شبكة ذي قار
عـاجـل










الحركات السياسية الفلسطينية وبعض الحركات المقاومة لم تستطع حسم الوضع الداخلي فيها بل لها وجهات نظر متعددة إزاء نفسها وإزاء موقفها من أخواتها الحركات السياسية أو التنظيمية الموجودة على الساحة بل لها أيضا وجهة نظر أخرى اتجاه ما يحصل من متغيرات وتطورات دراماتيكية وسياسية واجتماعية واقتصادية سواء على الساحة المحلية أو الإقليمية أو الدولية .


يعني باختصار إن كل حركة سياسية وعلى مستوى التنظيم الداخلي لها لا تستطيع أن تضبط عناصرها أو قياداتها الميدانية حول موقف سياسي محدد مما انعكس سلبا وإيجابا على مشروع المصالحة المتداول على الساحة الوطنية والعربية .


ولأننا أمام تجربة وطنية باكرة ومبتكرة وهي جديدة على شعبنا في مصطلح الديمقراطية والانتخابات وان يختار الشعب مرشحيه ونوابه في المجلس التشريعي وان حق الانتخاب هل هو شرعي في ظل الاحتلال وحرابه أو هو غير مسموح به أو ماذا نريد ؟؟


ففي انتخابات المجلس التشريعي عام 1996 كانت بعض الحركات السياسية وبالذات الجهادية كانت ضد موضوع الانتخابات سواء التشريعية او الرئاسية بل إن بعض الفصائل أخذت موقفا وسطيا في ذالك لم تشارك في هذه الانتخابات بصفة رسمية وإنما تركت المشاركة لأعضائها وأنصارها بصفة فردية ثم تطور الوضع في عام 2006 لان تشارك هذه الفصائل في الانتخابات حيث تم حصول مفاجئات جديدة بحصول حركة حماس على أكثر من ثمانين بالمائة من مقاعد المجلس التشريعي وانحصار فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في مقعد أو مقعدين طبعا بخلاف فتح التي حصلت على حوالي عشرين بالمائة من مقاعد المجلس التشريعي .


وكان لنتائج هذه الانتخابات التشريعية التي اصطدمت في برامجها مع برنامج الرئيس لانتخابات الرئاسة فكيف يمكن التوفيق بين برامج حماس الانتخابية على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي مع برنامج الرئيس أبو مازن للرئاسة الذي يؤمن بالتفاوض والحل السلمي ويرفض العنف أو حتى الكفاح المسلح .


بل الأدهى من ذلك إن هناك فصائل تدعو إلى المقاومة الشعبية كبديل عن المقاومة المسلحة والكفاح المسلح وقد رأينا بعض الفصائل والمتنفذين فيها والمحسوبين على هذا الطرف أو ذاك يتأثرون بهذا الموقف ويدعمون المقاومة الشعبية طبعا حتى يتكيفوا مع الوضع السياسي الجديد ويحافظوا على مكتسباتهم المالية ونصيبهم من الكعكة .


بعد وصول المشروع الوطني الفلسطيني إلى حالة صدام مع نفسه وذاته انفجرت الأزمة بين اكبر فصائل الشعب الفلسطيني وهما فصيلي فتح وحماس بخصوص الحكومة الفلسطينية وتشكيلها فبداية الأمر ترك لحركة حماس أن تشكل الحكومة وحينما تعرضت هذه الحكومة إلى حصار صهيوني وعربي ودولي تم التوافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية ولعل من أسوأ الامور أن يصطدم برنامج الرئاسة الذي يؤمن بالتفاوض والحل السلمي مع برنامج حماس الذي يدعي المقاومة والممانعة لتنفجر الأحداث عام 2006 ويتعرض الشعب الفلسطيني الى اكبر عملية انقسام داخلي مما استدعى هذه الأطراف للذهاب الى مكة وتوقيع اتفاق مصالحة تحت إشراف سعودي ثم وبمجرد عودة هذه الوفود إلى غزة كانت النار تشتعل تحت الرماد لتحسم حماس أمرها في 14 حزيران 2007 وتقوم بانقلاب عسكري وطرد السلطة الفلسطينية من قطاع غزة وبالذات حركة فتح واعتقال كوادرها في غزة بينما قام الطرف الآخر بالسيطرة على الضفة الغربية وضرب مؤسسات حركة حماس واعتقال عناصرها .


ولأول مرة في التاريخ يصبح لدى الشعب الفلسطيني حكومتين حكومة في قطاع غزة بقيادة حماس وحكومة في الضفة الغربية بقيادة حركة فتح وهذا الانقسام أدى إلى مزيد من التشرذم والانقسام في الساحة الفلسطينية بل كان مدعاة للتوتر والمحاسبة على الرأي والرأي الآخر بل كانت عدائية الفصائل بعضها لبعض أكثر من عدائيتها للكيان الصهيوني ومن الصدف إن حركة حماس وحركة فتح قد تساوتا في موقفهما المهادن مع الكيان الصهيوني بل إن معادلة جديدة كانت تقول إن حركة المقاومة في غزة لم تعد حركة مقاومة وان حركة فتح التي تؤمن بالمفاوضات لم تعد قادرة على ممارسة هذه المفاوضات.


وتدخلت أطراف عربية لمحاولة راب الصدع في الساحة الفلسطينية من أهم هذه الأطراف كانت مصر وسوريا وقطر والسعودية والجزائر واليمن وحتى إطراف إقليمية مثل تركيا وإيران والاتحاد الأوروبي وقد رعت القاهرة حوارات مراثونية بين الفصائل الفلسطينية وشكلت لجان عدة وتوجت هذه الاجتماعات واللقاءات بلقاءات بين الرئيس أبو مازن ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل وكان من ابرزهذه اللقاءات المهمة والخطيرة هو اعلان الدوحة الذي تم تكليف الرئيس ابو مازن بتشكيل الحكومة وإنهاء قضية الخلاف بين حركتي حماس وفتح على مسمى رئيس الوزراء القادم .


ومن الجدير بالذكر انه ولأول مرة في الساحة الفلسطينية يتفق الرئيس ابو مازن وخالد مشعل حول الموقف السياسي الحاصل في المنطقة العربية خصوصا من مسألة الربيع العربي وتغيير الأنظمة العربية بل الأكثر من ذالك ذهب الطرفان إلى شبه الاتفاق الكامل حول الموقف من الأزمة السورية مما شجع قطر إلى رعاية المصالحة وتمويل الطرفين بالمال اللازم .


هذا الوضع الجديد اظهر خلافات واضحة في داخل الطرفين الرئيسين حركتي فتح وحماس ففي حركة فتح شهدنا انقسام واضحا وعملية عزل وإقصاء لبعض قياداتها من اجل تمرير مسألة المصالحة اما في حركة حماس فكان الامر اكثر تعقيدا لدرجة ان بعض قياداتها قد صرحت بان المزاج الداخلي في حركة حماس مع عدم التسرع في المصالحة .


ويمكن فهم هذه القضية في داخل حركة حماس من الامتيازات التي حققها بعض هذه القيادات من خلال تجارة الأراضي وعمليات غسيل الأموال وتجارة الأنفاق والتهريب والمساعدات بل إن احد المصادر المطلعة تحدثت عن وجود أكثر من ستمائة مليونير غزي نتيجة لعملية الانقسام وان هذه القوة الاقتصادية أصبحت متحكمة في العملية السياسية وتتناقض مصالحها مع عملية المصالحة الحاصلة .


بل إن الحرب الأخيرة التي حصلت على غزة وعملية الاغتيالات التي حصلت كانت تستهدف فصيلين فقط هما اللجان الشعبية وحركة الجهاد الإسلامي ولاحظنا عملية انضباط عالية من قبل حركة حماس في عدم التورط في المواجهة العسكرية الحاصلة ومحاولة تجنب أي تصعيد بل كان ضغطها وباستمرار على محاولة منع التصعيد الفلسطيني الحاصل .


وهكذا يمكن القول بان المصالحة الفلسطينية قد تراجعت لأسباب ذاتية وإقليمية ودولية معروفة وان مجموعة من الازمات تؤثر في عملية المصالحة وانجازها ومنها الازمة الداخلية وأزمة ما يسمى بالربيع العربي والأزمة المتعلقة بالصراع العربي الصهيوني فلهذا فان المتغيرات الفلسطينية تثبت لنا انها تصبح واقعا مع الزمن في فرض الإرادات الذاتية والعربية والصهيونية والأمريكية والرجعية .


فالي متى سيظل الشعب الفلسطيني رهبن هذه الإرادات والأزمات ؟؟والى متى ستظل المصالحة الفلسطينية في موقع التراجع وليس

 

 





الثلاثاء٢٦ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٠ / أذار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ذكرى قائد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة