شبكة ذي قار
عـاجـل










الحقائق الكبيرة تبهر العقول ،وصاحب القصة حي يرزق ،يمسك بدفة الصراعات بكل دقة ،يعرفه زملاؤه ، صورة من صور المعايشة بين النضال من اجل العراق والصراع ضد المرض ،هي صورة تحكي عن اشراقات ايمانية يفخر بها البعث ،صاحب القيم العليا ،وحاملوا افكاره هم شجعان العقيدة وطليعة مجاهديه ،تحاربهم الحرباوات في كل شيىء ، حتى في ارزاقهم ، ويتفجرون صبرا قل ّ نظيره الا صبر ايوب ،يتقاسمون العيسش والسكن ، كما فعل الانصار للمهاجرين ،هو مبدأ المؤاخاة بعينه ،الذي امر به الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم، ابان هجرة المسلمين الى مدينة يثرب التي اصبحت بعد ذلك المدينة المنوره ،لانها تنورت بسكن الرسول الكريم فيها ، نعم هو كذلك ليس تصورا لخلق بطولة وهمية ، البطولات التي يرسمها الخيال تحولت الى حقيقة في زمن حُصرفيه البعثيون سياسيا وماديا وحُصروا اجتماعيا نتيجة هول ضخامة الهجوم الغولي الامريكي تسنده الطائفية المقيته وايران اللؤم، كان الرعب يدفع الناس ان تمتنع ، الجريمة في اوسع ابوابها ،لم يسلم حتى المحامون من القتل فاستبيح حق الدفاع المقدس .
الشرفاء الذين لم يسرقوا ،وانصب منهجهم على خدمة الشعب ،وتبني مشاكله والدفاع عنه، فعاشوا معاناته ،خصوصا في زمن حصار الاشرارالظالم لشعب العراق ،فكان مناضلوا البعث هم اداة الشعب في الدفاع عنه وخدمته ، تراهم في حملات العمل الشعبي رديف لجهد البلدية وفي الليل حراس على ارواح وممتلكات المواطنين ،، تراصفوا كالبناء المرصوص يشكلون حائطا لحماية العراقيين ويسورون العراق ضد خصومه ،حتى اسقطوا كل المراهنات التي كانت بالحسابات العادية تهد اي بناء فقد سقط الجهد الاعلامي المضاد ولم يخرق حائط الصد العراقي ولم ينل من الصمود الاسطوري لشعب العراق العظيم ،فكانوا المرشحات التي تمنع العناصر المزروعة لاجل التخريب من قبل الاعداء ،في كل مفاصل الحياة .


ابو شهد الذي عايش كل تلك الصور ،وهو الفنان الذي يرى اثر ظلال الصورة ويتحكم برسم الاضاءات على جوانبها لتتالق ، لم يتخلف يوما عن اي عمل يطلب منه ،، نشاطة اليومي مستمر ولم يعرف ان المرض الخبيث قد هاجمه على حين غرة ،واخذ ينهش جسمه بلؤم ،يوما كان العراق يريد منه ان يقطع مسافة عشرين كيلومتر مشيا كي ينتصر للعراق ،مشاها دون كلل،تحدو به قوة ايمانه لا هشاشة عظامه ،التي امعن السرطان بنهشها .


الطبيب يواجة ابو شهد بأن يكون قويا ، الفحص يعلن عن اصابة منتشره للسرطان في جسده ،ترتسم على وجهه الدائري الذي اصابه بعض الشحوب ابتسامة عريضه ،ولم يبتئس وانما قال للطبيب ، يا دكتور ان الصراعات التي اخوضها متنوعة ، وليس كثيرا ان يضاف اليها السرطان فساقاتله كما اقاتل البقية حتى ياذن الله بما يريد ، رجع الى حيث رفاقه ومارس واجباته كما ينبغي ولم يشا ان يبلغهم حتى لا يضيف الى همومهم هما اخر ،فهو بتقديرة ان المصلحة ان تبقى معنوياتهم مرتفعة .


قرر مع نفسه ان يختار الهند ميدانا لمواجهة المرض ، كان مستلقيا يفكر ، كيف ادبر المال المطلوب للسفر ، اعاد حساباته ، كلها لا تساعدة على اتخاذا قرار السفر ، فالسفر والعلاج والسكن هناك والمراجعات ، والمرافيقين له ، كلها تحتاج الى قدرة مادية ، كل ما لديه ان يبيعه ، هو يكفي فقط للعلاج والفحوص ، لكنه غير قادر على تحمل اللمبالغ المطلوبة للسكن ،والمترجم ،والاكل ،صاح هاه ، انتبهت زوجته عن ماذا ؟قال : اتذكرين صديقنا المحامي الذي راح يكمل دراسته هناك ، قالت نعم ،اقول لك هو جزء من الحل ، اضطربت الامراة وكيف تذهب الى هناك ، والامر الى الله ، من الذي يضمن ان الرجل وفق ما تتصور ؟قال لا، ارتكي لي الامر .


الو.. نعم .. انا سائتيك . ثم التفت لها ، الم اقل لك ان الجيل الذي عشناه هو غير الاخرين ، تصوري انه لما عرف قال كل الاشياء التي في بالك انساها انا لك اخ .
في رحلة العلاج في الهند، كان يسكن مع صديقة والمترجم له ،والمرافق واحيانا المعالج اذا تطلبت الحالة ، كونه لديه دورات صحية تدريبية اثناء القادسية وام المعارك ، قد نفعت في بعض الحالات التي يتطلبها سير العلاج .


التفت ابو شهد وقال : اتتذكر قول الشاعر كمال الحديثي ، حين قال :
رفاق مصير لا يضام نصيرهم واهل وفاء لا خداع ولا مكر


انظر الى سيل المكالمات المتواصل من اناس انا اعرف عسير عليهم ثمن المكالمة ، وموقفك هذا انا لا اريد ان اطريه لكنه يسجل في تأريخ السفر الخالد لرفاق المسيرة، اخذ ينظر الى المرآة حيث تساقط شعره باكمله ، هو يبتسم ، دعه يتساقط ، انه سيعود ، انا انتصرنا على اميركا ، معقول ان لاننتصر على مرض خبيث ، ثم ضحك وقال : اتظن ان السرطان اخبث من اميركا وايران ؟؟؟؟


عاد ابو شهد الى بلده وكأن شيئا لم يكن ليكون بين جماعته اكثر حيوية ونشاطا وتواصلا ،كان الطبيب قد نصحة الاقلال من الكلام ، الا انه يواصل حيويته بايضاح ما يحتاج الى بيان ،اصحابه حوله ،احدهم يهمس في اذن صاحبه هؤلاء هم الرجال ، الذين قيل فيهم


اوزع جسمي في حسوم كثيرة واحسوا قراح الماء والماء بارد
رغم كل الذي به فهو شعلة متجدده.

 

 





الاحد ١٨ شعبــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / تمــوز / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بشار الشويلاتي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة