شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ أن بدأت عمليات الشد بين أطراف مايسمى العملية السياسية في العراق تطفو على السطح ، وبدأ الشارع العراقي يسمع بها عبر وسائل إعلامه أو الوسائل الإعلامية الأخرى لاسيما العربية منها .. وليس هناك من حديث إلا : هل سيبقى نوري المالكي رئيسا للحكومة .. أم سيخرج أو يجبر على ذلك عبر مايسمى سحب الثقة من الحكومة من خلال جمع تواقيع النصف زائد واحد من مجلس النواب .؟

 

وإذا خرج نوري المالكي بإية طريقة يختارها هو أو يختارها له الغير .. فمن هو البديل ..؟

 

وإذا ماتم الإتفاق على البديل المؤقت لرئاسة الحكومة حتى الدورة الإنتخابية القادمة .. فما هي المعجزات التي ستجري على يديه ويشهدها الشعب العراقي .. وهل أنه سيكون شخصية وطنية مثلا ، أم أنه مجرد واحد آخر ممن حملتهم الدبابات الأميركية قبل أكثر من تسع سنوات ..؟

 

والسؤال المهم هو : هل يقف المحلل السياسي عند حافات ماتتناقله وسائل الإعلام .. أم أن عليه إجراء قراءة لما بين السطور لكي يربط بين الواقع والحدث .. الحقيقة والتضليل .؟

 

هذا الأخير هو ماأعتقده وأؤمن به وأنا أتابع الأخبار العراقية المحلية ، والإقليمية ، والعالمية .. أضعها بين يدي القارئ الكريم ، وهي لاشك خاضعة للنقاش .

 

قبل ذلك أتساءل : هل أن مايحدث في العراق اليوم حقنة تخدير جديدة .. أم هو إتفاق بين أحزاب العمالة الطائفية على الخطوة التالية من المخطط ..؟

 

كل من يظن أن ماتعرضه وسائل الإعلام العراقية بشكل خاص وبمختلف توجهاتها هو مايمثل حقيقة أخبار العملية السياسية في العراق ، أو حقيقة مايجري وراء كواليس الإجتماعات المتكررة الثنائية والجماعية منها ... فهو واهم .!

 

وكل من يظن أن في العراق ساسة وأحزاب سياسية مستقلة في قرارها فيما يتعلق بمستقبل العملية السياسية العراقية .. واهمٌ أيضاً ، لأنها أحزاب لاتمتلك ذلك بأمر مَن جاء بها الى السلطة .

 

وكل من يظن أن في العراق حكومة أو أحزاب معارضة أو قرار رئاسي أو برلماني يصب في خدمة العراق وأبناء العراق فهو أيضا واهم ! وليس أدل على ذلك من فقدان أبسط الخدمات منذ أكثر من تسعة أعوام وسرقة المال العام جهارا نهارا ، والوعود الكاذبة والمزيفة ..!

 

ولذلك فنحن ومنذ أشهر نسمع جعجعة ولا نرى طحين .

 

إذاً علينا أن نقرأ مايجري من أكثر من زاوية .. ونحاول أن نربط التحركات الإقليمية بما يجري في العراق بشكل متوازٍ من حيث التوقيت وطبيعة الحدث . دون الإنجرار الى التصور الخاطئ وهو أن في العراق حكومة تملك قرارها ، أو حتى دولة مستقلة .

 

الزيارات العراقية الرسمية الى طهران من قبل قادة الكتل والأحزاب أو من يمثلهم ، أي أطراف (النزاع) في العراق وآخرها زيارة مقتدى الصدر .

 

زيارة أطراف أخرى من هذه التشكيلة الى أنقرة .

 

ستشهد الساعات الأربع والعشرين القادمة إجتماعا في طهران يجمع نيجيرفان البارزاني رئيس وزراء الإقليم الكردي ومقتدى الصدر رئيس التيار الصدري . هذان المسؤولان ، وهما أبرز طرفي الأزمة مع المالكي ماكانا ليذهبان الى طهران بمحض رغبتهما وبدون الضوء الأخضر الأميركي وبدون علمهما بخيوط الحل .. علما أن السيد نيجيرفان بارزاني كان قد عاد منذ أيام من زيارة الى أنقرة إجتمع خلالها مع السيد رجب طيب أوردوغان رئيس الوزراء التركي . ولن أتساءل هنا : هل أن العراق فعلا دولة مستقلة تمتلك قرارها السياسي .. أم أن القرارات تأتي من وراء الحدود ..؟؟!!

 

رئيس الجمهورية جلال الطالباني يشكل لجنة للتدقيق في تواقيع النواب الذين طالبوا بسحب الثقة من حكومة المالكي .. وذلك بناء على رغبة المالكي بعرض التواقيع للتأكد من صحتها .

 

التصريحات الإيرانية الرسمية حول رغبة إيران في حل الأزمة العراقية ومن هؤلاء السفير الإيراني في بغداد دنائي فر .

 

ــ بالمقابل التصريحات الأمريكية على لسان بعض المسؤولين وصناع القرار عن الدور الإيراني في العراق والرغبة في قيام إيران بذلك . بكلمة أخرى موافقة أميركية على تدخل إيران بالشأن العراقي ولعب الدور في تثبيت أو خلع من ترغب .

 

ــ ثم يأتي الخبر الآخر المهم ، والذي أعتقد أن القليل قد إلتفت له ، وهو تصريح وكالة الطاقة الذرية عن قرب وصولها الى إتفاق مع الجانب الإيراني فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي ..!!

 

نظرة سريعة الى الأخبار ومعطياتها وتداعياتها .. تجعلني أعتقد أن في العراق ليست هناك أزمة سياسية بمفهوم الأزمات السياسية التي تحدث داخل الدول بين الحكومة والمعارضة .. بل أن هناك أزمة تقاطع للمصالح تفهمها وتعيها أميركا جيدا وتسعى الى إحتوائها ، ولهذا ألقت بثقلها على الطرف الإيراني لمعرفتها بتأثيره على كافة الأطراف وبدوره الرئيسي في الشأن العراقي . ولأن إيران ليست بهذه السذاجة لتدع أمراً كهذا يمر بدون إستثماره لأقصى الحدود .. فقد قفز الى الواجهة موضوع برنامجها النووي .. فجاء تصريح مسؤولي الطاقة الذرية التمهيدي وبتوقيت غريب عن قرب الوصول الى إتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني ..!!

 

إذاً فإن هناك إتفاق اميركي ـ إيراني جديد : حلحلة الأزمة العراقية بما ترغب به أميركا مقابل تنازلات أميركية بشأن برنامج إيران النووي .

 

هذا بشكل عام .. وهو غير معلن وغير منظور .. وسوف لن يعلن أو أن تتناوله وسائل الإعلام الآن أو لاحقاً .

يعني لقد لعبت إيران الورقة العراقية بدهاء مقابل مصالح ذاتية تتعلق ببرنامجها النووي وسوف تقود حتما بعد ذلك الى تخفيف موضوع الضغوطات عليها فيما يتعلق بالمقاطعة الإقتصادية .

 

ولكن إذا إنتقلنا الى الجانب المنظور من كل ما يجري في العراق ضمن ما يسمى العملية السياسية والأزمة التي تمر بها كما يصفها لنا مسؤولي العراق حكومة أو معارضة .. نرى أن مايجري حقيقة وكما قلنا أمر مبيت له لعبت الأصابع الإيرانية دورا بارزا فيه مستخدمة هذا الطرف أو ذاك ، وكلهم تلاميذ نجباء لها ، لكي تخلق حالة فوضى سياسية تضاف الى حالات الفوضى الأخرى التي تضرب كافة مرافق الحياة في العراق .

 

أميركا ، كما هي إيران أيضا ، لاتريد في الوقت الحاضر تبديل نوري المالكي أو إزاحته .. ولو أرادت ذلك لفعلته في 2010 حين لم يحصل حتى على الأغلبية الإنتخابية ليتولى رئاسة الحكومة وأبقت العراق قرابة تسعة أشهر بدون حكومة حتى تم تثبيت المالكي وإزاحة الآخرين .. ولكي لاننسى ، فقد تم تثبيت المالكي بمساعدة طرفين هامين هما : مقتدى الصدر وتياره .. والكتلة الكردية . يعني ، نفس العدوين اللدودين اللذين يبرزانهما اليوم للشارع العراقي كخصوم يعملان على إسقاط المالكي من خلال مايسمى ( سحب الثقة ) فيما يسمونه أزمة العملية السياسية في العراق ..!!

 

فهل يعقل ذلك .. وما الذي حدث خلال هاتين السنتين ومنذ تم تثبيت المالكي رئيسا للحكومة .؟

هل عرف الساسة الأكراد الآن أن المالكي لم يفِ بوعوده ..؟ وهل إكتشف مقتدى فجأة مَن هو المالكي حتى بعد أن ضربه عسكريا قبل ذلك في البصرة بصولة الفرسان ..؟ وهل إستيقظ المجلس الأعلى على حين غرّة مِن أهل العراق ليبحث لنا عن حكومة وحدة وطنية توّحد العراق، أو ليس هو نفس المجلس الذي دعى الى إقليم الجنوب منذ 2004 ..؟ وهل بدأت صيحات إعلان الأقاليم تظهر من جديد لاسيما في البصرة إذا ماتم تبديل المالكي بسحب الثقة عن حكومته .. هل بدأ ذلك من فراغ ..؟

 

مايحدث في العراق ماهو إلا صفقة سياسية إقليمية على حساب الشعب العراقي .

وما يحدث داخل العراق ماهو إلا أدوات لتنفيذ هذه الصفقة .

سوف تُعطى لكافة الأطراف قطعا من الكعكة .. ولكن

سوف يبقى المالكي حاليا .. وربما لولاية ثالثة .

وسجّلوا ذلك عليّ إن شئتم

 

 

lalhamdani@rocketmail.com

مدونة مقالات الكاتب

http://www.blogger.com/profile/18395497774883363689

 

 





الاربعاء١٦ رجــب ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٦ / حزيران / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي الحمــداني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة