شبكة ذي قار
عـاجـل










رافق احتلال العراق،كصفحة أولى من صفحات تنفيذ مشروع الشرق الاوسط الجديد،حملة إعلامية سخرت لها شبكة تضليل واسعة متمركزة، تمتلك كل الإمكانات المادية والتقنية والعلمية،استهدفت تضليل الرأي العام العربي،وخلخلة قناعاته،واستلاب إرادته،بعد ان شيطنت قيمه الوطنية، وسفهت انتماءه القومي، ومسخت معتقداته الدينية،في محاولة شريرة للترويض، وفرض واقع من الإحباط والقنوط، لكي يختلط الأمر عليه،بما يسهل تحييده،ودفعه إلى العزلة السلبية، واللامبالاة،وبالتالي عدم التفاعل بايجابية مع قضايا الأمة.


وتزامنت هذه الحرب النفسية الظالمة،مع الانتفاضات الشعبية العربية،في أقطار المغرب العربي،ومصر،بتفجير عوامل الاحتقان،التي كانت مكبوتة ومتراكمة،بسبب استبداد النظام السياسي العربي،والبطالة،وضيق مساحة الحريات.ثم تلتها الاضطرابات بعد تغيير الانظمة،وركوب احزاب الاسلام السياسي بشكل خاص موجة التغيير،وتصدرها السلطة في تونس وليبيا ومصر، وما ترتب على فشلها في قيادة البلاد من تداعيات لا زالت اثارها تتفاعل بشكل سلبي ومعقد يستنزف طاقة الامة بشكل ملحوظ، حيث يتعمق نهج التشظية، والتقسيم،وتشيع روح الفتنة الطائفية والعرقية اليوم على عموم الساحة العربية.


ولعل ما تعانيه سوريا اليوم،من اضطرابات،وصراعات مسلحة بين اطراف المعارضة والنظام الدكتاتوري،والتي فاقت قدرة النظام السوري المستبد على اخمادها،رغم كل ممارساته القمعية،هي في حقيقة الامر انتفاضة الشعب السوري التي جاءت محاكاة شعبية طبيعية، تساوقت في مشروعيتها،وتوقيتها،مع رياح التغيير التي رافقت الربيع العربي.


وفي ضوء تسارع الاحداث في المنطقة،وتردد المجتمع الدولي بين الضربة العسكرية،والحل السياسي للصراع في سوريا، ولكي لا يصب الصراع بتداعياته السلبية في سياق محاولات احتواء القطر السوري في مشروع الشرق الأوسط الجديد،من خلال الفوضى الخلاقة للتغيير،وخاصة اذا ما تمت الاستعانة بالأجنبي لتحقيق هذا الغرض، فانه ينبغي ان يأتي في مقدمة أولويات الحرص العربي الجمعي في اللحظة،الحفاظ على امن القطر العربي السوري،ورفض توجيه ضربة عسكرية كخيار نهائي لتغيير النظام لحماية الشعب من بطشه،باعتبار أن هذا الخيار مهما كانت الذريعة، سيعني تدمير البنى التحتية، وتفكيك هيكل الدولة،وسحق قدرات الجيش، وزعزعة الاستقرار، وهو ما حصل عمليا للقطر الليبي بعد ضربه، وللعراق بعد احتلاله، بحيث ان ما سيترتب على ضرب القطر السوري من تداعيات،وانفلات أمني، لاسيما في ضوء النفوذ الاقليمي الحاضر بقوة في الداخل السوري،وما سيستولده ذلك الحال من كوارث، ستفتح على العرب،بل وعلى الإقليم، أخطارا يصعب التنبؤ بتداعياتها،لعل في مقدمة ما قد يتوقع منها،تجزئة وحدة التراب السوري ، وتفكيك وحدة نسيجه الاجتماعي،وتهديد وجوده العروبي بالمسخ،وتأجيج الصراعات الطائفية، والعرقية فيه،وإلغاء قدراته المتراكمة من معادلة التوازنات الاقليمية.


وهكذا يلاحظ بوضوح ان عاصفة الفوضى الخلاقة،التي تداخلت مع الانتفاضات الشعبية العربية، المطالبة بالإصلاح والتغيير،قد بدأت تعصف بسوريا فعلا منذ سنتين،ويظهر أنها في طريقها إلى ان تطال اقطار الخليج العربي،لتعصف بكياناتها الواحد تلو الآخر، باعتبارها إحداثيا مركزيا في الساحة العربية،خاصة وأنها تتربع على عرش اكبر احتياطي للنفط في المنطقة،وفي العالم، وهذا ما يجعلها في مقدمة قائمة اجندة الاستهداف المعادي للأمة في الوقت الحاضر.


ومما تقدم،يلاحظ أن رياح الفوضى الخلاقة،التي عصفت بمعظم الانظمة الدكتاتورية في الأقطار العربية،لابد لها أن تلفح بسخونتها المؤلمة،كلا من سوريا ،وما تبقى من اقطار الخليج العربي ايضا،إذ سوف لن يكون أي منها بمنأى عن تداعياتها،الأمر الذي يتطلب من العرب جميعا الحذر، والانتباه الشديد،لمواجهة نذر الشؤم،التي يحملها للعرب في طياته،مشروع الشرق الأوسط الجديد، وفوضاه الخلاقة،في الوقت الذي يجاهد فيه الشعب العربي لتغيير الانظمة الدكتاتورية،وينافح بلا هوادة من اجل الإصلاح، والتنمية، والديمقراطية، والتحرر من التبعية المزمنة للأجنبي.

 

 

 





الاربعاء ٦ ذو القعــدة ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / أيلول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب هداج جبر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة