شبكة ذي قار
عـاجـل










اقدمت قوات الاحتلال للعراق سنة 2003، على اعتقال العديد من المسؤولين العراقيين، أثناء العمليات العسكرية الكبرى وبعدها. وهؤلاء المسؤولون بعضهم كان يشغل مواقع سياسية في هرمية السلطة وبعض ثانٍ كان يشغل مواقع إدارية مدنية، وبعض ثالث كان يشغل مواقع عسكرية.


وفي تحديد الموقع القانوني للوجود الأميركي في العراق، اعتبرت الأمم المتحدة أن هذا الوجود هو وجود احتلالي، وأن أميركا بوجودها في العراق إنما هي سلطة احتلال وهي قد احتلته بعد حرب معه، وبالتالي فإن الوضع القانوني لطرفين النزاع تحدده الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وخاصة اتفاقيات جنيف لعام 1949، والبرتوكولان الملحقان بها لسنة 1977.


وطالما أن الطرفين، أميركا والعراق دخلا في حالة حرب، فإن من يقع في قبضة أحد الطرفين من الطرف الآخر، ينطبق عليه وضع أسير الحرب وبالتالي تكون الدولة المعتقلة أو الحاجزة مسؤولة عن حياته ومعاملته وفق ما تقتضيه أحكام اتفاقيات جنيف وملحقاتها لجهة توفير كل الضمانات القانونية وتوفير كل سبل الحماية الشخصية.


ويعتبر القانون الدولي الإنساني، أن الأسر هو حالة مؤقتة، وتنتهي بانتهاء العمليات الحربية وربما قبل ذلك في بعض الحالات، وأنه ليس بالضرورة أن يكون أسير الحرب منتمٍ إلى القوات المسلحة لتطبيق أحكام القانون بحقه بحيث أكدت المادة 50 من البروتوكول 1977 بأن الأشخاص الذين لا ينتمون إلى القوات المسلحة هم مشمولون بالحماية أسوة بأفراد القوات العسكرية ووفق ما نصت عليه المادة (4) من اتفاقية جنيف الثالثة سنة 1949 فقرات 1 و2 و3 و6 والمادة 43 من البروتوكول الأول الملحق 1977.


من هنا، فإن أميركا التي دخلت في نزاع مسلح مع العراق واعتقلت عسكريين وسياسيين ومدنيين فإن هؤلاء يقعون تحت الوصف القانوني لما نصت عليه اتفاقية جنيف الرابعة، وبالتالي تقع عليها مسؤولية معاملة الأسرى والمعتقلين معاملة أسرى الحرب.


وبما أن الأسر هو حالة مؤقتة، فإنه كان على أميركا، يوم انسحبت من العراق و انهت احتلالها للعراق، أن تطلق سراح جميع الأسرى والمعتقلين باعتبارهم أسرى حرب، سواء لجهة دورهم أثناء العمليات العسكرية التي استمرت من 19/3 إلى 9/4/2003، أو بعد ذلك، عندما استمر النزاع بصيغ أخرى، لأن المقاومين للاحتلال يدرجون تحت تصنيف مقاتلي حرب التحرير الوطني والتي شملتهم المادة الرابعة من اتفاقية جنيف الثالثة بأحكامها واسبغت الحماية القانونية على وضعهم إذا ما تعرضوا للأسر والاعتقال.


هذه الأوضاع القانونية التي ترعى وضع أسرى الحرب أثناء العمليات العسكرية أو أثناء المقاومة، لم تلتزم بها أميركا بما هي سلطة احتلال.


فهي فضلاً عن كونها حرمت الأسرى والمعتقلين من التمتع من الحقوق القانونية التي ضمنتها اتفاقيات جنيف والبروتوكولان الملحقان بها، فإنها مارست كل أشكال التعذيب المادي والنفسي وشواهد أبو غريب خير مثال على ذلك، ورعت محاكمات صورية والتي وقف العالم على مشهديتها الفلكلورية عبر المحاكمات التي حصلت بحق قادة العراق السياسيين والعسكريين وفي الطليعة منهم رئيس العراق صدام حسين، وأدت إلى إصدار أحكام إعدام بحقهم كانت تصفية جسدية أكثر منها تنفيذاً لأحكام قضائية.


إن أميركا التي لم تلتزم مبدا المعاملة الإنسانية لأسرى الحرب، والقواعد المتفرعة عن هذا المبدأ والتي توجب الحماية والاحترام المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف، والتي يجب أن يوفرها أطراف النزاع لأسراهم، عمدت إلى تسليم ملف الأسرى إلى السلطة التي تشكلت في ظل الاحتلال والتي استمرت في إدارة شؤون البلاد في مرحلة ما بعد انتهاء الاحتلال المباشر.


فمن صفي في ظل الاحتلال الأميركي قد صفي، ومن عذب قد عذب، ومن بقي في المعسكرات والمعتقلات والسجون التي تديرها أجهزة حكومة المالكي، يمارس اليوم بحقه الأسلوب ذاته الذي مارسته سلطة لاحتلال، لا بل أن بعضها يفوقها عنفاً واستهتاراً بكل القواعد القانونية التي تحكم وضع الأسرى والمعتقلين وكل الأعراف والقيم الإنسانية والأخلاقية.


إن تتالي تنفيذ عمليات الإعدام بحق مناضلين وطنيين واستناداً إلى تخريجات قضائية ليست إلا استمراراً لتنفيذ قرار الاجتثاث الذي اتخذه الحاكم الأميركي بريمر، والذي ينفذ اليوم بأشكال وأنماط مختلفة، من التصفية الجسدية إلى التعذيب الوحشي، وإدخال المعتقلين دائرة الموت البطيء، وعبر حرمان الأسرى والمعتقلين من الحق بالعلاج والتواصل الإنساني مع ذويهم .


ان الاخبار التي تتواتر من داخل المعتقلات والسجون العراقية، عما يتعرض له الأسرى والمعتقلون، تميط اللثام عن جريمة إنسانية كبرى ترتكب بحق هؤلاء، وأن النموذج الأبرز هو الحالة التي يعيشها المناضلان طارق عزيز وعبد الغني عبد الغفور، وحيث أن حياتهما باتت عرضة للخطر من جراء التعذيب والحرمان من أبسط الحقوق المدنية التي ضمنتها الاتفاقيات الدولية والاعراف والقيم الإنسانية.


إن التوقف عند هذه القضية الإنسانية والوطنية، ليس مسألة عابرة، بل هي قضية أساسية، يجب التوقف عندها باعتبارها تشكل تعدياً صارخاً على الحقوق الأساسية للإنسان كما أنها تشكل انتهاكاً لأحكام القانون الدولي الإنساني. وهذه القضية، ليست قضية أبناء العراق وحسب، بل هي قضية الأمة وقضية كل الشعوب التي تعمل لنصرة حقوق الإنسان.


إننا بقدر ما ندعو الهيئات الدولية والعربية ذات الصلة بحقوق الإنسان، لأن تجعل من قضية المناضلين طارق عزيز وعبد الغني عبد الغفور ومعهما كل المناضلين الأسرى والمعتقلين في السجون العراقية قضية رأي عام فإننا ندعو الأمة العربية لأن تضع نضال الأسرى والمعتقلين في العراق في سياق معركة تحريرالامة من استلابيها الاجتماعي والقومي.


إن قضية الأسرى والمعتقلين في السجون العراقية وفي الطليعة منهم المناضلين طارق عزيز وعبد الغني عبد الغفور، هي قضية وطنية وقومية بامتياز بقدر ما هي قضية إنسانية، وأن اعتقالهم وأسرهم ما كان ليحصل إلا لأنهم كانوا يؤدون دورهم النضالي في مقاومة العدوان والاحتلال والذي افرزته الشرعية الدولية.


وعليه فإن من ينتصر لحرية العراق ولعروبته ولوحدته، ومن ينتصر لمقاومته، فإن صدقية موقفه تتوقف على الانتصار للأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال وأتباعه.
فليكن الشعار الحرية للعراق الحر الموحد العربي الديموقراطي


الحرية للأسرى والمعتقلين
الحرية للمناضلين طارق عزيز وعبد الغني عبد الغفور.

 

 

 





الجمعة ٢٣ محرم ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / كانون الاول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحامي حسن بيان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة