شبكة ذي قار
عـاجـل










ليس هناك خطأ في عنوان المقال .. فنحن نعلم أن المثل الشائع يقول : الهدوء الذي يسبق العاصفة ولكن لأن كل شيئ في العراق يسير بالإتجاه العكسي لذا فقد وجدت أن هذا العنوان أقرب الى حقيقة الواقع السياسي وغير السياسي العراقي في ظل حكومة ومسؤوليها لاصلة لها بالبلد ولا بالشعب إلا بشكلية الحكم .. يعني بكلمات بسيطة ، طبقة منتقاة وفق معايير وإتفاقات مسبقة تتولى الإدارة فيها مهام التشريع والقضاء أيضا .. ومحكومين على الطرف الآخر عليهم القبول قسرا .. وبين هذا وذاك ، على الجميع حكاما ومحكومين ، أن يتقبلوا اللعبة السياسية ومهما تفرزه من قذارات على مستوى كراسي الحكم أو في الشارع .

 

ونحن نعلم أيضا ، أن المحكوم في الدول المتخلفة يتقبل عادة مايفرضه عليه الحاكم ، إما خوفا أو جهلا ، فينتهي به المطاف الى أداة مفرغة من فاعليتها حتى لو كان يقف كليةً على حقيقة مايجري فهو يحمل هما ويقاسي ألما ولا يمتلك مايدفعهما عنه .. في حين تحمل النخب الأخرى ذلك بشكل مضاعف فحوّلت همها وآلامها الى رفض ومقاومة إما بالسلاح وإما بالقلم أو بكليهما .

 

المقاومة العراقية المسلحة أعطت الكثير وقدمت الكثير على الرغم من كل التعتيم الإعلامي المقصود . والأكثر من ذلك ، كل محاولات التآمر والإلتفاف عليها ، فخرجت من ذلك بصلابة أكبر وتجربة أعمق .. لم تهن ولم تحزن ولم تمت .. وهذا هو حال المناضلين في كل وقت وفي كل مكان والتأريخ خير شاهد على ذلك .

 

أما المقاومون بالقلم ، سواء من داخل الوطن أو من خارجه ، فقدرهم أنهم يحملون الفكر الى جانب العقيدة ، والجرأة الى جانب الوطنية ، وهم بدورهم قد قدموا القرابين أيضا .. ولازالت أقلامهم تفضح وتكشف مالايريد الخاسئون أن يُكشف ويُفضح وسيستمرون على الطريق بإذن الله

 

هذا كله فيما يتعلق بالمحكومين .. وهو نتيجة طبيعية للظلم والفساد والقسر .

ولكن .. ماذا عن الحكام ..؟

 

الحكام في مثل هذه الأنظمة ، وأبرزها اليوم في عالمنا العربي هو العراق ، والسبب أن العراق بلد قد تم إحتلاله عسكريا ، والإحتلال عادة يفرض خريطته السياسية والإقتصادية على البلد المحتل حتى لو إنسحب منه حقيقة أو صوريا .. والمتتبع لتاريخ المنطقة يعلم هذه الحقيقة جيدا في الأنظمة التي سقطت لاحقا أو لازالت قائمة حتى بعد عقود طويلة . إملاءات سياسية من قبل الدول الكبرى ، قواعد عسكرية على أراضيها ، إستحواذ وهيمنة إقتصادية على ثرواتها .

 

أقول أن الحكام في مثل هذه الأنظمة لايستطيعون أن يخرجوا عن الدائرة المرسومة لهم ، أو ألاّ يكونوا أداة طيعة بيد من أتى بهم الى الحكم لأنهم يدركون العواقب جيدا مهما بلغوا من القوة أو مايعتقدون أنه قوة .

 

في العراق المحتل ، هناك تميز في حالة العمالة فاق الكثير من الأمثلة حاليا وسابقا . ويتمثل ذلك في جانبين .. الطائفية المذهبية ، وهو سلاح فاعل ، وتفشي الفساد الإداري والمالي وهو سلاح أكثر خطورة .

لقد رأينا إفرازات الطائفية المذهبية وما تركته من تخريب في النسيج الإجتماعي العراقي وهو نسيج كان يعتبر مثاليا بسبب أن العراق مجتمع عشائري أصلا وهناك إلتزام بهذه الروح العشائرية مهما كان نوع الطائفية المذهبية فيها أو موقعها الجغرافي على الأرض العراقية .

 

الأهم في تقديري ، والذي بدأت آثاره ونتائجه تظهر لنا ، هو إطلاق يد المفسدين والسرّاق واللصوص والمتآمرين وعلى كافة المستويات . وذلك بحد ذاته لم يكن عملا إعتباطيا أو حالة طارئة فرضتها النفوس الضعيفة . والإنسان ، خصوصا ذلك الذي يفتقد الخلفية العائلية الرصينة والتربية السليمة يقع ضحية المغريات لاسيما المادية منها . هذه الحالة إستمر التشجيع لها وإغماض الأعين عنها على الرغم من خرافية الأرقام التي تنهب وتسرق وبمعدل يومي . حتى أصبح الجميع الذين يمسكون بالحكم من الأعلى الى الأسفل متورطين بها .. وأصبح الواحد منهم يتسقط الآخر ويتابع مفاسده حتى أصبحت الكتلة الحكومية بشقيها من الأحزاب والشخوص الحاكمة أو من التي نسميها المعارضة بسبب أنها قد أبقيت خارج السلطة الفعلية متوافقة ومتفقة على الفساد والسرقة .. وظهر أمامنا مصطلح يلوح به الكل تحت مسمى " ملفات الفساد " !!

 

هذه الملفات قد بدأ إستخدامها اليوم كسلاح جديد على الصعيد السياسي بين الكتل المتصارعة من أجل مصالح أكبر .. أي نسب محاصصة أعلى .. أي أبواب جديدة لسرقات أعلى ..!!

هذا هو الواقع السياسي الفعلي في العراق ، يستخدمه السياسيون تحت مصطلحات مختلفة وعناوين براقة : سحب الثقة من رئيس الوزراء ! إستجواب المالكي أو إستجواب أحد وزرائه ! حل البرلمان ! إجراء إنتخابات مبكرة ! الدستور ! النزاهة !! والى آخر القائمة المتهرئة .

 

كل ذلك طبعا لم يحدث وسوف لن يحدث والسبب واحد إسمه " ملفات الفساد " .

نرى جعجعة ولا نرى طحين .. نسمع خطابات وتصريحات نارية تتبخر مضامينها حال مغادرة صاحبها منصة المايكروفونات . نرى إجتماعات وقرارات تخرج من أربيل أو النجف أو بغداد وسرعان ماتموت تلك القرارات .

 

نعم نحن نرى ونسمع .. ولكن الحقائق وراء الكواليس تقول شيئا آخر نجهل تفاصيله ولو أننا نعلم مضامينه .

جميع الأطراف السياسية تمتلك مستندات حول الفساد المستشري في جسد الحكومة العراقية ولكنها لاتستطيع إستخدامها .. وأنى لهم ذلك وكلهم فاسدين مفسدين ، قتلة ولصوص .. وقد قالها المالكي علنا يوما ، أنه يمتلك المستمسكات ضد مَن يريدون إزاحته .. وبدأت بعدها عمليات الحلحلة والتفاهمات و(قادها مقتدى) فأعلن أنه ضد سحب الثقة وضد إستجواب المالكي (!!!) وسقطت ماسميت بمقررات إجتماعات أربيل .

 

وقريبا سيأتي اليوم الذي يجلس فيه جميع اللصوص والمفسدين حول مائدة التفاوض لغرض إعادة تقسيم الغنائم بجدولة جديدة .. بدأ الإعلام يطلق عليها منذ الآن .. ( الإصلاحات ) التي تنوي حكومة المالكي القيام بها (!!!) .

 

قرأت مؤخرا مقالة للأستاذ جمال محمد تقي كان قد نشرها في 9/6/2012 بعنوان " لاترفع رأسك .. أنت مسؤول عراقي " .. أقتبس هنا السطور الأخيرة منها :

( لقد إتهم العديد من الوزراء بتهم فساد لاتقبل النقض ومن مختلف الكتل السياسية ، والملفت أن جميعهم يفلتون من أي عقوبة ويبدو أن أعداد المتهمين رسميا هي أقل بمئات المرات من الأعداد الفعلية . وهذا ليس بغريب ، فكل طرف يحمي منتسبيه وإن تحرك طرف ما لفضح مسؤول من طرف آخر فإن ذلك الطرف سيفعل نفس الشيئ تجاهه وعليه أصبحت عملية صمت متبادلة لايكسر قاعدتها إلا الخلافات الشديدة كما هي الحالة هذه الأيام ) ـ إنتهى الإقتباس ـ

 

نعم إنها عاصفة مفتعلة ، يعلم من أثارها أنها ستقوي مركز مرشح أميركا وإيران .. نوري المالكي !!

والآن سيحل الهدوء بعد العاصفة ..!!

وإذا كان رب البيت بالدف ناقرا ..... فشيمة أهل البيت كلهمُ الرقص

 

 

lalhamdani@rocketmail.com

مدونة مقالات الكاتب

http://www.blogger.com/profile/18395497774883363689

 

 

 

 





الخميس ٢٢ شعبــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / تمــوز / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي الحمـداني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة