شبكة ذي قار
عـاجـل










سياسيو الصدفة يوقعون على وثيقة الشرف ... أي شرف تقصدونه واي ميثاق تبرمونه، عندما يتحول الضمير الى كلمات ووعود تكتب على صحائف ممزقة واحبار حمراء نزفت على ارض لا يحترم موقعيها شرف الكلمة والوعد.تستبيحون رقاب العباد، والامهات تلد أحرارا، ان أبناء العراق شيبا وشبابا أطفالا ونساءا، براء مما تكتبون وتوقعون ، لقد استذكرني ما قاله شاعر الجاهلية زهير بن ابي سلمى عبارة طالما ظلت عالقة في اذهان الشرفاء ( لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدم ) دماء الأبرياء وصمة عار على جبين الخونة والعملاء الذين امتلأت جيوبهم وكروشهم سحتا وحراما .


ساسة العراق الجدد يختلفون فيما بينهم على مناصب وملذات وغنائم، ويحسنون الاتفاق على استباحة الدم العراقي الطهور وخيراته، لم يكن الشعب العراقي طيلة حياته مختلفا بين أعراقه ومذاهبه واديانه، كانوا يتصاهرون ويتبايعون فيما بينهم، ينزفون عرقا ودما في الدفاع عن الأرض والعرض، ولكن خلاف السياسيين الدخلاء وهرولتهم في استرضاء الأجنبي المحتل جعل أبناء الشعب الواحد وقودا لخيانتهم.


يتحدثون عن الديمقراطية والمصالحة والعدالة والإصلاح والعمران في بناء الدولة المدنية الحديثة والعيش الرغيد ومايزالَ مئات الآلاف من العراقيين يقطنون بيوتا من صفيح، وآلاف التلاميذ يدرسون في مدارس من طين متناسين او يوهمون أنفسهم بالنسيان، ان فِي عراقنا مدارس من طين يفترش فيها الصبية الارض، ويتضرعون الى الله أن يحبس السماء في فصل الشتاء بالقنوط، لأنها أذا أمطرت فإن مدارسهم تتحول الى أوحال! شاءت الاقدار أن تُبنى بعض المدارس على أرض تنزّ نفطاً، ولو داسها الأطفال بقوة أثناء اللعب لنضحَ منها البترول، وانتشرت رائحته في الصفوف، وفي الباحة الطينية التي تسمى ( ساحة المدرسة ) التي يرفع فيها العَلم، ويردّد له التلاميذ: (ِ عـِش هكذا في علوٍ أيها العلم فإننا بك بعد الله نعتصم ) !.


لو جمعنا مخصصات القرطاسية التي تُصرف لكلّ نائب لتمكّنا من تحويل عشرات المدارس الطينية الى مدارسَ حديثة، تحمي فلذّات أكبادنا من البرد، والحرّ، والمطر، والوحل، وسوء التغذية أيضا.


على قطعة من جلد كان أولو الأمر يبعثون برسائلهم للولاة، وعلى لوح من طين كان الأوّلون يدوّنون ويوثّقون أعظم الملاحم، أما نوابنا فلا تغطّي احتياجاتهم من القرطاسية إلا مبالغ طائلة تكفي لإعالة آلاف العائلات التي لم تجد قوت يومها!.


كم نائباً يحمل في جيبه قلماً؟ وكم منهم يحسن استخدام الحاسوب؟ وكم من بينهم من هو مواظبٌ على القراءة حتى يحتاج الى قرطاس وقلم يدوّن فيه نضح العقل أو عطاء الموهبة؟ لوقدّر الربّ أن ينزل كتابا سماويا جديدا لكانت أول آية فيه تحرّم على المسؤولين امتيازاتهم ورواتبهم، وتتوعدهم بنارٍ وقودها النفط يُصلَون فيها جزاءً بما كسبت أيديهم!


تخيّلوا ساستنا وهم يقفون حائرين يوم الحشر تشهد عليهم قصورهم وأرصدتهم، واذا أنكروا فثمة ملايين من الجياع يشهدون على فساد الرعاة الذين كانوا يأكلون لحم الرعية نيئاً!.


ان كلمة الشرف او وثيقة الشرف بحد ذاتها يتعارض اسمها تماما مع طبيعة الدستور الذي سطر في ليلة ظلماء وبإرادة خارجية .ان هذه الوثيقة هي نوع من التضليل والخداع وإشغال الناس عن أمنهم وحياتهم وعملهم، وكأننا كنا ننتظر هذا الجمع من الطبقة السياسية يصطف الواحد بعد الآخر ليقدموا هذه الوثيقة التي تخلو من الذوق عندما حملت اسم الشرف، وكأننا نحن الذين لم نوقع عليها ولانعرف ماذا يراد بها لاشرف لنا .!!


يسمونها وثيقة الشرف لتنال استحسان الرعية وبدلا من ان يوئدوا سعير الفتنة ابحروا بنا نحو طريق الضلالة بزوارق السوء, فقتلوا الجميع بأسلحة العصابات الموغلة بالحقد, ثم بعثروا أشلائنا بمفخخات الكتائب الموتورة, واغتالونا بمسدسات قادة سرايا الموت من كل الأطياف والألوان والتوجهات, فسرقوا أمننا واستقرارنا بخطابات وعاظ السلاطين على اختلاف اشكالهم ولهجاتهم وعمائمهم, واشترك معهم أيضاً أرباب المداهنة والنفاق.


ان المواطنين الأبرياء الذين ينحرون كل يوم بدون ذنب على محراب ديمقراطيتكم، براء من وثيقة شرفكم المصون , كبراءة الذئب من دم سيدنا ( يوسف ) الصديق عليه السلام انا على يقين انكم أيها الساسة تشعرون بسعادة غامرة في هذا الكون الفسيح لا تضاهيها سعادة وأنتم تشاهدون وتسمعون الاغتيالات بالمسدسات الكاتمة،والسيارات المفخخة والتهديدات العلنية بالتهجير والترهيب التي تطال الأبرياء كل يوم، لان الطائفية أصبحت لعبتكم المفضلة وسلاحكم الفعال في تقسيم البلاد والعباد .

 

 





الاربعاء ٢٠ ذو القعــدة ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / أيلول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب إسماعيل الجنابي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة