شبكة ذي قار
عـاجـل










عندما تخرج جمهرة كبيرة بعد صلاة الجمعة الماضية (3-12-2011) في قضائي زاخو وسميل وشوارع مدينة دهوك ويضرمون النار في 36 مخزناً ومعملاً ومحلاً منها لبيع الخمور، وأربعة فنادق تضم نوادي ليلة ومراكز أسيوية للتدليك؛ وما قابلها في اليوم التالي من هجمة مضادة في حرق وتدمير جميع المقرات للإتحاد الإسلامي الكردستاني بمحافظة دهوك، فأن هذا الوضع ينم عن جمرة توقدت شيئاً فشيئاً حتى ظهرت شرارتها للعلن. فهل هي شرارة الثورة المطلوبة على إستبدادية البارزاني وزمرته؟ أَمّ أن الأخير سيقمعها بقواته الميليشاوية التي يظنها حاميته الوحيدة تجاه إرادة الشعب؟ أو أنه مجرد توتر أدى إلى تصادم عنيف بين سلطة الحزب الحاكم ومعارضيه.


أن تعرض جمعية البارزاني الخيرية في حي هواري تازة بشمال محافظة السليمانية إلى قنبلة صوتية بلا إصابات، وبعد يومين من أحداث العنف، لا يدل على أن الأمر ينحصر بين سلطة ومعارضة؛ وإنما يدل على وجود مغايرة واضحة بين طرفين كرديين لابد لهما أن يتصادما آجلاً أو عاجلاً. الأول: متحالف مع المحتل الأمريكي وشيد قوة سلطوية على رقاب الأكراد من ناحية، ويعمل ضمن الأهداف الخارجية في تقسيم الوطن الأم من ناحية أخرى. أما الثاني: فقد دخل العملية السياسية من أجل المواطنة والتغيير التي لم يحقق منها شيئاً جراء تسلطية الحزب الحاكم المتشعبة في كافة المجالات والميادين.


بمعنى أدق، أن كتلة الإئتلاف الكردستاني في مجلس النواب العراقي ينضوي فيها: الحزب الديمقراطي، الإتحاد الوطني، الإتحاد الإسلامي، الجماعة الإسلامية. الطرف الأول يقوده مسعود البارزاني وجلال الطالباني وهما من حلفاء المحتل الأمريكي والداعمين لمشروعه. أما الطرف الآخر، فرغم أنه إسلامي لكنه يشترك بالعملية السياسية ضمن تكتل قومي مضغوط عرضة للإنفجار.


عموماً أن وصول مسعود البارزاني هذا اليوم الأحد بزيارة فجائية إلى قضاء زاخو لا تنصب فقط في معرفة الأسباب والدوافع، فهو أدرى بشعاب المشكلة التي خلقها ويخلقها لشعبنا الكردي. وأن التحرك السريع في تطويق المواجهة بين المدنيين الثائرين وقوات الأمن لا تكمن بإعتقال 32 مواطناً وإنزال "أشد القصاص بهم" كما توعد البارزاني. ولا حتى في إعتقال قيادات الإتحاد الإسلامي الكردستاني، ومنهم رئيس الكتلة البرلمانية للإتحاد النائب نجيب عبد الله. بل العلاج يأتي من تصحيح الأوضاع جذرياً والتي لا يوافق عليها البارزاني نفسه، لأنها ستخسره رئاسته المزعومة للإقليم ونهب ثروة البلد وسلطوية حزبه الحاكم . وبالتالي فأن الجزء الشمالي من العراق لا يختلف كثيراً عن بقية أجزائه في الوسط والجنوب.


ومن هنا يجب العمل على إسقاط مشروع الاحتلال بعد أن تمكنت المقاومة العراقية من هزيمة قوات المحتل الأمريكي. أن المواجهة يجب أن تستمر ضد الذين تلسطوا على رقاب الشعب عبر العملية السياسية التي أسسها المحتل وسلمهم السلطة كي تكون بيدهم نصلاً يقمعون بها كل مَنْ يعارض الاحتلال ومشروعه.


ومع ذلك يجب أن نقول أن مس الأماكن المقدسة والمراكز الثقافية والمحلات الأهلية أمر مرفوض نهائياً. وأن الذين يقومون بهذا العمل المشين إنما هم مخربون وغوغائيون لا يكترثون لوحدة الوطن وشعبه. وبما أن الأحداث الكثيرة والمشابهة التي جرت في أنحاء متفرقة من العراق، دلت وقائعها على أن تلك العناصر الإجرامية هي مرتبطة بقوى خارجية، لذا ليس من المستبعد أن يكون نفس الأمر قد جرى في أحداث الشمال لتشويه سمعة المطالبين بالحقوق والعدالة الإجتماعية.


رغم أن شرارة اللهب التي إندلعت بمحافظة دهوك هي صورة أخرى لإنتفاضة الجماهير بمحافظة السليمانية التي إستمرت لأكثر من شهرين مطلع هذا العام. لكنها تعكس مجمل ثوران الشعب العراقي الذي تزداد حدته تجاه الذين خدعوه وفضلوا مصالحهم الشخصية والحزبية على مصالح الوطن أرضاً وشعباً. إن إستمرار هكذا مواجهات مدنية ضد الطغمة المتلسطة والمستبدة والمستمرة مع مشروع الاحتلال، إنما تلتقي بشكل آلي وطبيعي مع مشروع المقاومة التحرري ضد الاحتلال وأعوانه من العراقيين الخونة. ومهما حاول أعوان المحتل من قمع وإضطهاد للشعب، إلا أن مجريات الأحداث في السنوات التسع تقريباً تؤكد على زمنية العد التنازلي. وإلا ما خرج المحتل الأمريكي مهزوماً عسكرياً على أيدي أبطال المقاومة العراقية.  
 

 

 





الاثنين٠٩ محــرم ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٥ / كانون الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عماد الدين الجبوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة