شبكة ذي قار
عـاجـل










 

المتابع للوضع العراقي والأيراني معا لابد أن يضع تلك التساؤلات قبل أن يحلل وجود نوري المالكي رئيس لصوص العراق في عاصمة الإيرانية، خاصة عندما يريد أن يستحضر كل ما على الساحتين من أحداث. وكمدخل لتحليل ما أسموه زيارة، وهي بالتأكيد ليست كذلك، أجيب على ما جاء في العنوان :


1. فقي الشطر الأول قلت: المالكي في طهران عميل يذهب لأسياده، ولم أقول صفته لأن الصورة الشكلية لوجوده لم تكن تحمل أي شكل من أشكال الزيارات الرسمية، وما يرافقها من أعراف دبلوماسية، وبروتوكولات منها كأحد أدني: رفع علمي البلدين وعزف السلام الوطني للبلدين أثناء مراسيم الإستقبال، ووجود علم البلدين في اللقاءات والمفاوضات في أثناء اللقاءات الثنائية بين الطرفين، إضافة لهذا المؤشر الكبير والأساسي، فهي غير رسمية مضمونا، حيث لا يوجد من بين الوفد العراقي من هو خارج عن حزب الدعوة! أو ما يسمي نفسه كتلة دولة القانون؟؟ فالمالكي وخضير الخزاعي والفياض والشاهبندر... كلهم أتباع ومجندون كعملاء لنظام ولاية الفقيه وهم من حزب الدعوة، وبالتالي فإنها ليست زيارة رسمية، لا شكلا ولا مضمونا، من هذا يستنتج أي مراقب بأن وجودهم لم يحمل أي صفة من صفات الزيارة الرسمية، بين بلدين لكل منهما كيانه المستقل، ولم يكونوا هم عراقيون في سلوكهم، ولم يكن تعامل المضيف لهم يوحي إلا بكونهم أتباع له، وهذا يدل على صحة ما كتبته عنوانا لمقالي، أنها زيارة عميل ليس سريا للجهة التي يرتبط بها، تحاشيت أن أقول لمرجعيته وقد يفسرها البعض مرجعيته الدينية أو الفقهية، وأنا لا أقصد ذلك لكوني أعرف أن رجال الحكم في إيران لا علاقة لهم بالدين وفقهه وأحكامه، فهم سياسيون تتحكم بهم كل شهوات وإغواءات وحيل العمل السياسي، والتي قال عنها سيدنا الإمام علي بن أبي طالب ما معناه: لولا شرع الله وأحكام الدين لكنت أدهى العرب، والهدف الثاني والذي لا يلغي الأول بل يؤكده، هو أن نظام إيران أراد من ذلك إرسال رسائل لكل من أمريكا، والجامعة العربية، والقمة العربية، والأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ولكل أطراف العملية الخيانية، وللمالكي أيضا، وكل الذين يتبجحون بأن العراق صار سيد نفسه وبات كامل السيادة، فيقول من خلالها هاهو رئيس وزراء العراق يحضر في حضرة أوليائه كفرد صغير بلا أي شخصية وطنية تدل على عراقيته وإستقلال بلده، ولا يتعدى العراق في نظرهم إلا أن يكون ولاية تابعة لإيران، فهل فهموا الرسالة؟ ولماذا يمنع رفع العلم العراقي عند ذهاب أي وفد من العراق لإيران؟


2. أما الشطر الثاني من عنوان المقال: هل هي إستجارة أم زيارة؟ فإن كان المالكي ذهب لإيران مستجيرا من وضعه المتأزم مع شركائه في جريمة إحتلال وتدمير العراق، فهذا يؤشر نقاط لابد من تناولها في التحليل، وإن كانت زيارة بناءا على دعوة أو إستدعاء إيراني له فلابد من أخذ جوانبا أخرى في التحليل.


أ‌- فإن كانت إستجارة فدوافعها الآتي:


1) وصول العملية السياسية القائمة في العراق الى حالة الإنهيار والسقوط. فعلاقة المالكي مع جميع أطراف العملية الخيانية (السياسية) قد ساءت وتدهورت، ووصلت الى حد اللاعودة واللاثقة به مطلقا، مع كون الآخرين المشاركين معه على نفس شاكلته في الخيانة، والتي مردها وأسبابها رداءة معدنهم وعقدهم النفسية وطمعهم وجشعهم وتكالبهم على السحت الحرام، والركض واللهاث وراء الحصول على المناصب بأي ثمن، حتى ولو برهن أنفسهم وأعراضهم، لأنهم يرون السلطة وسيلة تتيح لهم السرقة ونهب المال العام، لاكما هي معروفة بالعرف القانوني والأخلاقي بأنها مسؤولية وطنية لخدمة الشعب والوطن، فقد إكتشف الآخرون أن المالكي وعصابات الجريمة في حزب الدعوة لا يقبلون بتقاسم السلطة ومناصبها، لأنهم يريدوها مغنما لهم وحدهم.


2) هذا على مستوى التكوين العام لما يسموه العملية السياسية (الخيانية)، وحتى في داخل التحالف الذي شكلته لإيران لغرض أن يكون المكون الأكبر في الكتل السياسية كي تضمن هيمنتها على الوضع في العراق، فقد وصل الإقصاء والتهميش ضد مكوناته ومحاولة تفتيتها وإحتوائها من قبل المالكي، فقد بدأ المالكي إقصاء وتفكيك التكتلات المنضوية فيه، مثل ما حدث لكتلة محمد باقر الحكيم التي تتكون من المجلس الأعلى ومنظمة بدر ففككها بذريعة الإستقلالية! والجميع يعرف كيف وأين ولماذا تشكلتا؟ وهل هما فعلا تنظيمين أم أن المجلس الأعلى هو الالجناح السياسي والتنظيمي وفيلق بدر .. ثم صار منظمة بدر هو الجناح العسكري، كما أن المالكي قام بالتفاوض مع عصائب أهل الحق المنشقة عن التيار الصدري وأدخلها في العملية الخيانية لضرب الصدريين (التيار الأقوى في التحالف الوطني)، وقد سبق أن فعل ذات الشيء مع حزب الفضيلة، والمالكي يتبع سياسة أسياده في التفتيت، بغية ضمان الهيمنة على كل أطراف التحالف، وبالتالي فقد أوشك التحالف على التفكك، بل هو تفكك فعلا، ولكن لم يعلن ذلك التفكك رسميا، كون جميع أطرافه مرتبطة بإيران ولا يمكنها الإعلان عن فك إرتباطها، لأن تشكيل التحالف قام بأمر وقرار إيراني، ونظام إيران لا يوافق على تفككه، وهذا يؤكده وجود مقتدى الصدر في إيران وإجتماعهم هناك هو والمالكي، فإن كانوا حلفاء فلماذا لم يلتقوا في العراق ويبحثوا مشاكلهم، إذن الموضوع قد تعدى الخلاف الى الإختلاف الكلي، وصار يحتاج الى تدخل الراعي الحقيقي وصاحب الولاية على التحالف الكاذب، أو الشكلي والهش والذي لم يكن قائما على أسس مدروسة، وما تم كشفه إعلاميا عن النية لتشكيل قوات جديدة؟ لتكون يد المالكي في مواجهة أي تحرك وطني شعبي، هذا التشكيل ماهو إلا محاولة لجمع المليشيات المسلحة المشكلة أصلا في إيران ولأغراض مشروعها، وبالتالي سحب القدرات الأخرى التي قد ترفض الوصاية الإيرانية عليها، ويدعي الإيرانيون برتبط تلك القوات بشخص المالكي كقائد عام وتكون بمثابة قوات خاصة للحكومة، ولكن الحقيقة أنها قوات ستون مرتبطة بنظام إيران وأجهزته وتحت إشرافه.


3) الإنهيار الأمني في العراق الذي زاد من حجم الرفض الشعبي للمالكي وحزبه، والذي هو غالبيته نتاج التناحر بين أطراف العملية الخيانية، ومن ضمنها مليشيات حزب الدعوة، وقد يعترض أو يستغرب البعض من هذا الإستنتاج، كيف يكون حزب الدعوة والمالكي من ضمن جهات التنفيذ لتلك الجرائم وهم مسؤولين عن الملف الأمني؟ فأرد عليهم مبينا ذلك: إن المالكي وحزب الدعوة يريد أن يبرر عمليات إقصائه لشركائه في العملية الخيانية وعملية إستهدافه لكوادر الكتل المنافسة، فهو يقوم بتلك العمليات ليلصقها وينسبها لهم أو لتنظيم وهمي له موقع إلكتروني يدعون أنه تنظيم القاعدة في العراق، ومن خلال ذلك يستهدف أناس لهم علاقات مع ا؟لأطراف الأخرى يتهمها بتلك الجرائم، ويتهم الكتل المناوئة له بإيواء وتمويل ومساعدة تلك العصابات، وهذا ما يحدث في محافظات التأميم وما يسموه بالمناطق المتنازع عليها فيتهم به الإحزاب الكردية، ويحدث في نينوى وصلاح الدين والأنبار وديالى وبغداد وبابل وواسط ليتهم العراقية، ويحدث في كربلاء والنجف وواسط وبابل والبصرة والقادسية وذي قار لتأجيج الفتنة الطائفية وزيادة التخندق الطائفي ليستفيد منه حزب الدعوة، ويسد الطريق أمام أي تحول في الموقف الشعبي العام خاصة مع قرب إنتخابات مجالس المحافظات، وهذا ما تؤكده تصريحات مسؤولين أيرانيين بأن على الجهات التي تقف وراء التدهور الأمني في العراق أن تحسب عواقب ذلك، وكأن نظام إيران مخولا رسميا ودوليا بحفظ النظام في العراق.


4) ذهاب المالكي لإيران جاء على أثر زيارة مسعود بارزاني لأمريكا، وهذا يفسر نفسه، فالمالكي جاء لمنصب رئيس الوزراء بتوافق أمريكي أيراني مكشوف، وإن لم يكن معلنا رسميا، كل منهما أمريكا وإيران يحسب أنه قادر على توظيفه لصالحه، وهذا يعني إن المالكي يعترف بأن ولاءه لإيران وأنها هي حاميته فلجأ لها في مواجهة تحرك الأطرف الأخرى الى أمريكا أو بعض الدول العربية وتركيا، وهذا يكشف بالإضافة الى كون إيران هي من تتحكم بالحكومة والوضع العراقي كله، بأن هذا اللملوم الذي جمعته أمريما وسمته المعارضة العراقية ثم صار حكومات ودوائر ماهم إلا مجموعة عصابات لكل مرجعيته وأغراضه وولائه، وإن الجميع لا يعنيهم العراق بشرا وترابا وإنما ما يعنيهم أهدافهم الشخصية وتنفيذ ما تطلبه مرجعياتهم التي كلها تريد تدمير العراق.


5) كما إن ذهاب المالكي كان قد تزامن مع جولة خليجية تركية قام بها نائب رئيس جمهورية المنطقة الخضراء لكل من قطر والسعودية وتركيا، والتي قيل أن قطر قد دعت الهاشمي - المطلوب من قبل المالكي بتهمة الإرهاب- لتشكيل مجاميع قتالية ضد المالكي، أي الإقتتال المذهبي والحرب الأهلية، وهذا ما تدفع بإتجاهه كل من أمريكا والكيان الصهيوني كونه أحد وسائل حربها ضد العروبة والإسلام، وتنفذه انظمة قطر والكويت، وتعتمده إيران في مشروعها التوسعي الشرير القائم على أسس مذهبية مشوهة، ومنافية للدين وفقهه وتشريعه.


6) توتر العلاقات المفتعل مع تركيا!!، فقد كانت علاقات حكومة المالكي وكل أطراف العملية الخيانية جيدة ومتصاعدة مع حكومة أوردغان رغم تدخلها السياسي والعسكري في العراق، بل صادف أكثر من مرة قصف جوي تركي ودخول قواتهم للأراضي العراقية مع وجود مسؤولين حكوميين أتراك في زيارات رسمية للعراق، ولم تسوء العلاقات مع تركيا، فعلاقات حكومات الإحتلال مع دول الجوار لا تتأثر بعدم إحترام تلك الدول لسيادة وأمن ومصالح العراق ومصالح شعبه، بل بشؤون أخرى أهمها أهمها العلاقة بين تركيا وإيران، وهذا يكشف بشكل جلي مدى تبعية حكومة المالكي بإيران، بالرغم من رأي الشخصي بحكومة تركيا وموقفها المعادي للقضايا العربية، بعد جريمة قافلة السلام لفتح الحصار عن غزة، والتي دعمتها حكومة أردوغان، وتسببت ببرود العلاقات العلني مع الكيان الصهيوني؟؟.


7) هذا اللجوء المالكي لأسياده في إيران حاول من خلالها أن يرسل لآمريكا رسالة، مفادها إن أنتم وافقتكم على ما يطلبه قادة القائمة العراقية والحزبين الكرديين مسعود وطلباني فأنا سأكون حصة كاملة لإيران.


8) التردي الذي طال الإقتصاد العراقي بعد فرض العقوبات على إيران من قبل أمريكا وحلفائها، والذي قلص بشكل كبير مدخولات إيران من العملة الأجنبية، خاصة الدولار الأمريكي والعملات الغربية الأخرى كاليورو والجنيه الإسترليني، مما جعل إيران وبحكم سيطرتها على حكومة المالكي أن تحاول التعويض عن ذلك، بتهريب العملة الأجنبية من العراق بطرق مدمرة للإقتصاد العراقي مثل شراء الدولار من البورصة العراقية ومزادات البنك المركزي العراقي مقابل عملة عراقية مزورة، وقد ألقت القوات العراقية ودوائرها البنكية في محافظة البصرة لوحدها على سبعة ترليونات دينار عراقي مزور أدخلت من إيران، وكذلك موافقة حكومة المالكي على قبول التبادل التجاري بالتومان الإيراني في التبادلات التجارية والإستثمارية في حين تفرض إيران على التجار العراقيين الدفع بالعملة الأمريكية، مما سبب بتضخك واضح وخطير بقيمة صرف الدينار العراقي مقابل الدولار، والذي ستكون له آثار سلبية مضافة على علاقة الشعب بالمالكي وحكومته.


9) ما يدعيه المالكي وحزب الدعوة بأنهم حصلوا على معلومات، أن البرزاني طلب من دول أوربية شملتها جولته الأخيرة، تسليح قوات الإقليم أي مليشيات الحزبيين العميلين وحاول إبرام عقود بهذا المجال، وهذا إن صح يؤشر مدى تهاوي العملية الخيانية، ويؤشر مؤشرات خطيرة أخرى، خصوصا أن ذلك تم بعد عودة البرزاني من واشنطن، كما يوضح لجوء المالكي لنظام إيران لتدارك الوضع مستوى نفوذ إيران في العراق حاليا، وحقيقة من الذي يدير ويتحكم بالوضع السياسي في العراق.


10) الإتفاق على حصة المالكي وعصابته من واردات النفط العراقي الذي تسرقه إيران تحت ذريعة الحقول المشتركة.


ب‌- أما إن كانت زيارته بناءا على دعوة أو إستدعاء إيراني فيجب أن يكون التحليل مبني على دوافع أخري، منها:


1) تحميل المالكي رسالة الى أمريكا من النظام الإيراني، وقد عملت إيران بهذا مرارا، فقد كان أحمد الجلبي عضو إرتباط بيم المخابرات الأمريكية والإيرامية لفترة ما قبل إحتلال العراق، وهو عراب توحيد كل مناهضي الحكم الوطني من خونة الشعب والوطن ولصوصه، ثم تولى هذا الدور جلال الطالباني بعد توليه رئاسة جمهورية المنطقة الخضراء، بإرادة المحتلين، والآن قد يكون النظام الإيراني قد رأى أن يقوم المالكي كعميل مزدوج بهذه المهمة، وخصوصا وأن إجتماع إيران مع 5+1 سيكون في العراق الشهر القادم.


2) الموقف الهيلامي لحكومة المالكي - والذي لا تقبله إيران منه- بشأن قضايا المنطقة، الأزمة السورية، الإحتجاجات الشعبية في البحرين، التصرف الإستفزازي للنظام الإيراني من المنطقة العربية، خاصة زيارة نجادي للجزر العربية المحتلة، آخذين بنظر الإعتبار تولى حكومة العراق رئاسة القمة العربية بدورتها الحالية، وضرورة تبني حكومة العراق الرؤية الإيرانية كاملة تجاه تلك القضايا.


3) الكل يعرف كيف تولى المالكي السلطة بعد الجعفري (الإشيقر) أي عام 2005 فقد كان برغبة إيرانية وموافقة أمريكية، أي إن مجيئه كان بصيغة توافق إيراني أمريكي مكشوف، وإن لم يكن معلنا، وكرر توليه رئاسة الحكومة عام 2010 بنفس الصيغة، وكان لكل من إدارة أمريكا ونظام إيران حساباته، ولم تكن موافقة الطرفين مغامرة غير محسوبة، فأمريكا ترى: أنها المتفضلة على هؤلاء المنحرفين واللصوص والخونة جميعا في إيصالهم للسلطة في العراق وهذا يجعلهم أكثر إرتباطا بها، أنها متأكدة أنهم جميعا لا يتمتعون بأي رصيد شعبي ولا علاقة لهم مع العراق شعبا وأرضا فهم مفروضين فرضا على العراقيين وبالتالي فهم يحتاجون من يحميهم ولن يجدوا من يحميهم من غضب الشعب أكثر من أمريكا بقدراتها وإمكاناتها، أمريكا تمتلك القدرة بالتحكم بكل أطراف العملية الخيانية وبالتالي فالمالكي وحزبه سوف لن يتمكنوا من قطع علاقتهم بأمريكا لأنها ستحرك شركائهم بالخيانة ومنافسيهم بالنهب والسلطة ضدهم، أمريكا تمتلك القدرة بالتحكم بكل دول الجوار العراقي وبالتالي فتخلي المالكي وحزبه عن علاقته بهم وقطعها سيكون مغامرة غير محسوبة، وستحرك أمريكا ضده وحكومته كل الداخل والخارج، أمريكا بمستشاريها في الوزارات والدوائر المهمة ومنها القوات المسلحة قادرة على وقف أعمال الوزارة كاملة لأنها تعرف أن مجموعة من يحكمون العراق أناس جهلة ولا يستطعون قيادة أنفسهم وليس شعب ودولة، وحتى من يدعوا أنهم حملة شهادات فهم مزورون لتلك الشهادات من جامعة لاهاي وجامعة قم للأئمة والخطباء وأمثالهما من الجامعات التجارية وغير المعترف بها علميا، وهذا يجعلهم أكثر إرتباطا بها حسب تقديرات أمريكا. أما حسابات إيران فمبنية على: أن وجودها في العراق لا يلاقي نفس الرفض والمقاومة من قبل الشعب العراقي كونها دولة إسلامية، أنها أيضا تمتلك قوة تأثير وتحكم بأطراف العملية الخيانية حيث لها علاقات مع كل أطرافها قبل وبعد الإحتلال بل إنها تمتلك عناصر مؤثرة وقيادية في كل الكتل ومخترقة لها من خلال مخابراتها، أنها تمثل القوة الأكبر في الإقليم وفي دول الجوار وبالتالي توحي للماكي وحزبه بأنها قادرة على تأمين حمايتها لهم ولا يحتاجوا أمريكا، خاصة كون إيران دولة جارة ولها حدود طويلة مع العراق فبإمكانها التدخل بسرعة وبقوات مؤثرة وفاعلة في أي تحرك معادي للحكومة لإسقاطها، وبامكانها المحافظة على وجود كبير وفاعل وغير مكشوف من خلال إمكانية تغطيته على أنه أفواج من الزوار الإيرانيين للعتبات المقدسة في العراق، وأيضا على أنه تواجد بحكم التجارة البينية الكبيرة بين البلدين والتي تجاوزت عشر مليارات دولار، كما بإمكان تغطية الوجود الدائم لأفواج عسكرية ومخابراتية من خلال شركات إستثمار حقيقية ووهمية وجمعيات دينية وإنسانية، هذا إضافة لكونها تسيطر على كل قيادات المليشيات المسلحة لحزب الدعوة والمجلس الأعلى وحزب الدعوة وجيش المهدي وحتى تنظيم القاعدة، وإنها تتحكم بالقوات العسكرية وقوات الشرطة والأمن من خلال العناصر المرتبطة بها والتي فرضتها في مناصب قيادية لتلك القوات، الدعم الذي يلقله وجودها من قبل بعض مراجع الدين الفرس الموجودين في العراق، ثم تحكمها بكل التيارات العميلة التي تدعي أنها تمثل الشيعة في العراق – حاشا أهلنا من نظام خميني ومن هؤلاء الأنجاس- كل هذه العوامل جعلت إيران تفرض أن تكون رئاسة لصوص (وزراء) العراق من حصة حزب الدعوة، فدعوة المالكي أو إستدعائه هي رسالة لأمريكا بأن نظام إيران هو الذي كسب الرهان.


4) إعلان إيران عن مباشرتها بإستثمار ما يسموه هم وعملائهم في حزب الدعوة حقول النفط المشتركة؟ ولا أعرف أنا كعراقي مهني، وعملت كثيرا في مناطق الحدود العراقية الإيرانية أن هناك غير حقل واحد مشترك، لا يعترف العراق بالشراكة فيه، كون الإنحدار بإتجاه العراق وتفصل بين أحواض الحقل الذي يدعون أنه مشترك تضاريس أرضية وجبلية كبيرة تجعل الحقلين منفصلين، وقد يكون النظام الإيراني وبحكم المقاطعة الأوربية لصادراته النفطية يريد أن يعالج ذلك، من خلال تصدير النفط عن طريق العراق تحت ذريعة الحقول المشتركة، وبهذا يكون النظام الإيراني قد حقق غرضين يلحقان الضرر بالعراق، هما: الإستيلاء على الحقول العراقية القريبة من الحدود في ديالى وواسط وميسان والبصرة بحجة كونها مشتركة، والآخر معالجة قلة الموارد المالية من العملة الأجنبية خاصة الدولار واليورو والجنيه الإسترليني، فيتم تعويضها من خلال ذلك، مع ضرورة تأخير مباشرة العراق في إستغلال تلك الحقول.


5) إعلان مجلس محافظة البصرة لوحده عن مصادرة سبعة ترليونات دينار عراقي مزورة، دخلت من إحدى دول الجوار، وهذا بموجب القوانين الدولية يعني إعلان حرب من قبل تلك الدولة على العراق، ولو إن ذلك قائم فعلا، لكن هذا سيعني إبلاغا للأمم المتحدة ومجلس الأمن والهالم، رغم أن حكومة المالكي لم ولن تفعله، أي تقديم شكوى رسمية للأمم المتحدة ومجلس الأمن، لكن حكومة إيران تعرف ماذا يعني، لذلك إستدعت المالكي لزجره وعدم تكرار ذلك، وكل العراقيون يعرفون كم أدخلت إيران عملة عراقية مزورة خلال العشرين سنة الماضية، لتدمير الإقتصاد العراقي، لكن اليوم فالأمر يعني شيء آخر، وهو نهب ثروة العراق وإحتياطياته مقابل ورق مطبوع لا قيمة له، سواءا كان عملة عراقية مزورة أو عملة إيرانية مزورة، وضرورة تسهيل ذلك لكونه يمثل معالجة لمأزق النظام الإيراني الإقتصادي.


6) الضغط على المالكي بإستغلال التوتر بينه وبين حكومة تركيا لصالح دعم الإقتصاد الإيراني المتضرر من العقوبات، والعمل على مضاعفة التبادل التجاري، بحصر وتسهيل التجارة معهم، وهذا يحل مشكلة إيران المالية وشحة حصولها على العملة الأمريكية، حيث يسعى النظام الإيراني والمالكي لتصعيد الخلاف بين الحكومة التركية والعراق لتصويرها بأنها مسألة تتعلق بالسيادة، وهذا يخفف الرفض الشعبي في العراق للبضائع الإيرانية الرديئة.


7) تصاعد حدة الإحتجاجات الشعبية وحتى البرلمانية لسياسة نظام إيران العدوانية خاصة في مجالي المياه والبيئة، حيث تحويل مصادر المياه وغلق الأنهار المشتركة مما يسبب أضرارا كبيرة للعراقيين، وأيضا ما يجري من تلويث متعمد لمياه شطر العرب وهور الحويزة المشترك والذي يسبب تلوث لنهر دجلة جنوب ناظم الكسارة في محافظة ميسان الى مصبه في شط العرب ثم الى الخليج العربي، أي تلويث المياه في منطقة طولها يزيد على 280 كم طول من منطقة الشيب ولغاية ناحية الخليج، مما قد يوصلها الى درجة طلب شعبي وتتبناه منظمات مجتمعية لطرحه على مستوى دولي، يضلف لذلك تلويث مجاري نهر السويب في البصرة ونهر الطيب ودويريج في ميسان وكلال بدرة وكلال الجباب في واسط وكلال ترسخ ونهر الوند في ديالى، وغلقها نهائيا في موسم الصيف، هذا غير ما يجري من تلاعب بموارد أنهار الزاب اللأعلى والزاب الأسفل ونهر الديالى.


8) مجموع ما ورد من نقاط في الجانب الإقتصادي والنفطي والمياه والبيئة يؤكدها دعوة إيران (وفق تصريح رحيمي) للتوحد مع العراق، هذا التصريح الذي لم يبين ماهو نوع الإتحاد وماهو مقوماته وماهي غاياته، وهل هو فرض إيراني على شعب العراق تمليه مصلحة إيران وإنفلاتها، وتحمها بحكومة لا تمتلك مقومات الحد الأدنى من الشرعية، ولن يستطيع كل أركانها من مقابلة العراقيين إلا بعد نشر قوات عسكرية كبيرة وحجز رهينة من كل عائلة تسكن ضمن المنطقة التي يريد أن يزورها أحدهم لحين إنتهاء الزيارة، وأنها حكومة وجمهورية للمنطقة الخضراء فقط.


من كل ما تقدم تتضح بشكل جلي إن ذهاب المالكي لإيران لم يكن زيارة رسمية، بل هي أما أن تكون إستجارة عميل بأسياده أو إستدعاءه من قبل أسياده، وقد تكون السببان معا، إضافة الى إنها تأتي في إطار التحرك الفارسي لتحريك كل عملائه للتهيؤ لمرحلة الغزو الإيراني للوطن العربي، والذي بدأت ملامحه تتكشف بزيارة أحمدي نجاد للجزر العربية المحتلة في الخليج العربي، ونشر قوات فيها، وهذا في رأي محور توجيهات خامنئي للمالكي ومجموعة العملاء المرافقين له عند مقابلته لهم، وإلزامهم على أساس أن ذلك واجب ديني وعدم التحرج منه، كون العراق يتولى رئاسة القمة العربية بدورتها الحالية. اللهم أنت خير الماكرين ومناصر المؤمنين وولي الصادقين فأبطل مكرهم وأنصرنا على القوم الفاسقين.

 

 





السبت٠٧ جمادي الاخر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٨ / نيسان / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله سعد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة