شبكة ذي قار
عـاجـل










لا أحد يجهل طبيعة العلاقات الدولية سواء كانت ثنائية أو متعددة الأطراف من كونها تقوم على الإحترام المتبادل شروط السيادة الوطنية والإستقلال السياسي والإقتصادي وعدم التدخل في الشئون الداخلية وبقية العوامل التي لا تغرب عن عقول المسئولين والمواطنين العاديين. والإحترام المتبادل لا يقتصر على العلاقات الدولية فحسب بل يتعداها للعلاقات الإجتماعية والشخصية. فمن الطبيعي ان من لا يحترمك فيفترض ان لا تحترمه بدورك. وإذا كان الإحترام من طرف واحد فهذا يعني ليس الضعف والجبن إنما ايضا الذل والتسافل.


في العلاقات الدولية يأخذ الإحترام صيغة عامة لأنه يتعلق بكرامة الحكومة وكبرياء الشعب. ولكون رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء ونوابهم بشكل خاص يمثلون الشعب فإنه بالإضافة إلى الحصانة الدبلوماسية التي تسبغها عليهم الشرعية الدولية ( إتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية ) فإنهم يكتسبون إحتراما كجزء لا يتجزأ من سيادة الدولة حتى لو كانوا عملاء ودكتاتوريين وطغاة فهذا الأمر لا يغير من طبيعة مناصبهم.


العراق عرف عنه كبرياء سياسته وعدم إستهانتهم بأي تصرف يسيء إلى شخصهم أو شعبهم وهناك الآلاف من الشواهد منذ العهد الملكي ولغاية الغزو الامريكي عام 2003. في أوج ضعف العراق اقتصاديا وسياسيا بعد الحروب والحصار الدولي اللئيم فالسيادة الوطنية لم تنزل عن عرشها. حتى الدول المتقدمة والمعادية منها للعراق كانت تحسب له ألف حساب عندما يتعلق الأمر بسيادته وكرامته. وطوال الحقب الماضية لم نشهد تصرفا لدولة أجنبية مع العراق بشكل يهين سيادة البلد أو كرامة كبار المسئولين فيه! لأنهم يدركون جيدا عواقب هذا الأمر ونتائجه الفورية.


مع العراق الجديد تفاجئنا من ضعف المسئولين العراقيين أمام الحكام المدنيين الامريكيين فقد كانوا يقفون بكل ذل أمام باب الحكم المدني حتى يأذن بوابه بدخولهم ليتمسحوا بقميصه ويوسعوه قبلات من أفواههم الكريهة دون مراعاة لأدنى حدود البرتوكول واللياقة والأدب. وكان الثعبان الامريكي بريمر يشمئز من تصرفاتهم الصبيانية لكنه يتقبلها على مضض. حتى رئيس الجمهورية وقبله أعضاء مجلس الحكم كانوا مسخرة أمام الحاكم المدني وهو بدرجة سفير. اما الحديث عن زيارة بقية المسئولين دون معرفة الحكومة العراقية بهم وركضهم كالخرفان أمام حادي ركبهم فحدث ولا حرج. ومنها على سبيل المثال إستقبال وزير الدفاع الأمريكي ( ليون بانيت ) للرئيس الطالباني بطريقة مزرية كما تناقلتها وسائل الاعلام صوت وصورة حيث وضع الوزير حذائه على المنضدة بوجه سيادة الرئيس. علاوة على إستقباله من قبل نائب وزير إيراني في آخر زيارة رسمية لطهران!


ربما نعذرهم في ضعفهم وخنوعهم وابتذالهم أمام اسيادهم الامريكان بإعتبارهم عملاء لهم. والعميل مداس للغازي ينتعله ويركنه متى شاء. وإذا ما تهرئ او خف لمعانه رماه في حاوية الزبالة. لكننا لا نعذرهم في ابتذالهم مع غير أسيادهم الامريكان! ففي زيارة للمالكي لطهران ولقائه بأبيه الروحي الخامنئي خلع ربطته بطريقة الايرانيين ليثبت للولي الفقيه بأنه واحد من بيادقه في العراق وما أكثرهم، والطامة الكبرى هي طريقة وقوفه اما الولي كأنه طفل عملها على نفسه!


لم يكن وجود للعلم العراقي خلف المالكي ولم يجسر على مطالبة أسياده لوضعه ولو لدقيقة واحدة ليقنع الاعلام بأنه رئيس حكومة وله مراسيم خاصة أسوة بأقرانه الزوار الرسميين لطهران! وتوقع البعض ان المالكي سيرد الصاع بصاعين لزواره الايرانيين من نجادي وغيره خلال زياراتهم. وكانت النتيجة ان المالكي هيأ العلم الايراني قبل العراقي !


البعض برره سهوا أو خطئا بروتوكوليا دون أن يعي إن هكذا خطأ من شأنه ان يؤدي الى قطع العلاقات الدبلوماسية بين بلدين محترمين لهم سيادة حقيقية وكرامة وطنية. بلع المالكي وحزبه وحكومته الإهانة مع قدح ماء مثلج كضمائرهم! وقال الشعب العراقي: هنيئا مريئا! الطريف في الأمر انه في الزيارة الاخيرة لطهران تكرر نفس الفصل المسرحي فقد استقبل النجادي ضيفه المالكي بدون وجود علم عراقي خلف الاخير. اما تخريجات ازلام المالكي لهذا التصرف الايراني المتغطرس والاحمق فهي أشبه بافلام توم وجيري. فقد فسرها لنا العلامة الفهامة الجهبذ في السياسة الدولية ( محمد الصـ يهود ) مستندا على قاعدة ( الجرح ولا تعديل ) بأن التصرف الايراني (( لا يعني عدم الاعتراف بالسيادة العراقية ولا ينظر اليه بهكذا منظار )) . لا نعرف هل الجهبذ الناطق بإسم الخارجية الايرانية ليبرر غطرستها ام سفير للنوايا الحسنة؟ بالطبع وزارة زيباري للخارجية العراقية لا علاقة لها بالأمر منطلقة من قاعدة بروتوكولية متعارف عليها في القانون الدولي (( حبيبي راضي وأنا راضي! مالك ومالنا يا قاضي )) !


المؤمن لايعثر بحجرة واحدة مرتين والعاقل لايستغفل مرتين. في زيارته الأخيرة لطهران ركب الوفد العراقي سيارة إسعاف عسى أن يسعف الخامنئي إبنه الآيل للسقوط وطز في البروتوكول والمراسم. فمن جهة يحاول المالكي أن يستعرض أمام تركيا عضلات الولي الفقيه بعد أن لوح اردوغان بعصاه الى قفا المالكي. ومن جهة ثانية العلاقات المتأزمة مع البحرين والسعوية وقطر والكويت. فعلاقات حكومة المالكي الجيدة محصورة بدولتين فقط هما ايران وسوريا.


على الصعيد الداخلي تكاثفت الضغوط على المالكي فحليف الأمس البرزاني تحول الى عدو وهدد بالأنفصال او سحب البساط من تحت المالكي. وسحب البساط من شأنه ان يفتح أبوب جهنم على حزب الدعوة وبالتالي دفنه مع كل ملفات الفساد بدون الحاجة الى قراءة سورة الفاتحة على مشعول الصفحة ( تعبير عراقي بمعنى لايستحق المغفرة ) .


كما ان علاقات المالكي مع حليفه مقتدى الصدر بدأ عدها التنازلي والمالكي يدرك جيدا طيش وتهور الصدر فجانبه لايؤتمن. ولا يمكن لغير الخامنئي من لجم مقتدى وربطه بحظيرة المالكي. كما ان علاقاته مع طارق الهاشمي والمطلك وكتلتيهما وصلت الى الحضيض. وعمار الحكيم رئيس المجلس الاسلامي الاعلى لاينسى قرصة المالكي له عندما مارس فن الاغواء مع هادي العامري وفصله من رباط الحكيم الابدي ويعقد عليه بالمتعة. كما ان علاقته بأياد علاوي سدت جميع ابوابها ونوافذها فالرجل بات يخشى الاغتيال كما حذره اصدقائه العرب. فالحرس الثوري ينصب له الفخاخ بسبب تهجمه على نظام الملالي. وليس كل مره تسلم الجره. كما ان علاقة المالكي بأضعف خلق الله أسامة النجيفي تكاثفت غيومها الداكنة بعد هيمنة المالكي على البنك المركزي.والمالكي يدرك أهمية السيطرة على البنك فهو ( بنك الفضائح ) المركزي. لذلك فاما السيطرة عليه او حرق السجلات وتسجيل الجريمة بإسم الشبح الشرير ( مس كهربائي ) . رغم ندرة الكهرباء في عراقنا الجديد. فهل هو حقيقة ( مس كهربائي ) أم ( مس قهر وبائي ) ؟

 

 





الاحد٠٨ جمادي الاخر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٩ / نيسان / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ضحى عبد الرحمن نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة