قراءة اسم الكاتب الى العنوان ’ ومن العنوان الى اسم الكاتب بفرحة الرجل الذي أيقن بظفره بثروة فكرية غير منتظرة. لكن عندما حل الوعي مكان المشاعر , ـ داخل زمن القراءة ـ ’ رأيت نفسي كمن يسير وسط الناس غريبا ومغتربا متطلعا الى هدف غير محدد , لأن الكتيب بدلالة عنوانه وقيمة صاحبه القومية والانسانية أعاد بفكري الى الحقبة الصدامية من تاريخنا العربي المعاصر. ليس سهلا على رجل قومي مثلي يرى حال الأمة العربية كيف تدهور على جميع الأصعدة , وكيف آلت أمورنا بيد العجم والغرب , ليس سهلا اذن نسيان هاته الحقبة القوية من تاريخنا خاصة وأن العنوان ـ قبل المتن ـ يقوي فينا الرغبة الى العودة الى فكر صدام الثوري عندما كان الشهيد ركيزة الأمة في تطلعاتها التحررية والاستقلالية وكان النضال من أجل اعادة فلسطين الى حظيرة الأمة غايته السامية . يتعالق لفظا العنوان الاستقلالية وتاريخ الأمة العربية ويندمجان في وحدة سياقية وفكرية تفيد بوحدة المشروع الثوري عند الشهيد . ان قضية الاستقلالية في المشروع ـ كما سنرى في تحليل متن الكتيب ـ واضحة كنظرية وقابلة للانجاز لانها تحققت وعرفها العرب منذ فجر التاربخ. ويأتي التأكيد , في المشروع , على التأريخ لاستلهام الأسس التي نهض عليها استقلال العرب وبعثها من جديد على قواعد معاصرة كما سنرى.


قراءة التاريخ ليست قراءة محايدة , بل هي في المشروع الصدامي تؤدي وظائف الاستفادة من خبرة الأجداد في ميدان المحافظة على الاستقلال . فالعربي هو الكائن التاريخي الوحيد الذي استطاب الحرية والاستقلال وجعل منهما هويته الانسانية والحضارية وبنى كيانه السياسي عليهما, فالتفريط بهذه الهوية معناه الانحلال في الآخر . اننا هوية مستقلة جذورها ممتدة في عمق تاريخنا المجيد. لكن هاته الهوية دائما في حالة صراع مع الاعداء كما يرى الشهيد ...., ودائما يدخل العرب في حروب من أجلها لأن التهديد يحدق بها بصبغ متعددة وأشكال متنوعة . وفي عصرنا صارت هاته الهوية منقوصة بضياع فلسطين ..., واسترجاعها ضرورة وجودية لاستكمال صرح استقلاليتنا ..., لذلك كانت فلسطين قضية مركزية في المشروع الصدامي كما سنرى .

 

 





الخميس ١٩ ذو الحجــة ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / تشرين الاول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أبــــو ميسون نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة