شبكة ذي قار
عـاجـل










 

 ( ربنا وإجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم )

صدق الله العظيم

 

 

 

 

الدين والتشريع الرباني هو هدى للإنسان ورحمة للعالمين، وليس أمرا طارئا، يمكن أن يغيره الإنسان كالموضة أو الإنتماء السياسي، هذه حقيقة أكدها خالق الكون، وباعث الأنبياء مبشرين ومنذرين، لكن فهم الإنسان للدين شابه كثير من الإنحراف والتحريف، ووظف الدين لخدمة مصالح ومنافع، جعل كثير من الناس ترى الدين على غير حقيقته ومراميه العظيمة، فالدين ثورة في النفس البشرية لتطهيرها من الأدران والفجور، وتقويم وتهذيب لها، وثورة على الفساد والإنحراف في واقع المجتمعات والأمم، لتخليصها من أي إنحراف.

 

الدين دعوة من الخلاق العظيم للبشرية رحمة منه، أرسل بها رجال إصطفاهم الله ليبعثهم للبشرية، يدعونها لمكارم الأخلاق، الأيمان بالله واليوم الأخر والتمسك بالفضيلة والمحبة والسلام والعمل الصالح، وتأدية ما فرضه الله عليهم من طقوس، المراد بها تحصينهم من المنكر وليس لحاجة الله تعالى لتلك الفروض، فقد أبلغنا القرآن والرسول الكريم بأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ومن لم تنهاه صلاته عن ذلك فلا صلاة له، والصيام إمتناع عن الفواحش والغيبة والنميمة والفتن، وتجربة للإنسان ليحس بالجياع والمحتاجين الذين لا يجدون اللقمة، كما هو درس لإمتحان النفس وتعود الصبر، ومن لا يمنعه صيامه عن ذلك فالله تعالى ليس بحاجة لجوعه وإمتناعه عن طعامه وشرابه، والزكاة هي تزكية للمال والنفس، وحق فرضه الله على الأغنياء، وجعله حقا للفقراء والمساكين في أموال الأغنياء، ولا ينال الله منه شيء ولا هو بحاجته، والحج هو إجتماع للناس وتوحيد ومساواة لهم في حضرة الله جل وعلى، وتجلٍ للخلق القويم للمؤمن فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، والجهاد في سبيل الله فرض للدفاع عن الدين والوطن والنفس والمال والعرض، ولا يحتاج لها الله بشيء، فهو العزيز ذي القوة، إذن الفروض ليست هي الهدف، بل هي صمامات أمان تحكمه ليراجع الإنسان سلوكه ويعود عن كل خطأ ومنكر، فالله غني والناس هم الفقراء لرحمته ومحتاجون لنعمه.

 

فالكل يقر بأن الدين أمرا أساسيا في حياة البشر، وإن الإستخفاف بالدين عمل رخيص، ينم على سطحية أتباعه ومروجيه وجهلهم، ويفترض أن يكون الناس واعين وعارفين لحقيقة الدين، بحيث يتمكنون من التمييز بين الدين في حقيقته ومرماه وبين الظاهر المتأتي من خلال مفاهيم وتقاليد وفتاوي، كان للمصالح والغايات الدنيوية دخلا فيها.

 

ولتوضيح هذا الإلتباس يقول المفكر العربي أحمد يوسف عفلق رحمه الله: ( الدين كما يظهر لنا من إستعراض تاريخ البشر منذ أقدم العصور الى اليوم، هو شيء أساسي في حياة البشر، فإذن بهذه الكلمة نطرح جانبا ذلك الإستخفاف الرخيص بالدين الذي يظهره بعض الشباب السطحيين ) في سبيل البعث الجزء الأول نظرتنا للدين ص 166. ويستمر المرحوم أحمد يوسف عفلق في تشخيص الرؤيا الصحيحة للدين فيقول: ( المشكلة إذن هي في الفرق بين حقيقة الدين وظاهر الدين، لأن له حقيقة وله ظاهر، والمشكلة تنشأ عندما يكون الفرق بين حقيقة الدين ومظهره فرقا واسعا جدا، يبلغ أحيانا حد التناقض، يكون المظهر أحيانا مخالفا كل المخالفة لمرامي الدين الأصلية ولحقيقته، وحينئذ تتكون الأزمة عند الشعوب والأفراد. والأزمة تتمثل بأشكال مختلفة عند الناس، حسب مستويات الناس الفكرية وتجرُدِهم عن المصالح، أو عبوديتهم للمصالح الخاصة. فالمسألة معقدة يدخل فيها الفكر والعلم، ويدخل فيها الهوى والعاطفة، وتدخل فيها المصلحة والمنفعة ) نفس المصدر السابق ص 167.

 

فبروز الظواهر الإجتماعية الغريبة والمستهجنة في مجتمع مؤمن أمر يحتاج الى تمحيص وتدقيق، لتشخيص الأسباب التي أدت لظهورها وتوسعها، ومعالجتها وفق ما جاء في الكتب المقدسة وسنن الأنبياء وما وردنا في السنة النبوية الشريفه، ووفق ما وردنا عن الصالحين من الأولياء من فقه، سواءا كانوا صحابة تلقوا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وعايشوا التنزيل وتعلموه منه، أو من تبعوهم وتلقوا منهم، ونقلوا عنهم. وهنا أريد أن ألقي نظرة على ما حدث في العراق بعد الإحتلال، وفي غيره من أقطار الوطن العربي أو الدول الإسلامية، ومنها ظواهر التجرؤ على قتل المؤمن أو المواطن الآخر بسبب معتقده أو رأيه الفكري، وإستباحة قتل الناس بحجج مزعومة كالجهاد من أجل تغير النظم السياسية والحكام، وجواز قتل النفس التي حرم الله دون بينة ولمجرد الشك والضن، من خلال سلوك لا يناسب طبيعة المجتمع وقيمه كظاهرة الأيمو الدخيلة والمستهجنة، والفساد بكل أشكاله وأنواعه الذي دخل لمجتمعاتنا.

 

فلو دققنا بكل ذلك نجد أن سببه الرئيسي هو الجهل بالدين وحقيقته السامية، فالدين بيان للناس وهدى ورحمة، ومعرفة أحكامه وحدوده والعمل بها صون للنفس والمجتمع من الإنحراف، ولكن قبل أن نلقي اللوم على أولئك النفر الضال من المنحرفين بأي أتجاه، سواء الإنحراف من خلال إستغلال الجهل بالدين لدى الناس، من قبل من يدعون أنهم رجال دين، ويمنحون أنفسهم صلاحية الإفتاء، أو الأنحراف في إستخدام السلطة، عبر الفساد المالي والإداري، أو الإنحراف الإجتماعي الناتج عن الإنحرافين السابقين والمرافق لهما.

 

لقد كان لظهور الإسلام في حياتنا دورا كبيرا، ولو أحاط الناس بكل ما جاء فيه لإتعظوا، وإجتنبوا كل فاحشة وإثم ورذيلة، لكن كيف؟ إن غياب القدوة الحسنة في المجتمع يجعل الناس يتبعوا قناعاتهم وأهوائهم، ويجعلهم يقلدوا ما يروه جديدا فيجذبهم، حتى لو كان ضارا لهم، لجهلهم وعدم معرفتهم بعواقبه، وأحد أهم أسباب الإنحراف هو غياب الوازع الديني والجهل به، فمن المسؤول عن ذلك؟ ثلاثة يتحملون المسؤولية، هم العائلة والمدرسة والسلطة بجانبيها الدينية والحكومة، والإعلام.

 

العائلة هي البيئة الأولى التي يتلقى الطفل فيها مباديء التربية وتعلم القيم قبل كل شيء، والعائلة حاليا في العراق تعيش تمزقا بشعا نتيجة ما لاقاه هذا البناء المقدس من ويلات، فأما أن تكون العائلة ممزقة شر ممزق بسبب الإحتلال ومانتج عنه من تشرد وهجرة داخلية وخارجية التي فرضت عليها، أو أنها تعيش بلا أب ومعيل نتيجة قتل وليها أو إعتقاله، ففي العراق مليون ويزيد من العوائل بلا أب ولا معيل، أو انها تعاني من الفرقة نتيجة تفشي حالات الطلاق وإنفصال الأبوين، وهنا يعاني الأبناء من تداخل مدمر بين الحرمان من الحنان والتوجيه والرقابة الرؤوفة والفقر والعوز والبطالة، وهذه كلها أسباب للضياع والإنحراف والتمزق النفسي والإنهيار الخلقي للشباب، ناهيك عن معانات معظم الأسر العراقية، من فقدان الأمن والقلق والخوف، ومعاناتها من الجوع والعوز، وإنشغال معظم الآباء عن مراقبة وتوجيه أبنائهم لتلك الأسباب، جراء قنوطهم ويأسهم من الحياة.

 

أما المدرسة فدورها بات ممسوخا بعد الإحتلال، وتخلت عن أهم أهدافها وهي تربية النشأ الجديد، وإعداده أخلاقيا وإجتماعيا ووطنيا، بل باتت المدرسة بوضعها الحالي أحد أدوات تخريب المجتمع وتفتيته، وقد تكون أحد أهم أسباب ذلك السياسة التربوية المنحرفة لوزارتي التربية والتعليم العالي، وإجتثاث المعلمين والمدرسين والأكاديمين أصحاب الخبرة والكفاءة والتجربة في تنشئة وتكوين شخصية التلميذ والطالب، وإنهيار مستوى التعليم وسقوط رسالة المدرسة والمعلم الإجتماعية والعلمية، والنحريف الذي شاب المناهج لأجل ذلك، إضافة لما يعانيه المعلم كإنسان يعاني ما تعانية الأسرة، والذي تطرقنا له في الفقرة1، كل ذلك ليس طبيعيا بل هو أمر مقصود ومخطط له، وهو أحد أهداف الإحتلال.

 

أما السلطة وكما قلنا بشقيها الدينية والحكومة فهي السبب الرئيسي في ذلك، فالمرجعيات الدينية الموجودة في البلد حاليا لا تؤدي دورها الديني، وفق ما جاء في رسالات السماء، وما أمر الله ورسوله به، بل هي أيضا إنغمست في مخطط الإحتلال وتبنت العمل الطائفي، ولو قال أحد هذا تجني على المرجعيات الدينية، فأقول له: إن الله سبحانه وتعالى أمرنا بقوله: ( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وإدعوه خوفا وطمعا أن رحمت الله قريب من المحسنين ) ،الأعراف 56، فإين فقهاء العراق ومراجعه وهم يسمعون حازم الأعرجي يفتي وهو ليس موضع إفتاء، بجواز قتل الناس، ومن ينتظر فتوى فهذه هي الفتوى، ويقول بالنص: ( إقتل البعثي والخطية هنا في رقبتي ) ، هذه الدعوة السادية المملوءة حقدا على الحياة البشرية، لم تكن في جلسة خاصة أو تجمع محدود الحضور، بل كانت على الهواء عبر قنوات البث التلفزيوني، ولم يصدر من المرجعيات الدينية ما يدين هذا القول المنافي للقرآن والسنة النبوية الشريفة، كان الواجب على المرجعيات أن تصدر بيانا بعدم شرعية قوله وبطلانه وفتواه، بل كان الواجب إدانته وتعزيره، لمخالفته التشريع الديني بكامله وتجويز ما نهى الله ورسله عنه، فالقرآن المجيد يعتبر جريمة القتل من الكبائر، بل يعتبر من قتل نفسا دون نفس أو فساد في الأرض كمن قتل الناس جميعا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحاسب ويلوم أحد أصحابه لقتله رجلا كان بين صفوف مقاتلين مشركين يقاتلون ضد المسلمين، لأنه نطق الشهادة قبل أن يصل السيف لعنقه، ويقول لزيد ماذا تقول لله، فيرد زيد يارسول الله لقد قالها تفاديا للموت، ويرد الرسول: وهل كشفت عن قلبه؟. وهذا سيد الفقهاء الإمام علي عليه السلام: يوصي الإمام الحسن عليه السلام: إعتنوا به وإطعموه ويقصد قاتله، فإن عشت أنا كفيل بما أصنع به، وإن مت من ضربته فضربة بضربة ولا تمثلوا بالرجل، فالمثلة محرمة حتى بالكلب العقور، فعلى من إستند الأعرجي في قوله وفتواه الباطلة شرعا؟ ولماذا لم تصدر الحوزة في النجف بيانا بفسقه وفجوره وبطلانه؟ أما موقف المرجعيات الدينية بولاءاتها المذهبية المسيسة من الفتنة الطائفية فلا يحتاج لتوضيح، وهو المخالف لشرع الله ورسوله بواحا، وكم قـُتِل من المسلمين وغيرهم بالفتنة الطائفية التي شرعها المحتل وسببها وغذاها ومولها؟ ونفذتها أحزاب وملشيا تدعي الإسلام وتدعي أنها تعمل وفق توجيه المرجعيات، والمرجعيات الدينية لم تحرك ساكنا إلا بعد أن أدانها المجتمع ورفضها. هذا دور المرجعيات التي تدعي أنها تحكم بالقرآن والسنة النبوية والتشريع الوارد فيهما، وتعمل على توعية الناس بأحكام الدين وحدوده. إن هذا يوضح كم هناك تقصيرا- إن لم أصفه بشيء آخر- من رجال الدين والمرجعيات في إداء واجبها الديني الذي بسببه تحترمهم الناس وتتبعهم؟  وهذا الأمر بالضرورة ينعكس على موقف الشباب من الدين والتدين، فيسبب أزمات أخلاقية وإجتماعية خطيرة، واحدة منها ظاهرة الإيمو. أين بيانات المرجعيات الدينية من تفشي الفساد المالي والإداري في أركان الحكومة وأحزابها وبرلمانها؟ أين هي من هدر المال العام والصفقات المكشوفة المملوءة بالفساد والرشوة والنسب للمتعاقدين على حساب ثروات الشعب وتجويعه؟ ألم يرد في القرآن الكريم نهي عن أكل الأموال بالباطل، حتى وإن كانت أموالهم؟ فهذا قول الله تعالى: ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ) صدق الله العلي العظيم،البقرة188. ألم يلعن رسول الله الراشي والمرتشي بالحكم؟ ألم يقرؤا رد سيدنا ونبينا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأبنته وريحانته فاطمة الزهراء عندما طلبت أن يعطيها من الأسرى من تعينها على الطحن وأرته يديها وقد تقرحتا من الرحى، فردها وقال لها ولبعلها سيدنا علي عليهما السلام والله لا أجد عندي ما أعينكما به فأنا أجاهد لتوفير لقمة العيش لأصحاب الصفة، أولم يعرفوا فعل سيدنا علي بن أبي طالب عليه السلام بأخيه عقيل حين طلب منه زيادة عطائه من بيت المال؟ كونه ضرير وله عيال لا يستطيع إعالتهم، فما كان من سيدنا علي إلا أن قال له مد يدك، فمد يده فوضع فيها جمرة من الموقد، فقال له أتكويني بالنار يا علي؟ فقال له سيدنا الإمام علي أتخشى نارا أنا أعددتها وتدعوني لنار أعدها الله للظالمين؟ فليس عندي ما أعينك به، وأما بيت المال فهو للمسلمين. فأين الحوزة من هذه الأحكام التي هي الدين بحقيقته؟ ألم يقول العلماء: بأنهم ورثة الأنبياء؟ فهل هم لم يقرؤا قول الله: ( كما أرسلنا فيكم رسولا يتلوا عليكم أياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ) صدق الله العظيم، البقرة151. فأين هم من هذا؟ وكيف هم ورثة الأنبياء وهم يَعلـَمون أن الفساد والجريمة التي تمارسها الحكومة وكتلها، قد تجاوزت الإنحراف وباتت مهنة، وتطورت لتنتج عنها مافيات تحمي بعضها البعض، وتقتل الناس وتنهب أرزاقهم وطعامهم، كلها في أركان النظام ومنه، حتى بات أصحاب الضمائر من البرلمانيين يصرخوا من الفساد، والمنظمات الدولية تصنف العراق كأعلى دول العالم فسادا، الكتل الفاسدة التي تحكم العراق اليوم يتبجح رؤسائها بأنهم تشرفوا بزيارة المراجع ولقائهم؟ ولماذا لا ينبه العلماء والمراجع أركان الحكومة على الفساد الذي يمارسوه؟ ولماذا لايؤدوا واجبهم الديني كرجال تركوا الدنيا ونذروا أنفسهم لله ودينه، إن كانوا فعلا هكذا هم؟ فإن يقولوا لم نقابلهم ولن نقدر أن نمنعهم عن الفساد؟ فلماذا لا يدعون المسلمين للخروج عليهم ومقاطعتهم حتى يتوبوا أو يتنحوا؟ أقرؤا ثورة أمام الثائرين الحسين عليه والسلام بالعقل كونها ثورة للحق والتفكر والتدبر، لا للنواح واللطم والتعري، إدعو الناس ليحيوا ثورة الحسين كما هي لا كما يراد أن يضلل الناس بمفاهيم لا تمت للحسين والدين بشيء، وسترون كم أنكم مخالفون لواجبكم الشرعي؟ وإن كان العلماء يتواطؤون في أحكام الله ورسوله؟ فهنا تكمن المصيبة وهي التناقض بين حقيقة الدين وظاهره، وبالتالي فالكارثة تكون إبتعاد الناس عن الدين لجهلهم حقيقته، ولأنهم يعكسوا موقف رجال الدين على الدين، فيتصور السطحيون والجهلة - وهم كثر في مجتمع يعيش ما عاشه العراقيون خلال تسع سنين من إنحراف وجريمة وفتن مغذات وممولة- أن الخلل بالدين فيبتعدوا عنه، أين دور رجال الدين الذين بالدين والعمائم إنقاد لهم الناس؟ أليسوا هم المعنيون بقول الله سبحانه: ( وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) ؟ الأعرف181، فإنتشار ظواهر الفساد المالي والإداري والإنحراف الأخلاقي والإجتماعي ماذا يؤشر وفق القرآن والسنة، ألا يؤشر غياب الوعي الديني والرادع الأخلاقي؟ فما هو دور المرجعيات وفق الفهم والفقه الإسلامي؟ أليس بتلك الأسباب هلك الله القرى والأمم ألا يفقهوا قول الله: ( وإتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم وإعلموا أن الله شديد العقاب ) ؟ فلماذا نلوم الشباب الجاهل السطحي وهو يعيش في أجواء مُلأت رذيلة وإنحراف؟ وسلط العدو الكافر عليهم حزم كثيفة من الظروف والعناء، الذي يجعلهم يتوهوا عن الحق وينحرفوا عن القيم، ألم يعرفوا قول رسول الله عيسى بن مريم عليهما السلام للناس عندما أراد الناس أن يرجموا زانية: ( من كان بلا خطيئة فليرجمها بحجر ) . فوقف الناس ولم يفعلوا لأن الجميع مخطئين، فلماذا لم يدعون كل الشباب المنحرفين، ويلتقوهم ويبينوا لهم الحق والدين بشكله الصحيح ويستتوبوهم، ومن لم يرجع عن خطئه يقام عليه الحد وفق الشرع والقانون؟

 

أما الحكومة فلا أدري كيف أصفها، ولا أريد أن أجعلها طرفا بإصلاح المجتمع الذي تقوم هي بتنفيذ مخطط الإحتلال بتدمير أخلاق وقيم المجتمع، فجميع من فيها فاسدون مأمورون من أسيادهم بنشر الفساد، بعد أن باع أركانها ورؤوساء كتلها أنفسهم للشيطان، وتجندوا في مرتزقة الإحتلال لتدمير المجتمع، يحتدث الذين يتصارعون على السلطة بالعفة وهم أفسد من الشياطين وأنجس من الخنازير، ويتصارعوا بينهم ويكشف كل منهم فساد الآخرين، وكأنه ليس جزءا من الفساد، ويتهم أحدهم الآخر بالإرهاب وإرتكاب الجرائم والله وعباده يعلمون أنهم جميعا قتلة مجرمون، ويحلون ما حُرم من الفساد، ويستخدموا ثروات الشعب التي وهبها الله لهذه الأمة ( عائدات النفط ) لشتروا بها أشخاصا ليؤمنوا فوزهم في المهزلة التي يسموها إنتخابات، فيحصل رئيس قائمة ما على أصوات يستطيع من خلالها أن يدخل كل عصابته للبرلمان، ومن ثم الحكومة دون أن يصوت لهم الشعب، ليمارسوا معا كمافيا اللصوصية سرقة ثروة الشعب ونهبها، عندما تسمعهم يتحدثون تقول أن العراق بخير وسيفعل هؤلاء العراق جنة، يخادعون الناس وما يخدعون إلا أنفسهم، وهم كاذبون، وهل الكذابون والفاسدون يصلحون لإدارة شؤون المؤمنين في شرع الله؟ ألم يقل الله عز وجل : ( ومن أظلم ممن إفترى على الله كذب ) العنكبوت 168، فهل المرجعيات تخشاهم ولا تخشى الله، والجميع يقول أنا ملتزمون بسنة الله وآل بيته وصحابته بعد القرآن، فهل هذه سنة الله ورسوله؟ أستغفر الله واليه يرجع المؤمنين.

 

ولكني أقول للشباب جميعا: في حياتنا حادث خطير وهو حادث ظهور الإسلام.. حادث قومي وإنساني وعالمي عظيم، ولا أجد أن الشباب العرب يعطون هذا الحادث حقه من الإهتمام، لا أجد أنهم يدرسونه ويحيطون بكل قيمه وأحكامه وتفاصيله وعبره، ففيه عظة بالغة، فيه تجربة هائلة عن تجارب الإنسانية، يمكن أن تغنيهم وتغني ثقافتهم، وتنور عقولهم وتدلهم لطريق الصواب، وتحصنهم ضد الإنحراف والرذيلة، وتكشف لهم أي غشاوة في العقل والعين.

 

أريد أن أقول لكم أيها الشباب: عودوا لقراءة كتبكم، القرآن والإنجيل وإقرؤا سنن رسلكم، وإطلعوا على تراثكم، ستنضجون وتتعلمون أمورا كثيرة، تنفعكم وتعصمكم من الفاحشة والهلاك، فالفارق كبير بين الدين وبين التدين الذي ترونه، بين حقيقة الدين وما يدعيه حكام العراق الحاليين، وإعلمو أن الدين يهذب الأنفس ويطهرها ويطمئنها، وينقي الضمير ويصقل معدن الإنسان .. أما التمظهر بالدين وإدعاء التدين نفاقا وتغطية فهو عمل الشياطين وأوليائهم، وهو وسيلة الدجل والشعوذة عند الفاسدين، أنا لست رجلا ممتهنا للدين، ولكني إنشاء الله رجل مؤمن متقٍ ربي ناصح لكم، أقول لكم من خلال خبرة طويلة: أن الدين هو بوصلة الأنقياء والصادقين والواعين، وعليكم أن تنهلوا من منابع الهداية الحقيقية الكتب المقدسة وسنن الأنبياء وعِبر التاريخ، وإبتعدوا عن الزيف الذي يتخذه الفاسدون والمفسدون وسيلة، وسلاحا ضدكم وضد دينكم ووطنكم، وهو المذهبية والتزمت والتعصب بكل أشكاله والشحن الطائفي والعرقي، والله هو الهادي للسراط المستقيم.

 

 





الاربعاء٠٤ جمادي الاخر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٥ / نيسان / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله سعد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة