شبكة ذي قار
عـاجـل










عبر تاريخها الذي يمتد الى اكثر من اثني عشر قرنا مرت بغداد بأدوار كانت هي قبلة الدنيا ومنارة العرب والمسلمين ونتيجة لدورها في قيادة الامتين العربية والاسلامية استهدف واحتلت اكثر من ثلاثين مرة لكنها تنهض ثانية لتؤدي دورها الحضاري والانساني ، لكن الاحتلال الامريكي البريطاني المدعوم من ايران جعل بغداد المجد تبدو وكأنها غادرت دورها نتيجة لاستهدافها في قيمها وتقاليدها والسعي المحموم لتشويه ملامحها الحضارية والمجتمعية ، فبغداد بكرخها ورصافتها بالكاظمية والاعظمية وكل مناطقها الاخرى كانت تحيا على مجموعة قيم واعراف و وتقاليد تكونت عبر عمرها المديد وتجانس سكانها وانصهروا ضمن هذا الاطار القيمي والاخلاقي فكان مجتمع بغداد متميزا بكل ما هو نبيل وسامي ومتحضر وحتى مفردات اللهجة البغدادية كانت مليئة بعبق ذلك الامتداد الحضاري الى ان غزت جيوش المحتل دار السلام وجاءت الهجمة المتخلفة لتجعل بغداد اليوم غريبة عن اهلها بعيدة عن تلك القيم الاخلاقية والمجتمعية لقد شوهت معالم بغداد فلا شارع الرشيد عاد بتلك الصورة التي كان عليها ولا تكاد تسمع في بغداد تلك المفردات التي تلامس اذن المستمع بكل الرقي الانساني والحضاري بغداد اليوم غابة من الاسوار الخرسانية التي تمتد لعشرات الكيلو مترات تقطع اوصالها شمالا وجنوبا شرقا وغربا، بغداد ما عادت اليوم لأهلها ، تختلف في كل شيء ولا تمد لماضيها الا بالاسم فقط .


بغداد لم تعد دارا للسلام والمحبة ولم تبق عيون للمها بين رصافتها والجسر ، ولم تشم في صباحات بغداد اليوم غير رائحة العفن الذي ينبعث من مزابلها التي تزكم روائحها الانوف ، ورغم كل شيء تبقى بغداد لمحبيها درة الدنيا وتاجا يعلو الرؤوس ويبقى اهل بغداد الذين اجبرتهم قوات المحتل ومليشيات القتل الطائفية على مغادرتها او الانتقال الى اماكن اخرى يبقى اهل بغداد يرسلون اليها تحية الحب والشوق والارتباط المصير بتلك الارض التي كانت ملهة الشعر والشعراء ، فأهل بغداد لن ولم ينسوا بغدادهم وفي ذكرى تأسيسها يرددون كل ما قاله الشعراء بحقها ، نعم فبغداد حاضرة في قلوب اهلها ومحبيها وبغداد تترقب يوم تعود الى اهلها ويعودن الى احضانها الدافئة وهم يرددون :


سلام على دار السلام جزيل

                        وعتبى على ان العتاب طويل


نعم انها بغداد قاهرة المحتلين كانت وسيبقى شوكت في عيون العملاء والخونة المأجورين . ستعود بغداد عزيزة شامخة بأيدي ابنائها المخلصين ، وسيمسح اباؤها عنها غبار السنوات العجاف لتعود بغداد المحبة والسلام ، بغداد العروبة تبقى منصورة رغم انف الحاقدين لتعود تصدح في حدائقها وشوارعها وفي بيوتها زقزقة العصافير والبلابل ويعود صوت المقام العراقي يطرز اجواء لياليها الجميلة. نعم انها دورة الزمن ولابد لصبح بغداد من موعد وانه لقريب بأن الله.

 

 





الاربعاء٢٠ ذو الحجة ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٦ / تشرين الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي الزبيدي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة