شبكة ذي قار
عـاجـل










وجاء موسم الحج ، وبدأ الناس يشدون الرحال من كل فج عميق للتوجه الى البيت العتيق لأداء المناسك وغسل الذنوب .
منهم مَن سيعود بلقب الحاج ، ومنهم من سيعود ببضاعة مزجاة ، ومنهم من سيفوز بسعي مشكور .


في السنوات الثمان الأخيرة من عمر العراق ( الجديد ) ، برزت على السطح كما تبرز الخضراء على الدمن ، ظواهر وتقليعات تتفق في ظاهرها مع ( التوجه الإسلامي ) للعراق الجديد في ظل إحتلال مركب أميركي ـ صهيوني ـ إسلامي متصهين وذلك بعد أن تحرر من ( ديكتاتورية الكفر والعصيان ) .


وسنة بعد أخرى ، تتسع هذه الدائرة ( الإيمانية ) وهي حصرا بين أعضاء الحكومة (الديموقراطية) صاحبة النزاهة المعروفة ، وبرلمان ( الشعب ) صاحب الخدمات المشهودة إذ يتوجه السادة والسيدات أعضاء البرلمان أفواجا الى الديار المقدسة ( وعفوا لإستعارة كلمة المقدسة بعد أن أصبحت مرادفة لمدينة كربلاء ) وذلك لأداء فريضة الحج وقد استطاعوا اليها سبيلا بفضل مواقعهم ورواتبهم ومخصصاتهم ودفوعات ماتحت الطاولات ..!!


يتزايد هذا العدد باطراد حتى لقد تجاوز المائة عضو وعضوة من البرلمان هذه السنة . يعني بنسبة تقارب الثلث ممن توجه الى الحج ليصاب البرلمان ( الشعبي ) بشلل في عطلة إجبارية تضاف الى عطلته الصيفية وعطلات ومناسبات الولادة والوفاة وما يصاحبها من مسيرات مليونية ولطم وإسالة دماء .. إضافة الى الأعياد الرسمية والعطل والمناسبات ( الإسلامية ) التي ماأنزل الله بها من سلطان .. حتى لتكاد عطلات البرلمان مدفوعة الرواتب والمخصصات تتجاوز ثلث العام تقل او تزيد بقليل ..!!


وبالمناسبة ، فقد التقيت قبل اكثر من اسبوعين بعض من أعرف وكان الفرح يغمرهم كونهم سيقومون بأداء فريضة الحج هذا العام وكانوا قد سجلوا أسماءهم على القرعة لدى هيئة الحج والعمرة ( النزيهة لوجه الله ) منذ عام 2005 ..!! ستة أعوام بالتمام والكمال .

 

ناس عاديون من الشعب الذين إنتخبوا ممثليهم أعضاء البرلمان العتيد ، يحدوهم الشوق وتدفعهم الرغبة لأداء الفريضة بعد أن جمعوا لها من مدخراتهم الدينار فوق الدينار .

هذه القرعة لهيئة الحج والعمرة ( العادلة في سبيل الله ) لاتشمل بالطبع أعضاء وعضوات البرلمان الذين يذهب معظمهم للحج سنة بعد أخرى .


من العروف والمؤكد شرعا ، أن مال الحج يجب ان يكون من رزق حلال . وأن هذا المال يجب ان تدفع عنه الزكاة التي فرضها عليه الله تعالى ولا شيء يمكن أن يحل محل شرع الله الذي لايبدل القول لديه ، والمفروض علينا فرضا ، لا ربع ولا نصف ولا خمس ..!! فمن ياترى ، والله أعلم بالسرائر ، قد وفّى بزكاته .. ومن ياترى ، والكل يعلم ، أن السحت الحرام يجري في عروق الحكومة والبرلمان مجرى الدم في العروق. وإذا أردنا أن نكذب انفسنا بذلك ونعتبر أننا نتجنى عليهم ، فلنقرأ ونسمع ماتقوله هيئاتهم الرسمية ومنها ( هيئة النزاهة ) .. وأصوات داخل البرلمان والحكومة نفسها .. وأطنان من التقارير المنشورة والموثقة عن السرقات والفساد المالي ، وسرقة مَن ؟ سرقة شعب العراق المبتلى بحكومة مفروضة عليه ، وبرلمان صوّت له ..!!


بعد هذا نسأل : لماذا الحج ؟؟
إذا كان لغرض أداء فريضة .. فأداؤها قد اصبح ناقصا .
وإذا كان نتيجة الشعور بالذنب والرغبة في التوبة ، فما الذي سيفعلونه بعد عودتهم الى مناصبهم؟
لا أملك الجواب الجازم . ولكني امتلك كما غيري ، التجربة من سنوات الحج البرلمانية السابقة .


تعود حليمه الى عادتها القديمة :


صفقات مشبوهة تمرر وعمولات تُقبض .
قوانين بزيادة رواتبهم ومخصصاتهم يتم إقرارها والشعب جوعان وتحت خط الفقر .

وقوف ، ومع سبق الإصرار ، الى جانب الباطل من محتلين وعملاء ضد وطنهم العراق ، هذا إذا كانوا يعتبرون العراق وطناً .

 

سكوت عن الحق كالشيطان الأخرس بعدم إثارة موضوع عشرات الآلاف من المعتقلين العراقيين في سجون الدولة العلنية والسريه .. وكل واحد من هؤلاء وراءه عائلة من أم أو زوجه أو أب أو أبناء وهم من ابناء الشعب الذي يفترض أن يمثله هؤلاء النواب والنائبات .. عليهم النائبات من الحق العادل .



لماذا الحج إذن ، ومن أجل ماذا ؟
أهي صفقات يظنونها مع الخالق ، حاشا لله تعالى الذي يعلم السر وأخفى ، كما هي صفقاتهم مع المخلوق من أجل عرّضِ الأدنى ..؟؟
أم هي لكي يراؤون الناس ..؟
أم ماذا ..؟


ألا تخجلون ؟
ألا تعتبرون؟
ألا تتقون ؟


لله الأمر من قبل ومن بعد .


lalhamdani@rocketmail.com

 

 





السبت١٧ ذو القعدة ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / تشرين الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي الحمـــداني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة