بعد سبعة أشهر من العدوان الأطلسي الهمجي على ليبيا والقصف الجوي الوحشي الذي قتل العباد وخرّب البلاد وبعد الإجهاز على الدولة الليبية بكل مؤسساتها بما فيها الجيش وبعد نشر قواعد لفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وأمريكا على الأرض الليبية وزرع بذور التقسيم بين جهات وفئات الشعب الواحد وبعد روح الصمود والمقاومة التي برزت للعيان في سرت وبني الوليد وغيرها من المناطق الليبية عمدت قوات الناتو إلى ملاحقة القيادة الليبية وقامت باغتيال الزعيم معمر القذافي وثلة من أبنائه ومساعديه من بينهم وزير الدفاع أبي بكر يونس جابر وابنه.

لقد صدر قرار الاغتيال عن وزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون أثناء زيارتها المفاجئة لبنغازي قبل يومين حيث أكدت في تصريح لها على اعتقال القذافي أو اغتياله.. فأفضى ذلك إلى تشديد الناتو للقصف الجوي على سرت ليلا نهارا مما أجبر معمر القذافي ومعاونيه على مغادرة سرت في رتل اعترضه الناتو بقصف جوي أسفر عن القبض على معمر القذافي حيا من طرف العملاء الذين نكلوا به وهو جريح ثم قاموا في الأخير باغتياله.

جاءت عملية الاغتيال في وضع بات فيه المجلس الانتقالي في حيرة من أمره حيال صمود سرت وبني الوليد وحيال تنظيم المقاومة لصفوفها. والاغتيال محاولة من الناتو وعملائه لإطفاء جذوة المقاومة في ليبيا.. لكن أنى لهم ذلك.. فمثلما فشلوا في مسعاهم هذا في العراق سيفشلون حتما هذه المرة أيضا. فشعبنا العربي في ليبيا مجبول على المقاومة يرفض بالسليقة وجود الاستعمار على أرضه وشعبنا في ليبيا لا تنطلي عليه أراجيف "تحرير" الامبريالية لليبيا أو قيام "ثورة" على أيدي عملاء باعوا وطنهم وشرفهم أو أن "دور حلف الناتو في ليبيا انتهى باغتيال القذافي".. لن يصدّق شعبنا أن عملاء الناتو سيقيمون "دولة ديمقراطية وحرة ودستورا جديدا.." أو"أن الرخاء والتنمية ستعم ليبيا" ولهم في العراق مثالا ساطعا على ذلك.

ليبيا وقد احتلتها الامبريالية مقبلة على استعمار ينهب أراضيها وخيراتها ويحاول أن يحوّلها إلى قاعدة للحفاظ على أمن الصهاينة وتهدد الأمن العربي. ولن تنعم الأقطار المجاورة لليبيا في هذه الظروف بسوق مشتركة مع ليبيا أو مشاريع مشتركة أو تنمية موحدة أو وحدة على أي مستوى كان. ذلك أن وحدة كهذه لا يصنعها الناتو إنما تصنعها الجماهير وقواها الوطنية على أساس ما ركـّمته هذه الجماهير وهذه القوى من لبنات في هذا الاتجاه ومن بين هذه القوى الشهيد معمر القذافي.. أما الناتو وعملاؤه فقد خربوا بمعاولهم ما شاده النظام الوطني في ليبيا من صرح وطني ومشاريع مشتركة مع تونس ومصر وغيرهما. فسياسة الامبريالية وعملائه تجاه الوطن العربي هو مزيد من التجزئة وبث الفرقة على أساس ما يسمونه أقليات وطوائف.. والحديث عن إمكانية تحقيق وحدة حاليا على مستوى المنطقة في ظل الاحتلال والحماية الامبريالية هي إما أراجيف أو أوهام لا أساس لها من الصحة. فالوطنية والعروبة والإسلام براء من كل ما يقوم به الناتو وعملائه في ليبيا.

ثم أن ليبيا مقبلة أيضا على غزو فكري وسياسي و ثقافي وتعليمي كبير يستهدف التغريب و"تجفيف المنابع" وضرب الإسلام والعروبة والروح الوطنية وتصفية المكاسب التي حققها شعبنا العربي في ليبيا خاصة في الحفاظ عل هويته وعقيدته وانتمائه وقيمه العربية الأصيلة.

وعمد الأعداء من ناتو وعملاء قصد طمس الجوانب المضيئة في عهد الشهيد معمر القذافي إلى التركيز على إبراز ماسموه "طاغية ودكتاتورا" مُعَـتـّمين على التاريخ ومنكرين لحقائقه. ومن بين هذه الحقائق المعروفة والمرتبطة بمعمر القذافي زعيم حركة الضباط الوحويين الأحرار في ليبيا منذ سنة 1969:

- كنس كل القواعد الأجنبية من ليبيا وهي عديدة أمريكية وفرنسية وإيطالية وبريطانية في بنغازي وطرابلس ونالوت وغيرها..
- تأميم نفط ليبيا الذي كانت تسيطر عليه الشركات الأجنبية.

- الدعم السياسي والمعنوي الذي مثلته ثورة الفاتح سنة 69 للنظام الوطني آنذاك في مصر في مواجهته للصهاينة وقد أكد عبد الناصر هذه الحقيقة في بنغازي حيث أعلن أن الثورة في ليبيا رفعت من معنويات القوات المصرية التي كانت تخوض آنذاك حرب الاستنزاف ضد العدو الصهيوني.

- مواجهة التغريب بكل أصنافه والدفاع عن العروبة والإسلام. فليبيا أصبحت في عهده بلد المليون حفظة قرآن بعد أن وقع تطهيرها سنة واحدة بعد تحول 1969 من كل مظاهر الفساد التي خلـّـفها الاستعمار في المدن الليبية.

- دعم مصر بالجنود والطائرات والعتاد والأموال في حرب أكتوبر 1973.
- وقوفه في وجه اتفاقية كامب دافيد التي أبرمها السادات مع الصهاينة بالإسهام في إقامة جبهة الصمود والتصدي.

- تجارب الوحدة مع الأقطار العربية وهي تجارب وطنية وإن نجح الأعداء والعملاء في الإطاحة بها فإن ذلك لاينقص في شيء من نبل الهدف الذي لازم معمر القذافي والذي عمل طوال حياته على تحقيقه.

- رفض الاعتراف بالصهاينة وقد أصبح الصهاينة اليوم يرتعون في بنغازي.
- دوره في إفريقيا في نشر الإسلام والدفاع عن حياضه وحماية افريقيا مما يخطط لها الأعداء.
- الدعم الذي قدمه بسخاء للمنظمات والمقاومة الفلسطينية طوال سنوات عديدة.

- الرخاء الذي عم ليبيا وامتد إلى تونس ومصر.. فمليون تونسي وأكثر من 4 ملايين مصري كانوا يعيشون من الشراكة الليبية التونسية والليبية المصرية.
أما أنتم يا عملاء الناتو في ليبيا فما هو بديلكم لليبيا وقد بعتم وطنكم للأعداء.. بديلكم نظام عميل يحقق للأعداء أهدافهم.. والعروبة والإسلام منكم براء.
لا مجد لكم ولا لأسيادكم.. والمجد للشهيد البطل معمر القذافي

أنا لا أخاف من العواصف وهي تجتاح المـنى       ولا من الطـيايـيـر التي ترمي دمـارا أسـودا
أنا صامد، بـيـتي هـنا في خـيـمـتي والمنـتـدى      أنا صاحب الحـق اليقيـن وصانع منه المدى

                                    أنـا هــنــا .. أنـا هــنـــا .. أنـا هــنـــا

اللجنة الجهوية لصد العدوان على ليبيا

صفاقس في ٢١ أكتوبر ٢٠١١