شبكة ذي قار
عـاجـل










حينما يقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع قادته العسكريين معلناً خطة خفض القوات الأمريكية، فأن هذا الأمر بالقدر الذي يكشف فيه تراجعاً علنياً للعسكرة الأمريكية، فأنه يعني أيضاً ترتيباً جديداً للبيت الأبيض وعلى المستويين الداخلي والخارجي. صحيح أن أحد أسباب الخطة يتعلق بالجانب المالي، إلا أن هناك جوانب أخرى تطرق إليها أوباما ومنها:


أ- أن بلاده لن تكون لديها الموارد لخوض حربين في آن واحد؛ (أفغانستان والعراق نموذجاً).
ب- تقليص عدد الجيش الأمريكي بنحو نصف مليون جندي.
ت- "أن نطوي صفحة عقد من الحروب".
ث- أن تحتفظ الولايات المتحدة بقوة تضمن لها تفوقها على منافسيها.
ج- تحويل الإستراتيجة بالتركيز على شرقي آسيا.
ح- مجابهة الصين كقوة عسكرية عظمى محتملة.


وهنا نود أن نستنبط ما تعنيه هذه الخطة الجديدة من جهة، ونسبر غور أبعادها من جهة أخرى.


أولاً: أن هذا التقلص العسكري الأمريكي هو نتاج الحروب الطويلة والخاسرة التي عمل على تأجيجها وتسويها المحافظون الجُدد المعادين للعروبة وللإسلام. ولقد أثبت المجاهدون الأبطال في العراق وأفغانستان أن النصر صبر ساعة. بيد أن هذه الساعة لا يفقه زمنها من يؤمن بتفوق مادة السلاح فقط.


ثانياً: أن بسالة المقاومة العراقية البطلة التي جابهت على مدى تسع سنين تقريباً وحشية وهمجية الفتك العسكري الأمريكي، قد أوصلته للإنسحاب الهزيمي الذي ترادف في أعلان خطة تقلصه.


ثالثاً: أن تحويل الإستراتيجية العسكرية الأمريكية نحو بلدان شرقي آسيا لا يعني غير تقديم وتأخير في أولوية النهج المرسوم للسياسة الأمريكية. فالدعم الأمريكي لتايوان متواصل، والتعاون مع اليابان وغيرها مستمر، وقواعدها العسكرية موجودة هناك. إلا أن هزيمتها في العراق الذي وضعت له إنسحاباً، أدت أيضاً إلى وضع جدول زمني لإنسحابها من أفغانستان، تجد أن الأولوية قد إنتقلت من غرب آسيا إلى شرقها تطلعاً لتحسين الجوانب الإقتصادية ليس إلا.


رابعاً: أن الوضع الاقتصادي الأمريكي الذي يعاني مما يلي:


أ- تباطؤ ملحوظ في النمو.
ب- زيادة متصاعدة التواصل في عجز الميزانية الذي يحبو تجاه ترليون دولار.
ت- عبء الديون المتراكمة التي فاقت 14.5 ترليون دولار.
ث- نسبة الفقر وصلت إلى 15% في المجتمع؛ أي أكثر من 46 مليون تحت خط الفقر.
ج- تكلفة البطالة (الإعانة) وصلت إلى 120 مليار دولار لعامي 2010-2011.


وهذا بمجمله يؤدي إلى عدم تحمل الزيادة في الإنفاق العسكري. خصوصاً وأن ميزانية البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية) المقترحة لعام 2013 المقررة بنحو 660 مليار دولار. وهذه الميزانية بحد ذاتها تفوق الميزانيات الدفاعية لأكبر عشرة دول في العالم تلي الولايات المتحدة كقوى عسكرية.


خامساً: رغم أن تقليص الجيش الأمريكي راجع لأسباب مالية وحربية، إلا أن القرارات السياسية في شن الحروب هي التي تتحمل وزر هذا الإنكماش الاقتصادي المؤثر على زيادة الإنفاق العسكري. وبذا على إدارة أوباما أن تعمل ليس فقط على طوي صفحة سنوات الحروب المريرة والمدمرة، بل أن تفتح صفحة حقيقية وجادة مع قوى المقاومة. فإذا كان هناك إتصال بدء يتضح مع حركة طالبان، حيث تم رفع أسم رئيس الحركة الملا محمد عمر من قائمة الإرهاب؛ فأن فتح قناة إتصال مع المقاومة العراقية أمر لابد منه آجلاً أو عاجلاً.

 

 





الثلاثاء١٦ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٠ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عماد الدين الجبوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة